أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سليم نعمان - لا تحرر للمغرب دون الانعتاق من التبعية للامبريالية















المزيد.....

لا تحرر للمغرب دون الانعتاق من التبعية للامبريالية


سليم نعمان

الحوار المتمدن-العدد: 3745 - 2012 / 6 / 1 - 23:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نمو اقتصادي ضعيف ومتقلب، وبطالة جماهيرية ودائمة، وفساد مزمن واسع النطاق، وتفاوت اجتماعي مهول، واستبداد سياسي مستحكم يعامل المواطنين كرعايا دليلين. ضحايا كثر على مر السنين منذ الاستقلال الشكلي لرأسمالية تابعة ومتخلفة. حقوق سياسية مصادرة وتشريعات قمعية وعنف دائم لدولة في خدمة الأغنياء. حقوق اجتماعية تاريخية منتزعة بتضحيات هائلة يتم تفكيكها شيئا فشيئا، وأملاك ومؤسسات عمومية وضعت تحت رحمة نهب الرأسمال الخاص. إنه تركيب لعوامل متفجرة عديدة. وهذا ما يدفع طبقات وشرائح اجتماعية متنوعة لساحة النضال والاحتجاج.

إدامة التبعية للامبريالية، ودوام التخلف

نشأت رأسمالية المغرب تابعة لرأسمالية المركز الامبريالي، وكان نصيبها من قسمة العمل الدولية إنتاج مواد أولية وأخرى شبه مصنعة، صناعات معتمدة أساسا على وفرة اليد العاملة بخسة الثمن، مقابل استيراد مواد عالية القيمة المضافة. تبادل غير متكافئ يديم تخلف البلد. فالاقتصاد المحلي مرتهن تماما بالسوق العالمية سواء تمويلا أو تجهيزا، أو استثمارا، وتصريفا للسلع المنتجة محليا.

هذه التبعية المتعددة الأوجه لازمتها تبعية سياسية ترعى مصالح الرأس المال الامبريالي وشريكه التابع المحلي، تبعية تتجسد أقصى أشكالها في ما يسمى تعاونا أمنيا، حيت تجعل الامبريالية من النظام السياسي القائم دركيا لحدودها سواء ضد الهجرة أو "الإرهاب"، كما تلجأ الامبريالية عبر حلف الأطلسي لخدمات النظام في المناطق "المتوترة" التي تسعى الامبريالية لاستعادة استقرار مصالحها بها.

دمج اقتصاد البلد في الاقتصاد الرأسمالي العالمي يبقيه هشا للغاية، وإيقاعه مضبوط وفق تطورات الأوضاع بالمراكز الامبريالية. فالسياحة مثلا شديدة التأثر بتنامي الخوف من هشاشة الأوضاع الأمنية بالمنطقة، حصل ذلك مع حرب الخليج ومع "إرهاب" 16 ماي بالدار البيضاء، ومؤخرا مع تفجير مقهى بقلب السياحة في مدينة مراكش.

ينطبق الأمر على كل القطاعات الموجهة للتصدير التي تضرر بشدة بتقلبات السوق العالمية وبخاصة السوق الأوربية، يفقد المصدرون حصص السوق لأنهم يصدرون منتجات ضعيفة المضمون الصناعي والتكنولوجي، والمشكل بنيوي لأن التجارة المغربية تبقى مرتكزة على قلة من المنتجات وقلة من الأسواق، فضلا عن منافسة شرسة لمصدرين آخرين لنفس السوق مثل الصين والهند وتركيا... ونفس الشيء بالنسبة للتمويل عبر القروض أو الاستثمار الأجنبي المباشر أو عائدات عمال المهجر أو تقلب أسعار صرف العملة...الخ

سمة الوضع العالمي الراهن هي الغموض، وحتى التحاليل المتفائلة تقر بأن الأزمة مستفحلة بقلب الرأسمالية العالمية، وأنها ستدوم أطول من المتوقع. تباطؤ اقتصادي وبطالة جماهيرية وفقر أشبه بزمن الأزمة الاقتصادية العالمية الكبرى لسنوات 1930. لا أحد يدري متى وكيف سيهدأ بحر الأزمة الهائج؟ وكيف و متى سينجو المركب الأوربي ؟ أزمة شديدة باليونان وإسبانيا وأيسلندا، والبرتغال، وتطال فرنسا وإيطاليا... مشهد عالمي مضطرب، يشهد انبثاق قوى صاعدة مثل الصين بمعدلات نمو سنوية لا تقل علي10 بالمائة والهند بمعدلات تفوق 7 بالمائة إضافة إلي البرازيل وجنوب إفريقيا...

إن تطورات الأزمة العالمية ونتيجة المنافسة بين القوي الرأسمالية العالمية سيكون لها وقع ملموس علي أوضاع البلدان الرأسمالية التابعة، والمغرب جزء هش من تلك السلسلة.

الفوسفات والفلاحة والسياحة وعائدات الهجرة مرتكزات سهلة العطب

تضاعفت أسعار الفوسفات قبل أن تعود لمستويات أقل، وتواصل عائداته التقليل من عجز الميزان التجاري، الذي سجل مع دلك عجزا قياسيا سنة 2011.

وعلى رغم استفادة المغرب من الأسعار الدولية في مجال الفوسفات والمعادن، التي تمثل ثالث أهم مصدر للدخل بعد السياحة والتحويلات، إلا أن السوق الأوروبية تبقى المستورد الأكبر للسلع المغربية، وعلى رأسها قطاع النسيج والملابس الذي يعمل فيه نحو نصف مليون شخص. لذا تقدم أزمة اليونان نموذجا لما يمكن أن يلحق الاقتصاد المحلي جراء استفحال الأزمة الاقتصادية الأوروبية التي لا يبدو أنها قالت كلمتها بعد.

أما الفلاحة فمساهمتها وثيقة الارتباط بالظروف المناخية، وليس تأثير المواسم الفلاحية في المغرب شبيها لتأثيرها بالاتحاد الأوروبي. فكلما كانت السنة الفلاحية جيدة إلا وسجل الاقتصاد المغربي معدلات نمو تفوق 6 أو 7%، لتصل أحـيـانـا إلـى 10 أو 11%. وفي المقابل كلما كانت السنة جافة إلا وتراجعت هذه المعدلات إلى نسب ضعيفة قد تتدنَّى أحيانا تحت الصفر.

ولا يزال القطاع الزراعي في المغرب، الذي يمثّل 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و40 في المائة من فرص العمل، متقلّباً للغاية ومرتبطاً ارتباطاً شديداً بالظروف المناخية. فنسبة 15 في المائة فقط من الأراضي في المملكة مرويّة، فيما تعتمد النسبة الباقية على مياه الأمطار. ويُخَصَّص نحو ثلاثة أرباع الأراضي الصالحة للزراعة لزراعة الحبوب، كما أن غالبية المزارعين يملكون مساحات محدودة لا تكفي للاستثمار في التقنيات الحديثة. فسبعة من أصل 10 مزارعين لا يملكون أكثر من 2.1 هكتار من الأراضي في المتوسط، ويتعرّضون إلى موجات جفاف متكرّرة، في ظلّ عدم استفادتهم من أي آليات دعم حكومي مناسبة للحماية.

المغرب بلد شبه قاحل يبقى معرضا للتقلبات المناخية التي تأثر بسرعة على الناتج الداخلي الخام، مثل الإنتاج الزراعي الذي يتأثر بها مباشرة هناك قطاعات أخرى كالجلد والصناعة الغذائية... منذ سنوات عدة لم يصل المغرب لتبني إصلاح زراعي حقيقي ولتطوير سقي اصطناعي فعلي والقطع نهائيا مع هذا الخضوع للتقلبات المناخية التي أصبحت شبه اعتيادية. سياسة إرادية رهنت السيادة الغذائية للبلد بالخارج، وتدعم فلاحة رأسمالية كثيفة موجهة للتصدير، وتترك غالبية الفلاحين الفقراء لرحمة الطبيعة.

ونظراً إلى استمرار ارتفاع الأسعار العالمية لهذه المادة الحيوية، ستجد الدولة ذاتها مرغمةً على زيادة الموازنة المُخَصَّصة للدعم، من أجل تفادي إرهاق القدرة الشرائية المتدهورة أصلا، ما سيفاقم عجز الموازنة الذي تجاوز عتبة سبعة في المائة خلال السنة الماضية. وتزيد المستويات المرتفعة لأسعار النفط في الأسواق العالمية من احتمال حدوث هذا الأمر، خصوصاً أن إعداد قانون المالية اعتمد على متوسط 95 دولاراً للبرميل، في حين يتجاوز السعر حالياً 105 دولارات.

كل ذلك والحكومة ليست جادة في تحسين مستوى تنمية البلد الاجتماعية والاقتصادية المتدنية جدا(المرتبة 130 حسب مؤشر الأمم المتحدة التنموي، فهي ماضية في وضع سياسة زراعية مضادة للإصلاح الزراعي الجدري الضروري لوضع أسس صلبة لازدهر البلد. سياسة وضعت أراضي المعمرين سنوات السبعينات بين أيدي حواريي النظام يتم مواصلتها حاليا بوضع أيديهم على ما تبقى منها بيد الدولة

استفحال التبعية بكل أشكالها السياسية والتجارية والمالية والاقتصادية والتقنية والعسكرية هو الذي يرهن اقتصاد البلد، ويجعله عرضة للصدمات الاقتصادية التي تهز الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وبخاصة تلك التي تضرب الاتحاد الأوروبي. يوجد المغرب في قلب العاصفة لأنه قام بتحرير مبادلاته وبفتح حدوده ويخضع كليا للإملاءات الامبريالية.

المغرب وخدمة المصالح الامبريالية بالمنطقة

لتطورات المنطقة العربية والمغاربية والشرق الأوسط عموما تأثير على الوضع السياسي بالمغرب. فأي تطور محتمل في التصعيد مع إيران ستكون له نفس مفاعيل تجارب الحرب علي العراق والهجمات الصهيونية علي لبنان وغزة. تجارب أكدت تفاعل الشعب المغربي، ليس للتضامن فقط بل علي مطالب محلية، رغم تلك اللجان الوطنية للتضامن مع تلك الشعوب(الرسمية) التي اعتادت تحويل الأمر إلي مجرد استعراض جماهيري لتنفيس الغضب دون أي مطالب عمالية وشعبية واضحة، لا بل يجري تجاهلها قصدا.

يراهن النظام المغربي علي إطلاق دينامية الاتحاد المغربي كصمام أمان أمام مخاطر الأزمة التي تعصف بمنافذه الأوربية التقليدية. معززا، من جهة برغبة الامبريالية الأوروبية في تشكل سوق كبيرة على ضفتها الجنوبية، ومن جهة أخرى بتجربة برجوازية محلية قوية قاريا ومتلهفة لاقتناص فرص سانحة بالمنطقة المغاربية. اقتحام السوق الجزائري المتخم بعائدات المحروقات، والذي يوفر فرص مشاريع ضخمة في البنية التحية، ويعد سوقا استهلاكية مهمة. إلى جانب مشاريع إعادة بناء ما دمرته سياسة إجرام القدافي بميزانية تقارب 150 مليار دولار. كلها مبررات تفسر الإلحاح المستمر لإطلاق السوق المغاربية، وفتح الحدود بين المغرب والجزائر الذي يمثل حجر زاوية المشروع.

كلا النظامين، الجزائري والمغربي، مطوقان بصعود الأخطار السياسية والأمنية والاقتصادية بالمنطقة، ومجبران، رغم بعض الاختلاف، على الخضوع لمشاريع الامبريالية بعموم المنطقة، وبشمال إفريقيا خاصة. علما أن هناك تنافس امبريالي حاد بين الامبرياليات التقليدية فرنسا وأمريكا وغيرهما على تشكيل المنطقة وفق مصالحها الإستراتيجية، لكنها صارت تلقى منافسة شديدة من قبل قوى صاعدة أخرى على رأسها الصين بشكل خاص. هذا كله يجعل التقارب بين النظامين مرتقبا في مواجهة تلك التحديات. ومن شأن ذلك تخفيف الأزمة الاقتصادية وتلطيف السخط الشعبي كأهم رهانيين يشكلان تهديدا للأنظمة.

تبقى قضية الصحراء الغربية، التي لا يبدو أنها ستحل قريبا، عائقا أمام الاتحاد المغاربي، وتساهم في توتر العلاقات بين النظاميين. غير أن الامبريالية الأمريكية والفرنسية والاسبانية حسمت أمرها بضرورة حسم الصراع في الصحراء الغربية علي أرضية مفاوضات سياسية لن تتيح بناء دولة مستقلة. وطبعا تمارس الامبريالية ضغطا خفيفا علي المغرب لتقديم تنازلات إضافية، لكن دون المساس بسيادته على الإقليم.

ذلك ما يجعل من المرجح خضوع جبهة البوليساريو لمسار الوقائع، وستسعى للتوصل إلي تسوية مع النظام المغربي، سيكون دلك، إن تحقق، انتصارا كبيرا للنظام سيستثمره لتعزيز قوته.

يضاف لكل ذلك، تمتين العلاقات مع تحالف الملكيات الخليجية، فهذه الأخيرة شكلت دوما منقذا للنظام المغربي. لقد تحملت السعودية قسطا وافرا في تسليح النظام ودعمه في حرب الصحراء، و تزوده بالنفط مقابل سعر يقل عن سعر السوق العالمي، ومحت جزء من الديون المستحقة عليه... طبعا كل ذلك مقابل أدوار تعاون وخدمات يقدمها النظام. لذا ستقدم الدول الخليجية خدمة عظيمة للنظام إن ضخت أموالها الوفيرة في خزينته وان استوعبت جزء من عمالته العاطلة...

كل ما جئنا على ذكره، عوامل خلخلة للوضع السياسي المحلي تجعله مفتوحا على احتمالات عدة، وهذا يلقي على عاتق اليسار عموما، والثوري بخاصة، أدوارا هامة، في رفع درجة الكفاح والوعي والتنظيم، وجب الاضطلاع بها لتأمين شروط قطيعة عميقة مع نظام الاستغلال والاستبداد.

تنفيس السخط الشعبي بالمناورة

كلف صندوق المقاصة 150 مليار خلال خمس سنوات 75 في المائة منها ذهبت للأغنياء، و20 في المائة من المعوزين استفادوا من 1 في المائة فقط من هذا المبلغ(بلغ حجم دعم صندوق المقاصة 5.7 مليار درهم سنة 2002 مقابل 1.8 مليار درهم سنة 1993 ). تستعمل موارد الصندوق لدعم مواد موجهة للتصدير ومقاولات تنتج للسوق المحلية ضاعفت أرباحها لدرجة أنها أصبحت مكتفية باحتكار هذا الريع. وارتفع الدعم، في السنة الماضية، بشكل قياسي لشراء السلم الاجتماعي في سياق متسم بالسيرورات الثورية والحالة النضالية الاستثنائية التي يشهدها المغرب، ما يظهر نفاق الدولة حول ندرة الموارد المالية لدعم القدرة الشرائية لأغلبية ساحقة مقهورة ومفقرة. طبعا لم يصل للطبقات المحرومة من 50 مليارا المخصصة للصندوق سنة 2011 سوى الفتات، ما يطرح ضرورة إخضاع الأغنياء لضريبة تصاعدية تسترد قسما هاما من الأموال لضخها في ميزانيات اجتماعية فعلية.

تجيد الدولة الإلهاء، وهي تربط كل شيء بالنمو الاقتصادي، والكل يقر حاليا أن النمو ليس كافيا، بل كيف يتم تحقيقه ولخدمة من؟ قد يرتفع النمو لكنه لا يخلق تنمية فعلية تقضي على البطالة والفقر والتفاوت الاجتماعي وعلى تدمير البيئة...الخ، وذلك ما حصل فعلا خلال السنوات العشر الأخيرة التي شهدت نموا، لم يصل مستوى السبعينات، لكنه لم يترافق مع تراجع فعلي للبطالة الجماهيرية والفقر الواسع الانتشار. فمثلا يجري هذه الأيام، في إطار التطبيل للمساعدة الطبية، الإقرار بوجود 8,5 مليون فقير بالمغرب، أي ما يمثل ثلث المغاربة تقريبا.

ويبين مؤشر جيني، حسب دراسة قام بها مهندسون من المعهد الوطني للإحصاء سنة 2008 لصالح البنك العالمي حول نظام الدعم بالمغرب، أن 10% المحظوظة جدا من السكان تتلقى 25% من الدعم في حين تتلقى 10% الأكثر حرمانا زهاء 2% فقط.

ومؤشر جيني هو عدد متغير بين 0 و 1 حيت 0 يعني مساواة كاملة و1 يعني لا مساواة تامة. البلدان التي تنعم بالمساواة تاريخيا لديها مؤشر يبلغ 0,2 وتلك غير العادلة لديها مؤشر يصل 0.6.

دعم موزع بشكل سيء جدا على السكان ويثقل كثيرا ميزانية الدولة مرشح بارز للزوال، حسب الدولة والمؤسسات المالية الدولية. غير أن هدا الدعم يقوم بوظيفة أساسية جدا في دعم الأغلبية الساحقة المقهورة، ولولاه كانت نسبة مهمة من السكان ستلقى إلى البؤس. كل مساس بصندوق المقاصة من شأنه إلحاق بالغ الضرر بالبنية الاجتماعية للبلد، المهددة بمزيد هشاشة إذا تم تفكيكه. لهذا ينبغي تخليص صندوق دعم الأسعار من اختلاله، لأنه يساهم في ثبات أسعار الحبوب والسكر وغاز البوتان، كما يجب إعادة تغطيته لأسعار مواد واسعة الاستهلاك تمت إزالتها تدريجيا مند بداية سنوات 80. كل ذلك مع تحميل تمويله للدولة والأغنياء عبر ضارب تصاعدية على الثروة وغيرها. ومن شأن ذلك إتاحة هامش أمام الدولة لاستبعاد اللجوء للاستدانة وبيع ممتلكات الشعب المغربي في المزاد العلني.

وهذا ممكن لأن النظام الضريبي غير عادل بتاتا فهو مرتكز على تضريب نفقات الاستهلاك، والأساسية أساسا، بدل تضريب تلك المرتبطة بمستوى عيش باذخ(مثلا آلات ومعدات النقل، ولوازم القنص، ومواد الزينة، والأجهزة الإلكترونية، التي انخفض تضريبها كثيرا بين 1984 و2008)

في سنة 2007 تبين أن الهوة بين متوسط النفقات السنوية ل 10% الأكثر فقرا بالقرى، ومثيلتها الأكثر غنى بالمدن بلغت حوالي 19 مرة. مع هذه الأرقام والسياسات الليبرالية الجديدة المعتمدة ليس منتظرا انخفاض هذا التفاوت الصارخ في النفقات. ففي سنة 1960 كانت نفقات استهلاك الأسر حسب العشر الأكثر غنى ومثيله الأكثر فقرا 25% و3,30 % على التوالي وسنة 1971 كانت 37 % و1,20 %، لتصبح 33,10 % و2,60 % في 2006ـ2007. يصل التفاوت الاجتماعي بالمغرب مند الاستقلال الشكلي بين 10% الأكثر فقرا و10% الأكثر غنى حسب إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط حوالي 13 مرة.

هذا الواقع المتسم بالتدهور البالغ لأوضاع الأغلبية الساحقة هو ما تسعى الدولة لتنفيسه عبر المناورة، بضخ أموال طائلة في صندوق الدعم، وزيادة استثنائية في حجمها في الأجور، وتشغيل قسم من المعطلين، وتخصيص أموال للتنمية البشرية، والتطبيل لتعديات على الحماية الاجتماعية تحت مسمى المساعدة الطبية للمعوزين...

أزمة لا تنفك تستفحل

يشهد المغرب في العمق أزمة اقتصادية واجتماعية قوية. يلج كل سنة أزيد من 300 ألف مغربي إلى سوق الشغل بعد تخرجهم من الجامعات والمعاهد العليا...، لكنهم لا يجدون فرص العمل التي يطمحون إليها. فالاقتصاد المحلي لا يخلق في أحسن الأحوال سوى زهاء 100 ألف منصب شغل فقط، ما يعني أن 3/2 المغاربة في سن الشغل الذين لا يعثرون على فرص الشغل؛ يُضافون إلى جحافل العاطلين الذين يزدادون عاما بعد عام.

بعد أكثر من نصف قرن من استقلال المغرب الناقص، ما تزال وتيرة النمو الاقتصادي هشة ومتقلبة، مرتهنة بشدة بتقلبات السوق العالمية والأوروبية خصوصا، وبضعف تصنيع البلد، وتجاهل تنمية مناطق بأكملها. وبشكل خاص غياب إصلاح زراعي جدري ودعم فعلي لقدرات أغلبية الفلاحين الفقراء الإنتاجية. بدل دلك تقوم الدولة بتمويل المشاريع الكبرى والاستثمارات العمومية الضخمة من المال العام والاستدانة، وهي مشاريع لا يستفيد منها السواد الأعظم من المغاربة، بل أقلية فقط مستحوذة على الثروة والسلطة.

لا تزال أمهات قضايا التحرر عالقة، مع ذلك فتحت الحالة النضالية النوعية المنطلقة مع السيرورات الثورية بعموم المنطقة، ومع نضال حركة 20 فبراير من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فجوة في قلب الاستبداد، وصار "الاستثناء المغربي" طي الماضي. فقط غياب القيادة السياسية الضرورية وانعدام مشروع إجمالي بديل، ونقص التنظيم الذاتي للجماهير، وانحطاط أدوات نضالها التقليدية من نقابات وجمعيات متنوعة...الخ، هو ما ينبغي القطع معه للنهوض بالنضال التحرري من التبعية والاستبداد، وللتقدم نحو بديل اشتراكي تحرري وديمقراطي.

الاقتحام الشعبي للنضال السياسي و بأساليب عالية الجذرية هو الرافعة لبديل من هدا القبيل، و ما زال الشعب المغربي يترقب النتائج التي قاتل من أجلها. المستقبل للنضال العمالي والشعبي.

سليم نعمان

أبريل 2012



#سليم_نعمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطار محدقة بحركة 20 فبراير


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سليم نعمان - لا تحرر للمغرب دون الانعتاق من التبعية للامبريالية