أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سالم سليمان - الستراتيجية التحديد والتطوير بأستخدام مدخل العصف الذهني















المزيد.....



الستراتيجية التحديد والتطوير بأستخدام مدخل العصف الذهني


سالم سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3735 - 2012 / 5 / 22 - 23:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


" الذين يتقدمـون في الحياة هم اولئك الذين يبحثون لأنفسهم عن الظروف
التي يريدونها ، واذا لم يستطيعوا ان يجدونها ، فأنهم يصنعونها بأنفسهم"
" برناردشو"
" افكــارنــا هي التي شكلت وجودنـــا ، ومصيرنــــا يحـــدده ما نفكــــر بــــه"
" بـــوذا "
تمهيـــــد
جعل الله الانسان على الارض لينظر ويتأمل ويفكر ويتدبر فواجهته حوادث وظواهر اثرت فيه كما اثرت عليه فأجهده تكرارها فراح يرصدها حدوثاً ، تكراراً ووقتاً ، وتوافقاً *، ليحددها ويعرفها ، وصفاً واسباباً ، توقعاً حدوثها وتجنباً لاثارها ، محاولاً السيطرة عليها وما ينجم عنها ، فأهتدى الى اشتقاق القوانين التي تحكمها ليحددها . فأخذ يرصد تكرارها . فوضع النظريات ، والقواعد ، والقوانين التي تحكمها ، فكان العلم. اذ الغرض من العلم هو تفسير الاحداث والظواهر ، وتوقع حدوثها لصالح البشر. فتعلم وبدأ يتوقع المستقبل ، واخذ يتحسب له ويوجهه لمصلحته وبما يجنبه سوء العاقبة . هذا فيما يتصل بالمستقبل المحكوم ، اي في ظل توافر تام للمعلومات .غير ان الحقائق تبين ان المتغيرات لا تحصى عدداً ، مجهولة الحركة والتغير ، سريعتهما ، فهي لا تكاد تتمسك بوضع او تستقر على حال ابداً . هنا وجــد الانسان ذاته امام تحديات اخرى كبرى جديدة ، لم يكن يألفها من قبل او لم يكن يرصدها او يفكر بها ، فلم تعد الياته التي توصل اليها قادرة على مواجهة تحديات المستقبل - لذلك ميز الانسان بين الحوادث والظواهر ، فمنها ما هو محكوم بقوانين ثابتة نسبياً ، ومنها ما لايخضع لقوانين او قواعد تحكم حركته . فحركته تخضع لمتغيرات اخرى يستحيل احصائها كأستحالة رصدها او تحديدها . فهي لا تثبت على حال ، بل هي ايضاً تخضع لمتغيرات اخرى ، فضلاً عن سرعة تغيرها المتلاحق وتجددها المستمر - والتكيف مع متغيراته المتلاحقة والمتسارعة التغير لذلك انخفض اهتمامه بالمعايير التي وضعها مقارنة بالاحداث الخارجية فقد باتت هذه التحديات الجديدة تؤرق الفرد والمؤسسات فالمستقبل مجهول ، واحداثه واحواله غير معروفة . فلم تعد الخبرة والمعلومات مجدية نفعاً ، وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل والتـكيف مع المتغيرات المتلاحقة والمتجددة .
هنا اصبح الانسان والمؤسسات امام نوع جديد من المعضلات ، فلم تعد التنبؤات تجدي نفعاً ولا للخبرة تأثيراً، بل انما صار الماضي قيداً على التفكير . فصورة المستقبل قاتمة غير واضحة المعالم ، فكل مافيه جديد متجدد ، متغيراته متغيرة دائماً ، لقد اعتمد الانسان والمؤسسات في بدء الامر التنبؤ بوضع افتراضات عن المستقبل في ضوء ماضي الاحداث وحاضرها مستخدماً الاساليب الاحصائية والرياضية (معادلة الانحدار ، السلاسل الزمنية ، الاحتمالات ، شجرة القر ارات ، الى غير ذلك من الاساليب الكمية ،.... ) في رسم المستقبل فكان المستقبل صورة للماضي ، لقد كانت هذه الاساليب مجدية نوعا ما في ماضي الزمن ، ذلك بسبب بساطة التحديات ومحدوديتها ، فضلا عن كونها يسهل رصدها.
__________________________________
* اي ما يتوافق مع الاحداث ويدلل عليها ويؤشر حدوثها.
غير ان ذلك لم يعد ذا نفع ، لتعدد المتغيرات والتحديات التي باتت تواجه المؤسسات . زيادة على ذلك تجددها وعدم ثباتها على حال ، مما فرض على المؤسسات اعتماد نمط اخر لتقرير مستقبلها . كل ذلك جعل المؤسسات تسعى الى البحث عن افراد ذوو نمط خاص لهم القدرة على قيادة المؤسسة ، وصولا بها الى حالة من الاستقرار والاستمرار – ذلك ان المستقبل كانت ترسمه تقنيات وتصميمات ونماذج رياضية . وهذا الامر يتطلب افــرادا يجيدون استخدام هذه التقنيــــات وتطبيقاتهــــا – وبذلك امست التوصيفات والتصميمات الجاهزة عديمة القدرة على مواجهـــة الظــروف .
اذن باتت المؤسسات بها حاجة الى اشخاص من نوع خاص فريدين في مواصفاتهم ، يمتلكون قدرة على رؤية وتخيل المستقبل وتحدياته ومتغيراته ، واستحضار المستقبل في تفكيرهم وكأنهم يعيشونه . زيادة على ذلك انهم قادرون على استشراف متطلبات المواجهة مستقبلاً ، بما يحقق التميز والنجاح ، ذلك ان سرعة وحدة وعمق المتغيرات التي تعمل في ظلها المؤسسة جعلت اساليب التخطيط التقليدية والنماذج الرياضية المعتمدة غير قادرة هي والخبرة الماضية على التنبؤ وعلى مواجهة تحديات المستقبل ، والتكيف مع المتغيرات غير المستقرة والمتزايدة . فالتغير لايحدث تدريجيا وانما يظهر بشكل مفاجئ، فالمؤسسات التي لاتتمكن من الاستجابة والتكيف تجد نفسها مضطرة الى الخروج من السوق وهنا يظهر دور المنقذ القادر على فك طلسم المستقبل وتفسير صوره ، ورسم سيناريوهات للمستقبل ، الذي يمتلك مهارات فكرية غير اعتيادية تخرج بالتفكير الى المجهول ، فالمجهول بالنسبة اليهم فرصة لابد من اقتناصها فالصناعات الجديدة تنشأ من خلال المخاطرة ، تعتمد معايير غير مألوفة اساسها التخمين والخيال والاستبصار ، لتحول السوق بأتجاهها . بتعبير ادق هي التي تهيء الظروف وتؤثر في البيئة هذه المؤسسات يمكن ان يطلق عليها (المؤسسات الرائدة) المؤسسات ذات التوجه الابداعي.
عليه نلحظ بأن المنظرين يحددون سر نجاح المؤسسات المبدعة بأعتمادها ستراتيجية مكنتها من تحقيق التميز والاستجابة الفاعلة للمتغيرات المتسارعة والمتجددة وامتلاكها القدرة على اختراق المجهول مع درجة من التحسب لدرجات الخطر . اذن يمكن القول بأن الستراتيجية هي عامل النجاح الاساس ! وهي حجر الزاوية التي تمكن الادارة من الانطلاق فبها تصل المؤسسة الى حالة من التميز والتعامل بفاعلية مع متغيرات المستقبل غير المستقرة : حالة ، وسرعة ، ونوعاً ، وكماً.
لقد شغلت الستراتيجية مفهوماً وتحديداً ووضعاً وتقديراً مساحات يصعب تحديدها او الاحاطة بها من الارث الفكري فضلا عن انها لم تسفر عن اتفاق تام حول الموضوع ، فهي تشهد توافقاً وتعارضاً فيما بين المفكرين والباحثين ، كذلك تجد بعضهم يغير موقفه واتجاهه مع اختلاف الزمن .
مما يبرر القول بأن الغموض لايزال يحيط بموضوع الستراتيجية الامر الذي يجعل المجالات متاحة للدارسين والباحثين لخوض غماره والمساهمة في التعرف على مجاهله ولعل الدراسة هذه بعض من ذلك.

معضلة الدراسة
يعد المستقبل مجال حركة المؤسسات وفرصاً عليها استثمارها وصولا الى حالة مرغوبة من التفوق والبناء . لقد انقسم الناس حيال المستقبل الى من يراه المستحيل ومنهم من يراه المجهول ، وفيهم من يرى فيه الفرص.
فأما الذين يرون فيه فرصاً فقد صنفوا بحسب نظرتهم الى المستقبل فمنهم من تعامل مع المستقبل على انه امتداد للماضي وصورته ، ومنهم من تعامل معه على اساس انه المجال الذي يمكن من تحقيق الريادة والسيطرة.
فأما الذين نظروا الى المستقبل وفاقاً لمعطيات الماضي والحال اي في ظل توافر تام للبيانات (درجة عالية من اليقين) وحتى في ظل حالة عدم التأكد ، فقد اعتمدوا آليات ونماذج في التخطيط . هنا يتضح النموذج التقليدي وهذا هو النموذج المحافظ ، الذي لايسعى الى التطوير والريادة.
واما الذين يرون في المستقبل الفرص فهم اولئك المقتحمون الذين لايستقرون على حال ابداً . الذين يسعون دائما الى التطوير والتجديد والريادة ، فهم دائما يلجون الاسواق بمنتج جديد مبتكر لم يكونوا يألفوه من قبل ، اولئك هم المبتكرون المبدعون.
هنا تساؤل يفرضه الحال ، اذا كان المحافظون يعتمدون آليات ونماذج لتحديد حالة المستقبل ، فما الذي يعتمده المبدعون المقتحمون؟ اولئك يعتمدون الستراتيجية في رسم مستقبلهم ؟
فالستراتيجية تختص بالمستقبل ، والمستقبل يحيطه الغموض التام ، لذلك فأقتحام المستقبل محاط بالمخاطر ، فكيف يفكر الستراتيجيون وكيف يتحسبون للمخاطر؟
واذا كانت الاستراتيجية مجالا لرسم المستقبل فما هي ابعادها وآلياتها ؟؟
اي اذا كانت الاليات والنماذج مفقودة في وضع الستراتيجية فما الذي يعتمده الستراتيجيون؟
فهل يعتمدون التفكير وحسب في وضع الستراتيجية ؟
وهل تعتمد نوعا محدداً من التفكير؟
ماهذه التساؤلات المطروحة الا اساساً لتأطير المعضلة البحثية التي يتجه البحث لمناقشتها وصولا الى رأي او مقترح حول ماهيتها وماهي الاسس والاساليب التي ينبغي اعتمادها ، وصولا الى حالة فضلى؟
يتحدد توجه البحث بأثبات صحة الفرض " الستراتيجية تعتمد التفكير اساساً" او نقضه وصولا الى :
" تحديد افضل الاسس والاساليب واجبة الاعتماد لوضع الستراتيجية" هدفاً يسعى البحث لتحقيقه . مؤطرا سعيه بأعتماد الاستدلال والاستنباط اداة لدحض فكرةً تارةً ودعم اخرى مؤسسا لمنهجية واضحة في وضع وتحديد الستراتيجية طارحاً افكاره عبر المحاور :
- الستراتيجية
- الخطـــر
- التفكيـــر
مختتماً الدراسة بما توصلت اليه من اراء ونتائج ومقترحات.
( التغير في البيئـة يقــود الى تغيير جذري في المخلوقات بهدف
البقاء ، وأي مخلوق لايستجيب للتغير البيئي سيزول بالتدريج)
"دارون"
اولا: الستراتيجية
استخدمت لفظة ستراتيجية للتعبير عن حسن الاداء وذروته ، دلالة على التميز والنجاح والاستمرار ، وهنا لابد من التنبيه الى ان النجاح لايعني التفوق والانتصار بالمعنى الظاهر ، وانما حتى الانسحاب والاحتماء والكمون ، فهو ايضاً نجاح ، لانه اتجه الى تقليل الخسائر ، فالنجاح امر تحكمه الحال ، اذ ان المؤسسة اسيرة الظروف والبيئة دائما ، والنجاح والفشل امر يحكمه الوضع الذي تعيشه المؤسسة.
فالستراتيجية تعد وجهاً من تعامل وتعايش المؤسسة بحسب مقتضى الحال ، حفاظاً على الهوية ودوام البقاء ، فضلا عن السعي الى الارتقاء . ورب تساؤل قد يثار لماذا اتجهت المؤسسات الى البحث عن الستراتيجية ؟
لقد جاء ذلك بسبب تحول بيئة الاعمال المستقرة نسبياً الى بيئة سريعة التغير ، ومارافقها من اشتداد المنافسة وظروف غير مؤكدة والتي جعلت المؤسسة تتعرض الى ازمات حادة تكاد تقضي عليها ، بسبب سرعة وحدة تأثير المتغيرات التي تعمل في ظلها ، التي باتت ان تعد فلاتحصى ، لتوالدها وتغير طبيعتها فهي متغيرات غير مستقرة على حال عدداً وشكلاً ومضموناً، مما فرض على المؤسسة ضرورة الاستجابة للمتغيرات والاحوال البيئية التي تواجهها . لذلك فالستراتيجية هي بمثابة الصوى التي تدل على الطريق والفنار الذي يهتدى به وبوصلة النجاة التي تحدد الاتجاه. فهي اذن تمثل تلك الحالة من الاستجابة الظرفية والتكيف التي تحقق به المؤسسة الامتياز والتفوق ، ومع اهميتها الكبرى ، وتزايد الاهتمام بها من لدن الكتاب والباحثين والمفكرين ، فأنك لاتجد لها تعريفاً محدداً فهي غير مستقرة ايضا كما البيئات التي تواجهها متغيرة دائما.
ولو استعرضت تعريفات الستراتيجية التي حواها الارث الفكري وصولا الى تعريف محدد لوجدت ان هناك تبايناً واضحاً ضمن الحقبة الواحدة ، كما تجد عدم استقرارها في اذهان الكتاب والباحثين عبر الزمن ، حتى انك لاتكاد تجد كاتباً او باحثاً او مفكراً استقر على تعريف واحد ولم ينقلب عليه ، ويعرض الجدول (1) تلخيصا لوجهات النظر والتفسيرات المختلفة للكتاب والمفكرين حول عبارة ستراتيجية . وقد يرجع ذلك الى اختلاف الظروف وتباين الاحوال وتعدد الخلفيات . غير ان اجماع المفكرين ومهما اختلفت تعريفاتهم فـأن مايجمعون عليه هو كيف تحقق المؤسسة ميزة تتفوق بها على المنافسين ، بما يضمن استمرارها ونجاحها المستدام ، ويعد Mintezberg الستراتيجية عملية تصورية تنطلق من مجموعة افكار اساس منتهية بصياغة الستراتيجية وبذلك يكون اعداد الستراتيجية عملية فكرية واعية (مزهودة ، ايار 2003، ص 110-111( مهما يكن من ذلك فأن الستراتيجية تشكل المرحلة الاخيرة التي تأتي بعد المسح والتحليل البيئي ( الخارجية والداخلية) ، التي تحاول جعل وضع المؤسسة في الحالة المرغوبة والتي تحقق لها تفوقاً على المنافسين ، اذن فالستراتيجية تعد بمثابة محاولة جادة للسيطرة على المستقبل وبما يجنب المؤسسة الفشل ويحقق لها التميز ، اي ان تصل الستراتيجية بالمؤسسة الى حالة مرغوبة من التميز والتفوق بما يضمن دوام البقاء ، عليه يمكن القول بأن الستراتيجية هي ادارة المستقبل !!! ذلك ان الهدف النهائي للستراتيجية هو المحاولة الجادة لاحداث حالة من التحكم في الظروف التي يتوقع ان تحيط بالمؤسسة لصالحها.

وهنا يبدو واضحاً ان الدور الاساس في تحديد ووضع الستراتيجية هو التفكـــير ، اذ ان وضعها يتطلب :
- استشراف المستقبل
- توقع التغيرات والتطورات المستقبلية على كافة المستويات والاوجه.
- توقع التحديات المستقبلية.
الامر الذي يتطلب قدرات عقلية عالية تتمكن من فهم الحالات غير المألوفة والاوضاع التي ستستجد زيادة على ذلك قدرة على فهم الابعاد المتعددة للمعظلة ، فضلا عن القدرات العقلية الفطرية والقدرة على التفكير المجـــرد (اي التفكير الذي لايعتمـــد المعرفة والتجارب السابقة والخبرة) ، ذلك ان الستراتيجية تتطلب تحليلاً لبيئة غير منظورة وغير معروفة ، هي دائما بيئة متوقعة ، تحدياتها مجهولة ، متغيراتها غير محددة وغير معروفة ، فضلا عن انه لايمكن وصفها او تصورها ، لذلك فهي تعتمد الخيال والبصيرة والفراسة (قدرة على رؤية مالايراه الاخرون ولايتخيلونه) والتفكير الفطري (اي تفكير طفولي) لايعتمد الخبرة والمعرفة (ذلك ان الخبرة والمعرفة تقيد العقل) مع قدرة عالية على التأمل وقراءة حركة المتغيرات واكتشاف آليتها.
لذلك نجد بعضا من الكتاب يصف الستراتيجية بالبصيرة sagacity ، لأن الستراتيجي يجب ان يتصف بالسرعة الفائقة او حدة الذهن العالية لادراك الحقائق او اختراق الحس لاصدار الحكم على شئ ما.
كما يربطها باحثون اخرون ب" quality of thinking اشارة الى سرعة الادراك . والولوج الى عمق الحالة المدروسة ، مع فهم الطبيعة الداخلية التي تشكل الاشياء والاحداث لاعتمادها على حدة الذهن في اختراق الاشياء والاحداث . في حين يتجه اخرون الى ربط الستراتيجية بالتخيل والذي يعني التشكيل الذهني الفوري عند التأمل والاستبصار اي الادراك بعيدا عن الادراك الحسي والمعرفي ، فهي قدرة على تجسيد الاشياء والاحداث وتحديد المتغيرات وعلاقتها وحركتها واتجاهاتها مع مايلازمها من تعقيد (en.wikipedia.org.com) ويرى اخرون بأن الستراتيجية ترتبط بالفطنة ، اذ تتصل الفطنة بالادراك فائق السرعة القائم على سرعة اختراق عقلية فائقة للحدث او الشي (www.highered.mcgraw-hill.com) من هنا جاء ارتباطها بالستراتيجية ، فالستراتيجي يجب ان يتمتع بالفطنة لان عليه النفاذ الى كنه الامور وسبر اغوارها فضلا عن تمتعه بالقدرة على سرعة اصدار احكام منطقية ، وقدرته على تمييز الاختلافات ، واكتشاف الاخطاء
تأسيساً يمكن القول بأن الستراتيجية ترتبط بكل ذلك . فالمفكر الاستراتيجي يجب ان يمتاز بذكاء حاد مع بصيرة ثاقبة وفطنة واضحة توجه تفكيره نحو الابتكار والابداع وتهيئه للوصول الى الغايات الاساس .
اذ على المفكر الستراتيجي الاجابة على تساؤلات قد لاتعد ولا تحصى قبل وضع الستراتيجية ، منها على سبيل التمثيل:
- ماهي الحالة التي ستكون عليها السوق ؟
- ماهو وضع التكنولوجيا في المستقبل ؟
- مانوع قوة العمل المطلوبة ( مواصفاتها ) ؟
- ماهي السلع التي ستكون لها الصدرارة وماهي قيمتها الاستعمالية ، وماهي قدراتها الادائية ؟
- ماهي حالة المنافسين وما شدة القوى المنافسة ؟
- اياً من المنظمات ستكون لها مراكز قوة تنافسية
- ماهي الموارد المطلوبة ، ومن اين ستتم تهيئتها وكيف ؟
- ماهي المشكلات التي يتوقع ان تواجه المؤسسة ؟
- ماهو الشكل الملائم للمؤسسة مستقبلا؟
- ماهي الامكانات التي يجب ان تكون عليها المؤسسة مستقبلا؟
- الى غير ذلك من الاسئلة التي يجب الاجابة عليها قبل الشروع بوضع الستراتيجية .
وهذا يعني لجوء الستراتيجي الى وضع سيناريوهات للحالات المستقبلية التي ستكون عليها كل المتغيرات ، وكيف ستواجهها المؤسسة ، وماهي الاحتياطات والمستلزمات التي يجب التحوط لها وصولا الى النجاح والتميز لكي تمكن المؤسسة من وضع الستراتيجية ، والتي تتطلب توافر مكوناتها الاساس والتي يمكن ايجازها في الاتي : Heller , 2011 ,2) (
- القدرات الجوهرية المطلوب توافرها في المؤسسة
- بماذا ستميز المؤسسة على المنافسين ، وبماذا ، وكيف ؟
- الريادة المطلوب تحقيقها في :
• مواقع السوق
• العمليات
• تكنولوجية المعلومات
• التمويل
• التطوير التنظيمي
التخطيط المالي الذي يوضح كيفية ومصادر توفير المستلزمات وتوفيرها ذلك ان الستراتيجية هي عملية التجسير مابين الموارد والوسائل والمستلزمات ومابين الغايات (Nickols , 2010 ,1
فالبيئة مجهولة المتغيرات عدداً ونوعاً حركة واتجاهاً ، اذن التحليل البيئي يستلزم الوقوف على المتغيرات الخارجية ذات التأثير المباشر وغير المباشر على المؤسسة اذ تضم البيئة الخارجية كافة القوى الخارجية : اقتصادية ، تكنولوجية ، اجتماعية ، وقانونية ... كل هذه المتغيرات وما قد يستجد ، هي مجهولة التكوين والحركة والتأثير ، اذن تحتاج المؤسسة الى وضع سيناريوهات للمتغيرات المتوقعة وحركتها وما سينجم عن ذلك من تأثيرات على المؤسسة . هذه المتغيرات التي لاتعد ولاتحصى ، حركتها غير معروفة، واتجاهاتها غير محددة فهي لاتتمسك او تستقر على حال ، الامر الذي يصعب معه او يستحيل التنبؤ بها او تحديد حركتها المستقبلية ، مما يجعل من حركة الزمن المستقبلية حركة فوضوية في ذهن المخطط ، فهو لايدرك او يعرف قوانين حركتها ، بما يعني ان النجاح لاتحكمه قواعد محددة ولاآلية معروفة . انما يخضع الى قدرات فائقة غير منظورة ، تمكنه من قراءة حركة هذه المتغيرات والتحديات والظواهر غير المعروفة وتحديد اتجاهاتها . هذه القدرة لايؤتاها الا قليل من البشر فهي لاتكتسب بالتعليم ولاتبنى بالتدريب انما هي اسيرة الفطنة والخيال اللامتناهي ، والبصيرة الثاقبة والفراسة والتجريد العقلي.
هنا يظهر ان الستراتيجي يجب ان يكون مفكراً ابتكارياً ابداعياً بعيداً عن قوقعة الخبرة والمعرفة ، تجريدياً يمتلك القدرة على التخيل .
فهو يتوقع البيئة ومتغيراتها وحركتها ، هذا فيما يتصل بالبيئة الخارجية ولكن ماذا بخصوص البيئة الداخلية ؟ تدخل البيئة الداخلية في نطاق سيطرة المؤسسة ، ولكن كيف ؟ هنا على الستراتيجي ان يضع او يحدد صورة عما يجب ان تكون عليه المؤسسة من قدرات بشرية (مواصفاتها) وماهو شكل ومستوى مهاراتها ، ومايجب ان تكون عليه اصولها مما يفرض صياغة الامكانات الداخلية من قدرات بشرية وتكنولوجيا ، مهارات ادارية .... بما يتوافق مع حالة البيئة الخارجية المتوقعة . بعامة وضع تصور عن الحالة التي يجب ان تكون عليها المؤسسة مستقبلاً لتتكيف ووضع البيئة الخارجية المتخيلة !!
وهكذا تتضح درجة المخاطر التي من الممكن ان تتعرض لها المؤسسة ، الامر الذي يفرض عليها ان تتجه الى تقليل تأثير التهديدات التي تواجه المؤسسة سواء على مستوى البيئة الداخلية او البيئة الخارجية وان هذه المخاطر تتخذ اشكالا عدة ، فقد يكون طابعها اقتصادياً وسياسياً وقانونياً واجتماعيا وهذا يعني ان وضع الستراتيجية امر تحيطه درجة عالية من الخطر ، بما يعني ان الخطر يعد متغيراً آخر يجب اخذه بالحسبان ، مضافاً للمتغيرات الاخرى شأن كل سلوك تسلكه المؤسسة ، فيه نوع من المغامرة ذلك ان ثمة عوامل خارجة عن سيطرتها وارادتها ، لها تأثير مباشر كما انها تشكل تهديداً من نوع اخر.
جدول رقم (1)

تنبؤ
اطار عمل
تميز
فن
رؤيا
موقف
قرار
خطة
غاية
وسيلة
التكيف العنصر
الكاتب
x x Drucker,1954,1
x x Chandler ,1962 ,13
x x Cannon,1968,9
x Ackoff ,1968 ,29
x Ansoff ,1969 ,118
x Hort ,1970 ,56
x x Hofer & Shendel ,1978 ,4
x x x Miles & Snow ,1978 ,203
x Steine ,1979
x x Porter ,1980
89x 89x 88x 80x Glueck&Jaush.1980,53
x Hambrick ,1980 ,528
x Jaush&Osborn,1981.91
x Hambrick ,1983 ,576
x Boseman & Phatak ,1989 ,112
x Henderson ,1989 ,139
x Treacy & Wiersema ,1990
94x 78x 68x 68,78 94x Mintzberg ,1994 ,122
x Tregoe ,1996
الاختلاف بين الكاتب والمفكرين في تفسيرهم لعبارة استرتيجية

الارقام تفيد السنوات / X تفيد التكرار
ثانيـا : الخطـر
يعد الخطر مسألة ملازمة لأي سلوك تسلكه المؤسسة فأي قرار يترتب عليه جانبان ، فقدان فرصة ( فرص ضائعة) في مقابل نجاح تحققه المؤسسة ، ان مايترتب على ذلك بأعتماد معيار المقارنة بين العوائد من الفرص المستثمرة مقابل عوائد الفرص الضائعة ، يوضح الخطر ودرجته فأي سلوك تسلكه المؤسسة يحمل المخاطر كما ان عدم سلوكه يعد مخاطره ايضا ، اذ ان كل اختيار يجب ان يتجه الى الافضل الا ان الادارة مهما بلغت من درجات الكفاية فأنها لاتستطيع السيطرة على الظروف الخارجية التي تجبرها على تحمل المخاطرة ، كون ان هذه الامور ترتبط بالمستقبل المجهول.
يعرف الخطر بأنه مزيج من احتمال تحقق حدث ونتائجه (ISO /IES Guide 73) تتضمن جميع المهمات امكانية لتحقيق اهداف ونتائج تؤدي الى تحقق فرص ايجابية او تهديدات لنجاج .
عليه ازداد الاتجاه نحو ادارة الخطر على اساس ارتباطها بالجوانب الايجابية والسلبية للخطر وادارة الخطر هي جزء اساس في الادارة الستراتيجية لأية مؤسسة ، وهي الاجراءات التي تعتمدها المؤسسة بشكل منظم لمواجهة الاخطار المصاحبة لانشطتها ، بهدف تحقيق مزايا مستدامة من كل نشاط ومن محفظة كل الانشطة ، ففي كل سلوك تسلكه المؤسسة مجازفة ، فالمتغيرات البيئية غير معروفة الحركة والاتجاه ، وهي بالدرجة الاساس خارجة عن ارادة المؤسسة وسيطرتها ، لذا فأن دراسة المخاطر وتحليلها يساعد على توقع التحديات المستقبلية وقد يحدد حركتها واتجاهاتها وبذلك تسهل عملية تحديد السلوك المناسب . والاخطار التي تواجه اية مؤسسة يمكن ان تكون نتاج عوامل خارجية او داخلية.
تأسيسا يجب على المؤسسة تحديد الفرص المخمنة والتهديدات المخمنة ، في ضوء التخيل لحالة المستقبل ومايجب ان تكون عليه المؤسسة ذلك ان العملية كلها متصلة بالمستقبل ، فهي تقوم على اساس واقع متخيل وليس على اساس واقع ملموس ، فكل الامور مخمنة . هذه المرحلة هي البداية السليمة والتي يجب ان تنطلق من نظرة متفاءلة للمستقبل وليس على اساس النظرة المتشائمة . بعد ذلك على المؤسسة توقع المخاطر والتحديات التي ستواجه الفرص المخمنة ، وتحديد سبل التغلب والسيطرة عليها معالجةً للموقف . زيادة على تقدير الظروف التي ستعزز التهديدات وتزيد من تأثيرها على المؤسسة وتقدير السبل الواجب اعتمادها للوقوف في مواجهة هذه التهديدات وتحديد ثأثيرها على المؤسسة . هنا تتضح اهمية ادارة هذه المخاطر ودورها الفاعل في انجاح الستراتيجية ، اي تحقيق الحالات الايجابية وتعزيزها والحد من الحالات السلبية ومواجهتها ، عليه فأدارة الخطر : هي خطط وترتيبات لما يتوقع ان تواجهه المؤسسة تعزيزاً للحالات الايجابية والتصدي للحالات السلبية والحد من تأثيراتها ، اذن بعامة فأن هدف ادارة المخاطر هي تعزيز الحالات الايجابية ، وتخفيف المخاطر فهي بذلك عملية تتخذ فيها القرارات على اساس مخاطر مخمنة لخطوات التنفيذ لتقليل النتائج او احتمالية الحدوث.
فأدارة الخطر: هي عملية تعظيـــم احتمالية الاحداث الايجابيــــة وتقليـــــل احتمالية الاحداث السلبية التي ستواجه المؤسسة.
اذن ادارة الخطر تشكل جزءاً اساساً من الادارة الستراتيجية ، لأن كلاهما يتعامل مع المستقبل الغامض المجهول ظرفاً واحداثاً وبيئة نوعاً وشكلاً وحدة ...... فهي بذلك تتكامل مع الادارة الستراتيجية تكاملا اساساً في تعزيز الفرص الايجابية والحد من التهديدات وتقليصا او منعا لاثارها السلبية
ومما لابد من شد الانتباه اليه ان مايمكن لحظه هنا دور التفكير الذي يعتمد على الابداع الذهني الذي يجب ان يتمتع المسؤولين عن ادارة الخطر ، اذ في هذه المرحلة يتم التعامل مع حالة ذهنية متخيلة وليس مع حالة واقعية الامر الذي يفرض توافر مواصفات خاصة بمن يكون مسؤولا عنها .
ويرتبط مفهوم الخطر بالستراتيجية بمصطلح ( الخطر الاستراتيجي ) وهو ذلك الخطر المرتبط بخطط الاعمال والستراتيجيات ، ذلك ان اي ستراتيجية تتعامل مع مجوعة افتراضات ، والتي يجب ان يكون منها الخطر الستراتيجي، والذي يفرض على المؤسسة ان تتوقعها وتعمل على تجاوزها او تخفيف حدتها. ومما يجب التذكير به هو ان المخاطر قد تكون داخلية كما انها قد تكون خارجية (www.oxley [email protected],2009,1-3)
ومهما يكن من امر فأن تخيل المخاطر وتحديدها والتفكير في اساليب معالجتها والتخفيف من اثارها يتطلب في الستراتيجي ان يكون ذا ذهنية حادة وذا تفكير خلاق ويتمتع بمرونة عقلية عالية تمكنه من ذلك.
اوضحت الدراسة في خالي الصحائف علاقة الستراتيجية بالخطر وعلاقتهما بالتفكير وهذا يؤشر ان على الستراتيجي ان يتصف بـ :
- مرونة عقلية
- ذهنية عالية
- عقل جوال
- تفكير خارج اطار المعرفة والخبرة والتجربة (حر) .
ثالثا : التفكيـــر
تأشر في سالف الفقرات ومضات ، تظهر دور التفكير في وضع وتحديد الستراتيجية ، وفي تحديد مخاطر كل سلوك تسلكه المؤسسة ، او موقف تتخذه بسبب انخفاض لا بل وانعدام دور المعلومات والخبرة والمعرفة ، في كشف المجهول وتعاظم واتساع دور الحدس والبصيرة النافذة والتفكير الابداعي في استشراف ما سيكون عليه الحال في المستقبل ، وماستكون عليه الامور والاحوال ، وماستواجهه المؤسسة من تحديات ، وما قد تتعرض له من مخاطر مما يتطلب عند وضع وتحديد الستراتيجية ، توقع المخاطر وكيفية وآلية تجنبها ، او الزوغان عنها ، من سعة افق ، ورؤى متعددة ، وبصيرة نافذة و ناقدة ، وحدس وظن قد يصل الى الحقيقة احياناً وتفكيراً ابتكاريا ابداعيا ، يبدأ عمله من المستقبل وفيه .كما يستلزم قدرات فوق الاعتيادية للتخيل ، وادراك للأشياء وحركتها وعلاقاتها وتفاعلاتها ، وماسينجم عنها ، له القدرة على الادراك والاستبصار وقوة الحدس ، مع رؤية شمولية تمكنه من رسم ملامح المستقبل ومتغيراته بدقه ، اي القدرة على التحرك ذهنيا بكفاية فيما يتجاوز الزمان والمكان الذي هو فيه . لبناء تصورات ذهنية عن المستقبل ومتغيراته وادراك حركاتها وتحديد اتجاهاتها . اذن المطلوب نمط جديد من التفكير لايحدده المنطق والمقدمات ، نمط خارج قمقم الخبره والتجربة نمط يخرج عن حدود الزمان والمكان اذ ان المعرفة والتجربة تقيده وتجعله اسيرها ، كمن هو بداخل صندوق فلا يرى ماهو خارجه فهي عامل محدد مكاناً ومقيد زماناً ، لايستطيع تجاوز تلك الحدود . اذن المطلوب عقل تجريدي ، طفولي التفكير ينطلق كيف يشاء واين يشاء ومتى يشاء لاتحدده حدود ولاتمنعه موانع .
واذا استسلمنا جدلا الى ان الخبرة والتجربة هي قيد على العقل تحدد تفكيره . فأن المرونة العقلية في استخدام العقل ، لفهم غير المألوف ، وادراك غير المكشوف ، وحل المعضلات ، تعد اهم البنى التحتية والمستلزمات الاساس لوضع الستراتيجية وتحديد المخاطر اذ انها تساعد في الفهم والاستيعاب الصحيح للابعاد المتعددة للمعضلة ، والقدرة على التعامل مع اهداف ومتغيرات لم تعرف من قبل ذلك بأعتماد منهجية فكرية منضبطة وشاملة ، تقوم على معايير عقلية يحكمها منطق ما يستند الى منظومة فكرية عالية الجودة ، كل مكوناتها وعناصرها ومعاييرها تشكل شبكة متكاملة لايدركها الا قلة من الناس ، اولئك هم الستراتيجيون حقا. هنا يتضح دور التفكير في وضع وتحديد الستراتيجية وتحديد الاخطار المتوقعة وتحديد كيفية وآليات تجاوزها . لقد اثارت مسألة التفكير في مجال الستراتيجية مساجلات فكرية متسعة جدا ، عدت التفكير هو الاساس في صياغة الستراتيجية والتخطيط الستراتيجي ، فهو عنصر جوهري ، له مساهمة كبرى في استمرار المؤسسة وبقائها في بيئة غير مستقرة ، متغيرة دائما وبشكل متسارع ، فالتفكير يقود الى اختيارات ستراتيجية . فهو يهيئ الفهم والوعي بالادارة الستراتيجية واهميتها ودورها في انجاح المؤسسة . وقد تعددت تعريفات التفكير بعامة وتصنيفاته ، فيعرف التفكير بأنه اي عملية او نشاط يحدث في عقل الانسان وهو عملية واعية يقوم بها الفرد عن وعي وادراك ولاتتم بمعزل عن البيئة . وقد وردت تصنيفات عده لانماط التفكير اذ يشير النمط الى مجموعة من الاحداث تميز الفرد ، التي تعد دلالة على كيفية استقباله للخبرات التي يمر بها في مخزونه المعرفي يستعملها للتكيف مع البيئة المحيطة به . وتورد كتب التفكير عدة تصنيفات لانماط التفكير . ان ايراد هذه التصنيفات ليس من اهتمامات البحث ، عليه يكتفي البحث بطرح تصنيفا من هذه التصنيفات :
• التفكير العلمي
• التفكير المنطقي
• التفكير الناقد
• التفكير الابداعي
• التفكير الخرافي
• التفكير التسلطي
• التفكير التوفيقي او المساير

ولكل من هذه الانماط تعريفه ومواصفاته وعملياته . غير ان مايهم البحث من هذه الانماط هو التفكير الابداعي لانه النمط الذي يجب ان يكون عليه المفكر الستراتيجي. ذلك ان التفكير الابداعي ، هو الذي يؤدي الى انتاج يتصف بالجدة والاصالة فهو يقود دائما الى الابتكار ونتاجه قيمة اصيلة عليه فهو عملية يتم فيها ابتكار شي جديد لم يكن موجودا من قبل (مالون ، 2008 : ص83) .

التفكير الابداعي (الخلاق)

يمكن القول بأن الابداع هو الاتيان بشئ جديد ، وهو ظاهرة ذهنية يعالج بواسطتها الفرد الاشياء والمواقف والخبرات والمشكلات بطريقة فريدة غير مألوفة (قطامي ، 2004 ، ص191) . والمفكر الخلاق هو ذلك الفرد الذي يمتلك القدرة على اكتشاف علاقات جديدة او حلول اصيلة تتسم بالجودة والاصالة ودرجة عالية من المرونة في الاستجابة وتطوير الافكار . وهو عملية عقلية تتميز بالشمولية والتعقيد ، ويمكن وصفها بأنها حالة ذهنية نشطة وفريدة فبواسطة التفكير الابداعي يتمكن الفرد من توليد الافكار، الذي يعد الجزء الاهم في عملية التفكير ، فضلا عن ذلك له القـــدرة على التقويـــــم الناقد للافكار وذلك لتأتي النتائـــــج اكثر دقة (Rusbult, 2008.3).
وقد وصف (clark,2011,1-4) الشخص الخلاق بـ:
1- يجب ان يجد الاجابة الصحيحة
2- ان يكون تفكيره منطقيا
3- يسعى وراء الحقائق
4- ان يكون عملياً
5- ان يترك لعقله العنان ، وان يتجه الى المثيرات لانها افضل مايستفز العقل وينشطه بأتجاه الوصول الى التفكير الابداعي .
6- ان يكون جدياً
7- ان يبتعد عن الغموض
8- ان يتعلم من الاخطاء وان يتجنب الوقوع في الخطأ
9- اخيرا ان يصل الى الحالة التي يصف نفسه فيها بأنه ليس خلاقاً.

والشكل (2) يوضح اهمية التفكير الخلاق في تحديد منظور المؤسسة





























شكــــل (2) اهمية التفكير الابداعي في تحديد متظور المؤسسة
Source: (www.Baldrige21.com ,2011 ,5 )


وقد اورد الارث الفكري اسهامات جمة في تطوير مداخل التفكير الابداعي كما اشارت الى مراحل العملية الابداعية . كما ذكر ستراتيجيــات عدة للتفكيــــر الابداعي وتنميته وتطويـــــره ، لعل ستراتيجة العصف الذهني التي يعود الفضل في تطويرها الى (Alix osborn) (نوفل ابو عواد ،2010 ،89 ) افضلها فيما يتصل بتنمية التفكير الستراتيجي فهي تهدف الى كسر التفكير الاعتيادي للفرد واخراجه من شرنقته لينطلق محلقا في فضاء ارحب منتجاً مجموعة افكار متنوعة .
يستخدم هذا المدخل للتفكير عندما تكون بالمؤسسة حاجة الى افكار جديدة فبالافكار يتحفز التفكير وبتصادم الافكار تقدح العقول فتنشأ افكار جديدة وتطور افكار دون النظر الى مستواها وكنهها : ذكية كانت ام غبية، جدية ام هزلية ، غريبة ام مألوفة ، عملية ام مستحيلة ...
وسيورد البحث فكرة موجزة عن هذه الستراتيجية في ات الفقرات .



العصف الذهني " الفكر بالفكر يقدح"
مقولة لحكيم


يعد افضل المداخل والاكثر تأثيراً وقوة في تنمية تفكير المفكر الستراتيجي . فهو يهدف الى تجاوز التفكير الاعتيادي للفرد ، في توليد مجموعة افكار متنوعة . لقد ازداد استخدام هذا المدخل وسيلة لتحريك واثارة التفكير الابداعي (Bradburg,2011,1).
وقد اشار اوزبورن بأن العصف الذهني يتم اما بشكل فردي او من خلال مجموعة مكونه من شخصين الى عشرة اشخاص كما يوصي بأن الحجم الامثل لمجموعة العصف الذهني هو اثنا عشر فردا . لكن التجارب اثبت ان هذا العدد يصعب السيطرة عليه في اثناء العمل ( نوفل ، ابو عواد ، 2010 ،90 ) .
ومما يلحظ عند استخدام هذا المدخل ان عملية الابداع تأخذ بالاتساع تسهيلا لعملية نقل الافكار المطروحة ، على ان يكون ذلك في جو ملائم مقبول من قبل المجموعة ، بما يفسح المجال لهم لدعم فكرة،او دحضها . ان في ذلك تحفيز لعملية التفاعل الداخلي للمجموعة الواحدة بما يزيد من فاعليتها ( y u k ,2006 ,344)
وعادة مايستخدم المديرون مدخل العصف الذهني لتحفيز الافراد لطرح افكار اصيلة وجادة وان اهم ما تتسم به جلسات العصف الذهني هي انها وسيلة للتفكير الجماعي الذي يمكن ان يحفز الفريق ليصل الى قرارات صائبة " نسبياً " ( goets ch & Davis ,2006 ,241- 244)
وقد تعتمد الصيغة الالكترونية في مجموعة العصف الذهني التي يمكن ان تكون فاعلة في توليد الافكار بخاصة اذا كانت المجموعة كبرى لان المجاميع الكبرى بأمكانها توليد افكارٍ نادرةٍ ( Cornolly , etal ,2010 ,1)*
كما تجب الاشارة الى ان هناك مدخلا اخر يطلق عليه العصف الذهني العكسي .


* لمن يبغي الاستفاضة عن العصف الذهني ومراحله وخطواته وتكوين الفريق يمكن الرجوع الى (على سبيل المثال )
- نوفل ابو عواد 2010
-Aovenion ,2005
-I van cevich , etal , 1997
-WWW. Invpi ration ,com ,2004
-WWW.wik : pedia , 2009
-WWW.Jmnovation Tools .com ,2009
WWW.mindtools.Ltd.com ,2010 -










العصف الذهني العكسي

الذي يعد نقيضاً للعصف الذهني . فبدلا من التساؤل حول مختلف الطرق التي يمكن من خلالها تنفيذ فكرة ما بنجاح يكون التساؤل حول ما قد يؤدي الى فشل هذه الفكرة ، وتعد طريقة جديدة يمكن من خلالها معرفة المشكلات التي يمكن ان تواجهها مسبقا ، فيتم التفكير بوضع الحلول لها ، هذه الحالة تفسح المجال لانتقاد الاقتراحات والحلول المطروحة ، كما تحاول كشف نقاط الضعف فيها والاعتراضات المتوقعة في المستقبل والاستعداد لها(مالون ،2008 ،83 ). فبأعتماد مدخل العصف الذهني في وضع الستراتيجية او تطويرها تلحظ ان الافكار التي تطرح والتي يتطلب تحفيز الافكار بأتجاهها ، يمكن ان تتجسد في :
- حالة الاسواق المنافسة
- المنافسون
- وضع المؤسسة المستقبلي
- حالة الموارد
- وضعية القوى العاملة المطلوبة ( مواصفاتها )
- وماهي المخاطر التي من المحتمل ان تتعرض لها المؤسسة في حالة اتخاذها اي موقف او جنوحها الى ستراتيجية ما .


هنا يلحظ بأن موجه حلقة العصف الذهني يحاول ان يركز الافكار ويحفزها باتجاه سيناريوهات يطرحها :
- ماهي جوانب القوة فيها
- ماهي مكامن الوهن
- كيف تعزز عناصر القوة فيها
- كيف تبتعد عن المخاطر التي ستواجهها ، وصولا الى الحالة الفضلى في اخر المطاف .

بعامة تلحظ ان الدراسة قد حاولت في ماضٍ الصحائف اثارت الافكار واستفزاز التفكير حول الثلاثية :
الستراتيجية

الخطر التفكير

والتي تجسد ادارة مستقبل المؤسسة ، فالمؤسسة الناجحة ليست هي تلك التي تدير حاضرها وحسب وانما هي تلك التي تدير مستقبلها اذا ما بغت البقاء والاستمرار والنجاح.
لقد حاولت الدراسة بما اثارته من افكار وماطرحته من محاور ، وما اسست له من حوار ، استنفار الباحثين من المهتمين بموضوعة الستراتيجية ، واستنفارهم للتوسع في دراسة الافكار التي جاءت بها الدراسة وتطويرها ، وانضاجها.






الخاتمة

ناقشت الدراسة عبر صحائفها مسألة تعد من المسائل ذات الاهمية الكبرى التي يرتكز عليها اساساً نجاح المؤسسة واستمرار نجاحها ، فتناولت مفردات ثـــلاث ، شغلـــت صفحات لا بل كتب كثيرة العدد والتعداد ، كما شغلت حيزا واسعاً من تفكير اساطين معرفة وفقهاء وباحثين وكتاب كونها تشكل المرتكزات الجوهرية لتميز المؤسسة المستمر وتفوقها الدائم . هذه المفردات هي الستراتيجية ، والخطر والتفكير ، بعضها من بعض ، كما يؤثر بعضها في البعض وقد اتخذت مدخلا يعتمد التفكير اساساً في تحديد الستراتيجية ووصفها وفي تقدير الاخطار ووصفها تحسباً لها وتجنباً كما اشرت ان المقصود بالتفكير هو التفكير الخلاق وليس اي تفكير فهو نمط ذهني يسفر عن الانتقال من التفكير الذي يكون خارج نطاق المعرفة والتجربة والخبرة ، اي التفكير التجريدي الذي يحلق بعيدا في افاق اوسع وساحات ارحب ، لاتقيده المعرفة والتجربة والخبرة .
وقد تمخضت الدراسة عن افكارٍ واراءٍ ونتائج واستنتاجات طرحها الباحثان في ثنايا الدراسة لعلها قد تكون قائمة لمشروعات جديدة مستجدة كما يدعوان باحثين اخرين الى تطوير هذا الجهد البسيط وانضاجه وصولا به الى درجة راقية.
واخيرا فأن هذا هو الانسان لايستطيع ان يتم شيئاً الا وجد فيه مناقص كثيرة ، كما لايستطيع تجاوزها لانه حبيسها ، وعلى الاخرين كشفها وتصحيحها .
فسمة الانسان القصور ، والزلل وكثرة العثرات ، ولنا في ذلك العذر والسماح واجر المجتهد غير المصيب ، فالكمال لايكون الا لله وحده.



#سالم_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
- التعليم العالي في العراق
- الابتكار والابداع


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سالم سليمان - الستراتيجية التحديد والتطوير بأستخدام مدخل العصف الذهني