أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حكاية- قصة قصيرة















المزيد.....

حكاية- قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3736 - 2012 / 5 / 23 - 02:50
المحور: الادب والفن
    


حكاية
قصة قصيرة
عبد الفتاح ألمطلبي
مُعلّمُنا العجوزُ الذي أكلَتْ سجادةٌ من صنعِ أهل (كاشان) وسطَ جبهته وخدّرتـْهُ طقطقاتُ مسبحةِ العقيق النجدي التي لا تفارق أصابعـَه وهو يعلمُنا ما أراد أهلنا لنا أن نتعلمَهُ فبدا لاهياً عنا حتى وهو يُعلـِّـمُ فما تعلمنا إلا النظر لجبهتهِ التي اكتوت بلون السجادة المُزرَقّ وما حفظنا إلا صوت طقطقات المسبحةِ ، كنا في الصفوفِ الأخيرةِ من المناضدِ المدرسيةِ نقصُّ لبعضنا الحكايات ......
كانت أمي متوعكة ًالليلةَ البارحةَ، قلتُ لصديقي الذي يشاركني منضدتي في الصفِّ و أضفتُ أنها لم تحكِ لي حكايةً جديدة ، وسألته : هل تريد أن أعيد عليك الحكاية التي حكيتها لك بالأمس: أجاب نعم فقد كانت حكاية جميلة كما أظن ، قلت : قالت أمي عندما علمت بعزمي على مصاحبة عبود بن حسين الشرطي جارنا في جولة صيد الدراج على حافات غيل البلدة الغربي ،عبود هذا يكبرني بعامين وقد شبّ على حبه لبندقية الصيد وكرهه للمدرسة وأمه (صبحة) تشجعه على ذلك وهي جارة أمي تلتقيان كثيرا في بيت أي منهما وتتحدثان عن أمور لا نعرفها ،وعند الإنصات إليهما من قريب تنهراننا فنهرب ،و قد علمه أبوه الذي كان حارسا لمقبرة الإنكليز ومن ثم صار شرطيا في درك الحدود ، علمه الصيد ببندقية الصيد التي تطلق كثيرا من كريات الرصاص الصغيرة ، وعندما كنا ذات يوم قرب النهر سمح لي برؤية الإطلاقة عن كثب وكانت إطلاقة البندقية التي تشبه الاسطوانة بين أصابعي أقلبها متعجباً من كثرة الرصاص فيها مستشعراً قشعريرةً تنتابني عندما أتخيل هذه الكريات تخترق جسد طائر الدراج الغافل وفكرت أن هذا الدرّاج المسكين ربما كان أحد تلاميذ المدارس وقد صادفته جنية شريرة وحولته إلى طائر دراج يتعقبه الصيادون كما تقول أمي دائما وهي تحذرني من ارتياد الأمكنة الخالية وفيما وصلت لهذا الحد من التفكير فلتت الإطلاقة و سقطت من يدي إلى النهر وضاعت في مياهه التي تجري بسرعة فقد كنت أتهيبها وتبعث في نفسي الخوف حتى وهي في يدي ، أصابني الرعب من صاحبي عبود لضياع إطلاقة كانت تستطيع قتل كثير من الدراج الغافل على حد زعمه، آه كم هي شرسة هذه الإطلاقة، لكنه على عكس ظني لم يُبدي اهتماما لذلك قائلا : لا عليك إن أبي يحصل على الكثير منها ،أصدقائه المهربون وشريكهم وراء الحدود يسترضونه بهدايا كثيرة من بينها عدة صناديق من هذه الاطلاقات التي يجلبونها من هناك وأضاف: في بيتنا الكثير منها فلا تحزن، قال صديقي الذي يشاركني منضدة الصف: هل نسيت الحكاية ؟ أين الحكاية؟ قلت : لا ولكن لابد من سرد ذلك لأن أمي ما حكت لي هذه الحكاية التي تود سماعها إلا حين علِمتْ بقشعريرة جلدي من تصور الرصاص حين يخترق لحم طائر الدرّاج الغافل ويستقر فيه وعندما تطبخه أمي أحيانا حين يعطيني عبود واحدةً من كيس الصيد يصادف أن نعثر على رصاصة صغيره كامنة في اللحم لتصطدم برحانا عند الأكل فنضطر إلى لفظ الطعام من حلاقيمنا وإن كان لذيذا إذ كيف نأكله وقد اختلط بالرصاص فتقول حينها أمي هذه أنثى الدرّاج المسكينة تحاول أن تثأر لنفسها منا لأنها ربما كانت ترعى أفراخها الصغار الذين سيموتون بعدها لذا عليكما أن لا تطلقا النار على أم الأفراخ ، وأنا بدوري قلت لعبود ذلك فضحك وقال: أنا لا يهمني لا العازبة ولا أم الأفراخ كلها تصلح للشواء قال شريكي في المنضدة ولكنك لم تسرد لي الحكايةَ ! ، قلت له إن أمي قالت احذرا من إطلاق النار على الجن الذي يبدو لكما كالدرّاج ولكنه ليس بدرّاج لا تميته الرصاصة ، يتحمل كثيرا من الأذى ولا يرتاح له بال حتى يقود الذي يؤذيه إلى حتفه وقد حصل ذلك كثيرا فيما مضى ،قلة هم الناجون الذين استطاعوا أن يفلتوا من عقاب أولئك الجن إنهم يأتون من جهات عديدة لا يعترفون بحدود ويأتون أحيانا من السماء من البحر من كل مكان ، قال صديقي الذي يشاركني منضدة الصف الخامس الابتدائي في مدرسة (المشرح)* ولكن أين الحكاية ؟ وهاهو صوت جرس الانصراف قد بلغ مسامعنا ، كنت مبتهجاً حقا بسماع صوت الجرس ذلك ليخلصني من ورطة الحكاية التي نسيتها ولا أتذكر منها إلا حديثا عن جنية على هيئة سمكة وقعت بشباك الصياد ولم أفهم مغزى ما حصل بينهما ولكنني أتذكر أن نهايتها كانت سعيدة، أظنها قالت أنها قد تزوجته بعد إن سحبته للماء ولم يعد يراه أحد، وقلت لشريكي في منضدة الصف أيهما أحسن امرأة فاتنة أم سمكة كبيرة تباع بسعر كبير؟ قال : لا أعلم !،وفكرت أن ذلك شائك وعويص وما ينبغي لي أن أفكر به، اليوم الخميس وغدا سنذهب باكرا إلى أطراف غيل البلدة لنصيد الدرّاج ،يمتد غيل البلدة إلى مسافة بعيدة جنب جدول المغتاظة الموازي لجدول الداغرية الذي جفّ واندثر منذ زمن بعيد،وكنت قد سألت أمي ولماذا جف جدول الداغرية ؟ قالت بسبب الجن الذين اعترضوا على خطة الرب في سقي أراضيه فهم لا يحبون الأرض المزروعة ولا يفضلون إلا الصحاري ويسرهم أن يموت الناس عطشا فمنعوا الماء عن دجلة بسد عظيم وهم يرقصون تحت نجمة وهلال ذبحوهما في السماء و وضعوهما على قماش أبيض صار أحمر بلون الدم فيما بعد من كثرة الدم الذي نزفته النجمة وسال من الهلال ولما مات الهلال والنجمة على الخرقة الحمراء من الدم انخفض مستوى الماء و مات جدول الداغرية ،صار مأوىً للثعالب والعرابيد المشعرة كما تقول أمي وأضافت أنه ربما يوجد هناك قبيل من الجن وبررت ذلك بقولها أنهم يحبون ارتياد الأماكن الجبلية و الصحارى المهجورة ووديان الأنهار الميتة ولم تتحدث أمي عن سبب ذلك وحتى لو سألتها فهي لا ترد علي إلا بما تقوله دائما حين أحرجها بسؤال وهو أن الجن لايحبون الأسئلة ولا يحبون الماء و تغضبهم الأسئلة أحياناً لأنهم بالحقيقة يكرهون البشر ويفضلونهم غافلين، على أية حال غدا الجمعة وسأذهب مع عبود لصيد الدراج و سأحكي لشريكي في منضدة الصف يوم السبت حكاية عن جنية سأشاهدها هناك. بكرنا أنا وعبود بن حسين الشرطي إلى أطراف الغيل حيث يظن عبود أن هناك كثيرا من الدراج وعندما ذكرت له ما أعرفه عن الجن ضحك وقال :سبق و إن صادقتُ جناً و أنا صدقتُ ذلك وودتُ لو أنني أستطيع رؤيته ليكون بطلا لحكايتي القادمة التي سأحكيها لشريكي في منضدة الصف وسيصغي لها جيداً ، كان زفيف الدراج على حافة الغيل يستنفر الرغبة النارية لدى عبود بن حسين الشرطي وبندقيته ، أطلق النار على ذكر الدراج الذي كان ينشد نشيده المعروف(حمدان يحب القصب) (تتات تتاتا تتت) وراح الطائر يسف بطيران متقطع ، صاح عليّ عبود بن حسين لقد أصبته اتبعه فإنه لن يبعد كثيرا ورحت أتبعه على طول وادي الداغرية الجاف وعندما ابتعدت رأيته يلجأ إلى وجار حيوان شرقي الغيل في منتصف كتف النهر الذي جففه الجن ولما وصلتُ بعد لآي ومددت رأسي في الوجار المظلم لم أشاهد غير عينين فسفوريتين تلمعان في ظلام الوجار ، قفزت كل أنواع الجن الذي حكت لي عنه أمي إلى رأسي وتملكني الرعب فصرخت وأطلقت ساقيَّ للريح حتى إنني استطعت أن أعبر جدول المغتاظة والبلدة وغيلها بقفزة واحدة ولم أشعر إلا بكف أمي وهي تضع خرقة بيضاء على جبيني الذي كان يتفصد عرقاً متمتما بكلمات من قبيل الدرّاج والجن وشريكي في منضدة الصف وهي تقرأ على رأسي آية الكرسي وقلت لها و أنا ألهث كجرو صغير طارده ذئب ، منذ متى وأنا على هذه الحال يا أمي قالت منذ أتيت من المدرسة الخميس وأنت محموم وتهذي هذيانا متواصلا .



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قابيل- تهويمات
- ثمن الحرية البخس
- أمانٍ عاريات
- وادي السلام
- شجرةٌ في البرية
- حدث ذات يوم-قصة قصيرة
- قطط و أحلام
- نظرةٌ إنطباعيةٌ
- رجع قريب
- الشبيه
- يوم إستثنائي-قصة قصبرة
- طفوّ قصة قصيرة
- غنِّ يا حمام النخل
- يوميات طفل الحلم
- درب قصيدة
- سلاماً أيها الوطنُ المباحُ
- أيام صائد الفئران
- ربيع الكونكريت
- رياح الوجد-قصيدة
- رنين بعيد


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حكاية- قصة قصيرة