أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - السيد نصر الدين السيد - الخيار المر ومسئولية الإختيار














المزيد.....

الخيار المر ومسئولية الإختيار


السيد نصر الدين السيد

الحوار المتمدن-العدد: 3745 - 2012 / 6 / 1 - 19:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يمنعنى تكوينى الأكاديمى، فى أغلب الأحيان، من التعرض الآنى لما يحدث من أمور ويدفعنى دفعا لإستخدام "برودة العقل" لمواجهة "سخونة الأحداث". إلا أن ما تواجهه أمتى، الأمة المصرية، اليوم من "وطأة الإختيار" لايترك لى مجالا للتريث أو الإنتظار. فلقد شهدت هذه الأمة منذ 25 يناير 2011 أحداثا متلاحقة تمثل فى مجملها، وعلى الرغم من تنوعها الشديد وتعدد أبطالها، تجليات للصراع الرئيسى الذى يدور فى المجتمع المصرى منذ عشرات السنين. وهو الصراع الذى كانت بدايته منذ حوالى 200 سنة عندما بدأ محمد على تحديث بعضا مكونات الدولة المصرية. إنه الصراع بين تيارين رئيسيين فى المجتمع المصرى. تيار القوى الداعمة لـ "الدولة الحديثة" (التى يطلقون عليها إسم الدولة المدنية) وتيار القوى الداعمة لـ "الدولة الدينية" (التى يطلقون عليها تقية إسم الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية).

والدولة الحديثة هى الدولة التى تقوم على ثلاثة أسس تتكامل سويا هى: "العلمانية" و"المواطنة" و"الديموقراطية". فالعلمانية تؤكد تعنى "الفصل" التام بين كل ماهو "دنيوى"، يتعلق بـ "سياسة" شئون المجتمع البشرى، وكل ماهو "دينى (أو "أخروى")"، يتعلق بعلاقة الإنسان بربه وبما يرجوه فى عالم الآخرة. أما المواطنة فتعنى وعى الفرد بإنتمائه إلى كيان محدد الملامح هو "الوطن"، يتجاوز محدودية الإنتماء إلى الأسرة أو القبيلة أو الطائفة أو الملة. وهو الوعى الذى يعززه كلا من إحساسه بـ "المساواة" أمام القانون وبقدرته على "المشاركة" فى صناعة القرارات التى تؤثر فى أحواله كفرد وأحوال وطنه ككل. وأخيرا الديموقراطية التى تقوم على مبدأ "الشعب مصدر السلطات". وهو المبدأ الذى يعززه مبدأ المواطنة الكاملة الفاعلة لكل فرد من أفراد المجتمع، ومبدأ العقد الإجتماعى الذى يتم تجسيده فى دستور تلزم بنوده كافة القوى الفاعلة فى المجتمع. ويخبرنا تأمل أوضاع المجتمعات المعاصرة بنجاح الدول التى تتبنى هذه الأسس الثلاثة فى الإرتقاء المستدام لأحوال مواطنيها، وفى تحقيق مستوى مرتفع من الرفاه الإجتماعى لهم.

وفى المقابل تقوم الدولة الدينية على ثلاثة أسس هى "الإسلام دين ودولة" و"الأممية الإسلامية" و"الحاكمية لله". وعن الأساس الأول، "الإسلام دين ودولة"، يقول لنا الشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، فى كتابه مذكرات الدعوة والداعية أن: "الإسلام:عبادة وقيادة، ودين ودولة، وروحانية وعمل، وصلاة وجهاد، وطاعة وحكم، ومصحف وسيف، لا ينفك واحد من هذين عن الآخر وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن". أما الأساس الثانى، "الأممية الإسلامية"، فيوضحه لنا الشيخ قائلا: "أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية، فكل بقعة فيها مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وطني عندنا له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره، وكل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا وإخواننا نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم" (مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، رسالة دعوتنا، ص21-22). وآخر أسس الدولة الدينية، "الحاكمية لله"، فيعنى أن "مملكة الله فى الأرض لا تقوم بأن يتولى الحاكمية فى الأرض رجال بأعيانهم -هم رجال الدين- كما كان الأمر في سلطان الكنيسة، ولا رجال ينطقون باسم الآلهة كما كان الحال فيما يعرف باسم الثيوقراطية، أو الحكم الإلهي المقدس، ولكنها تقوم بأن تكون شريعة الله هي الحاكمة وأن يكون مرد الأمر إلى الله وفق ما قرره من شريعة مبينة … وسيادة الشريعة الإلهية وحدها وإلغاء القوانين البشرية" (سيد قطب: معالم فى الطريق، دار الشرق،1983 ص 68). هذه كانت لمحة عن الأسس الفكرية لما يطلقون عليه إسم الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية والتى تقع على طرف نقيض من تلك الأسس التى تقوم عليها الدولة الحديثة.

و"الدولة الحديثة" هى الدولة التى سعى شباب ثورة 25 يناير لتعزيز تواجدها ولتخليصها مما شابها من أوجه قصور وجسدتها شعاراتهم: "حرية"، "كرامة إنسانية"، "عدالة إجتماعية". "الحرية" بما تتضمنه من حقوق سياسية ومدنية وإجتماعية. وتشمل الحقوق السياسية الحق فى التصويت، الحق فى تكوين الأحزاب والتنافس من أجل الحكم. أما الحقوق المدنية فتشمل على سبيل المثال الحرية الشخصية، ضمان الأمن، حماية الخصوصية، الحرية الدينية، الحرية الفكرية، الحق فى التعبير عن الرأى، حرية التجول والإستقرار، حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأخيرا نصل إلى مجموعة الحقوق الإجتماعية التى تضم بالإضافة الحق فى الملكية الخاصة الحقوق المتعلقة بالتوظف وبالأجر العادل. و"الكرامة الإنسانية" بما تعنيه من تمتع كافة المواطنين بكافة الحقوق والواجبات ومساواتهم أمام القانون بدون الأخذ بعين الإعتبار الوضع الاجتماعى أو المركز الإقتصادى أو العقيدة السياسية أو العرق أو الدين أو الجنس أو غيرها من الإعتبارات. وأخيرا "العدالة الإجتماعية" بما تعنيه من توزيع عادل لموارد الوطن الإقتصادية والإجتماعية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، لصالح كافة أفراد المجتمع.

واليوم بلغ الصراع، الذى طال مداه، بين هذين التيارين ذروة غير مسبوقة وتجسد فى وضوح لاتخطئه عين وحانت ساعة الإختيار. وهو إختيار، بين بديلين، لايتعلق فى المقام الأول بأسماء أشخاص يسعون لمنصب الرئيس ولكنه يتعلق بمستقبل أمة. البديل الأول هو إستكمال بناء "الدولة الحديثة" التى بدءها محمد على سنة 1805 وعملت النخب المصرية على تطوير مؤسساتها منذ ذلك التاريخ. دولة تواكب متغيرات العصر وتحمل فى صلب تكوينها آليات مراجعة نفسها وتصحيح مسارها. أما البديل الثانى فهو هدم ما بناه أجيال من المصريين من مؤسسات الدولة الحديثة وإزالة أسسها من ثقافة الأمة المصرية. وعلى الأنقاض تُقام "الدولة الدينية" فى محاولة لإعادة إنتاج ماضى مكانه الوحيد هو كتب التاريخ لاالواقع المعاش.



#السيد_نصر_الدين_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت المرايا ودنيا المغالطات
- زمار هاملين وروعة التدليس
- العلمانية والسيبرنيطيقا
- العَلمانية كثقافة
- الحداثة المراوغة: تأملات فى مجريات الأمور
- كهنوت الإسلام
- ثقافة النص ومآساة دوماستان
- لماذا أنا عَلمانى؟


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - السيد نصر الدين السيد - الخيار المر ومسئولية الإختيار