أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سرفراز علي نقشبندي - من سیکون (فیلي براندت ) العراق















المزيد.....

من سیکون (فیلي براندت ) العراق


سرفراز علي نقشبندي

الحوار المتمدن-العدد: 3736 - 2012 / 5 / 23 - 17:28
المحور: المجتمع المدني
    


فیلي براندت شخصیة سیاسیة ألمانیە ، کان رئیسا للحکومة الألمانیة في أحدی ‏الدورات بعد الحرب العالمیة الثانیة ، وهو المهندس لسیاسة الانفتاح وإقامة ‏العلاقات مع الدول المجاورة بعد أن کانت مقطوعة ،والتخلص من آثار النازیة ‏في جمیع مرافق الحیاة وإدانة المظالم التي أقامتها السلطة النازیة ضد ‏الإنسانية.‏
فیلي براند هو أول ألماني زار مقبرة ضحایا الهولوکوست في بولونیا و أنحنی ‏لتلک الأرواح التي زهقت من دون حق، وأصبحت تلک الانحناءة رمزا لعهد ‏جدید في ألمانیا وصفق العالم لجرأتە وإحساسە بالمسٶولیة الملقاة علی ‏عاتقە کرئیس حکومة ، وبذلک خلد نفسە في التأریخ وربح وطنە ، منذ ذاک ‏وکل الحکومات الألمانیة.المتتالیة تسیر علی نهجە.‏
تلک الخطوة الجریئة من براند أدارت السیاسة الألمانیة نحو المجتمع المدني ‏وبناء الدیمقراطیة ، فهو قد أعتذر عن جرائم هو لیس فاعلها ولا مشارکا فیها ‏‏!! ،لأنە طوال فترة النازیة کان مناضلا هاربا من السلطة النازیة ولم یشارک ‏في أي من تلک الجرائم ، بل عاد الی ألمانیا بعد إنتهاء الحرب.‏
لکن خطوتە التاريخية تلک لم تکن خطوة فرد إنما باسم ألمانیا لأنە یمثلها ‏ویعتبر نفسە مسٶولا عن کل ما جری في هذا البلد، ولا یخفی بأنە وضع ‏مصلحة ألمانیا وإعادتها للمجتمع الدولي وبناء اقتصادها في مقدمة الأهداف..‏
هذا ما کنا نأملە بعد سقوط النظام الصدامي ، حیث أعلنت العراق التزامها ‏ببنود حقوق الإنسان في المجتمع المدني الذي یکفل حقوق الشعب وفق ‏المواثیق الدولیة للحقوق المدنیة وبدستور حضاري و دیمقراطي.، والعمل علی ‏بناء البنیة التحتیة وإزالة آثار الغبن والإنتهاکات التي جرت بحق الشعب ‏أبان الحقبة الصدامیة.‏
إلا أن إنشغال السلطات العراقیة بأمور ضیقة من تناحرات حزبیة ومذهبیة ‏وعرقیة ، إضافة الی حب السلطة والتهافت علی المکتسبات الشخصیة وتفشي ‏االفساد في جمیع مرافق الحیاة أدی الی تقزیم الصرح العراقي الجدید وسط ‏المهاترات السیاسیة والأتهامات والتسابق غیر الشرعي للفوز بالسلطة ، مما ‏أدی الی ضیاع الفرص وصار الشعب ضحیة للإرهاب الذي يتغذى علی ‏التناقضات والفوضى القائمة.‏
هکذا وجدت نفسي أمام مقارنة لا بد منها ، لأني وأنا في المنفی کان السٶال ‏یراودني، کیف توصلت ألمانیا الخارجة عن حرب عالمیة خسرت فیها الأرواح ‏والممتلکات والبنیة التحتیة ، وتلتها انقسام المدن بین ألمانیا الشرقیة ‏التابعة للأتحاد االسوفیتي آنذاک والغربیة التي تتمثل في الحلفاء وکيفيه ‏تقسیم المدن بینهم وفق تواجدهم فیها بعد سقوط النازیة .‏
ومن ثم الحرب الباردة بین الاشتراکیة والرأسمالیة التي کانت تدور رحاها ‏علی أسوار برلین المقسمة بین الشرق والغرب،وکل قسم محکوم بنظام مختلف ‏و متناقض بل و معاد، وکان الاختلاف یشمل جمیع مرافق الحیاة من سیاسیة و ‏اجتماعیة و اقتصادية ومناهج تعليمية وعلاقات خارجیة، ثم جاءت مرحلة ‏سقوط جدار برلین وطفت التناقضات الاجتماعية والاقتصاديە.المزروعة في ‏المراحل السابقة.‏
کیف لهذە الدولة أن تصبح کما نراها ، دولة مستقرة و مدنیة و دیمقراطیة ‏باقتصاد قوي وقوانین تضمن حقوق الإنسان بعیدا عن النعرة العرقیة والدینیة ‏و اختلاف الآراء السیاسیة ، ویصبح لها ثقلا لا یستهان بە في الاتحاد الأوربي ‏والعالم .؟!‏
من السهولة أن یسرد المرء هذا التأریخ الشائک والمدمي ، ولکن بناء دولة ‏علی کل تلک الأنقاض و بهذە القوة، تحتاج إلي تخطیط متین وعقول مدبرة ‏ووطنیة بالدرجة الأولی ،وذو وعي ثقافي رفیع ، مستفیدة من التجارب السابقة ‏التي مر بها الوطن. وأول خطوة للبناء هي نسف الاتجاهات الشوفینیة ‏والدکتاتوریة والتفرد بالقرارات الذي کان سائدا في عهد النازیة التي کانت ‏متمثلة في شخصیة أدولف هتلر الذي قاد البلاد إلی کل تلک المآسي والمظالم ‏التاريخية التي حدثت في عهدە بدأ من محرقة االهولوکوست والإبادة ‏الجماعیة للیهود في ألمانیا و في کل الدول الأوربیة التي احتلتها النازیة ‏أثناء الحرب.‏
اوحین یمعن المرء في هذا التأریخ و تسلسل الأحداث الدائرة ، یری أن رأس ‏الرمح هم الساسة الألمان بعد الحرب، وطنیتهم ووعیهم الثقافي وتهجي فلسفة ‏السیاسة بعمق،کل هذا دعاهم لبناء وطنهم بأسس جدیدة ،وبمعاییر لا تشبە ‏سابقتها، وأول مرفق لتهیئة الجیل القادم هو التعلیم ، حیث تم فرز وحذف کل ‏فکرة أو إیماءة تقود لی النعرة الشوفینیة من عرق أودین أو مذهب في ‏المناهج الدراسیة ، وحلت محلها حقوق الفرد والتعایش الايجابي مع الآخرین ‏إضافة الی تعریف النازیة کقوة سلبیة وشرح الهولوکوست والإبادة الجماعیة ‏للیهود والمعوقین وغیرها من أسس الحقوق والواجبات، هذا إضافة الی إعادة ‏الحق والکرامة لکل الشرائح التي تم هدر حقها أولهم الیهود الألمان ، حیث ‏أعادوا بناء كنائسهم المهدمة وأستقبلوا الهاربین منهم وأعادوا تأهیلهم ‏وإرجاع ممتلکاتهم المحجوزة وفتح المدارس الخاصة بهم ، کذلک بالنسبة ‏للمعوقین و ذوي الأحتیاجات الخاصة بعد أن کانوا منبوذین في عهد النازیة ‏ومعرضین للقتل تخلصا منهم ، صار لهم حقوق وتم الاعتناء بهم بإقامة برامج ‏خاصة برعایتهم و معالجتهم بکل أنسانیة.‏
وهنا المقصود بهذا السرد هو وضع العراق ما بعد صدام والتخطیط لبناء وطن ‏خال من تلک المآسي التي قام بها النظام السابق ، وأول هذە المآسي القتل ‏الجماعي وتطبیق سیاسة الأنفال السیئة الصیت (الجینوساید) علی الکورد ‏وقصف حلبچە بالسلاح الکیمیاوي وترحیل الکورد الفیلیة الی ایران بعد أن ‏جردهم من ممتلکاتهم وحتی هویتهم کعراقیین وأختفاء المئات من شبابهم ‏بمصیر مجهول، کذلک فعل مع الشیعة وبقیة الأطیاف، إضافة الی سیاسة ‏التعریب وتهجیر الکرد من مناطقهم، کما لم یسلم منە أي معارض یقول لە لا..! ‏بعدها جاءت مسألة أحتلال الکویت ونهبها والمصیر المجهول للمئات منهم .‏
لنا أن نقول بأن العراق یحتاج الی شخصیة دینامیکیة ووطنیة مثل فیلي ‏براندت، بوعیە و ثقافتە العالیة وحبە لوطنە، لیخطو خطوات حضاریة و جریئة ‏لا مجال للنعرات الفردیة فیها.‏
ولکن مع الأسف فأن الحکومة العراقیة لحد هذە اللحظة لم تتبنی مشروعا ‏یهدف الی أستقرار العراق ناهیکم عن تقدمها و تقویة اقتصادها وأعادتها الی ‏المجتمع الدولي بوجە یفتخر بە أبناءە.‏
بل بالعکس بدلا من بتر النعرات الضیقة فقد قامت بتغذیتها وتعمیقها،مما یدل ‏بأن هناک خللا في تفکیر الساسة العراقیین إزاء الحکم والسلطة والحقوق!! ‏وفیهم من هو أبعد ما یکون عن حب الوطن والمصلحة العامة ،وبدلا من تعدیل ‏الأخطاء أضافوا حلیة جدیدة لتلک الأخطاء التي تسببت للعراق الکوارث و هدر ‏الدماء ، ومن جملة تلک الأخطاء هي مسألة کرکوک وتطبیق المادة ١٤٠ وحق ‏تقریر المصیر للکورد.‏
وما لي إلا أن أسأل الساسة العراقیین ، هل نقصت انحناءة فیلي براندت من ‏شخصيتە أم أنە صار أسما ملاصقا لتطور ألمانیا.؟
هنا السٶال موجە الی السید المالکي بأعتبارە رئیسا للحکومة بدورتین ‏متتالیة : لماذا لم تفعل مثل براندت ، تزور حلبچە لتقدم الاعتذار باسم ‏العراق للأبریاء المخنوقین بالغازات الکیمیاویة ، ولماذا لم تنحني أمام ‏المقابر الجماعیة للکرد والشیعة ، ولماذا لم تعتذر لکل الشعب العراقي علی ‏المآسي التي حلت علیة في النظام السابق، ولماذا لم تقبل ید الأمهات ‏اللواتي فقدن فلذات أکبادهن ، بغض النظر عن الانتماءات الحزبیة والعرقیة ‏والمذهبیة الضیقة ، لماذا لم تعلن عن حق الکرد في تقریر مصیرە، لماذا لم ‏تدع شعب کرکوک یختار مصیره دون مداخلات و ضغوطات ،لماذا لم تعید الحق ‏والکرامة والهویة لکل الکرد الفیلیة المرحلین قسرا عن وطنهم العراق،لماذا لم ‏تهتم بالوضع الصحي في الأهوار وتبني ما هدمە صدام ولماذا لم ترفق بحال ‏الفقراء في کربلاء ولماذا لم تحجب تدخلات الدول المجاورة في شٶون العراق ‏ولماذا لم تنصف معوقي الحرب بدون إسثناء وووو.. کان هذە من أولیات ‏الواجبات الوطنیة وأنت في سدة الحکم؟!!‏
هل فکرت بما کنت ستجنیە من مثل هذە السیاسة الرفیعة المستوی أقولها لک ‏، کان العالم کلە سیصفق لک ولکنت المنقذ الحقیقي للشعب العراقي ‏ولأختصرت الزمن وبنیت الوطن،لکان الکرد وکل الأقلیات سندا لک في عملیة ‏البناء و لخلدت أسمک في التأریخ .‏
‏ نعم لقد أنحنی فیلي براند للحق مرة واحدة ، وأنحنی لە التأریخ ملایین ‏المرات وصارت الانحناءة لقبا لە ،تفتخر بها ألمانیا،وأنت بدلا من الانحناء ‏للحق تفردت بالقرارات وأنکرت أبسط حقوق الشعب الکوردي ألا وهو حق تقریر ‏المصیر!!‏



#سرفراز_علي_نقشبندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سرفراز علي نقشبندي - من سیکون (فیلي براندت ) العراق