أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فرات محسن الفراتي - مشكلة الاقليات الدينية في مصر















المزيد.....

مشكلة الاقليات الدينية في مصر


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 00:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


هل سيبقى حسن وحيداً
في 16 تشرين الثاني / نوفمبر من عام 1941 عرضت على مسرح دار الأوبرا بالقاهرة، ولأول مرة المسرحية الكوميدية (حسن ومرقص وكوهين) من تأليف وتمثيل الفنانان (بديع خيري) و(نجيب الريحاني)، وقد عرضت المسرحية عدة اشهر بين خشبتي مسرحين وسط نجاح كبير انذاك.. المسرحية تقدم اطاراً كوميدياً لواقع التعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود في مصر بتلك الفترة، وقد نشرت مجلة (ذاكرة مصر المعاصرة) الاسكندرانية وفي عددها السابع وفي بابا (لطائف وطرائف) موضوعاً قدمته المجلة على انه (مثال للوحدة الوطنية) متمثلاً بعلاقة الصداقة المتينة بين ممثلين مصريين احداهما مسلم (بديع خيري) والاخر مسيحي (نجيب الريحاني) وكيف ان الصدفة كانت وراء عملهما على مسرحية (حسن ومرقص وكوهين).. وتتحدث المجلة عن نشوء فكرة المسرحية كما يرويها (بديع خيري) حيث يقول "كان زميلي نجيب الريحاني وأنا نعود ذات يوم مريضًا من أصدقائنا بأحد المستشفيات في حي العباسية، وقد استرعى نظرنا في الطريق لافتة فوق أحد المتاجر (مستودع الأمانة لصاحبيه أبخرون وعثمان) ولا يدري كلانا كيف استوقفته هذه التركيبة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن شئون التجارة بمعزل تمامًا عن فوارق الأديان، وهي من هذه الناحية تلعب دورًا كبيرًا في توثيق أواصر الأفراد وبالتالي توثيق أواصر المجتمع".. واستدرك خيري يقول ان نجيب الريحاني اقترح ان يقوما بعمل مسرحي مستوحى من قصة هذه اللافتة، وبدأ العمل على المسرحية واكملا النص خلال (26) يوم.. وبعد المرور بعقبات ادارة المطبوعات وتحفظات الجهات الدينية الروتينية التي اعتادت اقحام نفسها بعالم السينما والمسرح، مرت المسرحية وعرضت..
وعلى الرغم من دعوات التسامح والتعايش الرسمية انذاك وربما الثقافية ايضاً كما بقصة هذه المسرحية، الا ان الحقائق التاريخية غير المنمقة تشير لخلافات اجتماعية بين الطوائف الدينية عزز من نموها العيش بأحياء مغلقة.. ففي روايته (انا حرة) المنشورة عام 1954 والمتناولة لحياة شابة مصرية اواسط الثلاثينيات من القرن العشرين تعيش في منطقة العباسيلة بالقاهرة، يتناول الروائي (احسان عبد القدوس) العلاقة بين العوائل المسلمة واليهودية واصفاً اياها بالعلاقة الطبيعية والمميزة.. الا انه يعرج على حدوث حوادث متبادلة من الشجارات بين شباب الاحياء المسلمة واليهودية على خلفيات الاختلاف الديني
ومر الزمن بمتغيراته على مصر ومجمل الشرق الاوسط.. وتغيرت الخارطة السكانية المصرية ولم يعد هنالك ذكر ليهود مصر ولا حتى احصائية دقيقة لتعداد من تبقى منهم، وفي تموز من العام 2008 عرض فلم سينمائي بعنوان (حسن ومرقص) الفلم الذي كتبه (يوسف معاطي) واخرجه (رامي امام) وقام ببطولته نجوم كبار هما (عادل امام) و (عمر الشريف)، تناول الواقع الاجتماعي للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين، وبمحاولة لتعرية الحقائق بعيد عن الشعارات الواهية.. يقدم الفلم حقيقة المشاعر السلبية والضغينة المخفية بين المسلميين والمسيحين بمصر.. ويقدم الواقع المصري بتناقض اشبه بالنفاق بين وجهين، كما يعرض لضغط الجماعات الدينية المتطرفة تجاه المسلمين المعتدلين والمسيحيين.. وتتعرض لحالة من العزلة المجتمعية للاقليات في مناطق سكناهم ومجتمعهم، واذا كان الفلم قد قدم بسرديته الدرامية قصة حب بين (شاب وشابة) من اديان مختلفة.. فأنه لم ينهي الفلم بأنتصار الحب كما بكلاسيكيات الماضي السينمائية.. بل اختتم الفلم وهو يقدم تحدي مستمر وغير محلول..
واذا كانت مسرحية الاربعينيات (حسن ومرقص وكوهين) تكليلاً لآيجابية التسامح الاجتماعية ومحاولة لتوطيد الاواصر، ففلم العقد الاول من القرن العشرين (حسن ومرقص) لم يكتفي بحذف (كوهين) بل قدم الواقع على مرارته وبأشارات صريحة لتعقيدات الحياة الاجتماعية وواقع الاقليات المزري في مصر.. نتيجة لدور الجماعات الدينية المتطرفة في البلاد.
واليوم وبعد تغيير النظام السياسي بمصر، ووصول التيارات الدينية للحكومة والبرلمان.. تزداد اشكالية واقع الاقليات في مصر بشكل صريح، ولعله من المهم القول بأن عاطفية المصريين كشعب وهي صفة تلازم شعوب شرق اوسطية عديدة.. تؤثر في مواقفهم من قضايا الوطن والمواطنة والاقليات والاديان والعقائد.. ولهشاشة الانظمة السياسية الدور الكبير في التردي القانوني لواقع الاقليات بل واقع الشعب عموماً.
وللاسف لا زال الاعلام العربي يفضل ان يجامل التيارات الكبرى او الاغلبيات او يتصرف كالنعامة بدس الرأس بالتراب عند استشعار الخطر، لدرجة اصبح الاعلام العربي يحاكي مشاعر المجتمع ولا يعمل لمحاكاة الحقيقة او الوقائع.. وهذا تضليل غير منظور.
فواقع الاقليات بمصر اليوم وبالشرق الاوسط عموماً يعطي انطباع ان هنالك عمل مبرمج لآستهداف الاقليات وحثهم على الهجرة، وبالمناسبة لست ممن يروجون لنظرية المؤامرة ولكن وقائع ما يحدث للاقليات بالعراق ولبنان والسودان وبالتأكيد مصر ينذر بخطر شديد..
ان تحطيم التنوع السكاني والثقافي في الشرق الاوسط سيسبب تجذير للتعصب والعنف وانغلاق ثقافي كبير، يسعى له العديد من رواد الفكر الاسلامي المتشدد.
ان الجماعات الدينية داخل السلطة او خارجها لا تؤمن بالتنوع او المساواة بالحقوق والواجبات والغريب انها تعلن عن ذلك علناً على السنة بعض شخصوصها او عبر منشوراتها او قنواتها الرسمية.. وبالتالي من الصعب الحكم على مستقبل التعايش السلمي بين الاقليات في مصر، فالبلدان المصابة بمشكلات الماضي الاجتماعية وبمنقوصية المواطنة وصراعات وخلافات الاغلبيات والاقليات.. لن تنجح بعبور ازماتها الا بظل دولة مدنية تعيش سيادة للقانون ووفق دستور محترم.. وهذا متوفر صورياً وليس متجذر واقعياً.
وان كان الاقباط (المسيحيين) هم في واجهة الاقليات الدينية التي حدثت خروقات واشكالات تجاهها.. وصلت الى الصدامات معها في احداث عديدة لعل اقربها (ماسبيرو) في 10 من تشرين الاول / اكتوبر 2011 واحداث متفرقة عديدة فضلاً عن رفض علني لفكرة ان يرشح قبطي لمنصب رئاسة الجمهورية بمصر، او ان ترشح سيدة (امرأة) للمنصب!
الا ان هنالك اقليات اخرى تواجه تهميش واشكالية كبيرة في مصر كالبهائيين والشيعة.. ويواجه هؤلاء الاقليات فضلاً عن الضغط الشعبي اتهامات بعدم الولاء للبلاد وتقاد ضدهم حملات لتشويه معتقداتهم.. مما يعرض حياتهم للخطر مع وجود مد ديني عنيف وغير منضبط.
وبين الازهر والاخوان المسلمين والتيار السلفي الجديد المقرب من السعودية.. هنالك تهديد واقعي للعلمانية المصرية وللتنوع المصري.. ولواقع الاقليات في مصر.. بالتالي لعله سؤال يثير التشاؤم ولكنه واقعي.. بعد اسقاط (كوهين) هل سيجري اسقاط (مرقص).. وهل سيبقى حسن وحيداً..؟



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة
- اعادة الرؤية العربية.. جدلية الداخل والخارج في ضوء صفقة الاس ...
- مشاهدات من داخل كنيسة سيدة النجاة
- تراجع الذائقة الفنية بين جمعية الثقافة وعولمتها
- اخر حوار صحفي مع النحات محمد غني حكمت قبل رحيله
- ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم
- سخط الثقافة وأزمة المجتمع
- تحديات البذرة الديمقراطية العراقية
- كذبة الديمقراطية
- التعليقات في عالم الانترنيت
- الحريات و الحقوق و الخصوصية .. في ضوء ظاهرة رسائل الهاتف الج ...
- دوافع الاختراقات الامنية المسكوت عنها
- في ذكراه الثانية و الاربعين .. بين جيفارا و ساسة العراق الجد ...
- دقائق لن انساها .. عندما وقفت امام (منظار غاليلو) الذي عرض ل ...
- من داخل متحف النوبل في استوكهولم .. و في ظل الاجواء الحالمة
- المعارضين الأجانب في العراق .. العراق و أزمة الحوثيين انموذج ...
- قضية لبنى الحسين .. تفتح ابواب الحريات و الحقوق في العالم ال ...
- العراقيون و مشاريع اوباما
- السجارة التي احرقت روما .. تحرق بغداد
- ذكرى 14 تموز .. و ثمار الحرية


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فرات محسن الفراتي - مشكلة الاقليات الدينية في مصر