أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مراد سليمان علو - جاري والمجاري















المزيد.....

جاري والمجاري


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 19:22
المحور: كتابات ساخرة
    



لم نفكر يوما بان قرانا بدون مجاري أو بحاجة للمجاري لتصريف المياه الفائضة أو الثقيلة ، ولم نهتم بهذا الأمر يوما لا من بعيد ولا من قريب على الأقل ليس منذ نشأة أول قرية منذ أكثر من 12000 عام في بلاد مابين النهرين ربما لأن القرى التي تواجدت أبان ثورة العصر الحجري الأول وإلى عصور متأخرة أسست وبنيت في المرتفعات ومنها جاءت كلمة (كوند) باللغة الكردية والتي تعني (البلاد في المكان المرتفع) وتأسيسا على ذلك يمكن القول إن المياه المستعملة كانت تنساب بيسر للأسفل سواء كان ذلك الماء فضلة الاستعمال الشخصي أو مياه الأمطار الساقطة ، فلم تعاني القرية يوما مشكلة في كيفية تصريف المياه فيها وإلى وقت قريب وكذلك يمكن إضافة سبب بسيط آخر وهو إننا لم نمتلك يوما ما يكفي من الماء لنستخدمه بترف مما جعل من الأمر ثقافة مفروضة وعادة يصعب عدم الخضوع لها.
وانفجرت الحضارة في التاريخ البشري وتحولت القرية إلى حاضرة والحواضر إلى مدن كبيرة وعواصم متمدنة كما في الوقت الحاضر ، ولكننا بقينا متمسكين بالقرية الصغيرة (الكوند) والتي يقال منها جاءت تسمية كوردستان في اللهجة السلجوقية المتأخرة . نعم ، لازمنا القرية كمكان لنشأتنا الأولى ولأسباب عديدة متعلقة بذكريات عاطفية تاريخية موغلة في القدم وعالقة في العقل الباطن نرفض مغادرة القرية وربما التركيب العاطفي المعقد للإنسان هو سبب هذا التعلق وبرأي هذه العلاقة وأسباب استمرار الناس في حضن القرية بدلا أن يقوم (المكان ـ القرية) بدوره كحاضن بحاجة للمزيد من ألقاء الضوء وإجراء بحوث متخصصة في هذا المجال .
والآن عندما يخطط لمدينة عصرية ـ قرية ـ مجمع سكني أو حتى محلة مكونة من عدد من البيوت أول ما يؤخذ بالحسبان المجاري فهي مهمة أهمية البناء نفسه بل لا يمكن العيش في مكان متمدن خالي من المجاري حتى إن بعض المدن الكبيرة مثل نيويورك لها أنظمة خاصة بمجاريها وخرائط لها وتحكم آلي عن بعد ببعض مجاريها وغلق أو فتح بوابات معينة وتغيير اتجاه المياه الثقيلة ... ويمكن لجيش بكامل عدته أن يسير فيها دون أن يطأطئ أطول عريف رأسه وهو يخشى أن يصطدم بشيء لزج وقد صورت لقطات ومشاهد لأفلام لا تحصى فيها وربما أشهرها فلم (التمساح) وانبثق عنه أفلام أخرى ورسوم متحركة وكتب وتقارير إخبارية ومقالات وقصص ... الخ وكذلك المسلسل الشهير الحسناء والوحش ... والطريف أن نسبة معينة من سكان نيويورك يعتقدون جازمين أن التماسيح تعيش بطريقة أو بأخرى في مجاري مدينتهم ، ونظرا للمجاري العملاقة إذا ما تسرب مياهها وانفلت من اليد زمام الأمور يمكن أن تغلق بعض شواطئ المدينة لذلك أيام عدة .
طوال شهر نيسان الجميل الماضي ولا تزال مدينة سنجار تعاني من اختناق مروري بسبب إنشاء مجاري في الشارع الرئيسي النازل من بربروش بمحاذاة حي النصر وقد يمتد (العمران) لشوارع أخرى لا حقا فكما ترى نحن نبني ونشق الطرق ونبلط الشوارع ثم نقوم بتكسير الشارع من جديد لإضافة المجاري ربما كان المهندس قد نسيها عندما خطط للمشروع وهذا يذكرني بأربعة عمال كانوا يتشوقون لإيجاد فرصة عمل في تسعينيات القرن الماضي ونظرا لسوء حالتهم المعيشية بسبب الحصار كانوا سيرضون بأي عرض واستخدمهم رجل من البادية لبناء غرفة له من الطين في أحدى القرى النائية وطبعا وافقوا على العمل باعتبارهم متخصصين لا يشق لهم غبار في بناء الدور وبدأوا يبنون الغرفة وعندما حان وقت استراحتهم في الظهيرة أحتار اثنان منهم في كيفية الخروج فقد نسي بناءهم العبقري أن يجعل للغرفة بابا وطبعا لم يخطر الأمر ببال الباقين أيضا فالمهم إنهم قد حازوا على عمل سيدر عليهم ببعض المال وأخطاء بسيطة كهذه يمكن إصلاحها بطريقة ما .
ويمكن القول إن مدينة عريقة ومشهورة مثل مدينة الموصل نفسها لا تخلو من مشاكل في نظام مجاريها فنرى الأهالي ومأساتهم ـ في قناة الموصلية ـ في مواسم الأمطار والفيضانات يستغيثون دون جدوى بسبب عدم قدرة هذا النظام القديم بتصريف المياه المتدفقة بقوة في تلك الأيام .
وما يهمني في هذا التطبيل والتزمير هو قريتي التي أعيش فيها فقد كثرت في السنوات الأخيرة حفر الآبار بواسطة آلات حديثة دون الحاجة لمساحة كبيرة فالمسبار في آلة الحفر قادر على حفر بئر في مساحة متر مربع واحد وبعمق تحدده أنت فبات الأمر وكأنه حاجة ضرورية لا يمكن لأية عائلة الاستغناء عنها وهي كذلك بعد أن أهملت الآبار الارتوازية فجفت ضروعها وكذلك استغناء الناس عن الآبار السطحية .
والمشكلة ليست في الأكواخ الطينية وحصول أصحابها على كميات وافرة من الماء والذي لا يصلح للشرب ولكنه يفيد الغسل والتنظيف وقد يزرع أحدهم بعض أنواع الخضروات في باحته ويستمتع بها أطفاله وتوفر له بعض المال ، ولكن المشكلة تكمن في الارتفاع الطردي في دخل الفرد مما تتيح له الفرصة في إنشاء بيت كونكريتي قبل كل شيء والتخلص من (الطشت والطاسة ) وهذا حق طبيعي لكل واحد وما أن يكتمل البيت ويأكل الجيران ذبيحة إكمال البيت الجديد حتى يتناوب أفراد العائلة في دخول الحمام وتقوم البنات بغسل البيت ولا يهم أين سيذهب ماء مجرى البيت المهم سيخرج من المنزل وفي الصباح الباكر تأتي الجارة العزيزة وربما أكثر من جارة لتريهم الويل والثبور قبل انبلاج النور بسبب ماء البارحة والذي أصبحت بركة أمام بيوت الجيران ولا ينقصها سوى نقيق الضفادع أما الكلاب السائبة فقد كانوا يدعون طوال الليل لصاحب فكرة غسل البيت ذو الطابقين بالعمر المديد وبالعافية لجميع أفراد العائلة الثمانية عشر دوشا مطولا .
وما هي إلا أيام حتى يتحول المكان كغيرة إلى مزبلة نرى عليها أكياس النايلون السوداء (العلاّقات) وكأنها صنعت لنعبئ فيها أحزاننا وكذلك علب الصودا الفارغة (قواطي البيبسي) وأيضا القناني الزجاجية الفارغة للبيرة (البطل الأخضر) ولا ننسى جوهرة تاج المزبلة المرمية كيفما اتفق (أرباع الويسكي) وكل هذا سينتج رائحة يمكن الاستفادة منها في إنتاج شيء لا يخطر على بال أحد وعليه أدعوا أهالي سيباى الكرام إلى رفع الشعار التالي : لم نعد نرغب بالخدمات التي يتمتع بها الآخرين مثل : الكهرباء والماء والصحة والتعليم ...الخ ما نريده حقا هو أن تخلصونا من برك المياه الآسنة والأوساخ المتناثرة ، فهل من مجيب ؟!.



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيض عينيك
- بتلات الورد 24
- بتلات الورد 23
- الراعي
- بتلات الورد 22
- بتلات الورد 21
- بتلات الورد 20
- بتلات الورد 19
- بتلات الورد 18
- الصرخة الخرساء
- fبتلات الورد 17
- حكايات من شنكال 31
- حكايات من شنكال 30
- بتلات الورد 16
- اسطورة الشهادة
- بتلات الورد 15
- حكايات من شنكال (29) سينو ...صديق الله .
- البعض يذهب (لبحزانى) مرتين
- بتلات الورد 14
- بتلات الورد 13


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مراد سليمان علو - جاري والمجاري