أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف العوضي - فصل من رواية دحل الحمام 4














المزيد.....

فصل من رواية دحل الحمام 4


أشرف العوضي

الحوار المتمدن-العدد: 3740 - 2012 / 5 / 27 - 22:07
المحور: الادب والفن
    


فصل من رواية دحل الحمام
للروائي اشرف العوضى
كانت ليلة ممطرة حين عاد أبى ومعه ضيف لم نره من قبل، وحين تذمرت أمي في كيفية أن يأتي أبى بغريب لا يعرفه إلى الدار اخبرها انه رآه خارج المسجد بعد أن حجزه المطر من العودة إلى قريته البعيدة، تناول الرجل الأربعيني ذو العيون المضطربة عشائه بنهم واضح، في غرفة الجلوس نام، وقبل الفجر بقليل رحل وعندما اكتشفت أمي سرقة الراديو الخشبي الكبير لم يستطع أبي أن ينظر في عينيها.



32

خلف كومتان من اللب الأسمر والفول السوداني جلس، كان يتمايل طربا مع منشد المولد وبآلية واضحة يلقى بالبرايز والشلنات في علبة حلاوة قديمة بعد أن يقذف القراطيس الساخنة في يد الزبائن، طوح يديه في الهواء نشوة وهتف باسم المنشد إعجابا، فجأة تذكرها حين امتلأ انفه برائحة تشبه صابون حمومها الذي كان يعشقه حين كانت قبل سنوات طويلة ترمى بمياهه أمام باب دارهم فتثير مكنون مكنونه، أفاق من شروده على صوت يشبه صوتها، تمعن في الجسد الأنثى، كانت هي ومن حولها صغارها يمرحون.


33

ألحت أمي كثيرا على أبي في أن يعطيها العهد لكي تستطيع ذبح طيورنا بحجة أن الظفر تقل بركته إذا رأه غريب، وكانت تزيد بأن عين جارتنا الخالة برزام التي تذبح طيورنا صفراء، ولأيام طويلة كان أبي يخبرها أن قلبها ضعيف ولن تتحمل حكاية الذبح تلك، حتى ذلك اليوم الذي رضخ فيه، سنت أمي السكين ذو المقبض الخشبي على حافة البلاطة الكبيرة الرابضة أمام دارنا منذ عهود بعيدة، وحين تدفق دم البطة الشهرمان على يديها حارا وساخنا خرت أمي مغشيا عليها.



34

عرف كيف يشاغلها، كان وسيما مشتهى وأشعة الشمس تضئ طبقة الفزلين الذي دهن بها شعره الأجعد الخشن، وكانت طرية ومثيرة وقطرات الماء تتساقط من جرتها حيث تنتهي إلى ذلك الأخدود العظيم بين نهديها، كانت تتهادى أمامه بغنج ودلال فيهتز ردفها الفخيم فينخلع قلبه وقلب كل من ثبت نظره عليه.
وحين أقنعها ذات مرة بأن تخلع سروالها في خرابة الحاج مأمون المظلمة بعد أن اخبرها بأنه يحبها وسيتزوجها هي فقط دون بنات القرية الواقعات في هواه كان ثلاثة من أصدقائه المقربين ينظرون إليها بشهوة بالغة وهم يخلعون أيضا سرواليهم.


35

صاح ربيع الخولي بصوته الجهوري الأقرب إلى صوت الحمير حريقه يا بلد، هرع الناس من الدور النائمة يحملون الجرادل والقدور الممتلئة بالماء، وراء مصدر الصوت جروا متسائلين دار مين يا ولآد، وحين وصلوا إلى أطراف القرية بعد أن انقطعت أنفاسهم في تلك الليلة المظلمة التي أضاءها ذلك الحريق العظيم وقفوا واجمين وقد وهن عزمهم في الإطفاء، فقد كانت دار العدوى المرابي.



36

حاول الواد حموده أن يغريني بمعسول كلامه بان أتسلق معه شجرة الحاج وهبه، ولما رفضت نعتنني بالخواف الجبان ثم أشار بيده الصغيرة إلى ثلاثة من أعشاش اليمام الأحمر وأخبرني أنها ممتلئة بالصغار وانه متأكد بأن ذلك الصيد الثمين لنا مناصفة إذا تسلقت معه ورغم ذلك رفضت أيضا، فقد كانت تلك الشجرة الشاهقة الارتفاع مخيفة مسكونة بالجن وخاصة أنها تجسم على صدر مقابرنا منذ زمن بعيد، كنت احب حموده كثيرا لذا حاولت أن اثنيه عن مغامرته التي لم يسبق أن فعلها من قبل، وحين هوى مصطدما بالأرض رأيته ممسكا بيمامة صغيره وعلى وجهه الصغير بقايا ابتسامه .


37

استيقظت محفوظة الداية على طرق كاد يخلع قلبها قبل أن يخلع باب دارها الخشبي المتهالك، استعاذت بالله من شر القادم الذي لم يكون سوى عدد من رجال العمدة سلامة. وحين اركبوها حمارة بيضاء غاصت قدماها في الوحل لم تكن تعرف إلى أين يقتادونها وأي من نساء العمدة ستلد في تلك الليلة الممطرة، كل الذي عرفته بعد ولادة شاقة ومتعثرة لفتاة لم تتجاوز السابعة عشرة أن عليها أن ترحل عن القرية دون رجعة قبل أول خيط من نور.



38

في الموعد الذي ضربه لنا الواد شحته تجمعنا بعدما اخبرنا انه يرى من شرفة دارهم كل مساء امرأة تتشح بالسواد تدخل بيت سمير موظف الجمعية الزراعية مستترة بعتمة الليل، وانه يسمع من مكمنه تأوهاتها في فراشه حتى مطلع الفجر عندما تخرج في سوادها الذي لا يبين منها شيئا، تسلقنا الدار ذات الطابق الواحد وعلى أطراف أصابعنا زحفنا نحو الحجرة التي ينام فيها سمير ومن ثقب الباب رأيناه عاريا تماما ومن تحته المرأة تئن، وعندما تبين لنا أنها أخت شحته المطلقة، تفرقنا صامتين.



39

لم يعره أحد من رواد سوق الثلاثاء المزدحم انتباها حيث لا يتحدثون إلا صراخا، كان شابا موفور الصحة يركب موتوسيكلا خفيفا. زائغ العينين كأنه يبحث عن شئ فقده، وعندما اصطدمت عيناه بجابر الصعيدي تاجر البطاطا ابتسم وهو يخر ج من طيات ملابسه السوداء سيفا كبيرا، ليجتز به الرأس التي كانت قبل لحظات تصرخ حلوة ومعسلة يا بطاطا فتهوى على ارض السوق المزدحم الذي كان رواده حتى تلك اللحظة يتحدثون صراخا.



#أشرف_العوضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل من دحل الحمام 3
- رواية -دحل الحمام-: إبداع في تداخل أجناس السرد
- - دحل الحمام - .. موزايك أشرف العوضي
- د. عفاف عبد المعطي تكتب عن دحل الحمام لأشرف العوضي
- فصل من رواية دحل الحمام
- محمد هديب يكتب عن «دحل الحمام».. فسيفساء رشيقة تسرد الحكايا ...
- أمير تاج السر يكتب عن , دحل الحمام وكتابة الحرير
- لحظات إنسانية متشابكة ومعقدة عن ريف منسي
- فصل من رواية الهيش
- دحل الحمام
- السيد - صبري موسي - من حقل النقاء
- الشرخ


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف العوضي - فصل من رواية دحل الحمام 4