أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - قرية ظالمة














المزيد.....

قرية ظالمة


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3749 - 2012 / 6 / 5 - 20:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قرية ظالمــــة
أولا
1ـ حدث هذا فى زمن سحيق ، كانوا جماعة من الرعاة يهيمون فى الصحراء بحثا عن الماء والعشب ، ثم عثروا على بئر تفور بالماء.فاستقروا حولها ، وعرفوا الزراعة وتربية الماشية ، واحتاجوا الى حارس يقوم برعاية البئر وتقسيم المياه ، واختاروه من بينهم ، فقد كان أوفرهم صحة وشبابا وذكاء ، وكان لديه فراغ من الوقت يمكنه من التفرغ لمهمته ، حيث انهمك الآخرون على الأرض وزراعتها وتنميتها . وأقبل الحارس الشاب على مهمته فى حماس ، ولكنه مالبث أن شعر بأنه لايملك إلا الأجر الذى تعطيه له القبيلة بينما يملك أفراد القبيلة الأرض والماشية، ومع أنه يقوم على رعاية البئر والماء إلا أن أجره لايساوى قيمة الماء فى تخضير الأرض وحياة القبيلة . ومرت عليه الأيام وهو يفكر فى طريقة لإصلاح أحواله من وجهة نظره ، وجاءته الفرصة حين وفدت على القبيلة جماعات أخرى تبحث عن الماء ، وأذنت لها القبيلة بأن تعمل عندها فى خدمة الحقول ، وجاء بعضهم الى الحارس يعاونه فى رعاية البئر، واستطاع الحارس أن يجذب الى صفه أولئك الغرباء ، سواء من كان منهم الى جانبه حول البئر، أو كان يعمل لدى القبيلة فى الأرض والبيوت . وبواسطة أولئك الغرباء بدأ التنازع بين أفراد القبيلة الواحدة ، وكان التنازع حول نصيب كل فرد فى ماء البئر، ورآها الحارس فرصة ليوقع الشقاق بين أبناء قبيلته ، فكان يعطى هذا زيادة على حساب الآخرين ، ومالبث أن عرف الأخرون طريقة لارضائه بالرشوة ، وبمرور الأيام زادت ثروته وسطوته، وبدأ أهل القبيلة يخشونه، وبدأ هو يحتاط لنفسه فأحاط البئر بأعوانه الغرباء،أصبح المتحكم الوحيد فى البئر، وصحا أهل القبيلة على الوضع الجديد ، وعقدوا اجتماعا لبحث الأمر واتفقوا على طريقة لازاحة ذلك الحارس وتولية آخر مكانه يكون خادما للقبيلة وليس متحكما فيها، وفى الصباح وجدت القبيلة جثث الزعماء الذين عقدوا الاجتماع مطروحة فى الطرقات ، وعرفوا الجانى ، وعرفوا أيضا الخوف والرعب وانصرفوا الى أعمالهم فى استكانة وذلة ، وتحول الحارس السابق الى حاكم مستبد جبار يستند الى أعوانه الغرباء الذين صاروا قلة متحكمة تملك مع الحاكم كل شىء ، وتحولت القبيلة الى رعايا يسلب الحاكم وأعوانه عرقهم ، ويتحكم فى حياتهم كيفما يشاء وتكاثرت الأموال لدى الحاكم وعجز عن انفاقها ، وجاءت له فكرة، أن ينشىء قصرا لم تسمع به الركبان وكان سهلا عليه أن يستنزف حيوية القبيلة وأموالها فى تشييد ذلك القصر ، الذى أصبح آية فى المعمار ، ولكنه أصبح رمزا لاستبداد الحاكم وأنانيته وطغيانه ، وصار حافزا يدفع القبيلة للمقاومة، ولأنهم عجزوا عن المقاومة الصريحة فقد ركنوا الى المقاومة السلبية والتهاون فى الإنتاج ، مما دفع الحاكم إلى المزيد من العقوبات والضرائب فأصبحت الحياة داخل القرية شقاء مستمرا لا نجاة منه الا بالموت ، وآثرت القريةالانتحار الجماعى بتسميم مياه البئر لتموت ويموت معها الحاكم وأعوانه وأصبحت القرية خاوية على عروشها لا أثر فيها للحياة ، ولم يبق بها الا شيئان : البئر التى أصبحت معطلة ، والقصر الفخم المشيد ..
2ـ هذه القصة ليست من وحى الخيال ، ولكنها من وحى الواقع القرآنى الذى يتحدث عن الظلم الذى أهلك الأمم السابقة ، يقول تعالى " فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة ، فهى خاوية على عروشها ، وبئر معطلة وقصر مشيد" : 22/45 . أن القرية كانت ظالمة ، لأن المظلومين فيها رضوا بالظلم واستكانوا للظالمين ، وترتب على ذلك أن انفجرت القرية من الداخل . وبقيت معالم الظلم فيها باقية : " بئر معطلة وقصر مشيد". والبئر المعطلة والقصر المشيد أبرع وصف قرآنى للظلم الاجتماعى فى أى مجتمع ، البئر تمثل المرافق الضرورية والحياتية لكل القرية ، تراها معطلة مدمرة ، وذلك فى سبيل تشييد قصر لا يسكنه الا شخص واحد ، وبمعنى عصرى ، فالقصر المشيد يمثل كل الرفاهية والكماليات للقلة المترفة ، وفى سبيل ذلك القصر المشيد تتعطل الضروريات الأساسية للأغلبية المحرومة !!
3ـ وفى حياتنا الراهنة نرى أمثلة واضحة للبئر المعطلة والقصر المشيد.. حين تقارن بين أحوال الكثرة من الفقراء المعدمين والأقلية من الأغنياء المترفين، حين تقارن بين من يملك السيارة الشبح ولديه غيرها وبين من لايملك موئا لقدمه فى الأتوبيس!! حين تقارن بين من يملك الشقق الفاخرة والشاليهات والاستراحات وبين من لايجد غرفة على السطوح أو فى المقابر،!!
أخيرا
1ـ نشرت هذا المقال فى جريدة الأحرار منذ حوالى 22 عاما ، وهاجس ما يحدث الآن فى مصر والمنطقة العربية ـ من ثورات غير مكتملة ونذر االحروب الأهلية ـ يؤرقنى . وعشت لأرى هذه الهواجس تأخذ طريقها الى التحقق .
2ـ ماذا يحدث حين يقوم السارق بمحاكمة الشريف الأمين النزيه ؟ وماذا يعنى أن يقوم السفاح القاتل بمحاكمة الانسان المسالم البرىء الذى لم تمتد يده بالأذى لأحد ؟ وما هو مغزى أن يكون الزانى الفاحش الداعر الماجن هو الذى يحاكم الانسان العفيف النقى الشريف ؟ هذا ما يحدث فى المنطقة العربية حيث يحكم المستبد الظالم ويتسلط بظلمه على الشرفاء . هنا يتمنى الشرفاء البديل فيهب البديل شيطانا مريدا يرتدى اللحية والجلباب والحجاب والنقاب يزين للناس أنه الدواء والشفاء بينما هو أساس البلاء والشقاء . أى يعانى الشرفاء بين السىء والأسوأ..ولكن قد لاتطول معاناتهم فسيأتى الهلاك بالصراع بين السىء والأسوأ ليقضى على الأخضر واليابس ..هذا إن لم تقف الأغلبية الصامتة صارخة ضد الظالم الباغى السىء والأسوأ. ولكن هذه الأغلبية نادرا ما تتحرك ..وإذا تحركت فبعد فوات الأوان ..
3ـ لا حول ولا قوة إلا بالله .!!



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سابعا : ( حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ )3 إرادة ال ...
- 2 قواعد التغيير والتصنيع : تصنيع الفرد والمجتمع فى إطار التغ ...
- مصر من زلزال مضى عام 1992 الى زلزال متوقع عام 2012
- ( أهل الله ؟ !!) .. أستغفر الله ..!!
- القرآن والواقع الاجتماعى (22):(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ...
- القاموس القرآنى : لباس
- إبنان لعمر بن الخطاب :ضلّا الطريق ، وكانا على طرفى نقيض
- إنتخابات الرئاسة المصرية
- (حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ) 1 تشخيص المرض : سر ...
- طار فوق عشّ المجانين ..!!
- وهم الآن فى مصر يريدون تطبيق شريعة أبى لهب .!
- صباح الخير يا أطفالى الأعزّاء
- قراءة لسورة (هود) بحثا عن وسائل لتفادى الهلاك:( الجزء الثالث ...
- مظاهرات ..وزعماء ..!!
- أسئلة غير بريئة
- الشاعر ( العرجى ) صناعة أموية
- قراءة لسورة ( هود ) بحثا عن وسائل لتفادى الهلاك:( الجزء الثا ...
- القرآن والواقع الاجتماعى (21)( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَن ...
- القاموس القرآنى ( ثياب )
- القاموس القرآنى : وضع


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...
- عضو بمجلس الفتوى ببريطانيا يدعو مسلمي الغرب للتمسك بدينهم وب ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - قرية ظالمة