أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الرحمان النوضة - ضِدّ الزّعَامية















المزيد.....



ضِدّ الزّعَامية


عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)


الحوار المتمدن-العدد: 3750 - 2012 / 6 / 6 - 16:55
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


من بين الأمثلة التي تُبَيّن إمكانية مساهمة الإفراط في الزعامية، في تحويل زعيم، أو حزب، أو دولة، أو نظام سياسي، إلى نقيضه، أُذَكّر بحالات الزعامة البارزة التالية : 1) زَعَامَية يوسف اسطالين، التي ساهمت في تحويل نظام اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية إلى نظام استبدادي. وقد جرّته الحاجة إلى صيانة زعامته إلى قمع، أو سجن، أو قتل، معارضين سياسيين يُعَدّون بالملايين. وفي عهد ميخائيل غورباتشوف، إنهار هذا النظام من تِلْقاء نفسه. 2) زعامية كِيم إِيل سُون، في كوريا الشمالية، التي ساهمت في تحويل نظامه الاشتراكي إلى استبداد، ثم إلى ملكية وراثية وفقيرة. 3) زعامية بول بوط، في كامبوديا، التي ساهمت في تحويل نظام سياسي يطمح إلى الإشتراكية، إلى نظام يقتل جزءا هاما من شعبه. 4) زعامية فيديل كاسترو، في كوبا المُحاصرة، التي ساهمت في دفعه إلى التشبّث بالبقاء في السلطة أكثر من خمسين سنة متوالية. وقد صار غير قادر على إصلاح نظامه السياسي. 5) زعامية الملك الحسن الثاني في المغرب، التي ساهمت في استلابه (aliénation)، وفي تحوّله إلى دكتاتور عديم الشفقة، يُسَخّر الدولة والمجتمع والشعب لخدمة ملكيّته المستبدة، ويُمارس إرهاب الدولة ضد الشعب، لإرضاء كبريائه ونَزَوَاتِه الشخصية. 6) زعامية مُعَمّر القدافي في ليبيا التي قادته إلى تهميش كل مُعارضيه، وإلى فرض سيطرة أبنائه وقبيلته، وإلى حرمان الشعب من أية أنشطة سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية، تُخالفه في الذوق أو في الرأي. وتُوجد كذلك أمثلة لزعامات أخرى عبر العالم، كثيرة جدا، ومتفاوتة في أنواعها، وفي درجاتها، وفي نتائجها.

مُبرّرات الزعامية ونتائجها
يرى الناس عادة أن العمل بأسلوب الزعامية ، أي الخضوع لرغبات الزعيم ، يُسَهّل تدبير الأشياء. لأنهم يعتبرون هذا الأسلوب طبيعي وجَيّد. حيث تتمركز سلطات تقريرية أو قيادية بين يدي زعيم، واحد، معروف، موثوق فيه، زيادة على أنه يحظى بخِصال محمودة. هكذا تظهر الأمور، على الأقل على مستوى الرُّؤية الأولية. لكن التحليل المُعَمّق يمكن أن يُبَيّن أن أسلوب الزعامية يخلق من المشاكل أكثر مِمّا يَحُلّ. وذلك سواء على مستوى الدولة، أم الحزب، أم أية جماعة مجتمعية أخرى. وفيما يلي، سنُركّز على دراسة الزعامية في حالة الحزب (مع العِلم أن دينامكية الزعامية تعمل بآليات مُمَاثلة نسبيا في الحالات الأخرى، مثل حالة القبيلة، أو الطائفة، أو الجماعة، أو الجمعية، أو المقاولة، أو الدولة، أو النظام السياسي، إلى آخره).
وللإحاطة بمجمل المشاكل التي تطرحها مهمة بناء تنظيم سياسي، أو حزب، يطمح إلى أن يكون مناضلا، ثوريا، مكافحا، صامدا، ومُتجذّرا في العمال، وفي الفلاحين، لا بُدّ من تناول مشكل الزعيم أو الزعامية. و يمكن لتجاهل هذا المشكل، أو السكوت عنه، أن يعني وجود إقرار باستعمال الزعامية، أو يمكن أن يُسَهّل اللجوء إلى العمل بها مستقبلا.
القبول بالزعيم، أو العمل بالزعامية، يفترض تضخيم دور فرد محدد، هو الزعيم. ويعني، مقابل ذلك، تصغير دور القواعد، أو تقليل أهميّة دور الجماهير، أو احتقار دور الشعب. ويفترض كذلك القبول بالزعيم، أن صاحب الأفكار الصحيحة هو الزعيم وحده. وأن منبع الأفكار السديدة هي الفِطْرية المُتوفّرة في الزعيم. وأن الزعيم يتفوق بشكل طَبْعِي على كل جماهير الشعب، وبطريقة خارقة للعادة، في مجالات الجُرأة، أو الشجاعة، أو الحيوية، أو الذكاء، أو المبادرة، إلى آخره. ويَفْتَرِض أن الخِصال المُمْتازة التي تتوفّر في الزعيم هي ظاهرة طبيعيّة، أو استثنائية. كما يفترض أن هذه الخِصال الجَيّدة، المتوفّرة في الزعيم، لا يمكن أن تتوفّر لدى بقية أفراد الشعب.
والناس الذين يحتاجون إلى زعيم، يكونون، في غالب الحالات، يفتقرون إلى المعرفة العلمية، أو إلى التجربة، أو إلى الخِبرة. أو قد يَنْقُصُهم المنهج المُوَجّه للعمل. أو قد يكونوا من نوع المواطنين الذين ينفرون من بذل أي مجهود هام. وقد يفتقدون إلى الثقة الكافية في أنفسهم.
كما أن الأفراد الذين يريدون القيام بدور الزعيم، أو يقبلون بالخضوع له، يمكن أن يكونوا فَرْدَانِيّين، أو أنانيّـين، أو ذوي طموح ذاتي. وقد يكونوا قليلي التواضع، أو جاهلين لقدرات الجماهير. كما يمكن أن يحتقروا الإمكانيات المتوفرة لدى غيرهم من المواطنين.
و في غالب الحالات، يُعبّر وُجُود زعيم في تنظيم سياسي، عن وجود بعض الانحرافات السياسية فيه. أو قد يعني بداية نمو هذه الانحرافات داخله.

الزعامية هي أعلى مستوى في الفردانية
وليس غريبا أن نجد عددا هامّا من المناضلين الثوريين، يطمحون لكي يصبحوا زعماء ثوريين في حزب كبير. وليس غريبا أنهم يطمحون، على الأقل، إلى أن يكونوا ضمن الحاشية المقربّة من الزعيم. وقد نُصادف بعض المناضلين الذين يتصرّفون، سواء بشكل واع أم غير واع، على أساس هذا الطموح. ويعتبرونه هدفا طبيعيا، أو مشروعا، مثلما هو مشروع أن يطمح كل طفل في المجتمع إلى أن يصبح رئيسا للبلاد، أو النجم الأول في عالم الفن، أو عبقريا في ميدان العلوم، أو أقوى الأبطال الرياضيين، إلى آخره. ومثل هذه الطموحات الفردانية، هي عميقة، وقديمة في تاريخ المجتمع.
ومع نمو الرأسمالية، إزداد إنتشار الفردانية، وتراجع دور الجماعة، واضْمَحَلّ التعاضُد المُجتمعي، وتقلّص الإيمان بالدور الحَاسم الكامن في الجماعة، وتعمّق البحث المتواصل على أقوى، وأكبر، وأغنى، وأحسن الصفات الفردية. وأساس هذا الطموح للزعامية هو اعتقاد الفرد المعني أنه مُتفوّق على كل مواطنيه، أو أنه هو مركز الكون، أو أنه هو صانع التاريخ. والمُرَشّح للزعامة يطمح عادة إلى تحقيق ذاته أكثر مِمّا يطمح إلى خدمة جماعته أو شعبه.
بينما في الواقع، لا يستطيع أي فرد أن يُوجَد، ولا أن يكتسب أي معنى، ولا أية قُدرة، خارج التشكيلة المجتمعية التي يعيش داخلها. وصانع التاريخ، ليس هو الفرد، مهما كان. وإنما هو الجماهير، هو الشعب، هو المُجتمع، هو الطبقات والفئات الطبقية الثورية، في صراعها مع نقيضها الذي يتكون من الطبقات أو الفئات المُسَيطرة، أو المستغِلّة، أو المُضطهِدة.

الزعامية تتناقض مع جدلية الطبيعة
وعندما يحاول عادة المناضلون الثوريون الإطّلاع على تجارب ثورية رائدة، (مثل تجارب ثورات روسيا، أو الصين، أو فتنام، خلال القرن العشرين الميلادي، أو غيرها)، فإنهم يتأثرون بكون الوثائق التي يدرسون من خلالها هذه الثورات تُقِيم تَطَابُقا بين الحزب وزعيمه. وفي هذه الوثائق، يوجد في غالب الحالات تضخيم مبالغ فيه لدور الزعيم. بل إن هذه الوثائق تنسُب الفضل في أهم الإنجازات إلى الزعيم وحده. وبالمقابل، تلجأ هذه الوثائق إلى تصوير الشعب أو الحزب، وَكَأنّه عِبارة عن كتلة من الأنصار، أو مجموعة من الأتباع، أو قطيع من الأغنام، يرعاه راع، وهذا الراع هو الزعيم. فمن هو المواطن الذي لم يحلم يوما ما بالحصول على عصى الراعي، أو على عصى رئيس الأُرْكِسْترا، أو على صولجان الملك ؟
ونلاحظ أن الزعيم يتحوّل، في غالب الحالات، إلى زعيم على مدى الحياة ، وذلك رغم أن مواقفه، أو ممارساته، تتطور وتتغَيّر مع مرور الزمان. حيث لا تظلّ دائما ممتازة، وإنما تعلو وتهبط، تتحسّن وتفسد.
ويُصاحب وجود الزعيم، ظهور نوع من الانتظارية، أو من الإتِّكَالِيّة على هذا الزعيم، لدى قواعد الحزب، أو لدى الجماهير التي تُؤمن بزعامته. فيعتمد عليه أتباعه لكي يُبَلوِر لهم الأفكار، والخُطط، ولكي يسهر على حسن إنجاز البرامج، ولكي يُقيم فرزا ثاقبا بين الأشخاص المقبولين والأشخاص المنبوذين، بين الصالحين والفاسدين، إلى آخره.
وفي علاقاته مع أتباعه، أو مع الجماهير، غالبا ما لا يستعمل الزعيم الإقناع المنطقي، أو العقلاني. ولكنه يستعمل مرتبته القيادية، أو سلطته التنظيمية، أو قوّة أنصاره، أو فنّه الخطابي، أو تفوّقه الفطري، لتغليب مواقفه، ضد كلّ الذين يخالفون رأيه، أو يعارضون اقتراحه. وقد يلجأ أحيانا الزعيم إلى حسم خلافات سياسية، رغم أن هذه الخلافات لم تناقش بَعْدُ بما فيه الكفاية وسط قواعد الحزب، أو وسط الجماهير.

بعد موت الزعيم، تَتَرَسّخ الأزمة
وعندما يغيب الزعيم، مثلا نتيجة لموته، تَحُلّ الحيرة، ويَعُمّ الغموض وسط الحزب المعني، أو قد ينتشر داخله التذبذب، أو يَعُمّ الضعف وسط الجماهير التي كانت تساند هذا الزعيم. وقد يكتشف أتباع الزعيم أن إتّكالهم السابق على زعيمهم ساهم في إضعاف خِبْرتهم، وفي تقليص يقظتهم، وفي إفقار تفاعلهم مع تجاربهم. ثم تحتدم المنافسة فيما بين الطامحين إلى احتلال مكان الزعيم الراحل. وقد يتم تنصيب أحد المقربين من الزعيم السابق زعيما جديدا، وذلك فقط لأنه كان مقربا منه، وليس لأنه يمتاز بخِصال خارقة. لكن الزعيم الجديد، الذي يخلف الزعيم القديم، غالبا ما لا يُعِيد إنتاج مُنجزات أو نجاحات مماثلة لتلك التي حقّقها سلفه.
وقد يؤدّي العمل بمنهجية انتخاب كاتب عام أو رئيس ، داخل حزب مُعَيّن، خاصة إذا كان مصحوبا بإعطائه صلاحيات تقريرية واسعة، يؤدي إلى إلغاء العمل بأساليب التشاور ، أو بطريقة الديمقراطية التَّشَارُكِية ، أو بمنهج القيادة الجماعية . كما يُساعد على ترسيخ نَهْج الزعامة داخل الحزب. كما يجعل نهج الزعامة يشمل كلّ العلاقات التنظيمية. حيث نجد مثلا الإطارات القاعدية تنتخب هي أيضا أمينا أو رئيسا , ونجد القيادات المحليّة أو الإقليمية تنتخب هي الأخرى أمينا أو كاتبا عامّا ، إلى آخره. وكلّ أمين ، أو كاتب عام ، أو رئيس ، على صعيد تلك الإطارات التنظيمية القاعديّة أو الوَسطية، يَتَصَرّف عمليا وكأنه زعيم صغير مُقابل ل الزعيم الأكبر على مستوى الحزب المعني. وعلى صعيد مختلف الهيئات التنظيمية، يعمل هؤلاء الزعماء على إعادة إنتاج منهجية الزعاميّة، ويُرَسّخون نوعية علاقات الزعيم بمرؤوسيه.

الزعامية تتناقض مع الديمقراطية التَّشَارُكِيّة
ويميل عادة أنصار الزعيم، (سواء على صعيد محلّي أم وطني)،إلى إعتبار هذا الزعيم فوق الجماهير. وينظرون إليه كأنه هو الرأس المفكّر لمجمل التنظيم أو الحزب. ويظُنّون أن الزعيم يَحظى بمنهج في التفكير خارق للعادة، وأنه يستحيل على أي مواطن آخر أن يكتسب هذا المنهج في التفكير. ويتطرّف بعض أتباع الزعيم إلى حدّ اعتبار هذا الزعيم كَنَبِيّ، أو كنصف إلاه. ويشجّع هذا الصنف من المعاملة الزعيمَ على التّحَوّل إلى دكتاتور. وإذا لم يصبح بَعْدُ ديكتاتورا، فإنه يتطوّر بالضرورة لكي يتحَوّل إلى دكتاتور. لأن منطق الزعاميّة يتناقض مع منهج الديمقراطية، أو مع المركزية الديمقراطية.
وجود الزعيم في حزب ما، هو مُؤَشّر يُعبّر عن غياب منهجية الديمقراطية. أو قد يَدُلّ على انعدام المركزية الديمقراطية فيه. وإذا كان حزب مُحدّد يُطبّق فعلاً منهجية الديمقراطية، أو يعمل بأسلوب المركزية الديمقراطية، فإن هذه المنهجية الديمقراطية تُؤَدّي، وفي آخر المطاف، إلى إلغاء مجمل الأسس التي تُمَكّن أي مسئول من التّمَيّز كزعيم. لأن العمل بمنهجية الديمقراطية يفضح محدودية خِصَال وقُدرات الزعيم المُفترض. ويبرز أيضا أن باقي الأعضاء في الحزب، أو باقي المواطنين، يمكن أن يتوفّروا، هم أيضا، على طاقات مُتنوّعة، أو مُتفاوتة، أو هائلة، لكنها مُتكاملة فيما بينها. الشيء الذي يفرض على الشخص المُرشّح للزعامة بأن يتصرّف بتواضع. كما يفرض عليه القبول بالمساواة السياسية، أو بالديمقراطية، مع رفاقه في النضال، أو مع مواطنيه داخل الشعب.
فالعمل بمنهجية الديمقراطية تُقلّص، أو تُلغي، إمكانية بروز شخص مَا كَزَعِيم. وتُذَكّر بأن أي شخص، ومهما كانت خِصاله الحميدة، أو قُدراته، أو خِبراته، يصبح لا شيء إذا لم تُسانده قاعدة الحزب، أو إذا لم تُدعّمه بقية الجماهير، أو إذا لم تتعاون معه بقيّة الشعب. وتبرز أن الطليعة الحقيقية تتجلّى في عدّة طبقات، أو في مجمل الشعب، وليس في فرد واحد، أو في جماعة محدّدة، أو في حزب مُعَيّن. (وما أكثر المناضلين الذين أساؤوا فهم الطليعة ، أو الطليعية ، لدى منظرين أمثال كارل ماركس، أو فلاديمير لينين !).

التفوّق لدى الأفراد قائم، ومتفاوت، ومُتَغَيّر
صحيح أن المواطنين ليسوا متساوين في خِصالهم، أو في قُدراتهم. فلا يتساوى المجتهد مع الكسول، ولا المناضل مع الانتهازي، ولا العالم مع الجاهل، ولا الخَبير مع المُبتديء، ولا المُنتج مع المُبذّر، ولا المُستقيم مع المُنحرف، ولا المُبدع مع المُقَلّد، ولا الناقد مع المُتَملّق، إلى آخره. فلا يُعقل، ولا يُقبل، أن نسمح لشخص ما بأن يتحمّل مسؤولية مُحدّدة، وذلك فقط بِمُبَرّر ديمقراطية مائعة، أو بدعوى أن كل المواطنين مُتَساوون فيما بينهم. فالمواطنون، وكذلك المناضلون، يتفاوتون في قدراتهم، وفي طاقاتهم. يتفاوتون في الفكر، وفي العمل، وفي الخِبرات، وفي الإنتاج، وفي النضال، وفي العطاء، وفي درجة التضحيّة، إلى آخره. وتفاوتهم هذا، يكون هو نفسه في تَغَيّر متواصل.
وإذا ما تفوّق شخص أو جماعة، فإن هذا التفوّق لا يكون قائما في جميع الميادين، ولا يكون ثابتا عبر الزمان. بل غالبا ما يكون محدودا في بضعة مجالات، ومتغيّرا عبر الزمان، حيث يكون في حالة مدّ وجزر، يصعدُ تارة، ويهبط تارة أخرى. ومع الشيخوخة، تستقِرّ طاقات الفرد، أو تضعف، لكنها لا تتحسّن بلا حدود.
وعندما يظهر أن بعض الأفراد مُتفوّقون، أو طليعيّون، بالمقارنة مع بقيّة مواطنيهم، فإن هذه المظاهر لا تُبرّر تقديس الفرد، أو إلغاء دور الجماعة، أو إنكار أن أي فرد، ومهما كان، لا يستطيع تحقيق أي شيء ذي أهميّة إذا لم يتعاون بشكل متواصل مع مجمل أفراد مجتمعه.

الطليعية هي أيضا دَوْر مُتَغَيّر
البعض يُعلن (من جانب واحد) أنه هو الطليعة في ميدانه، أو في إقليمه، أو في مجتمعه. ثم يعتقد أن الطليعية هي امتياز أو احتكار خاص به هو وحده. وفي هذه الذاتية يُوجد غرور كبير. بينما لا يحقّ لأي فرد، وَلَا لأيّة جماعة، ولا لأيّ حزب، أن يَدّعِي، أو أن يُقَرّر، بشكل أُحَادِي الجانب، أنه هو الطليعة . بل الشعب، أو الجماهير، هي المُؤَهّلة لكي تصف شخصا أو حزبا بأنه طليعي ، وذلك بسبب تقدّمه، أو تفوّقه، أو فعاليّته، كفاعل سياسي.
وإذا ما وُجِدت طليعة سياسية ثورية مَا، فإنها لا تستقِرّ، ولا تَدُوم، في شخص مُحَدّد، أو في جماعة مُعَيّنة، أو في حزب بعينه، أو في طبقة مُحدّدة. فالطليعية ليست صفة ذاتية، ولا خِصلة شخصية، ولا مِلْكِيّة خاصة. فلا يمكن فرض صفة الطليعة ، ولا امتلاكها، ولا احتكارها. بل إن الطليعة السياسية، باعتبارها ظاهرة مُجتمعية وتاريخية، تكون دائما، وبالضرورة، هي نفسها في تحَوّل مُستمر. فتكون تارة طليعة، وتصبح تارة أخرى مُؤَخّرة. اليوم يبرز شخص أو جماعة كطليعة، وغدا يظهر فرد آخر، أو جماعة أخرى، كطليعة. وذلك حسب نوعية أفكارهم، أو ممارستهم. نفس الشيء يحدث بالنسبة للحزب، أو للطبقة المُجتمعية. بل كلما ظهر فرد أو جماعة كطليعة، فإن هذه الطليعة تُوجد خلال فترة محدودة، ولا تكون دائمة. وتكون قائمة في ميدان محدود، وليس في كل الميادين التي يعيش عليها المجتمع.
ليس الزعيم هو الطليعة، وليست الطليعة هي الزعيم. الحزب الطليعي هو الذي ينجح في حَثّ أحزاب، أو في إقناع تيارات أخرى، ويجعلهم يقبلون بخوض أعمال نضالية مُعيّنة ومتواصلة معه. والطبقة الطليعية، هي التي تنجح عمليا في استقطاب طبقات أو فئات طبقية أخرى حولها، وتفلح في جعلها تشارك فعلا في مبادرات سياسية، أو تدفعها إلى المساهمة في تحقيق إنجازات مجتمعية. فالطليعية تتجلّى في خلق حركة نضالية مجتمعية ودينامكية. وتبرز الطليعية في طاقات، وفي وعي، وفي ممارسة، وفي مبادرات، وفي إنجازات، يُفْترض فيها أن تكون كلها ثاقِبة، أو فَعّالة. وكل فاعل سياسي لا يحظى بدعم فاعلين سياسيين آخرين، لا يرقى إلى الطليعية. الطليعية تفترض الحصول على أصدقاء يعينون، أو على حلفاء يُساندون، أو على أنصار يُدَعّمُون. ومتى فقدت الطليعة هذه الخصائص، تكون قد تقهقرت، أو فقدت دورها الطليعي، وذلك ولو مرحليا.

يُمكن للزعيم أيضا أن يتحوّل إلى نقيضه
وما لا يراه الذين يناصرون زعيما محدّدا، هو أن الخِصَال أو القدرات التي مَكّنت في السابق ذلك الزعيم من أن يصبح زعيما، تتطوّر عبر الزمان. بل قد تتقوّى، أو تَضْمَحِل، أو تزول، أو تتحوّل إلى نقيضها. لأن كل شيء يمكن أن يتحوّل إلى نقيضه. ولأن كل صيرورة لها بداية، ثم نمو، ثم شيخُوخة، ثم نهاية. وذلك في ارتباط بتطور المجتمع نفسه. وخطأ أنصار الزعيم هو أنهم يستمِرّون في تقديسه، ويظلّون يؤمنون بأن الصفات الخارقة للعادة المفترضة في الزعيم تبقى ثابتة ومستقرّة. وأن لا أحد من أبناء الشعب يمكن أن يَتّصِف بخصال مُشابهة. لكن التجارب التاريخية تُبَيّن أن الزعماء، عندما يصلون إلى ذروة مجدهم أو شُهرتهم، يتحوّلون في غالب الحالات إلى نقيض ما كانوا عليه عند بروزهم لأول مرة كزعماء.
وإذا ما سبق لزعيم ما أن قام فعلا بدور بارز في تقديم حركة التاريخ نحو التقدم، فمن المحتمل جدا أن يتحوّل هذا الزعيم، فيما بعد، إلى نقيضه. حيث يمكن لهذا الزعيم أن يلعب دورا حاسما في عرقلة، أو في كَبْح، حركة التاريخ نحو التقدّم. لأن كل شيء في تحوّل متواصل. وقد يتحوّل الزعيم، كغيره، من فترة لأخرى، من موقف إلى نقيضه، ومن دور إلى عكسه، ومن حالة إلى نقيضها.

التكامُل والتناقُض بين الفرد والجماعة
ما هو العامل الذي يجعل شخصا (أو جماعة) يَتَبَوّأ مرتبة طَلِيعَة ثورية، في مرحلة ما، أو في مَيْدان ما، أو في إقليم محدّد، أو في مُجتمع مُعيّن ؟ هذا العامل هو الفكر، أو الممارسة، أو الإنتاج، الذي يقوم به ذلك الشخص (أو تلك الجماعة)، وليس صفاته الشخصية، أو خصاله الفردانية. وهذا الفكر، أو الممارسة، أو الإنتاج، وباعتبارهم ظاهرة مُجْتَمَعِيّة، فإنهم لا ينحصرون في خِصَال الشخص، بل هم يَكتسِبون دائما بُعْدا مُجْتَمَعيّا. ويتطوّرون بالضرورة في ارتباط بتطوّر المجتمع.
الفهم الجدلي للمجتمع هو الذي يُدْرِك وجود علاقة وطيدة بين الفرد والمجتمع. تارة يقوم فرد ما، أو بضعة أفراد، بدور رائد، أو مُؤثر، أو ذي بعد تاريخي. ويُساهم في تقديم حركة التاريخ، لأنه يتفاعل بشكل فَعّال وعميق مع القوى المُجتمعية الأكثر حَيَوِيّة. ولأنه يُساهم، إلى جانب الجماهير، في إنجاز تغييرات أصبحت ناضجة مجتمعيا. وتارة أخرى، لا يستطيع أي فرد، ولا أية جماعة، أن تنجز أي شيء ذي أهميّة، إلا إذا كان جزء كاف من المجتمع مُهَيّئا، أو ناضجا، أو مساندا لذلك الشيء.
في ظرف مُحدّد، يمكن لفرد، أو لبضعة أفراد، أن يكونوا في تفاعل عميق مع جزء واسع وفَعّال من جماهير المجتمع، فينجزون، بمشاركة، أو بمساندة هذه الجماهير، تغييرات تاريخية هامّة. والعكس ممكن أيضا، حيث، خلال مرحلة ما، يمكن لفرد، أو لبضعة أفراد، أن يَمْنَعُوا، أو أن يَكْبَحُوا، أو أن يُؤَجّلوا، طموحات شعب بكامله، أو تقدّم مجتمعه. فتارة تستطيع القوى التقدّمية تحقيق مطالبها، أو تقدر القوى الثورية على إنجاح طموحاتها. وتارة أخرى تنجح القوى المُحافظة في منع التغيير، أو تَفْلَح القوى الرجعية في فرض استمرار سُلطتها، أو بقاء قِيَمِها التقليدية. وذلك إما عبر الصراع السياسي، أو الجدال الفكري، أو عبر الحِيَل، أو التضليل، أو عبر القمع، أو القهر، أو العنف. كل هذه الأشياء ممكنة.

من الزعيم المُحَرِّر إلى الزعيم المُسْتَبِد
التّفَوّق الخارق للعادة، الذي يُفْتَرَض وُجوده في الزعيم، يُستعمل كمبرّر لتَمْتِيعه بامتيازات غير عاديّة. ثم يتحوّل الزعيم إلى نوع من الشيخ، أو الصالح، أو الوالي، أو الأمير، أو الملك. ويمكن أن تحدث هذه الظاهرة، سواء داخل حزب مُحافظ، أم داخل حزب ثوري. وقد يُقْدِم هذا الزعيم على إحاطة نفسه بحاشية من الأنصار الأكثر إخلاصا له. وقد يتحوّل بعض الأنصار المقرّبين من الزعيم هم أنفسهم إلى نوع من الأمراء، ولو كانوا أمراء من الدرجة الثانية. ثم يقدم كل واحد من هؤلاء الأنصار إلى إحاطة نفسه، هو بدوره، بحاشية من الأتباع أو الأنصار. وهكذا دواليك، إلى آخر مرتبة في المجتمع. ويقتسم هؤلاء المقربين من الزعيم بعض امتيازاته. ويعمل أفراد هذه الحاشية على صيانة تلك الإمتيازات، بل ويحرصون على توسيعها، أو تنويعها. ويناضلون لإدامة العمل بأسلوب الزعامية (أو الأميرية، أو المَشْيَخَة، أو المَلَكِية).
ومهما كان الزعيم عبقريا، فإنه لا يستطيع أن ينتج، على مستوى الفكر، أو الوعي، سوى رؤية وحيدة الجانب. كما لا يمكنه، على مستوى الممارسة، أن يقوم إلا بعمل جزئي ومحدود. فلا يقدر الزعيم على أن يجعلنا نستغني عن تعبئة الجماهير، ولا عن إشراكها في تطبيق البرامج المُخطّطة. بل يظلّ منهج الإنطلاق من الجماهير، بهدف العودة إليها هو المنهج الوحيد السليم، لأنه هو الذي يُوصِلنا إلى الرّؤية الصحيحة، وهو الذي يُساعدنا على بلورة البرامج السديدة، ويُمَكّننا من إنجاز المُخَطّطات المُسَطّرة. وهو المنهج الذي يمكن أن يعطي لممارستنا النضالية بُعْدَها الجماهيري، وأفُقها الثوري السليم.

الإنطلاق من الشعب، بهدف العودة إليه
من هو محرك المجتمع ؟ من هو صانع التاريخ ؟ هل هو الزعيم أم الجماهير ؟ إن كل مبالغة في دور الزعيم تؤدي بالضرورة إلى الإنتقاص من دور القواعد والجماهير. كما أن كل محاولة لتجاهل دور الأفراد المتقدّمين، أو لنفي دور الشخصيات الطليعية، يسقط في نوع من الطوباوية التي تنكر تفاوت الأفراد والمواطنين، في خصالهم، أو في طاقاتهم، أو في كفاءاتهم.
صانع التاريخ ليس هو الزعيم. إنما الزعيم هو مجرد ذرة جزئية في كون شمولي. مُحَرّك التاريخ، ليس هو الزعيم، وإنما هو تصارع مُكَوّنات المجتمع المتناقضة. والزعيم، في حالة وجوده، هو نفسه منتوج ظرفي وموضوعي للصراع بين مُكَوّنات المجتمع المتناقضة.
المجتمع هو الذي يخلق الزعيم، وليس الزعيم هو الذي يخلق المجتمع. وإذا ما بقي أي زعيم معزولا عن الجماهير، فإنه يصبح بلا فعالية ولا قيمة. بينما الجماهير، ولو فقدت زعيمها المُفْتَرَض، ولو حُرِمت من المبادرات الثاقبة لزعيمها، فإنها تبقى قادرة، آجلا أم عاجلا، على فرز طلائع جديدة، وعلى مواصلة النضال، بهدف تحقيق انعتاقها أو تحرّرها.
الزعماء والطلائع والجماهير العريضة، يتكاملون فيما بينهم. وصاحب الدور الرئيسي أو الحاسم، هو الجماهير. ودور القادة، أو الزعماء، أو الطلائع، سواء تجسّدوا في أفراد، أو في جماعات، أو في تنظيمات، أو في أحزاب، هو الدور الثانوي، أي المُكَمِّل للدور الأول. وتعظيم دور الزعيم، أو المبالغة في دور الطليعة، يساعد على تقليص دور الجماهير. كما يمكن أن يؤدّي إلى احتقار دور القواعد، أو إلى تقليص دور الشعب.

ما هو البديل عن الزعيم ؟
مُهمّة الحزب، أو مهمة الدولة، ليست هي تَسْخِير المواطنين لكي يُطيعوا الزعيم، أو لكي يُنجِزوا رغباته. بل مُهمّة الحزب أو الدولة هي رفع مستوى خِصَال أكبر عدد ممكن من المواطنين لكي يَتحلّون بأحسن الصِّفات الممكنة، في مجالات الوعي، والمعرفة، والإنتاج، والتضامن. مهمّة الحزب أو الدولة هي تكوين وتأهيل أكبر عدد ممكن من المواطنين لكي يُصبحوا في مستوى الزعامة، أي لكي يُصبحوا نقيض الزعيم.
هل المجتمع يحتاج إلى زعماء ؟ هل المواطنون هم بمثابة مكفوفين يحتاجون إلى مُبْصِر يُوَجّهُهم ؟ لا، ليس بالضرورة. ولو أن الأفراد يتفاوتون في الأدوار التي يقومون بها. إن انتشار الجهل هو الذي قد يُبَرّر الحاجة إلى زعيم. بينما الإنتشار الديمقراطي للمعرفة يمكن أن يُحَوّل كل مُواطن إلى زعيم لنفسه. ما يحتاجه المجتمع أكثر، هو أن يَعِيّ كل مواطن منه، أنه لا يساوي شيئا خارج جماعته أو مجتمعه. يجب أن يَعِيّ جَيّدا كل مواطن عُيُوبه ونقط ضعف، وأن يُدرك في نفس الوقت قُدُراته وطاقاته. ويلزمه أن يعترف بذلك عَلَنًا.
وما يحتاجه المجتمع أيضا هو أن يكتسب كل مواطن منهجا جدليا في مجالات التفكير، والإنتاج ، والاستمتاع بالحياة. يلزم أن يُدرك كل مواطن أنه لا يمكن أن يعيش أو أن يحيى إلا من خلال التعاون والتضامن فيما بين كل مُكَوّنات المجتمع. ويحتاج الشعب إلى تنظيم أفراده، بهدف إحداث تنسيق فعّال فيما بينهم. ويحتاج المواطن، وكذلك المجتمع، إلى العقل، أكثر مِمّا يحتاج إلى الإيديولوجية. العقلانية هي المنهجية التي يمكن أن تحمي الانسان من الانحراف أو من الاستلاب. ولو أن العقل يظل هو نفسه قابلا للخَرف، أو للهذيان، أو للضلال. بينما غير العقل يُؤدّي حتمًا إلى الضَّياع.
ويُستحسن الإستفادة من دروس الثورات الكبرى أو الرائدة (مثل ثورة فرنسا في 1789، وثورة روسيا في 1917، وثورة الصين في 1945، إلى آخره). وبعضها يُؤَكّد على مباديء بسيطة وهامّة. نَذْكُر من بينها بالمباديء التالية : سواءا داخل الحزب أم داخل الدولة، يجب العمل بأسلوب المراقبة المتبادلة (فيما بين مجمل المواطنين), وكذلك بأسلوب المحاسبة المتبادلة. وقد يكون النقد المتبادل (فيما بين المواطنين) أكثر إفادة من الزعيم.
وكل عضو أو مسئول في الحزب ينبغي أن يخضع لمحاسبة المواطنين، ولو لم يكن هؤلاء المواطنون أعضاء في الحزب. بل يحقّ للجماهير أن تُطالب بسحب العضوية من أي عضو في الحزب إذا اعتبرت هذه الجماهير أن هذا العضو غير خَلِيق بهذه العضوية. لأنه يُفْتَرَض في الحزب أن يكون في خِدمة الجماهير، وليس ضدّها. (وما قُلناه هنا في حالة الحزب، يمكن أن نقول مثله في حالة الدولة).
كما يُستحسن تقنين إمكانية سحب المسؤولية، من أي مسئول كان (سواء في الحزب، أم في الدولة)، إذا طالب الشعب بذلك. وقد قال ماوو تسي تونغ : لا يَصحّ، ولا يُقبل، أن تبقى الجماعة القائدة بدون تغيير، في بداية معركة كبيرة، وفي وسطها، وكذلك في نهايتها (ذُكِرت هذه المقولة في دفتر يانان ، العدد 4، 1977). فما بالك ببعض الأفراد الذين يَتَشَبّثُون دائما بالبقاء في مواقع المسؤولية، على مدى الحياة، رغم تحمّلهم مسؤولية قيادة عدّة معارك كبرى، مُتَوَاليّة، وفاشلة !
وبمناسبة عقد أي مؤتمر وطني، أو إقليمي، للحزب، يُستحسن أن نستفيد من هذه المناسبة لكي نُحدث تغييرا دوريا في الهيئات التنظيمية المسئولة، مع إمكانية الحفاظ في كل مرّة على نسبة قليلة من الأعضاء القدامى في هذه الهيئات. ثم نرجع لتغييرها هي بدورها في المرات اللاحقة. وكان الحزب الشيوعي بالصين (في عهد ماوو تسي تونغ) يعمل بأسلوب الثلث عند تكوين مُختلف هيئات الحزب المسئولة. حيث كان يحرص، قدر الإمكان، على أن تتكوّن كل هيئة مسئولة من ثلث من الأفراد المُسِنّين، وثلث من مُتَوَسّطي السن، وثلث من الشبان.أو يَحرص على أن تتكوّن كل هيئة مسئولة من ثلث من الأفراد الخُبَراء أو المُجرّبين، وثلث من متوسطي التجربة، وثلث من المناضلين المُبْتَدِئين. والهدف من ذلك هو التكامل، وتبادل الاستفادة، وتكوين الأطر والأجيال القادمة. كما أن هذا الإجراء يدخل ضمن أسلوب معالجة التناقض بين العمل القيادي والعمل القاعدي.
وحينما تنسب تقارير الحزب أو دعايته الإنجازات الرائعة إلى أفراد، أو إلى زعيم، وليس إلى جماعات، فإنها تُهَيّىء السبيل إلى تنامي الزعامية. وحينما يُقدم الحزب الثوري على تنصيب زعيم له، على شكل رئيس الحزب ، أو كاتبه العام ، فإن هذا التّعيين يتناقض مع مبدأ جماعية القيادة، وفردية المسئولية . وقد يؤدّي ذلك إلى فردية القيادة، أو إلى تركيز المسؤوليات الأساسية بين يدي الزعيم وحاشيته. لذا فإن تقنين حذف وظيفة رئيس الحزب ، ولو كانت على شكل كاتبه العام ، قد تُساعد على تلافي السقوط في أسلوب الزعامية.
كل هذه العناصر تُدعم إيجابية تغليب أهمية الجماعة، بالمقارنة مع دور الفرد، ولو كان هذا الفرد زعيما ذي خِصال مُعتبرة.
(هذا النص هو فصل مُقتطف من كتاب : كيف ؟ (في فنون النضال السياسي) . ويُمكن تنزيل هذا الكتاب بالمجان من الموقع الالكتروني التالي : http://LivresChauds.Wordpress.Com .).




#عبد_الرحمان_النوضة (هاشتاغ)       Rahman_Nouda#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نُدبّر الاختلاف والتكامل فيما بين مناضلي القوى السياسية ...
- الثورات العربية : نقد -حركة 20 فبراير- بالمغرب
- لماذا لا تقدر بَعْدُ حركة 20 فبراير بالمغرب على إسقاط الاستب ...
- علاقة الدين بالدولة وبالسياسة


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الرحمان النوضة - ضِدّ الزّعَامية