أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد بقوح - أمكنة ناطقة : فعل الكتابة و الصيرورة














المزيد.....

أمكنة ناطقة : فعل الكتابة و الصيرورة


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 3740 - 2012 / 5 / 27 - 05:51
المحور: سيرة ذاتية
    


ما الذي يجعل الكتابة تعشق الأمكنة.؟ أو لنقل ما سر علاقة العشق الأبدي، الموجودة بين المكان، ككائن حي في ذاكرة ذات الإنسان، و الكتابة كممارسة فكرية تخيلية، عن موضوع أساس، يرفض أن يبقى جامدا هو المكان..؟ هل للمكان جاذبية من نوع ما، تجعله قريبا إلى فعل الكتابة ؟ من طبيعة الحال، ليس جميع الأمكنة، يمكن أن تفرض نفسها، و تحظى بشرف الكتابة عنها. أوردنا هنا كلمة "تفرض" عن وعي تام، بأهمية العلاقة الموجودة الممكنة، بين المكان كخارج، و الكتابة كحامل للداخل.. فالمكان هنا هو يتخذ له موقع خارج الذات الكاتبة. بعيد زمنيا عن زمن فعل الكتابة. في حين تمارس الكتابة انطلاقا من داخل هذه الذات، التي جاءتها الكتابة، من علاقتها الأولى الأصيلة و المبكرة، بأمكنتها الأم تلك البعيدة. إذن قبل أن تكتب عن المكان الذي اخترته للكتابة، أو اختارك هو أي المكان لتكتب عنه، فقد سبقك هو ، أنت ككاتب، بأن مارس عليك نوعا من ( الكتابة )، في زمن كنت فيه ربما جزءا من مكانك البعيد. أي أن فعل الزمن هنا، كفعل كتابي قبلي، هو ممارسة فكرية سابقة، على فعل الكتابة الآن، عن شيء اسمه المكان، الذي عشت فيه في زمن الماضي. إن التاريخ هنا، له رائحة هذا الشكل المركب، بين الزمن و المكان. زمن الطفولة مثلا الذي كنت فيه بمثابة عنصر من عناصر أمكنته. و هو بكل تأكيد مكان ليس كباقي الأمكنة، يتميز بأشياء أصبحت في زمن الكتابة الآن، عبارة عن تحف نادرة و عظيمة الشأن. لهذا فالكتابة عنها، و استحضارها، كأمكنة بصيغة الفراشات المحلقة، عبر تخوم الذاكرة الانسانية، هو شكل من أشكال، ليس إحيائها بالمعنى البكائي على الطلل كما يقال، و لكن بالنسبة لنا كممارسين لفعل الكتابة، هو إعادة إنتاج حياة هذه الأمكنة المنسية، التي تفوق أحيانا أناسها من حيث الأهمية و المعنى.. هي أمكنة جميلة باسمة في وجه أمكنة اليوم المكفهرة.. أمكنة بصورتها و ألوانها و روائحها القديمة.. و أشيائها و أصواتها و أشجارها و طيورها المحررة.. و ساحاتها و سمائها و وجوهها و أزقتها الضيقة.. و دروبها الموصدة... بالكتابة و بالكتابة فقط، صار لها شأن كبير و عظيم. كما أن فعل الكتابة الآن، في زمن آخر و مختلف، عن أمكنة كانت في زمنها أمكنة عادية، لكنها اليوم، و من موقع فعل الكتابة، صارت هي أكبر من عادية بقليل. ربما لأن المكان هنا و الآن، أدخلته الكتابة، إلى عالم أخر.. اسمه عالم التاريخ.. العالم الأبدي.. و بالتالي ارتقت به.. أي المكان، إلى مستوى الرمز و المعنى.. و المبدأ الحامل لقيم الصيرورة و التغير.. الأفق الضامن لقوة التحول و الاستمرارية اللازمة، التي ستمتد حتما عبر الأزمنة الآتية.. إلى ما لا نهاية.
هو مكان.. كان جامدا أو موجودا بالقوة، في ذاكرات أهاليه الشيوخ، الذين يتذكرونه أحيانا في ملتقياهم و مواسمهم السنوية، السائرة في طريق الانقراض، الشيء الذي يشكل تهديدا حقيقيا للأشياء.. كيفما كان نوعها.. تلك التي يتم الاحتفاظ بها في ( صندوق ) الذاكرة.. ذاكرة الوشم.. أو يتم التعامل معها كما لو كانت ( تحفا ) للفرجة لا غير، دون إتخاذ القرار العملي.. لتحريرها و إخراجها إلى العالم الفعلي بالكتابة المبدعة و التشكيل و التأريخ.. إلخ. أمكنة الذاكرة ميتة، إلى أن يتم تحريرها بفعل الكتابة المبدعة. لأن ذاكرة الإنسان تنطفئ أضواؤها، حين يرحل عنا هذا الإنسان. و لا يمكن تخليد معالم المكان و الإنسان و الهوية البشرية.. إلا بفعل الكتابة المبدعة، التي هي هنا كمنقذ من "تسونامي" الاستعباد الزمني العولمي القاهر المختلف الآتي.. الكتابة عن المكان هو نقله ضرورة، من مستواه الطبيعي و المألوف، و الارتقاء، ليصبح عبارة عن مكان حي جديد مختلف، له دلالة الرمز، الحامل لقيم قوة الصيرورة و الاستمرارية و الإنسان، قيم التحول و التغير التي ستمتد عبر الزمن الآتي.. و التاريخ المتواصل إلى ما لا نهاية.



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الثابت و المتغير في التفكير الفلسفي
- إشكالية أزمة التعليم المغربي و المراهنة على تكريس الخطاب على ...
- قصة قصيرة : مندوب وزارة الصحة
- الفكر التربوي عند عبد الرحمن بن خلدون
- قراءة دلالية في رواية جنوب غرب طروادة جنوب شرق قرطاجة لابراه ...
- قصة قصيرة : اللغم المقدس
- مفهوم الجوهر في فلسفة سبينوزا
- المطالب الحيوية لأساتذة التعليم الإبتدائي و الثانوي الإعدادي ...
- قصة قصيرة : مرينا في المنطاد
- المسألة التعليمية من منظور محمد عابد الجابري ( 2 )
- المسألة التعليمية من منظور محمد عابد الجابري ( 1 )
- أمكنة ناطقة : وَلْحُرّي
- شعر : من أكون ..؟
- تجليات التجديد و التطور في فلسفة السوفسطائيين
- حوار على هامش الكفاءة المغربية ( 1 )
- قراءة نيتشه لفلسفة سقراط ( 2 )
- قراءة نيتشه لفلسفة سقراط ( 1 )
- تراجيديا السياسة العربية.. عن ما جرى و يجري للعجوز و الحيتان ...
- مدينة الدشيرة الجهادية بالمغرب تضع العنصر البشري في صلب الأي ...
- سلطة الكلمة و زناد السلطة


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد بقوح - أمكنة ناطقة : فعل الكتابة و الصيرورة