أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - وقائع موت غير معلن*














المزيد.....

وقائع موت غير معلن*


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 03:42
المحور: الادب والفن
    



لعلّه من سمات الأعمال الإبداعية الخالدة، أنها تظل محافظة على سرِّها وسحرها وألقها، مهما تقادم بها الزمان، دون أن تفقد تأثيرها، وجماليتها، إذ تظل تقدم نفسها، وكأن أحداثها لاتزال تجري أمام عيني متلقيها، مهما حالت بين لحظة إبداعها ولحظة قراءتها الحدود، والجغرافيا، وحاجز اللغة، وغيره، مادام أن من الصفات الرئيسة لمثل هذه الأعمال العظيمة ديمومتها، ومحاكاتها للألم والحلم الإنسانيين، لتكون هوية النص الإبداعي كفيلة بتخطي شرطي المكان والزمان، وما ينطويان عليه من دقائق وتفاصيل، تدفع إلى الخصوصية السلبية، وتضييق دائرة التأثير.

وتعد قصة غابرييل غارسيا ماركيز " وقائع موت معلن"، إحدى روائع الأدب العالمي، وقد نشرها الروائي في العام 1981، أي قبل حصوله على جائزة نوبل للآداب بعام واحد. ولعل رسم الكاتب للحظة قتل بطل القصة سانتياغونصار –وهو من أصل عربي- من قبل الأخوة فاسياريوما، يعدُّ استفزازاً وتحدياً، ليس للقارىء وحده، بل وللكاتب نفسه، حيث يشكل تناول تفاصيل عملية القتل من قبل المؤلف إدانة كبرى لقتل الآدمي على يد أخيه، لاسيما إذا استذكرنا وقع حركة السكاكين التي تذهب لإنهاء حياة الضحية، حيث الأنين، والحشرجة، والصراخ، والدماء التي تغسل المكان، على نحو تقشعر له الأبدان. وإن ما يبين موقف الكاتب نفسه، من هذا السلوك الوحشي، ليظهر في الحوار الذي أجري مع زوجته "مارسيدس" التي اعترفت أنها عندما سمعت ذات مرة، صرخة مدوية، أطلقها زوجها ماركيز، من مكتبه، أثناء كتابته لقصة "موت معلن"، اهتز لها المكان، فقد سرت في نفسها كهرباء الذعر، والرهبة، وأن كل مافعلته -آنذاك- تجسد في قيامها بإعداد كأس من" الليموناضة"، لتقدمه له،وهو في مكتبه، في الطابق الآخر من المبنى، لأنها علمت أن سانتياغونصار قد مات..!.

وبعيداً، عن أجواء رواية غابرييل غارسيا ماركيز، فإنه لابد من التأكيد أن إشكالية الموت، تم تناولها، في الأدب والإبداع، منذ بداية وعي الكائن البشري، وإن هناك من يعدّ الموت من أرومة الدوافع الأولى للإبداع، حيث دعت الحاجة إلى تخليد ذكرى الميت، إلى رسمه، أو إعداد تمثال له، أو تناول ذلك في ترنيمة، أو نشيد، أوقصيدة، لخلق مايلزم من توازن، عبرأحد هذه الأشكال، كإحدى وسائل الآدمي، في مواجهة ماتتركه آلة الموت، من أثر أليم، في نفس الكائن البشري.

وبدهي، أنه عندما يكون حصيد هذه الآلة شخصاً قريباً من المبدع، كأن يكون شاباً في منتهى الحلم والحكمة، موغلاً في لجة "حمد" الآخرين له، يعول عليه الكثير، في تحقيق الأحلام، أو عندما يكون علماً، عاشقاً للحياة، "معشوقاً" لها، في معادلة مدهشة، ذا مكانة كبيرة في مجتمعه، له تأثيره الكبيرفي من حوله، إلا أنه يروح ضحية موقفه ورأيه، فإن هذا الراحل حسب سنة الحياة، أو الراحل بسبب بشاعة آلة الجريمة، سيكون لغيابهما المباغت صدى في نفوس من هم ضمن دائرتيهما الضيقة، أوالواسعة، كل بحسب قدره و سطوته وتأثيره، ومنزلته، وهوما يجعل منهما -كأنموذجين محددين- على مايتركه كلا الراحلين، من حزن وفجيعة وراءهما، باعتبارهما آيتين عن انكسارالحلم، ومن شأن غيابهما، أن يتحول إلى نواة أعمال إبداعية، في مجالات الأدب والفن، وكل ذلك مرهون بالتقاط حدث الموت، عبرارتقاء الأدوات الإبداعية عند المبدع، إلى مستوى رصد لحظة الفجيعة، بأمان.

من هنا، فإن نصَّ الموت المفتوح، منذ لحظة مقتل هابيل على يدي شقيقه قابيل، لايزال يقترح أشكالاً إبداعية، بل وفكرية هائلة، لاحصر لها، تبعاً للخطِّ البياني، للزمان، لنكون -في التالي- أمام إبداع مفتوح، مواز، يقترح أجزاء تكاد تبدو، لا متناهية، في عين اللحظة، تنتمي إلى تفاصيل شبح الموت الرهيب، وملامحه الأكثر شراسة وقسوة..!
[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن التفاعلي:لوحة مفتوحة يشارك في رسمهاجمهورالمعرض
- مجزرة الحولة في عرض مسرحي لوزارة الكذب الخارجي
- حوارمع الشاعروالصحفي إبراهيم اليوسف
- كشكول أياري
- وصية الكاتب
- ركائز الحوار
- القصيدة المغناة وساحات التحرير
- نشيجُ الحولة نشيد التحول
- دعوة من القلب لوحدة رسل الكلمة الكردية..!
- عبدالرحمن آلوجي: لاترحل الآن ..!
- السِّيرة الذَّاتيَّة: مفتاح لابدَّ منه لولوج عالم المبدع
- أسس الحوارالثقافي
- المقدِّمة الخاطئة:
- تلفزيون2
- رابطة الكتاب والصحفيين الكرد ومنظمة صحفيون بلا صحف الفرنسية ...
- نصف الحقيقة2
- طهرانية الكلمة
- حوارية الكتابة والصورة
- قواسم الكردي العظمى:قراءة عاجلة في مدوَّنة باب -جامع قاسمو-
- أدباؤنا الراحلون: كيف نخلد ذكراهم؟؟


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - وقائع موت غير معلن*