أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - السموأل راجي - في المسأَلَة التَّنظِيمِيّة من زاوِيَة بلشَفِيّة















المزيد.....

في المسأَلَة التَّنظِيمِيّة من زاوِيَة بلشَفِيّة


السموأل راجي

الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 06:27
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


ماذا ينبغِي أن نتعَلّم ، وكيف ؟ هكذا خاطَبَ لينين شباب المُؤتمَر الثّالِث إتّحاد الشّباب الشُّيُوعِيّ الرُّوسِي في الثّانِي من أكتُوبر/تشرِين الأوّل 1920 ، مُنتقِلاً كدأبِهِ إلى توضِيح مهامّ الشّبِيبَة في خلق مُجتمع إشتِراكِيّ ، السُّؤال يتكرَّر مُنذُ فترة ليسَت بالقصِيرة بإرتِباط مع تواتُر الأحداث وإحتِداد الصّراع وتعدُّد الواجِهات والجبَهَات مرفُوقَة بحالة من التخبُّط والعَجز لدَى البقِيَّة الباقِيَة من أرامِل مُوسكُو ومآلُها الإندِثار لا رَيْب وأُوجِّهُ في هذا السِّياق دعوة جِديّة لمن لا يزال يحمِل نُتَفًا من الفِكر البلشفِيّ أن يُغادِرها لِتأسِيس أحزابٍ شيُوعِيّة حَقَّة إنضِباطًا لقرارات الأُمَمِيّة الثّالِثَة في مُؤتمرها الثّانِي :" ما أن يكتسب الجناح اليساري لأي حزب وسطي/تحرِيفِيّ قوة كافية، بإمكانه ، أن يترك الحزب ككتلة ويشكل حزبا شيوعيا" وآن الأوان للرّفاق ترك تنظِيماتٍ تعاوُنِيّة لم ترتقِي حتّى لمرتبة الإشتراكِيّة الدِّيمُقراطِيّة لما بعد 1919.
ورد في ذات المَعنَى وفي ذات المُؤتمر في مُقرَّر المهامّ الرّئِيسِيَّة للأُمَمِيّة الشُّيُوعِيّة "المهمة الرئيسية للحزب الشيوعي، من وجهة نظر الحركة البروليتارية الأممية في الوقت الحالي، هي تجميع كل القوى الشيوعية المبعثرة، وتشكيل حزب شيوعي "والمُلاحظ أنّه في وطننا العربِيّ وحتّى في العالم ونتِيجةً للإفراط في وُجُود مُسَمّياتٍ شيُوعِيّة تفسّخت المبادِئ المركزِيّة التي يقُومُ عليها الحِزب وتلاشَت مهامّ مُؤتمراته وتحوّلت مُعظمها إلى أقنِعةٍ باهِتةٍ للبُورجوازِيّة الصُّغرى وحتّى قِطاعاتٍ لابأس بِها من البُورجوازِيّة الكبرى وغابَت الحياة الداخلِيّة للأحزاب وعوّضتها القرارات الأُحَادِيّة لبهائِم بعضُها يعُودُ إلى ما قبل الحرب البارِدة والبعض الآخَر ورِث الأمانة العامّة أو عُضوِيّة الكتب السّياسِيّ عن أمّه وأبِيه وصارَت الهياكِل الـمَنُوط بِها تجسِيد الشّعار اللّينِينِيّ "لِــنَـنغرِس أكثَر فأكثَر داخِل الجماهِير" أشبه بنوادِي وتجمُّعات مُناورات وحبكة مُؤامرات خُيُوطها بين أصابع مُلَوَّثَة لأحد العناصِر "القِيادِيّة" وأحيانًا تُشكِّلُ نوافِذ وبوّابات إختراق غير مسبُوق إذا ما تراكمت تجعل من الحِزب كَــكُلّ ردِيفًا أو مُلحَقًا لحِزبٍ آخر حاكمٍ أو شبه حاكِم .
إذ حانت اللحظة التي أصبح من الضرورة المطلقة فيها، بالنسبة لكل حزب شيوعي، أو مجمُوعة شيُوعِيِّين يعملُون على تلمُّس معالم الدّرب الثّورِيّ الشّاق ، فلا مناصَ من توضِيح البِنْيَة والأُسُس التّنظِيمِيّة المُقام عليها الحزب في سبِيل تحقِيق أهداف الطّبقَة العامِلة والشّعب ، وإعتِبارًا أنّهُ "من واجب الشيوعيين ألاّ يسكتوا عن نقاط الضعف في حركتهم، بل أن ينتقدوها علنا من أجل التخلص منها بشكل سريع وجذري" فَــحرِيٌّ القول أنّ أحد أوجُه القُصُور العديدة سواءًا من ناحِية الطّرح والتّحيِين أو من زاوِية الكتابة والتّعمِيم ومن ثمّ التّفعِيل هي المسألة التّنظِيمِيّة .

"لقد تمكنت البرجوازية في البلدان الأكثر ثراء، بفعل التطور الاقتصادي العام، من إفساد قمة الطبقة العاملة. الأرستقراطية العمالية، وإغرائها، عن طريق الصدقات المأخوذة من أرباحها الضخمة. وتوافد « رفاق نضال » الاشتراكية البرجوازيون الصغار إلى صفوف الأحزاب الاشتراكية-الديموقراطية الرسمية، ووجهوا شيئا فشيئا مجرى هذه الأخيرة وجهة البرجوازية. وشكّل قادة الحركة العمالية البرلمانية والسلمية، والقادة النقابيون، وأمناء سرّ الاشتراكية-الديموقراطية ومحرروها ومستخدموها، شريحة بيروقراطية عمالية كاملة، لها مصالحها الخاصة كمجموعة أنانية، شريحة كانت في الواقع معادية للإشتراكية" وهكذا وُلدت في رحِم الأحزاب التي كانت تُسمّى شُيُوعِيّة قيادات إنتهازِيّة نفعِيّة كافّة أنشطة التّنظِيم ومُمارساته في خدمتها ولم يعُد مُستغربًا غِياب مفاهِيم ماركسِيّة وعلم الصّراع الطبقِيّ عن الأدبِيّات وشُيُوع حالة من الفقر المعرفِيّ والمنهجِيّ جعل من بعض الأحزاب وعلى الأخصّ في المشرق أشبه بصالُونات تحترف النّدوات الفُندُقِيّة وحفلات الشّاي وتكثُرُ فيها مشاهد النُّهُود والأفخاذ وقرقعة الكُؤُوس ، وغير صعب إستنتاج التّأثِيرات الكارِثِيّة لغياب مضمُون الرُّوح التّنظِيمِيّة البلشفِيّة وعدم التّنصِيص عليها وتدارسها الدّائِم في الحالة السّائِدَة .
لم يعُد العِلم الشُّيُوعيّ مُجرّد فلتَة من أستاذ جامعيّ ألمانِيّ ومُحامِيّ رُوسيّ وإنّما غدَا منهجًا مُعتمدًا من برُوليتاريا العالم في صِراعها ضِدّ البُورجوازِيّة وأذنابِها وينقسِم هذا العِلم لِأفرُعٍ من بينها علم التّنظِيم وعمُوده المركزِيّ مفهُوم "المركزِيّة الدِّيمُقراطِيّة" التي يُردّدها جِزافًا بهائِم أرامل مُوسكُو وأعداء البلاشِفَة والطّبقة العاملة وحتّى الشُّعُوب !
" يتطلّبُ نجاح النضال ضد البُورجوازِيّة ميزان قوى صحيحاً بين الحزب الشيوعي كمرشد، و البروليتاريا، الطبقة الثورية، والجماهير، أي مجمل الشغيلة والمستغَلين. إذا كان الحزب الشيوعي يشكل فعلا طليعة الطبقة الثورية ويستوعب أفضل ممثليها، وإذا كان مؤلفا من شيوعيين واعين ومتفانين، مستنيرين ومتمرسين بتجربة نضال ثوري طويلة، وإذا عرف كيف يرتبط بشكل لا فكاك منه بكامل وجود الطبقة العاملة، وعبرها بوجود كل الجماهير المستغلَة، وأن يوحي لها بالثقة التامة، فإنّهُ الحزب الوحيد الذي سيكون قادرا على قيادة البروليتاريا في النضال النهائي، الأكثر ضراوة ضد كل قوى الرأسمالية. وليس إلاّ بقيادة حزب مماثل تستطيع البروليتاريا أن تقضي على البلادة والمقاومة لدى الأرستوقراطية العمالية الصغيرة المؤلفة من قادة الحركة النقابية والتعاونية الذين أفسدتهم الرأسمالية، وأن تطور كل طاقاتها التي تفوق بما لا يقاس قوتها العددية بالنسبة إلى السكان، وذلك تبعا للبنية الاقتصادية الرأسمالية نفسها." وليس بِقِيادات وحتّى أعضاء تمّ إنتِدابُهُم بإنخِراطاتٍ وَرَقِيّة تُباع كتذاكِر قاعات السّينما الجامِعُ بينهُم التعهُّر أو الليبرالِيّة الأخلاقِيّة وتعنِي المركزِيّة الدِّيمُقراطِيّة في مفهُومها الواسِع :

- تشكيل كافة هيئات الحزب بالانتخاب من أدنى خلِيّة من الخلايا إلى أعلى البناء التّنظِيمِيّ.
- ممارسة الرقابة الحزبية من أدنى إلى أعلى ومن أعلى إلى أدنى.
- التزام الهيئات الدنيا بقرارات الهيئات العليا المنتخبة والتزام كافة منظمات الحزب بقرارات المؤتمر الوطني العام، وبقرارات اللجنة المركزية في الفترة بين المؤتمرين.
- التزام الأقلية برأي الأغلبية مع ضمان حق الأقلية في التعبير عن رأيها وأن تناضل لتحقيقه من خلال الهيئات والأطر والقنوات التنظيمية والمؤتمرات.
- الجماعية في القيادة وفي اتخاذ القرار والمسؤولية الفردية في التنفيذ.
- تقديم التقارير الدورية من العضو لهيئته، ومن كل هيئة للهيئات الأعلى.
- انتهاج أسلوب النقد والنقد الذاتي
وقبل الغوص في التّدقِيق ومزيد التّحلِيل لا بُدّ من التّنوِيه أنّ أعدا الطّبقة العاملة والشّعب والبلاشفة وأعداء الماركسيّة بشكلٍ عامّ سيطيرون فرحاً ويهللون ابتهاجاً حين يرون مناقشاتنا. ومن الواضح أنهم، سيهزون في وجهنا تلك المقاطع من الكراس المخصص لعيوب حزبنا ونواقصه، بقصد استخدام هذه المقاطع لغاياتهم" كما يقُول ستالِين في أُسُس اللّينينِيَّة ولكن لا بأس ، فالشّيُوعيُّون الحقيقِيُّون "يتابعون انتقاداهم الذاتي بالرغم منها، ويواصلون، بغير مداراة أو محاباة كشف نواقصهم التي سيتم تلافيها حتماً ولا محالة، بفضل نمو حركة العمال" "فهذه الروح الانتقادية والثورية، متغلغلة في طريقة لينين كلها من أولها إلى آخرها. ولكن من الخطأ الظن أن طريقة لينين هي مجرد تجديد بنيان ما أعطاه ماركس، وأعادته إلى حاله. ففي الواقع، ليست طريقة لينين عبارة عن أعادة طريقة ماركس الانتقادية والثورية إلى حالها فقط، بل هي أيضاً تطبيق ملموس وتطوير للمنهَج الماركسيّ"*

"يجب أن يكون الحزب، قبل كل شيء، فصيلة الطليعة من الطبقة العاملة. يجب أن يستوعب الحزب من الطبقة العاملة، أحسن عناصرها جميعاً، وتجارب هذه العناصر، وروحها الثورية، وتفانيها المتناهي لقضية البروليتاريا. ولكن، لأجل أن يكون الحزب فصيلة طليعية حقاً، يجب أن يكون مسلحاً بالنظرية الثورية، بمعرفة قوانين الحركة، بمعرفة قوانين الثورة. وإلا فلا يكون في طاقته قيادة نضال البروليتاريا، ولا اجتذابها إلى السير وراءه. إن الحزب لا يستطيع أن يكون حزباً حقيقياً، إذا اقتصر همه على تسجيل ما يشعر به ويفكر به جمهور الطبقة العاملة، وإذا استسلم للسير في ذيل الحركة العفوية، ولم يستطع التغلب على ما في الحركة العفوية من اللامبالاة السياسية والجمود" ولن يتسنّى لهُ ذلك بجُملة مهاترات وتضارب مصالح وإهتمام بتعزيز المشاركة الدّيمقراطيّة في أظمة بالية مُهترئة أو حكومات بورجوازيّة عميلة كما لا يُمكن له ذلك في غياب إنضباط تنظِيمِيّ مُنقطِع النّظِير ووِحدة حدِيدِيّة كأروع ما تكُون الوِحدة بين الشُّيُوعيِّين وحدهُم يقُومُون بحملات تطهِيرٍ دورِيّة داخِل صُفُوف الحِزب للقطع مع شوائب البورجوازِيّة الصّغرى العاملة على الإندساس وتحوِيل مسار النِّضال وتهمِيش محاوِر الصّراع بما يخدم مصالحها ، خُضُوع الأغلبيّة للأقليّة لا ينتفِي مع الدِّيمقراطِيّة في أبهى معانِيها إذا ما كانت الأغلبيّة جديرة بوصفها ماركسيّة لينينِيّة ، و"مبدأ قيادة عمل الحزب من قبل هيئة مركزية، يثير غالباً هجمات من العناصر غير الثابتة، واتهامات بالبيروقراطية و التمسك بالشكليات الخ... ولا حاجة إلى البرهان على أن من المستحيل القيام بعمل الحزب بصورة مستمرة منظمة من حيث هو كُلٌّ مُوَحَّد، وقيادة نضال الطبقة العاملة، بدون تطبيق هذه المبادئ اللينينية، في ميدان التنظيم بمنتهى الدقة"* ، أمّا الإنضِباط الحدِيدِيّ ، "في الحزب فَـلا يمكن تصوُّره بدون وحدة الإرادة، وبدون وحدة العمل التامة والمطلقة بين جميع أعضاء الحزب. على أن هذا لا يعني طبعاً انتفاء وقوع إختِلافاتٍ في الآراء، بل على العكس من ذلك، فإن الانضباط الحديدي يفترض مُقَدَّماً، وجود الانتقاد ونضال الآراء في داخل الحزب، وهُو يفترض الخضوع الواعي القائم على ملء الاختيار الحر، لأن الانضباط الواعي هو الذي يمكن أن يكون حقاً نظاماً حديدياً. ولكن عند انتهاء نضال الآراء، واستنفاد الانتقاد، واتخاذ القرار، تكون وحدة الإرادة ووحدة العمل بين جميع أعضاء الحزب، الشرط الذي لا غنى عنه، والذي بدونه لا يمكن تصور حزب موحد، ولا انضباط حديدي في الحزب."* يقُولُ لينين في وثِيقته المُصادق عليها في المُؤتمر الثّانِي للأُمَمِيّة الثّانِيَة تحت بند شُرُوط قبُول الأحزاب في الكومنترن : " لا يستطيع الحزب الشيوعي أن يقوم بمهامه إلاّ إذا كان منظما بالشكل الأكثر مركزية. إلاّ إذا كان الانضباط الحديدي المشابه للانضباط العسكري مقبولا به، وهيئته المركزية تتمتع بسلطات واسعة وتمارس سلطة مسلما بها، وتتمتع بثقة المناضلين بالإجماع." النُّقطة 12.
ومن هُنا فالتكتُّلات حول الأشخاص أو حتّى حول الآراء ومنها تشكُّل حلقِيّة لن يكُون إلاّ إفراغًا للحزب من أيّ مُحتوى أو مضمُون ثورِيّ ونُقطة اللاّعودة في تحوِيلِه إلى تنظِيمٍ بورجوازي صغِير يأخذ طريق التفسُّخ والإنهِيار وفِقدان المصداقِيّة والإنعزالِيّة شيئًا فشيئًا حتّى التّلاشِي ويُصبِح وُجُوده حتّى كعنوان مُجرّد ديكُور أو يافطة للحُصُول على منافع الأمين العامّ وزُمرة من مُعاوِنِيه أو زعامات كُتل بلهاء وتكثُر الإنحرافات وينصبّ الجهد إمّا لعمليّاتٍ إنتخابِيّة لحظيّة في بلديّات أو مجالس نيابيّة تافهة أو في كرنفالات فلكلورِيّة في فنادق وتكثُر حفلات الشّاي وما إليه فَــ"الحزب هو وحدة في الإرادة تنفي كل عمل انقسامي وكل تجزئة للسلطة في الحزب"* .
لم تكُن الطّبقة العامِلَة يومًا حلقةً مُغلقة أو نادِي مُقفل إلاّ من مُرتدِيهِ ، فبفعل قوانِين الإنحدار والإرتِقاء الطبقِيَّيْن تنخرطُ في صُفُوفها أفواج من البورجوازِيّة الصّغرى ومُزارعين وفي أعلى مُستوياتها تنحلّ فِئاتٌ منها بعضُهُم من المُثقّفِين وأشباههم أو النّقابِيِّين تحكُمُهم ذهنِيّة التردُّد والإنحِلال والإنتهازِيّة وإحتِراف الإصلاحِيّة عادةً ما يُثِيرُون صراعاتٍ هامِشِيّة لا تتنزّل في السّياق السّلِيم وعلى يمين الصّراع الطّبقِيّ لتنزاح بالحِزب الشّيُوعيّ متى تمكّنت من دُخُولِهِ وتبوُّأ مراكز الصّدارة فِيه إلى خانة التّحرِيفِيّة بعد أن أنهكته في خلافات وتكتُّلات وإنحرافات وزاغَت به عن الإنحياز للبروليتارِيا فيستحيل تدارُك الوضع عندها إلاّ بالإنشِقاق والعود على البدء ، ومن هُنا لا مجال للحدِيث عن مركزِيّة دِيمُقراطِيّة خارِج مجرَى الحركة الدّورِيّة الدّؤُوبة للتّطهِير داخِل صُفُوف الحِزب والرّقابة الصّارِمَة المرفُوقة بعمليّات نقدٍ ونقدٍ ذاتِيٍّ لا تنقطع تكُون بمثابة خُبزٍ يومِيٍّ للشُّيُوعِيّ الصّلب " هذه الجماعات البرجوازية ..هِي منبع العمل الانقسامي والتفكك، منبع تخريب الحزب وتفكيك تنظيمه وهدم الحزب من الداخل. ..ولذلك، فالنضال بلا رحمة ضد مثل هذه العناصر وطردها من الحزب هُو الشرط الأولي للنضال الناجح"*

المبادِئ التّنظِيمِيّة المُرتكز عليها تنظِيمٌ بلشفِيٌّ تجعلُ مِنهُ مُنظمة ثورية تستند على الدور الطليعي للبروليتاريا في الخطّ والممارسة، وتضع مهمة التجذر داخل الطبقة العاملة في مقدمة كل المهام، من أجل بناء الطليعة البروليتارية. وبدون إنجاز هذه المهام "فإن تنظيم المحترفين الثوريين قد يصبح ألعوبة ومغامرة ومجرد شعار بدون مضمون" كما يقول لينين. منظمة ثورية تستعمل نظرية البروليتاريا، الماركسية-اللينينية، في تحليل الواقع الملموس للبلد دُون سواه ولا تحترف اللّغو اللّفظِيّ أو الهُراء المعرفِيّ فيتحوّل الحِزب لِـمُنتدى فِكرِيّ، تتّخِذُ الماركسيّة اللينِينِيَّة كــمُرشِد لخوض نضال حازم ضد مختلف الإيديولوجيات البرجوازية.
منظمة ثورية تستند على المركزية الديمقراطية في ديناميتها الداخلية، في علاقة قيادة /خلايا، و مبنية على وحدة الإرادة ووحدة الفكر والممارسة الجماعية، مركزية لبناء وحدة متينة سياسية وإيديولوجية وتنظيمية كبلورة للقوى الطليعية للجماهير، ديمقراطية تفتح مجال المبادرة والنقد داخل التنظيم،قِيادتها صلبة تُعطِي المَثَل البلشفِيّ ومتينة قادرة على بناء الخط السياسي وضمان تطبيقه في كل مرحلة، وتطوير ممارسة التنظيم، وقادرة على ضمان الوحدة السياسية والإيديولوجية والتنظيمية على عاتِقِها وبإعتبار كفاحِيّة وشيُوعِيّة أعضائِها تقُود مُناضِلِيها إلى الإلتِزامِ بالانضباط الصارم على كافة المستويات، انضباط الرفاق للخلايا، انضباط الهياكِل الدنيا للهياكِل العليا، وبالممارسة الدائمة للنقد والنقد الذاتي جماعيا وفرديا، داخليا ومع الجماهير ؛ كُلّ هذا للوُصُول إلى مُنظمة ذات خط سياسي سدِيد ينبع من الاستيعاب الدائم لخصائص الواقِع بالبِلاد المعنِيّة وتطوراته، والقدرة على استعمال المنهج الماركسي-اللينيني في تحديد هذا الخطّ؛ خطّ سياسي يستند على تطوير حركة الجماهير الثورية والسير على رأسها، وفي مقدمتها العُمّال وفقراء الفلاّحِين وأشباه البروليتاريا ومجموع قوى الشّعب .

إذا ما تضافرت العوامِل التّنظِيمِيّة المُستنِدة للفِكر اللّينِينِيّ المُتحرِّك والمُتطوِّر لإرتِكازِه على الدّيالكتِيك فبالضّرُورة ستكُون المهامّ الأُولَى هي التوجُّه المُباشِر للجماهِير وليس الإعتكاف وراء شاشات الحواسِيب المحمُولَة وفي المقاهِي والحانات أو حتّى في المقرّات ؛ جاء في بيان الكومنترن إلى بروليتارِيِّي العالم أجمع :"اتَّبع تطور الشيوعية طرقا معقدة وشهد، بشكل متناوب، عواطف الحماس وفترات الإحباط، وعرف الانتصارات والخيبات القاسية. ولكن الحركة سارت بالواقع تبعا للطريق الذي رسمه البيان الشيوعي" ومن ثمّة فالمركزية الديمقراطية تتحوّل إلى مُوَجِّه للعلاقة بين الحزب والجماهير بإرتِباط مع مُعادلة تماهِي العمليّة الثوريّـة مع حاصِل نِضال الجماهير من أجل قطع دابِر الإستغلال، وأنّ دور التّنظيم الثّوري يكمُن في إدخال عُنصُر التّنظِيم والوِحدة المرفُوقة بالوعي على الحركة الجماهيرية العفوِيّة ، يقُول لينين "على عاتقها تنظيم الحركة العمالية، وتجمِيعها تحت قيادة ثورية، وبمساعدة هذه الحركة تحدد للبروليتاريا هدفا واحدا: افتكاك السلطة من أجل تدمير الدولة البرجوازية وبناء المجتمع الشيوعي" ولن يكُون ذلك بتنظِيمات مُهترئة وإجتماعاتٍ معدُومة وحياة داخليّة الموت يصلُحُ نعتًا لها وكتاباتٍ حتّى الأحزاب الفاشيّة أحسن صوغًا من غالبيّتها ، بالبناء التّنظِيمِيّ المُتكامِل وحده تتحقّق الأهداف والمهامّ وتتحوّل المراكز القيادِيّة إلى مُساوِية لعُضوِيّة أيّة خلِيّة من الخلايا ويُصبِح الأمِين العامّ أكثَر الأعضاء نشاطًا وأقلّهُم حظًّا في الرّاحَة ولكن لا قِيادة لهُ فِعْلِيّة محكُومٌ لا حاكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* : ستالِين ، أُسُس اللّينِينِيّة



#السموأل_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى النّكبَة تطُلّ
- فَوْضَى الحواسّ في الجَزَائِر
- بعد الإطاحَة بساركُوزي
- الفاتِح من آيار/مايُو،لترتفِع راية الأُمَمِيّة
- أطلِقُوا سراح الرّفِيق سلاَمَة كيلة يا بهَايِم
- على إثْر الجَوْلة الأُولَى من إنتِخابات الرِّئاسَة الفَرَنْس ...
- في فرنسا،الجَبهة اليَسَارِيّة تَنْطَلِق
- إلى ورَثَة نِضالات إبراهيم محمّد نَقد
- تطوُّر الصِّين نحو الرّأسمالِيّة مُنذُ 1949 - الجُزء الثّانِ ...
- تطوُّر الصِّين نحو الرّأسمالِيّة مُنذُ 1949 - الجُزء الأوّل
- في عيد الحُبّ
- حول الشّيُوعِيّة والدِّين
- حول سُوريا وإيران:موقف الأمميّة الشّيُوعِيّة
- ضِدّ النّهج السّاركُوزِيّ
- مِن إسْهامات الأُمَمِيّة الثّالِثَة
- حزب العُمّال الشّيُوعِيّ المِصريّ:بين ضرورة التّأْرِيخ وجُحُ ...
- فِي ذِكرى وفاة لِينِين
- حياة أدريانُو سُوفرِيّ
- الحِزب الشّيُوعِيّ الثّورِيّ في فولتا العُليَا
- الحِزب الشّيُوعِيّ الثّورِيّ التُّركِيّ


المزيد.....




- زعيم يساري أوروبي: حان وقت التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى تخليد ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - السموأل راجي - في المسأَلَة التَّنظِيمِيّة من زاوِيَة بلشَفِيّة