أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معين جعفر محمد - المعنى : الحركة من المؤلف إلى القارئ















المزيد.....


المعنى : الحركة من المؤلف إلى القارئ


معين جعفر محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3738 - 2012 / 5 / 25 - 06:13
المحور: الادب والفن
    


ألمعنى : ألحركة من المؤلف إلى القارئ
كتابة : كريس لانغ
ترجمة : معين جعفر محمد / العراق

(من الواضح أن الصورة الذهنية يجب أن توضع ما بين ذهن أو أحاسيس الفنان نفسه و بين ذهن أو أحاسيس آخرين) – ستيفن ديدالس


إن أهم تغير حدث في حقل النقد الأدبي و علم التأويل hermeneutics هو بصدد المكان الذي يُعتقَد أن المعنى محايث ٌ فيه. في ضوابط النقد الأدبي و علم التأويل (حينما كان الأخير يشير، بشكل رئيس ، إلى مناهج التأويل و قواعده) .. كان يُزعم ،أصلا ً، أن المعنى مقيم ٌ مع المؤلف . و هكذا كان الغرض من التأويل هو إدراك قصد المؤلف الذي من شأنه فض المعنى النصي لكافة العصور.و على أية حال ٍ، بعد ليسنغ، فإن مسافة ً مستَحدَثة ً بين الحاضر و الماضي ، حدت بالمؤولين إلى التركيز ،على نحو ٍ مبيّت ٍ سلفا ً ، على النص نفسه لأن المؤلف لم يعد يُعتَقَد بأنه سهل المنال بالنسبة إلى المؤوِل . و استمر التغير في موضع المعنى تحت تأثير الضغوط الثقافية و أصبح المعنى يُرى بصفته محايثا ً في القارئ . (2 ) و لسوء الحظ ، لا يمكنني انتقاء إلا أفراد ٍ قلائل لذكرهم في هذه التغطية الوجيزة للنظرية النقدية ، قبل التركيز على واحد ٍ من نقاد (استجابة القارئ) الأكثر راديكالية و بروزا ً ، ألا و هو (ستانلي فيش ).
إن منطلق البدء ماثل في حقل علم اللاهوت حيث (فريدريك شليماخر) الذي توخى تطبيق منهج علمي للتأويل على النصوص التوراتية، و إليه يعزو غادامير التفريق ما بين الفهم و سوء الفهم اللذين يُرى المؤول فيهما شارعا ً بالعملية في حدود حالات سوء فهمه (3 ) . بتعبير آخر ، فإن المؤول يسقط على النص نسقه(هو) من الإفتراضات المسبقة التي تجعله يسيء فهم النص. لقد كان المنهج التأويلي أُريد َبه تخليص فهم صحيح للنص من حالات فهم أو سوء فهم ٍ يجري تصورها مسبقا. و هكذا ، هناك إدراك ٌ لمسألة أن الذهن لا يؤدي ،بالضرورة ، دور مرآة ٍ تعكس ما في النص تحديدا ً . يُعَدٌّ موقف شليماخر ،على مستوى معرفي ، أكثر تعقيدا ً من أولئك الذين سبقوه. من هذا المنظور ، ينتقل حقل علم التأويل تدريجيا ً من كونه مقاربة منهجية للنص .. نحو الفهم الحديث القائل بأن علم التأويل هو ما يحدث حينما نقوم بتأويل نص ما أو هو كيفية توصل المرء إلى فهم!
تبدأ قصة علم التأويل الحديث ب( إدموند هوسرل) و منهجه الظاهراتي . متبعا ً "حلم ديكارت" بوجود يقين ٍ مطلق ٍ في المعرفة ، ركز هوسرل على الأشياء كما تعرض نفسها . كانت فلسفة هذه الحركة تنصب على مبدأ " دع الأشياء تظهر كما هي" أو الإحجام عن قراءة افتراضاتنا المسبقة في النص(4) .كان الغرض من ( الإختزال الظاهراتي ) لهوسرل ، هو التركيز على ما هو
مباشر بالنسبة للخبرة ، ( كل ما هو غير "محايث" للوعي يجب إقصاؤه بصرامة)(5). في هذه المقاربة ، تم تحديد المعنى الذي يفيده النص باللغة ، وهو يوجد بمعنى " مثالي" و في محاولة ٍ
للذهاب إلى أبعد من مقاربة هوسرل الماهوية ، وضع تلميذه مارتن هيديغر نظرية ً وجودية ً لعلم التأويل في "الكينونة و الزمان" . ينبذ هيديغر فكرة المعرفة التأريخية
الموضوعية . و هو – بدلا ً من هذا- يجد الإنسان " ملقى به في" العالم الذي تكون فيه اللغة ، الثقافة و مؤسسات الحياة بمثابة معطيات ٍ ! و لا نستطيع ، ببساطة "أن نضع داخل تنصيص ٍ" فهمنا المسبق من أجل حيازة وجهة نظر ٍ فوق وجودية و موضوعية،لأن الموضوعية المحضة لا يمكن أبدا ً أن يكتسبها التبعي.إن نبذ هيديغر ل( الذات - الموضوع) ، لثنائية ( أنا – هو)تفضي به إلى موقف ٍ يُنكر فيه أن المعنى محدد في النص ، وهذا ما من شأنه تأكيد واقعه الموضوعي. و هكذا فإن المعنى ليس شيئا ً قابلا ً للموضعة بل هو مراوغ ٌكالكينونة نفسها.
تتفحص كينونة هيديغر وضع الكينونة من داخل التأريخ ، لا من خارجه . إن الكينونة ، بالنسبة لهيديغر ، هي الفردية المشروطة تأريخيا ًو التي هي مدركة لذاتها و لتعاقب الزمان. و بما إن الكينونة توجد في الزمان ، فإن فهمها مشروط بفهم ٍ سابق. و هكذا يجد
المؤول نفسه في حلقة ٍ علم- تأويلية حيث الفهم المسبق هو دائما ً (إقرأ في) سيرورة الفهم. يصف هيديغر المنحى الدائري في سيرورة السببية بشأن الكينونة كما يأتي:" ينبغي للتأويل الظاهراتي أن يُمَكِّن الكينونة نفسها من فض ختم الأشياء على نحو ٍ بدئي ، ينبغي – إن صح التعبير – أن يدع الكينونة تؤول نفسها (6)
إذن، فإن الحقيقة لا تُرى بصفتها مسكا ً موضوعيا ً بالمعنى، بل بصفتها إماطة ً للثام عن الكينونة من خلال وسيط ٍ هو اللغة(7) .و بما أن الكينونة مشروطة ٌ تأريخيا ً و أن الفهم قائم ٌ على أساس فهم ٍ مسبق ٍ، فإن التأويل ، بالنسبة لهيديغر هو التقدير الإستقرائي لفهم ٍ ماض ٍ ، في المستقبل: " في التأويل ، لا يصبح الفهم شيئا ً مختلفا ً، بل يصبح ما هو في الحقيقة. إن تأويلا ً من هذا النوع ، متأصل ٌ وجوديا ً في الفهم، و لا ينشأ الأخير من الأول، كما لا يُعَدُّ التأويل اكتساب معلومة ٍ عما ينبغي فهمه، بل هو – بالأحرى – تطبيق احتمالات ٍ مخطط ٍ لها في الفهم "(8)
و على الرغم من أنه أحكم قبضته على وضع الفهم المسبق ، لأنه أخفق في فهم أولية اللغة في إنتاج المعنى و ليس التعبير عنه فقط ... فإن تيري إيغلتن يدعو مقاربته هذه ب( الظاهراتية التأويلية) (9)
كان هانس- جورج غادامير الذي يعد من تلامذة هيديغر، هو أول من قدم رؤية ً وافية ً للسانيات في نظرية ٍ تأويلية ٍ . يصلح غادامير لأن يكون شخصية ً انتقالية ً رائعة ً ما بين علم التأويل و النظرية الأدبية !لأنه كان من تلامذة رادولف بالتمان ،كذلك. و مثل سوسير و فيتغنشتاين، يحاجج غادامير بأنه لا توجد فكرة ٌ سابقة ٌ للغة. فاللغة هي التي تجعل فهمنا ممكنا ً و تحدده.. على حد ٍ سواء. "كان غادامير يقول"بحسب رأي برايس فاختر هوسر "أننا لا يتأتى لنا امتلاك عالم ٍ إلا ّ من خلال اللغة"(10)
و بناء على هذا ، من أجل أن نفهم نصا ً ما ، فإننا نحتاج إلى حالة التحام ٍ بين أفق عالمنا و
عالم النص. هذا الإلتحام خلا ّق ٌأو جدلي و ينتج معنى ً جديدا ً.(11) " إن فهمه لا يعني ، بالدرجة الأولى ، استرجاع طريقة شخص ٍ ما من الماضي ، بل استغراقا ًحاليا ً فيما يقال"(12 ) . يمثل
غادامير تحركا ً بعيدا ً عن التأويل الذي يتخذ من المؤلف مركزا ً، و مع ذلك تبقى هناك سيرورة ٌ ذات منحيين بين النص و المؤول تكون فيها تساؤلات الأخير أُعْلِمَتْ من قِبَل الأول.و في الإقتباس الآتي يشرح ما المقصود ب(اندماج الأفقين) :
" يستهدف المرء فهمَ النص نفسه. و لكن هذا يعني أن أفكار المؤول الشخصية تغلغلت ، هي أيضا ً، في عملية إعادة إيقاظ معنى النص. و مع أن الأفق الشخصي للمؤول في هذه العملية يُعَدّ ُحاسما ً ، فإنه لا يتخذ صفة وجهة ِ نظر ٍ شخصية ٍ يرسخها أو يقحمها ، بل يتخذ صفة َ رأي ٍ و إمكانية ٍ يحولهما المرء إلى دور ٍ و يتحمل المسؤولية عنه، و يساعد ذلك فعلا ً على جعل ما يقوله النص خاصا ً بالمرء نفسه"(13 )
بينما نقل غادامير موضع المعنى من المؤلف إلى مكمن ٍ ما بين النص و القارئ .. فإننا في المشهد الأمريكي للفترة من بواكير القرن العشرين حتى منتصفه ، نشهد ظهور مدرسة ٍ كانت تركز على النص وحده هي مدرسة النقد الجديد. تحمل نظريات غادامير عددا ً من أوجه الشبه بمقاربة النقد الجديد .(14) يمثل آي.أي.ريتشاردز ، نوعما، رمزا ً انتقاليا ً نحو هذه الحركة . يعلق إيغلتن قائلا ً إن ريتشاردز " كان قد زعم بسذاجة ٍ أن القصيدة ليست أكثر من وسيط من..نقوش ٍ طباعية ٍ / تنقيط ٍ واضح ٍ من خلالها ، يمكننا رصد العمليات السيكولوجية للشاعر : كانت القراءة مجرد مسألة ِ إعادة ِ خلق ٍ ، في ذهننا نحن ،للحالة الذهنية للمؤلف . في الحقيقة كثير ٌ من النقد الأدبي التقليدي حمل هذه الرؤية بشكل ٍ أو بآخر"(15 ) مع النقد الجديد نجد هيمنة ً تأويلية ً أكثر تمركزا ً في حدود النص حيث يكون قصد المؤلف- حتى حين يتأتى إدراكه – غير مات ٍ للعمل الذي هو قيد التناول. إن ُ النص هو كل ما يكون و كل ما يكون هاما ً لنا .
في النقد الأدبي نصي – التمركز ، يُعَدّ ُ كل من وليم ومسات و مونرو بيردسلي الرمزين الأنموذجيين . إن مقالتهما المشهورة عن " المغالطة القصدية " هي التي أطلقت موت قصد المؤلف. فهما يتذرعان بأن العمليات السيكولوجية للمؤلف من المعاياة أن يبلغها المؤول. فذهن المؤلف مقفل ٌمن الداخل بالنسبة لنا و لا نملك إلاّ النص وإن هذا هو ما ينبغي تفحصه ، لا المؤلف!و إذ كتبا " إن تصميم أو قصد المؤلف لا هو بالمتوفر و لا هو بالمرغوب فيه كقياس ٍ للحكم بنجاح العمل الفني الأدبي " (16) .. فإنهما يواصلان في المقالة نفسها قولهما : " ليست القصيدة ملكا ً خاصا ً بالناقد و لا بالمؤلف ( فهي تنفصل عن المؤلف عند ولادتها و تجوب العالم الذي هو خارج نطاق سلطته لتكوين نوايا بشأ نها أو التحكم بها ) إن القصيدة " تعود للجمهور" (17)ما هو هام ٌ بالنسبة للنقاد الجدد هو السياق اللفظي ، طالما أنه يقف الآن بديلا عن السياق ألتأريخي الذي قيلت فيه للمرة الأولى. قد تكون هذه الثنائية كاذبة ً على أنصع وجه ٍ، طالما أنه غير واضح ٍ كيف يمكن للسياق اللفظي أن يحمل معنى بمعزل ٍ عن السياق التأريخي. و لكن من الجلي أن العجلات كانت في حالة حركة ٍ ناقلة ٍ المعنى من مجال العمليات الذهنية للمؤلف ، إلى حيث العمليات الخاصة بالقارئ، و ناقلة ٍ النص ، أيضا، من الحقل العام إلى الخاص بالمرء نفسه!
إن ويمسات و بيردسلي ،أيضا، تحمّلا العبء الأكبر من السخط المتأخر لنقاد "استجابة القارئ"، في مقالة ٍ أخرى عن "المغالطة المؤثرة" ساقا حججهما ضد مراعاة التأثير الذي يفعله
النص بالقارئ قائلين بأنه حين يتم هذا " فإن القصيدة نفسها ، بصفتها مادة ً .. تميل إلى الإختفاء " محولة ً ما كان شعرا ً عاما ً إلى شعر ٍ خاص ٍ(18) هذا التعليق يخون ، أيضا ً، محاولة النقد فيما كان جاريا ً في ذهن المؤول .
أما بالنسبة إلى الحركة الأرثوذكسية الجديدة الجارية في ألمانيا ، يُعَد ُّ معنى النص شيئا ً لا ينبغي وضعه في الماضي.توجد أوجه شبه ٍ جلية ٍ بين النقد الجديد و الأرثوذكسية الجديدة الألمانية. يعد النص منفصلا ً عن ماضيه و المؤول يقف عند النهاية القصوى من الهوة الواسعة و لا شيء سوى النص في متناول يده. كان كارل بارث هو من تحرى عن تحرير معنى النص من أن يشوهه فهمٌ سلفي ٌ و ذلك بافتراضه " بداهة وجودية" يتم فيها انكشاف الكلمة لنا من خلال الكلمة( يذكرنا هذا برأي هيديغر بأن " الكينونة" تنكشف من خلال وسيط ٍ هو اللغة). إذن، فإن رادولف بالتمان حمل

مشروع بارث إلى نهايته الراديكالية بفصل كل الترابطات بالماضي في محاولة ٍ لتخليص المعنى بصفته فوق تأريخي (19) . إن هذا النسق الذهني هو ما يكمن وراء نسخه أسطرة َ برنامج ٍ يتوخى إظهار " استقلالية الإيمان عن التأريخ"(20). و من جهة ٍ أخرى ، فإن غادامير تحرى عن جعل المعنى ، مرة ً أخرى، محايثا ً بإحلاله في اللغة و الكينونة. و لكن إذا كان غادامير يتحرك بنا نحو تأويلية ٍ (نصية ِ التمركز) فإنه، كذلك، يفتح الباب للحركة التالية في نظرية ٍ أدبية ٍ هي ( نظرية التلقي)(21).
بالنسبة لغادامير ، لأن الكينونة تتعارض مع النص في العالم الخاص بالفرد نفسه، فإن تأسيس فهم ٍ يعد أمرا ً متغايرا ً على الدوام. إن الكينونة قائمة ٌ تأريخيا ً و هذا يعني أن " قدرتنا العقلانية لتكوين أحكام ٍ من هذا النوع، لا تستند إلى بنية ٍ عميقة ٍ، أو سبب ٍفوق الخبرة أو إلى الطبيعة البشرية.. بل على العكس، فهي تعتمد على فهمنا الذاتي المتغاير"(22). هذه الإستبصارات تفتح الباب لإنتباهة ٍ جديدة ٍ ينبغي أن تولى لمساهمة القارئ في العملية التأويلية. يلاحظ إيغلتن أن هناك " تغيرا ً ملحوظا ً في الانتباه للقارئ عبر تعاقب السنوات الأخيرة . لقد كان القارئ و ما يزال هو المعدم الأول و الأخير في هذه الثلاثية( المؤلف- النص- القارئ) .. على نحو ٍ غريب ٍ ، لا سيما و إن بدونه أو بدونها لن تكون هناك نصوص ٌ أدبية ٌ البتة"(23)
و بينما توخى النقاد الجدد تخليص النص على نحو ٍ موضوعيّ ٍ بنتائج يمكن إثباتها في العملية النقدية .. فإن نقاد استجابة القارئ فتحوا الباب أمام القارئ للتركيز على عملياته أو عملياتها الذهنية في فعل القراءة . و تبعا ً للتراث الألماني ، يعد ولفغانغ آيسر النصير الأكثر اعتدالا ً لهذا النوع من النقد. يقول آيسر: " تضع النظرية الظاهراتية للفن تشديدا ًتاما ً على فكرة أنه، في مراعاة ِ عمل ٍ أدبي ٍ ، يجب على المرء أن يأخذ بنظر الإعتبار ، لا النص الفعلي فقط ، بل كذلك و بقياس ٍ متساو ٍ ، الأفعال الداخلة في الإستجابة لذلك النص " و يواصل قائلا ً :" إن التقاء النص و القارئ يولج العمل الأدبي في حيز الوجود"(24). و على الرغم من أن آيسر يقحم القارئ في العملية التأويلية على أتم نحو ٍ ، فهو لا يجد موضع المعنى محايثا ًفي القارئ. و مثل مقاربة غادامير ، هنالك لعبة ٌ حرة ٌ أو فعل ٌ خلاق ٌ بين المؤلف و القارئ حيث الأخير يسد الثغرات في الفهم المتولد عن النص.
أما المقاربة الأكثر راديكالية ً لنقد استجابة القارئ في تراث البراغماتية الجديدة و العرفية.. فهي مقاربة ستانلي فيش . ينصب دفاعه في أن القارئ يصنع فحوى و معنى النص. لم يعد المعنى محايثا ً في النص ، بل هو موضوع ٌ بصورة ٍ تامة ٍ في داخل الجماعة القارئة. و هكذا فإن الإفتراضات المسبقة في القارئ ليست شيئا ً يمكن احتواؤه بل هي لا مفر منها . إن " الجماعة التأويلية " هي العامة القارئة التي تشارك في إستراتيجية ٍ أو مقاربة ٍ للتأويل. ليس النص مادة ً يمكن مقاربتها و تفحصها من الخارج (25). لا وجود لسرد السرد (metanarrative ) ؛ لا وجود لحقيقة ٍ أو قصة ٍ تشمل و تخلق معنى كافة السرديات الأخرى . ليست هنالك سوى ألعاب
لغوية لا أساس لها ، و جماعات تأويلية لا أساس لها . في الحقيقة لا يعني السرد شيئا ً بدون القارئ. ينبذ فيش الفكرة القائلة بأن هنالك علوم منهج ٍ صحيحة ٍ لغرض التأويل ؛ علوم منهج ٍ تكون فقط ، و تقرر النتائج التأويلية . فهو يقول بأن " معنى أي لفظ ٍ ، أكرر، هو خبرته.. خبرته كلها ..و إن تلك الخبرة سرعان ما تتم تسويتها في لحظة نطقك بأي شيءٍ عنه (26) .و في نهاية هذه المقالة نفسها ، يخلص إلى الإستنتاج الآتي: " يترتب على ذلك ،إذن، أن ما يفعله الناطقون
هو إعطاء السامعين و القراء فرصة ً لتكوين معان ٍ ( و نصوص ٍ) بدعوتهم لأن يضعوا قيد التنفيذ نسقا ً من الإستراتيجيات .(27)


الهوامش :

2- جين تومبكنز : نقد استجابة القارئ( بلتيمور: مطابع جامعة هونز هوبكنز ) ص223
3- هانز- جورج غادامير : الحقيقة و المنهج ، طبعة ثانية( نيويورك: منشورات كروس رود، 1989 ) ص185
4- مارتن هيديغر: الكينونة و الزمان ( أكسفورد : بلاكويل ، 1962) ، 5 مقتبس في أنتوني ثايلسلتن : أفقان ( غراند رابدس؛ إيرد مانز1980 )
ص26
5 – تيري إيغلتن : مقدمة في النظرية الأدبية( مينيبولس: مطابع جامعة مينيسوتا - 1983 ) ص55
6 – مارتن هيديغر: الكينونة و الزمان ؛ ترجمة : جون ماكوري و إدوارد روبنسن ( نيويورك: هاربر و رو ، 1962 ) ص179
7 – فانهوزر : ( ثيولوجيا جمالية) ص37
8 – هيديغر : الكينونة و الزمان / ص ص 188 – 189
9 – إيغلتن: مقدمة في النظرية الأدبية/ ص 66 – ( قد يتساءل المرء بشأن تقييم إيغلتن في هذه النقطة لا سيما و أن هيديغر يشير إلى الفهم بصفته ناشئا ًعن مبدأ " دع اللغة تتحدث إلينا من داخل اللغة)
10 – برايس . ر. فاختر هوسر : علم التأويل و الفلسفة الحديثة ( نيويورك : جامعة ستاتي/ مطابع نيويورك – 1991 ) ص31
11 – إن يفهم المرء غادامير باعتباره مقترحا ً جدلا ً هيجليا ً بين النص و القارئ ، فإن الأطروحة التي تتمخض عن ذلك لن تنفي المعنى الأصلي للنص في سياقه الأصلي و لكنها سوف تدمج هذا مع سياق القارئ . هكذا يظهر غادامير داعية ً لفهم" المعنى" و " المغزى" كليهما بحسب تعبير هيرش .
12 – هانس- جورج غادامير : الحقيقة و المنهج ، ترجمة : غاريت برودن و جون كامنغ ، ط 2 ( نيويورك : كروس رود ، 1982 ) ص 353 ؛ مقتبس في غرانت أوزبورن : اللولب التأويلي ( داونرز غروف ، إلينويز: مطبعة إنترفارزيتي – 1991 ) ص 370
13 – غادامير: الحقيقة و المنهج، ص 350
14- ك. م. نيوتن: علم التأويل و النقد الأدبي الحديث ، مجلة علم الجمال البريطانية ،29 ( ربيع 1989 ) ص 117
15 – إيغلتن : مقدمة في النظرية الأدبية/ ص47
16 – و. ك.ويمسات و مونرو بيردسلي: " المغالطة القصدية " ، الفصل المعنون ، " الأيقونة اللفظية" : دراسات في معنى الشعر( ليكسينغتن: جامعة كنتاكي ، 1954 ) ص194 .
17 – م . ن. ص196
18 - ويمسات : الأيقونة اللفظية، 21 ؛ مقتبس في " نقد استجابة القارئ" لتومبكنز ، ص 223
19 - يعلق كرنتس في مناقشته بلتمان قائلا ً بأن " التأريخ يتهدده خطر الدخلنة interiorized being و العلمنة النفسية " : المنهج التأريخي – النقدي ، فيلادلفيا : مطبعة فورترس ، 1975 - ص 31
20 – م. ن. ص 31
21 – إيغلتن : مقدمة في النظرية الأدبية ، ص 74
22 – فاخترهوسر : ص 38
23 - إيغلتن : مقدمة في النظرية الأدبية ، ص74 – إن هذا نوع ٌ من التعليق الغريب و إن يكن مشحونا ً آيديولوجيا ً .
24 - وفغانغ آيسر : "عملية القراءة: منهج ظاهراتي" في " نقد استجابة القارئ " الناشر: جين ب. تومبكنز ( بالتيمور: مطبعة جامعة جونز هوبكنز ، 1980 ) ص50
25 – ستانلي فيش : " الأدب الذي في القارئ" في " نقد استجابة القارئ" ص82
26 – م.ن. ص98
27- فيش : " تأويل ال variorium ) ) من " نقد استجابة القارئ" ص 183




#معين_جعفر_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد استجابة القارئ لستانلي فيش / كتابة : كريس لانغ
- قصيدة شعرية
- مدونة الأعراف
- بعض خصائص النظرية المعاصرة/ ح 2
- بعض خصائص النظرية المعاصرة
- قصيدة رثاء
- رثائية
- قصائد قصيرة جدا
- قصائد شعرية


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معين جعفر محمد - المعنى : الحركة من المؤلف إلى القارئ