أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الهادي مهداوي - مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية المغربية و الفرنسية















المزيد.....



مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية المغربية و الفرنسية


عبد الهادي مهداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3749 - 2012 / 6 / 5 - 21:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة عـــــامة
الفصل الاول : الجماعات الضاغطة
المبحث لاول : مفهوم الجماعات الضاغطة
المبحث الثاني : انواع الجماعات الضاغطة
المبحث الثالث : خصائص ووظائف الجماعات الضاغطة
- خصائصها
- وظائفها
الفصل الثاني الجماعات الضاغطة و تاثيرها في الحياة السياسية في المغرب وفرنسا
- المبحث الاول: مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية المغربية
- المبحث الثاني : مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية الفرنسية
خلاصة عامة







مقدمة عامة
إن تحليل اي نظام سياسي لاي بلد يتطلب تحليل القوى المختلفة التي تشارك في ممارسة السلطة والتاثير عليها سواء بطريقة مباشرة اي بواسطة الاجهزة الرسمية المتمثلة في السلطات الثلاث :السلطة التشريعية و القضائية و التنفيذية او غير الرسمية المتمثلة في الاحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة .
إن دراسة العلاقة بين النظام السياسي والسياسة العامة تتحدد من خلال معرفة ادوار المؤسسات والقوى المكونة للنظام السياسي الرسمية وغير الرسمية في صنع السياسات العامة .فالسياسة العامة ترتبط درجة تحقيقها للأهداف، بشكل مباشر وغير مباشر، بكفاءة وتوازن عمل تلك المؤسسات في صنع السياسات العامة، فاستقلالية السلطة التشريعية، كمؤسسه رسميه، في ممارسة الدور الرسمي لها، إضافة لدور الرقابة والتقييم لعمل السلطة التنفيذية وأجهزتها الإدارية في تنفيذ السياسات العامة، يؤدي إلى أن تكون العملية السياسية داخل النظام السياسي أكثر ديمقراطية، وبالتالي نجاح السياسات العامة، وهذا الأمر ينطبق أيضا على دور المؤسسات غير الرسمية ومدى استقلاليتها وتأثيرها في مؤسسات النظام السياسي الرسمية وفق صيغ متفق عليها، حيث أن قدرة تلك المؤسسات في تمرير متطلبات المجتمع إلى المؤسسة التشريعية ومنها تصاغ في إطار قرارات وتشريعات السياسات العامة وتطبيقها من قبل المؤسسة التنفيذية بشكل يكفل تحقيق متطلبات المجتمع و من هنا يمكن القول بان للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية للنظام السياسي دور هام في صنع السياسات العامة، وان هذا الدور متباين في قوته وفاعليته من مؤسسه إلى أخرى داخل النظام السياسي نفسه ونوع العلاقة بينها، من جهة،ومن نظام سياسي إلى أخر من جهة أخرى.وفي اطار بحثنا المتواضع هذا ومن خلال هذا التقديم البسيط تاتي اهمية و مكانة المؤسسات غير الرسمية وبالخصوص مكانة الجماعات الضاغطة في عملية صنع السياسة العامة للبلاد على اختلاف انواعها و ايديولوجياتها ،
وعندما نتحدث عن دور و مكانة الجماعات الضاغطة في صنع القرارات السياسية، يجدر بنا التفريق بين نظام الحكم والنظام السياسي، فنظام الحكم هو ما تحدده النظم والقوانين الدستورية وهو الإطار المحدد للسلطات الثلاث، أما النظام السياسي فلا يقف عند هذه الحدود بل يمتد ليشمل القوى غير الرسمية، فإلى جوار السلطاث الثلاث تمت قوى أخرى تعمل على تكوين النظام السياسي وتؤثر في كيانه وتحدد خصائص صنع القرار السياسي فيه، ومن بين أهم هذه القوى توجد الجماعات و القوى الضاغطة كإحدى القوى السياسية الفعالة داخل الحقل السياسي، من هنا جاءت عملية بحثنا هته لتتناول هذا الدور وهذه المكانة التي تحتلها هذه المجموعات الضاغطة و التي يتبين من خلال تسميتها انها جماعات تمارس ضغوطات كبيرة في سياسة أي نظام كان و سنتناولها في دراسة مقارنة بين المغرب و فرنسا على اختلاف البلدين الكبير من حيث التنظيم و النظام السائد فيهما ، وقبل الانطلاق في تحديد هذه المكانة لابد ان نعطي تعريفا للجماعات الضاغطة ، هكذا سنحاول ان نقسم عملنا هذا الى فصلين :الفصل الاول وسنتناول فيه الجماعات الضاغطة و سنقسمه الى ثلاثة مباحث ،المبحث الاول ونحاول من خلاله تعريف الجماعات الضاغطة و تحديد مفهومها اما المبحث الثاني سنخصصه لتحديد انواع الجماعات الضاغطة اما المبحث الثالث فسنوضح فيه خصائص هذه الجماعات ووظائفها ،اما الفصل الثاني وهو الاساس فسنخصصه الى دور الجماعات الضاغطة و تاثيرها على الحياة السياسية في المغرب و فرنسا ونقسمه الى مبحثين ، المبحث الاول و نحاول خلاله ابراز دور و مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية المغربية اما المبحث الثاني فسنبرز خلاله مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية الفرنسية لننتهي بخلاصة عامة



الفصل الاول : الجماعات الضاغطة
المبحث الاول : تعريف الجماعة الضاغطة:
لقد حظيت الجماعات الضاغطة باهتمام كبير لدى الباحثين و اعتبروها تلك الفئة من المجتمع التي تسعى إلى التأثير في الطبقة الحاكمة والتي تتشكل على أساس المنفعة الخاصة وجمع الثروات واكتساب وسائل النفوذ حيث أن وجود قنوات مشتركة للاتصال الرسمي وغير الرسمي بين هذه الجماعات وبين راسمي السياسات العامة، يُعد مسألة أساسية لإيصال مطالبهم وقضاياهم بالسرعة والكيفية المطلوبتين وإقناعهم بضرورتها، وأهميتها لإدراجها ضمن مشاريع ولوائح السياسات العامة . فالجماعات الضاغطة هي جماعات غير محددة الحجم تتباين في نشاطاتها مع تباين المجتمعات التي نشأت فيها، وهذا يفسر أن جماعات الضغط هي جماعات لا توجد في فراغ وإنما داخل مجتمع له أبنيته ونشاطاته لذلك فدرجة تطور وتعقد تلك الجماعات متأتية من تطور وتعقد المجتمع الذي تعيش فيه، وتكون أهداف تلك الجماعات أما مادية تسعى للربح فهي تضغط على النظام السياسية والاقتصادية من اجل تحقيق مصالحها، أو تكون ذات طابع أيديولوجي تهدف للدفاع عن قيم ومبادئ معينة(1). و في تعريف اخر فالجماعات الضاغطة هي : "اية منظمة تسعى إلى التأثير على سياسة الحكومة بينما ترفض تحمل مسؤولية الحكم" هذا التعريف يجعل من الممكن ان تكون إحدى الجماعات هي الحاكم الفعلي في تسيير السياسات العامة في دولةٍ ما دون ان يعي الجميع ذلك.(2) يمكن الجزم إلى حد ما، على أنه لا يوجد خلاف كبير حول تعريف مفهوم الجماعات الضاغطة ، فكل التعاريف تقريبا تجمع على اعتبارها مجموعة من جماعات المصالح التي تسعى إلى تحقيق أهداف معينة مرتبطة بمصالح السلطة السياسية، ولا تندرج ضمن أهدافها الوصول إلى السلطة، وقد سميت بجماعات الضغط من منطلق الضغوطات التي تمارسها على السلطات لتحقيق أهدافها، وقد وصفها البعض بأنها جماعات غير سياسية (3) وهذا أمر يجانب الصواب، فهي تجمعات تشمل كل جوانب الحياة الإنسانية من اقتصادية واجتماعية وثقافية ومهنية، وهي أيضا جماعات سياسية لأنها تستهدف في بعض الأحيان تحقيق غايات سياسية كاللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة فهو لوبي سياسي اقتصادي واجتماعي. و يصفها البعض أيضا بأنها تجمعات غير رسمية (4) وهذا أيضا أمر يجانب الصواب. فقد تكون الجماعات الضاغطة رسمية مجازة من السلطات الرسمية، كجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، أو نقابات العمال، وقد تكون حكومية تشكل لتحقيق هدف معين،
المبحث الثاني : أنواع الجماعات الضاغطة
إذا انطلقنا من التصنيف الذي أورده "جابريل ألموند" للجماعات والقوى الضاغطة فنجد أنه صنفها إلى أربعة تصنيفات هي على الشكل التالي :
- جماعات المصلحة الترابطية : وهي التي تعبر عن مصالح أعضائها في الأساس وهي النمط الشائع .
- جماعات المصلحة غير الترابطية : والتي تكون على أساس جغرافي أو طبقي أو ديني أو لغوي أو فكري
- جماعات المصلحة المؤسسة ، وتغلب عليها الطابع الحكومي الرسمي، كالبيروقراطية المدنية والعسكرية، لكن العاملين فيها يصبحون جماعة مصلحة حينما يعمدون للتأثير في صانعي القرار لتحقيق منافع خاصة بهم.
- جماعة المصلحة الفوضوية : وهي التي تعول على المظاهرات والإضرابات وأعمال الشغب وليس لها هيكل تنظيمي، ويغلب على نشاطها التلقائية والعنف. أما إذا تجاوزنا تصنيف "جابريل ألموند" وحاولنا تصنيفها من حيث طبيعتها فسوف نجد أنها تنقسم إلى التصنيفات التالية :
جماعات المصالح السياسية : ولها مصالح سياسية بحتة ، ويطلق عليها (اللوبي) كاللوبي الصهيوني.
- جماعات المصالح شبه السياسية و لها أهداف سياسية واقتصادية كنقابات العمال واتحادات أصحاب الأعمال.
- جماعات المصالح الإنسانية أو الخيرية وهي التي تمارس نشاطات متعلقة بحقوق الإنسان ورعاية الطفولة وجمعيات الرفق بالحيوان.
-جمعيات المصالح المهنية: وهي التي تهتم بالدرجة الأولى بتحقيق أهداف أصحاب المهنة الواحدة.
و باختلاف انواعها يختلف الاسلوب الذي تتبعه هذه الجماعات الضاغطة في التاثير على السلطات و من بين الاساليب الذي تتبعه نجد :
أ‌- الإقناع : وهو أهم الوسائل التي تسعى جماعات المصلحة من خلاله لكسب الأتباع وإقناع الحكومات بأهدافها، عبر اللقاءات والاجتماعات الخاصة والعامة، وعبر وسائل الإعلام بمختلف جوانبها، ويتمتع رجال الأعمال بميزة القدرة على الإقناع، مستخدمين إمكانياتهم المادية وخبراتهم العلمية وبذل الجهود للوصول إلى الهدف المطلوب.
ب‌- التهديد : وهو من المسائل المهمة للضغط على السلطات الرسمية والتشريعية والقضائية ، كارسال الرسائل والبرقيات، ومقابلة الأشخاص المطلوب التأثير عليهم، ويأخذ التهديد أشكالا متعددة منها التهديد بسحب الثقة من أعضاء البرلمان، وعدم تأييد العضو الرافض في المستقبل، وقد يشمل التهديد شكل العقوبات والقتل
ج- الضغط على السلطات الحكومية : نظرا لأهمية السلطات الحكومية في إصدار القرارات سيما في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن السياسة والتي تخص مختلف شرائح المجتمع فإن جماعات المصلحة تسعى للاتصال المباشر بالمعنيين في الجهاز التنفيذي والإداري بدءا من رئاسة الدولة والوزراء إلى المسؤولين الكبار، فقد تعمد إلى وقف تنفيذ قانون ما، فتطلب من رئيس السلطة التنفيذية ذلك عبر الرسائل والبرقيات بعدم التصديق عليه، أو التوجه بحذف بعض مواده أو إضافة أخرى. (5)

المبحث الثالث : خصائص ووظائف الجماعات الضاغطة
1 خصائصها : من خلال التعريف بهذه الجماعات يتيسن لنا ان لها مجموعة من الوظائف التي تتميز بها لممارسة الضغوطات و من اهمها : - التنظيم: أن حداً أدنى من التنظيم هو أمر ضروري لكي يصح اعتبار مجموعة ما مجموعة ضغط.
- الدفاع عن أهداف خاصة: ينبغي على المجموعات التي تمارس ضغطا سياسيا أن تفعل ذلك من اجل هدف خاص بها .
- استقلالية القرار: لكي تكون مجموعة ما مجموعة ضغط يجب أن تتمتع باستقلالية القرار، أي أن لا تكون مجرد أداة في يد منظمة أخرى أو وسيلة خاصة من وسائل عمل هذه المنظمة .
- ممارسة ضغط سياسي فعلي: تتحرك لتأثير في اتخاذ القرارات، أو لتبديل التوجهات السياسية للسلطة في القضايا التي تهم هذه الجماعات.
2 وظائفها : تمثل الجماعات الضاغطة أحد مستويات التفاعل وربما الصراع التي تؤثر على الحياة السياسية ،مثلها مثل الأحزاب السياسية، رغم أنها تختلف عنها من حيث أهدافها وأساليبها ،إلا أن هذا

الاختلاف لا يبعدها عن بعضها البعض بقدر ما يجعلهما كما يقول (Macridis) بمثابة قناتين أساسيتين في عملية التمثيل الشعبي ، حيث تشكل الأحزاب قناة التمثيل السياسي بينما تمثل الجماعات وخاصة العامة منها قناة التمثيل الوظيفي.وهذا يعني أن وظيفتها الأساسية لا تكمن في تقديم القيادات السياسية الممثلة للجمهور، كما الحال بالنسبة للأحزاب بل ترتكــز وظيفتها بالدرجة الأولى في تجميع اهتمامــات ومطالب الفئات التي تمثلها وتقوم بتقديمهـــا للسلطة والعمل من أجل تحقيقها .كما أنها تقوم بتحضير قطاعات الشعب صاحبة المصلحة بذلك ليقوموا بتأييد ودعم السلطة حين تستجيب لذلك، أو لمعارضتها ومجابهتها حين تكون استجابة السلطة سلبية . وهذا بالطبع لا يلغي دورها في تقديم القيادات السياسية وتوصيلها للسلطة، إلا أنها تبقى وظيفة ثانوية وغير مباشرة وذلك بقيامها بدعم حزب معين ماليا وإعلاميا من أجل نصرته في الحصول على الأصوات اللازمة لنجاحه أو مواجهته لبرامج الأحزاب الأخرى التي تتناقض مع مصالحها وهناك مجموعة من العوامل الاساسية التي تحدد طبيعة أدوار الجماعات ودرجة قوتها أو ضعفها وأهمها :
أ- البيئة السياسية : وتمثل أهم هذه العوامل ، وتتحدد البيئة السياسية عادة بطبيعة النظام السياسي ، هل هو ليبرالي أم شمولي ، ديمقراطي أو ديكتاتوري ؟ فالنظم الليبرالية تعتبر المرتع الخصب اللازم لنمو هذه الجماعات، وبالذات الجماعات الخاصة ،وذلك نظرا لعدم الممانعة من قبل الإيديولوجية العامة للنظام، حيث تقوم على حرية عمل مثل هذه الجماعات وغيرها. أما النظام الديكتاتوري، فإنه لا يسمح بنمو هذه الجماعات وغالبا ما نجدها حيث يوجد محدودة وضعيفة، وخاصة الجماعات العامة، بينما قد تكون للجماعات الخاصة فرصة كبيرة، وخاصة الجماعات الاقتصادية حيث ليس من السهل تقييد حريتها ببساطة، وخاصة أنها تعمل بالطرق الخفية عادة.
كذلك الأمر بالنسبة للنظم الشمولية، وإن كانت هذه النظم تقاوم بشدة وجود الجماعات الخاصة، مع تسامحها بعض الشيء فيما يتعلق بالجماعات العامة، شريطة أن تظل مستوعبة داخل أجهزة السلطة، أما أن تبرز هذه الجماعات بصفة مستقلة عن أجهزة السلطة فغالبا ما يكون ذلك أمرا مرفوضا. وبالطبع فإن ظاهرة الجماعات تظل موجودة في أي مجتمع وخاصة الجماعات الخاصة، وكما يقول (DJORDJEVIC) إنها ظاهرة حتمية لا يستطيع أي نظام تجنبها، وأن الجماعات تملك أساليب متنوعة للتعبير عن نفسها مما يمكنها من البروز بطرق مختلفة، يساعدها على ذلك تضخم المجتمعات المعاصرة، وتعقيد علاقاتها.
.ب-التنظيم أو التشكيل الرسمي للسلطة: ويتضمن هذا العامل عنصرين رئيسين لهما قوتهما في التأثير على الجماعات الضاغطة من حيث قدرتها وقوتها وهما :- مدى الأخذ بأسلوب اللامركزية أو المركزية في النظام فمعظم النظم التي تطبق أسلوب السلطة المركزية الواحدة والقوية، تتميز بعدم وجود جماعات الضغط الضاغطة أو القادرة على عقد صفقات مع السلطة ، وتأثير هده الجماعات لا يمكنها من فرض مطالب محددة ولا يتعدى في أحسن الأحوال تقديم التماسات أو تظلمات أو آراء. أما في النظم ذات التوجه اللامركزي، فإن فرصه نمو وتغلغل هذه القوى، تكون مضاعفة كثيرا بالقياس مع الحالة الأولى، وذلك لأن تعدد مراكز السلطة عبر المستويات التنظيمية المختلفة تزيد عدد القوى التي قد تلجأ إليها هذه الجماعات فيما لو فشلت على المستوى المركزي أو على بعض المستويات اللامركزية الأخرى.
- مدى الفصل بين السلطات : فتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات يخلق ويضاعف الفرصة الحقيقية لتمارس هذه الجماعات نشاطها وفعاليتها، فإذا فشلت في الضغط على إحدى السلطات تتحول للسلطات الأخرى.
-ج-وضع الأحزاب السياسية : ان متابعة طبيعة العلاقة بين أوضاع الأحزاب السياسية ودرجة قوتهما، وبين أوضاع الجماعات الضاغطة وفعاليتها تولد، استنتاجا يبرز غالبا كقاعدة عامة، مفادها أن قوة وفعالية


الجماعة الضاغطة تتناسب طرديا مع ضعف الأحزاب السياسية وعكسيا مع قوتها. ومؤداه ، أن العلاقة بين هذين القناتين قد تبرز ضمن إحدى الصورتين التاليتين :
- علاقة تكامل وظيفي حيث أن كل طرف منهما يحاول أن يملأ الفراغ الذي لم يستطع الأخر أن يملاه
- علاقة إحلالية أو استبدالية بحيث يبرز أحد هذين الطرفين كبديل للطرف الآخر وربما على أنقاضه، ومتابعة الظروف المختلفة في النظم السياسية تؤكد هذه النتيجة.
وخلاصة عامة ، فان الجماعات الضاغطة تتمتع بدور هام على صعيد الحياة العامة، إلا أن هذا الدور يفترض ضرورة التحرز إزاءه، لبروزه كسيف ذو حدين، فقد يبرز من زاوية معبرة عن إحساسات وطموحات عامة، كما قد يبرز من زاوية معبرة عن اهتمامات ومصالح ضيقة. وهذه المصالح قد تكون نافعة للمجتمع أو ضارة به فهي قد تكون عاملاً مساعداً في استقرار النظام السياسي للدولة وقد تكون ضارة ،ففي بلد تكون فيه السلطة السياسية ضعيفة فيه يكون تأثير هذه الجماعة أقوى وبلا شك فإنها تهدد الوظائف العامة الحكومية كلما تقاطعت مع مصالحها وبالتالي تؤثر في أوضاع بقية أفراد المجتمع.(6)
الفصل الثاني الجماعات الضاغطة و تأثيرها في الحياة السياسية في المغرب وفرنسا
المبحث الأول : مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية المغربية
من خلال ما سبق ذكره يتبين لنا مدى اهمية هذه الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية ،بحيث لايخلو مجتمع كيفما كان نوعه من تاثيرهذه القوى على نظامه السياسي ودرجة هذا التأثير على سياسته العامة في البلاد ونحن في المغرب وأمام بناء الدولة الديمقراطية الجديدة وما يتبعها من تحولات اقتصادية واجتماعية هل يمكننا ان نتحدث عن وجود فعلي لهذه الجماعات الضاغطة في المغرب ؟وهل حقا هناك قوى ضاغطة بدأت تتشكل بشكل كبير في مجتمعنا وتبرز بصماتها الواضحة في معظم القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ؟ وهل يمكن الحديث عن حركة الجماعات الضاغطة ضمن الاتجاه المعنوي والأخلاقي المتمثلة بالجمعيات الدينية وجماعات حقوق الإنسان والديمقراطية ؟ . ان ما يجب التأكيد عليه هو أن الملك من يحدد الاختيارات الكبرى للأمة ويعين الوزير الأول وباقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول، كما أن الحكومة تسهر على تنفيـذ برنامج الملك وكل اختلاف داخل مكوناتها يكون حول سبل وكيفية تطبيق البرنامج المذكور، أيضا أن الملك هو من يرأس مجلس الوزراء الذي يصادق على كل القرارات التي تهم الشأن الحكومي. ومن هذا المنطلق فالملك هو الرئيس الفعلي للحكومة، أي أنه المسؤول عن عمل الحكومة، فإذا فشلت أو نجحت الحكومة في مهامها فإن ذلك يعود إلى الملك. أكثر من ذلك أن النسق السياسي المغربي يجعل الملك في مرتبة الفاعل السياسي المركزي، إذ يحتكر كل السلطات بما فيها السلطة الدينية من خلال الفصل التاسع في الدستور. في حين تقوم الحكومة بمساعدته على تدبير شؤون البلاد ، فلا يمكن فصل عمل الحكومة عن عمل الملك، إلا في نوع التقسيم الذي رسم للحكومة كجهاز تنفيذي يسهر على التطبيق اليومي للبرنامج الملكي، في حين يسهر الملك على إدارة القضايا الكبرى ذات البعد الإستراتيجي ،وهذا ما سيحيلنا الى طرح التساؤل التالي و الذي سبق و ان طرحناه من قبل ، هل هناك لوبيات تعرقل أشغال الحكومة وتؤثر بشكل كبير في صنع القرار و التحولات السياسية بالمغرب ؟ بالجواب عن هذا التساؤل وكسائر بلدان العالم ،فعلا توجد لوبيات في جميع القطاعات( الاقتصاد، التجارة،


السياسة..)، لكن ليس بالمفهوم الموجود في البلدان الغربية فهذه الجماعات الضاغطة لا تتوفر على إمكانية صناعة القرار، كما حدث مثلا، في العديد من بلدان العالم المتقدم، بل كل ما تفعله هذه الجماعات المغربية، أنها تُساهم بهذه الدرجة أو تلك، في صناعة بعض القرارات. فهي تشتغـل كجماعات ضاغطة هدفها الدفاع وتأمين مصالحها الجوهرية، وتشتغل بشكل علني ظاهري أو خفي. وقد عرفت مرحلة حكومة "التناوب" بروز العديد من اللوبيات التي لجأ أقطابها إلى الإعلام من أجل حماية مصالحهم( المطاحن..)، ذلك أن بعضا من هذه اللوبيات اشتغل بشكل علني، ربما، يعود السبب في ذلك إلى وجود حكومة سياسية يقودها وزير أول ذو توجه اشتراكي يتمتع بثقل سياسي ورمزية تاريخية.. من جهة، ومن جهة أخرى إلى تخوف هذه الجماعات الضاغطة من أي تحول سياسي قد يضر بمصالحها الحيوية من جهة أخرى. وقد تتبعنا كيف وجدت حكومة الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي متاعب من جراء تحركات هذه اللوبيـات التي كان يتحرك البعض منها بشكل تلقائي والبعض الآخر بتوجيه من القوى المحافظة داخل دوائر صنع القـرار السياسي وبدعم من وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعـة لها. (7)
ومن جانب أخر هناك جماعات اخرى لها وزنها الكبير في المجتمع السياسي المغربي و تؤثر فيه وهي فئة رجال وارباب الاعمال و المتمثلة في الاتحاد العام لمقاولات المغرب و الدور الكبير الذي تلعبه في الحياة السياسية داخل البلاد بتكوين علاقات مع اصحاب القرارات السياسية سواء في الحكومة او البرلمان . كذلك وجود النخب و العائلات التي تسود بينهـا علاقات المصاهرة وتربطها المصالح المشتركة وتعمل على مُراكمة، العديد من الرساميل، المادية والرمزية، وتسعى لضمان مصالحها ومواقعها داخل المجتمع، وذلك من خلال حرصها على التواجد، في العديد من تضاريس المجتمع، وبذلك فهي تجمعات عائلية أكثر من أي شيء آخر.لها تاثيرها الخاص بطبيعة الحال لكنه لايرقى الى صياغة القرارات الحاسمة في البلاد ، هذه العائلات كانت لها مواقعها الرمزية والمادية و ما زالت تحتفظ بنفس مواقع التأثير، في كثير من المؤسسات المغربية، وهذا يدل على أن البُعد العائلي، غائر في المجتمع المغربي، وهو ما يُحيلنا على المعطيات المُتحكمة، في صناعة النخبة المغربية، حيث يُمكن القول أن صناعة هذه النخبة، لا تخضع للصدفة، لبلوغ أكبر مواقع القرار في الدولة، حيث يلعب بُعْدُ القرابة، عبر الانتماء لنفس العائلة، أو عبر المصاهرة، وما شابه، الدور الأكبر، فالتحدر من صلب عائلة مُعينة، يؤهل أكثر من غيره، لتبوأ موقع معين، بما يعني أن عناصر القرابة العائلية، أكبر من الانتماءات السياسية والمذهبية ، فالعائلات البورجوازية، في دول أوروبا، صنعت التحولات السياسية والاجتماعية الكُبرى، في حين أن العائلات الكبيرة في المغرب، اشتغلت للحفاظ على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة وليست اهلة لصنع التحولات السياسية (8)
كذلك يمكن الحديث عن وجود للجماعات الضاغطة و في شكل اخر و هي تلك المتمثلة في الهيات المهنية واتحادات العمال ذات الطابع المصلحي او النزعة الايديولوجية المتمثلة في المخافظة على البيئة او الجماعات الدينية و المنظمات كالمنتدى المغربي من اجل الحقيقة و الانصاف ، هذا المنتدى الذي هو عبارة عن لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان وهو حركة حسب مؤسسيه يضم ضحايا يعتبرون عدم اعتذار الدولة إلى حد الآن يفسر إلى حد كبير غياب الشجاعة السياسية ويعبر في نفس الآن عن غياب سياسة عميقة من أجل طي صفحة الماضي الأليم". فالمنتدى يضم الآن 17 فرعا ،أحدهما يوجد في فرنسا. وهناك تفاوت في أداء هذه الفروع ،وهو يختلف عن المنظمات الحقوقية ولكنه يتكامل معها، (9) هذا بالاضافة الى دور اللوبي اليهودي الموجود عندنا في المغرب على مدى التاريخ و الاحداث التي شهدتها البلاد قبل و بعد الاستقلال ، حيث ان بعض المؤرخين و المحللين السياسيين كشفوا عن دور يهود المغرب في تفعيل و تغيير موقف السلطات الفرنسية حول ما وقع بالمغرب في بداية الخمسينات, لاسيما فيما يخص رهان فرنسا

الذي كان خاسرا مسبقا- على تنصيب "بن عرفة" سلطانا على المغرب حيث كان هدف الأولى هو عودة محمد الخامس إلى عرشه بعد ترتيب الأمور معه فيما يخص المستقبل. كما كشفوا أن قضية اليهود تمت إثارتها في المفاوضات المتعلقة بالاستقلال السياسي, حيث حصل الاتفاق على اعتماد ترتيبات وفق جدول زمني لتسهيل سفر أعداد كبيرة من يهود المغرب إلى إسرائيل في هدوء و دون دعاية وشوشرة ، هذا اللوبي لازال متواجدا لحد الان لكن لا يمارس أي تاثير ملحوظ على السياسة العامة للبلاد ، اللهم حماية بعض المصالح الذاتية بالاضافة الى اتصالاته بالخارج .(10)
المبحث الثاني : مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية الفرنسية
كانت هذه الجماعات في السابق تركز نشاطها على السياسة الداخلية الفرنسية دون النظر إلى السياسة الخارجية ، وما تمارسه الدولة في الأحداث الدولية ولكن أهمية الأحداث التي مرت بها فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية قد فرضت على جماعات الضغط أن تهتم بهذه القضايا بالإضافة إلى اهتمامات السياسية الخارجية ، فنقابات العمال وجدت مصلحتها في الالتحام مع الأحزاب السياسية لتحقيق أهدافها من خلال تلك الأحزاب بالمقابل فقد وجدت الأحزاب تلك النقابات ضالتها في مناصرتها وتأييدها في سياستها لاتساع حجمها وأهميتها على الساحة الفرنسية .وكان أول من تعامل معها الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي خاصة مواقف تلك الجماعات من الحلف الأطلسي والتعريفات الجمركية ، ثم جماعا أرباب العمل والمستثمرين الزراعيين التي تحاول الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات اقتصادية داخلية وخارجية تنسجم ومصالحها ، ولا ننسى جماعات الضغط الصهيوني في السياسة الفرنسية ، التي تتميز بقوة تنظيمها وفاعليتها وتماسكها وارتباطها بالتنظيم العالي للحركة الصهيونية ، التي تهدف إلى تحقيق أهدافها السياسية في دعم إسرائيل في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية ومن أهم ميزات هذه الجماعات سرعة تغلغلها في المنظمات والأحزاب خاصة التي تحمل طابع ثقافياً أو تربوياً أو غير ذلك .(11)
لقد شهدت فرنسا في الفترة الأخيرة تصاعدا ملحوظا في التأثير الذي تفرضه جماعات الضغط على صناعة القرار السياسي‏,‏ وذلك رغم مركزية الدولة ورئاسية النظام الذي يعتمد إلي حد كبير على شخصية رئيس الجمهورية‏,‏ وهو من موروثات الملكية‏.‏ ومن أهم الشبكات و اللوبيات المسيطرة على القرار الاقتصادي والسياسي في فرنسا وهي تلك المرتبطة بالهيئات العمومية المعروفة، التي يجهل أغلب الفرنسيين تأثيرها الكبير على السياسة الفرنسية، كما هو الشأن بالنسبة للمدرسة الوطنية للإدارة الواقعة في العاصمة باريس ، ليس هذا كل ما في الأمر؛ إذ ان هنالك أيضاً قطاع الصناعات المنجمية حيث أشرف قطاع المناجم على أغلبية مشاريع التحديث الكبرى في الجمهورية الخامسة، مثلما هي حالة القطار السريع (TGV)، مفخرة النقل الفرنسي كما يوصف، فضلاً عن مشاريع الاتصالات و الصناعات النووية ذات الطابع المدني؛ وصولاً إلى صناعة طائرات (الأيرباص) و (الكونكورد) أيضاً.
أما المستوى الثاني من اللوبيات فهي تلك التي لها طابع شبه سري ، كما هو شأن الحركة الماسونية أي البناؤون الأحرار و مقرها بفرنسا تاسست منذ سنة 1728 و التي بلغت أوج تأثيرها بفرنسا في إطار الجمهورية الخامسة، و الماسونية أصبحت ظاهرة تستفحل يوماً بعد يوم في الصحافة الفرنسية. وفي ذلك يقول المتخصص في الماسونية، فرانسوا غوك، إن «عدد الماسونيين في الصحافة الفرنسية تضاعف أربع مرات منذ 40 عاماً». ويضيف غوك«إذا أرادت الماسونية التأثير فمن الأولى تجنيد الصحافيين وليس عمال البناء». مشيراً إلى أهمية وسائل الإعلام في توجيه الرأي العام و مدى تاثيره في الحياة السياسية في فرنسا ويعتبر البعض إن الحركة الماسونية في حقيقتها عبارة عن منظمة سياسية و إقتصادية عملاقة هدفها الرئيسي هو الهيمنة على العالم عن طريق السيطرة على وسائل الإعلام و الإقتصاد العالمي والتغلغل في

صفوف الكنيسة الكاثوليكية وحسب الموسوعة الكاثوليكية الحديثة فإن طوائف مثل شهود يهوه و المورمون وتيارات مثل الشيوعية و الاشتراكية و الثورة الفرنسية ماهي إلا تيارات تفرعت من الماسونية وتعتبر الموسوعة التيار الذي يقبل بالشذوذ الجنسي بين كبار منتسبي الكنيسة "صنيعة ماسونية". ثم تأتي اللوبيات السرية وغير الشرعية كبعض شبكات الاستخبارات، التي من أهمها "شبكة الفاتيكان والزوايا الخفية داخل قطاع الإعلام بفرنسا، و اللوبي اليهودي . لقد ظل اللوبي اليهودي في فرنسا واحدا من أكثر التجمعات العرقية ثراء وتأثيرا‏,‏ وهو أيضا الأكثر تنظيما وانتشارا في كثير من المواقع الحساسة في مؤسسات الدولة الفرنسية‏,‏ خاصة بين الجهاز القضائي والقانوني‏,‏ وفي عالم المال‏. وقد لعب عقل اللوبي اليهودي دورا كبيرا في اقتحام الإعلام الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية وفق قواعد مهنية متطورة‏,‏ وهو الان الأكثر تأثيرا في وسائل الإعلام‏,‏ وفي وسط المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان‏,‏ وأيضا بالطبع‏ في كل مستويات الحزب الاشتراكي الفرنسي‏، و له تاثير كبير في صناعة القرار السياسي‏ الفرنسي. واذا ما لاحظنا انه لم يختلف أي مرشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية مهما كان انتماؤه الحزبي ، من ميشيل روكار الى جاك شيراك مرورا بمتران عن الذهاب الى اسرائيل ليحصل على المباركة و التغطية الاعلامية
و لقد وصلت القوة الاعلامية لللوبي ،و مركزه اليوم الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية و معاداة السامية (ليكرا ) الى الحد الذي تستطيع أن تتلاعب بالرأي العام على هواها و حسبما يتراءى لها .
ان الصهيونية تهيمن على غالبية متحدي القرار السياسيين في أجهزة الاعلام و التلفزيون و الاذاعة والصحافة المكتوبة سواء كانت الصحف اليومية أو الأسبوعية و السينما و خاصة مع غزو هوليوود لها – حتى دور الننشر ( و ذلك عن طريق لجان القراءة حيث يتسنى لها فرض الفيتو ) و كذلك قطاع الاعلانات الوصي المالي على وسائط الاعلام. و حول فوز الرئيس الحالي نيكولاس ساركوزي فهو جاء إلى الحكم بدعم من اللوبي اليهودي السياسي واللوبي المالي وغالبيته من اليهود واللوبي الأمريكي، منوهة إلى أن هذه اللوبيات مجتمعة التقت بالمصالح وهي مسيطرة على الإعلام الذي عمل لصالح ساركوزي، مستغلة سعي المواطن الفرنسي للحصول على لقمة عيشه .(12)
ثم تاتي من بين هذه اللوبيات ايضا جماعة أوبوس ديي‏(‏ العمل الالهي‏)‏ الدينية الكاثوليكية شديدة التأثير في اليمين الفرنسي وغيرها‏.‏ ثم لا ننسى الدور الكبير الذي يلعبه ارباب الاعمال و ان كانوا معظمهم يهودا و هذا ان دل على شيئ فانما يدل على تاثير اللوبي اليهودي و مكانته داخل فرنسا على الخصوص و العالم بصفة عامة وتاثيره يبقى تاثيرا كبيرا في صناعة القرارات الحاسمة .
ناهيك عن اللوبي الأرمني في فرنسا و الدور الكبير الذي يحتله هذا الكيان في الحياة السياسية الفرنسية بحيث استطاع ان يؤثر في وقت سابق على إقناع البرلمان الفرنسي ومجلس الشيوخ الفرنسي بـالاعتراف بعمليات الإبادة التي تعرَّض لها الأرمن عام 1915. وقد أحدث ذلك صدمة في نفوس أهل الحكم التركي الذين توقعوا ألاَّ تصدر مثل هذه الإدانة من جانب فرنسا في لحظة تسعى فيها تركيا اكتساب هويتها الأوروبية الشاملة والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وعند الحديث عن التناقضات والصراعات التي تحتدم، وبالذات في مواسم الانتخابات النيابية والرئاسية، لا بد من الإشارة إلى أن هذا الكم الملحوظ من الأرمن في فرنسا يثير لعاب أي مرشح للانتخابات الرئاسية وبالذات عندما تبلغ حمى المعركة درجة الخطر على نحو ما حدث في السباق بين شيراك وجوسبان قبل سنوات. و في يونيو / حزيران 1998 تحدثت احدى المجلات وهي مجلة كابيتال كرست (رقم 81) عدد خاص وجود اكثر من 100 جماعات الضغط التي تضع القوانين في فرنسا .و محتويات هذه المسألة هي جماعات الضغط الاقتصادية ، مثل تلك الشركات المهنية (سيارات الأجرة ، ومحامين ، وحاملات السيارات) ، ارباب الاعمال ، لوبي السيارات ، والتمويل ، والتجارة ، والزراعة ، الكحول والتبغ الصناعات المرتبطة بالدولة (البناء ، المعدات العسكرية والنووية) ، و أيضا اللوبيات الاجتماعية المهنية الصحية أو التعليمية ، وكذلك الثقافية. (13)


خلاصة عامة
من خلال ما تم تناوله خلال هذا البحث المتواضع يتبين لنا ان الجماعات الضاغطة ان دورها يكمن من حيث علاقتها بالنظام السياسي وتأثيرها في عملية صنع السياسة العامة في المغرب و فرنسا يبرز حالة التباين في التأثير من حيث قوة أو ضعف التأثير والتغيير أو الاستمرار على سياسة عامة معينة تحقق مصالح ومطالب تلك الجماعات ، أو من حيث ايجابية أو سلبية التأثير في عملية صنع السياسة العامة.. فبقدر ما تبرز تلك المؤسسات حالة التوازن والقدرة على حمل مطالبها وأهدافها إلى مؤسسات النظام السياسي الرسمية وترغمها في أحيان عدة على اتخاذ قرارات وسياسات عامة تتماشى مع مصالحها كما هو الحال في فرنسا ، بقدر ما تبرز حالة الضعف والسلبية وهشاشة البنيان الفكري والتنظيمي للجماعات في المغرب وهامشية دورها في العملية السياسية . فجماعات الضغط وغيرها في المغرب عاجزة عن القيام بوظائفها في توصيل وتمرير مطالب القوى التي تمثلها، كما أنها معزولة تماما عن العملية السياسية، فعلى الرغم من أنها تبدو من ناحية رسمية ممثلة لمصالح معينة لكنها من الناحية الواقعية ليست سوى أدوات للحكونة أو الحزب الحاكم، ولا تتمتع إلا بدور هامشي في رفع وتوصيل المطالب الشعبية لأنها مكرسة أصلا لكسب التأييد للنخب الحاكمة وممارسة عملية التعبئة لصالحها، مما يدلل على كونها عديمة الفاعلية وضعيفة التأثير كقنوات اتصال مع جهاز صنع واتخاذ القرارات السياسية ،كذلك فان الأمر لا يقف عند حد جماعات الضغط والأحزاب السياسية ودورها الضعيف في التأثير على سير عمل الحكومة وتحقيق مصالح وأهداف الجهات التي تمثلها قياسا بما هو حاصل بالنسبة لدور الجماعات والأحزاب السياسية كما هو الخال في فرنسا ، وإنما هناك أيضا طبيعة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانتماءات الاجتماعية المتعددة والتشكيلات الطبقية وآلية توزيع الدخل وحالة التوازن أو عدم التوازن بين الأغنياء والفقراء وتأثيرات مشاكل سوء توزيع الدخل والفقر وعدم التجانس والصراع الاجتماعي في العملية السياسية وتحقيق أجواء الديمقراطية وبناء وترسيخ الوحدة الوطنية.. وهنا يبرز ليس حالة ضعف الانتماء والولاء للهوية الوطنية فحسب، وإنما أيضا سلبية دور التشكيلات الاجتماعية والاقتصادية بسبب حالة الصراع والقطيعة مع النظام السياسي وعدم قدرة الأخير على بلورة مصالح فئات وقطاعات المجتمع المختلفة والعمل على تحقيق حالة التوازن بينها وعدم تجاوز أو إلغاء الهويات الفرعية وإنما العمل على احتواء تلك الهويات في إطار الهوية الوطنية الكبرى..لأن تحقيق مثل تلك الأمور التي ترتبط بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعاشية وتوفير أجواء الديمقراطية والمشاركة السياسية على نحو متوازن وفاعل وغير شكلي يؤدي إلى أن تكون السياسة العامة اقرب إلى النجاح في تحقيق أهدافها وهنا تتضح ايجابية دور المؤسسات غير الرسمية في عملية صنع السياسة العامة .




المراجــــع
1 - روبرت دال: التحليل السياسي الحديث، ترجمة د. علا أبو زيد، القاهرة، الأهرام،1993
2 - د. كمال المنوفي، اصول النظم السياسية المقارنة/الربيعان للنشر/ الكويت 1987
3- حافظ علوان حمادي الدليمي في كتابه : المدخل إلى علم السياسة
4 - قحطان أحمد سليمان الحمداني، الأساس في العلوم السياسية، دار مجدلاري للنشر والتوزيع، ط 1. 2004
5 و 6 – موجود في احدى مواقع الموسوعة الالكترونية
7 - مصطفى عنترة يتحدث في حوار لأسبوعية -المشعل- المغربية عن اللوبيات التي تعرقل أشغال الحكومة والملك محمد السادس
8 - عبد الرحيم العطري: العائلات المخزنية وتحالفها مع الملوك لضمان استمرارها (حوار)
9 - دراسة حول "المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف"كنموذج "للجماعات الضاغطة(المصلحية)".
10 - مجلة أنفاس المغربية(أعداد السبعينات), مؤلفات أندري شوراقي , مذكرات ح. هيكل , كتاب : المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل
11 - بحث حول النظام شبه الرئاسي منتدى العلوم السياسية والعلاقات الدولية
12 - جيمس اندرسون: صنع السياسات العامة،ترجمة د.عامر الكبيسي، عمان، دار المسيرة، ط،1999
13 - عبد المعطي محمد عساف، مقدمة إلى علم السياسة، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان الأردن .ط 2 ، 1981.



#عبد_الهادي_مهداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام التوقيف عن العمل بصفة مؤقتة دراسة مقارنة بين قانون الوظ ...
- تقنيات تنشيط الجماعات
- المنشط و التنشيط السوسيوثقافي اية علاقة
- خصوصية الثقافة المغربية : التنوع الاثني


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الهادي مهداوي - مكانة الجماعات الضاغطة في الحياة السياسية المغربية و الفرنسية