أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 4















المزيد.....


فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 4


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 16:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



التزييف و الإنتصار للحقيقة
معلوم أن الأمثلة الدقيقة للعمليات الإنتاجية اليومية التي يقدمها ماركس في "رأس المال" – و التي لا توجد فيها مجاهيل للقيم المتغيرة فيها – تمكّن الدرس لها من إحتساب قيمة الساعة الواحدة لقوة العمل في كل مثال منها بعمليات حسابية بسيطة ، طالما كان الدارس مهتماً بالتثبت عما إذا كان الرأسمالي يدفع تمام قيمة قوة العمل للعامل أم لا . و لكن إبراهامي غير مهتم بإكتشاف الحقائق التي تنيرها لغة الأرقام ؛ إنه مهتم فقط بالكلمات الثلاث (its full value) المقتلعة من جذورها النصية و الهائمة في الهواء الخفيف مثلما تبيَّن لنا .
أعود لإقتباس نص مثال ماركس ألسابق بدون أقواسي عدا كلمة " التُسُعْ ":
يجد العامل في المعمل وسائل الإنتاج الضرورية للعمل ليس فقط لمدة ست ساعات ، و أنما لمدة إثنتي عشرة ساعة . و مثلما حصل خلال عملية الست ساعات ، حيث امتصت ليبراتنا العشرة من القطن ست ساعات عمل ، فأصبحت عشرة ليبرات من الخيوط ؛ إذن الآن ، عشرون ليبرة من القطن ستمتص عمل اثنتي عشرة ساعة ، و تتحول إلى عشرين ليبرة من الخيوط . دعنا نتفحص الآن المنتوج من هذه العملية المتمددة . لقد تجسد في العشرين ليبرة من الخيوط هذه عمل خمسة أيام عمل ، أربعة منها تعود للقطن و الفولاذ المندثر خلال عملية الغزل . و قيمة العمل لخمسة أيام معبر عنا بالذهب هي ثلاثون شلناً . إذن ، هذا هو سعر العشرين ليبرة ، و التي تعطي ، مثل السابق ، ثمانية عشر بنساً سعراً لكل باوند . و لكن مجموع قيم السلع التي دخلت العملية يصل إلى سبع وعشرين شلناً . إن قيمة الغزل هي ثلاثون شلناً . و عليه فأن قيمة المنتوج هو أكبر من القيمة المسلًفة لإنتاجه بمقدار 1/9 ( التُسُعْ). لقد تم تحويل سبع وعشرون شلناً إلى ثلاثين شلناً ؛ و تم خلق فائض قيمة بمبلغ ثلاثة شلنات . لقد نجحت الحيلة أخيراً : تحوّل المال إلى رأسمال ." إنتهى .

في النص أعلاه يوضح ماركس أن العامل قد إشتغل 12 ساعة عمل ، فأنتج 20 ليبرة من خيوط الغزل و التي تتجسد فيها عمل خمسة أيام عمل ، أربعة منها تعود للقطن و الفولاذ المندثر خلال عملية الغزل . و أن قيمة قوة العمل لهذه الخمسة أيام معبر عنا بالذهب هي ثلاثون شلناً.
لنحسب قيمة قوة عمل الساعة الواحدة في مثال ماركس أعلاه .
قيمة قوة عمل لخمسة أيام تساوي 30 شلناً (حسب المنطوق) .
اليوم = 12 ساعة عمل (حسب المنطوق) .
12 × 5 = 60 (مجموع قيمة ساعات العمل لخمسة أيام بمعدل 12 ساعة يومياً) .
30 ÷ 60 = 1/2 (نصف شلن قيمة قوة عمل ساعة واحدة ) .
12 × 1/2 (نصف) = 6 شلن (قيمة قوة عمل ألـ 12 ساعة التي عملها العامل ) .
6 × 1/2 (نصف) = 3 شلن (قيمة قوة عمل ألـ 6 ساعات فقط التي يدفعها الرأسمالي للعامل !)
و لما كان ماركس قد سبق له وان أخبرنا منذ البداية بأن أجر العمل لستة ساعات فقط هو ثلاثة شلنات ، تمثل نفسها القيمة الإستعمالية لسلعة قوة العمل ، حسب منطوق هذا النص:
We assumed, on the occasion of its sale, that the value of a day’s labour-power is three shillings, and that six hours’ labour is incorporated in that sum; and consequently that this amount of labour is requisite to produce the necessaries of life daily required on an average by the labourer. If now our spinner by working for one hour, can convert 1 2/3 lbs. of cotton into 1 2/3 lbs. of yarn, [12] it follows that in six hours he will convert 10 lbs. of cotton into 10 lbs. of yarn. Hence, during the spinning process, the cotton absorbs six hours’ labour.
لقد إفترضنا ، أنه في حالة بيعها ، فإن قيمة عمل يوم واحد هي ثلاثة شلنات ، و أن عمل ست ساعات مُتضمّن في ذلك المبلغ ؛ و بالتالي فإن عمل ست ساعات ضروري لإنتاج متطلبات العيش اليومية المطلوبة كمعدل من طرف العامل . فإذا كان غزّالنا يستطيع في ساعة واحدة تحويل ليبرة واحدة و تلثي الليبرة من القطن إلى ليبرة واحدة و ثلثي الليبرة من خيوط الغزل ؛ أذن ، سيحول خلال عملية الغزل عشرة ليبرات من القطن إلى عشرة ليبرات من خيوط الغزل . انتهى .

إذن ، فالرأسمالي قد دفع للعامل في المثال الأسبق ثلاثة شلنات فقط ، وهي أجر العامل لستة ساعات فقط و ليس "ألأجر الكامل" (its full value) لـ 12 ساعة الفعلية التي عملها العامل رغم أن العامل قد ضاعف الإنتاج من عشرة ليبرات من خيوط الغزل إلى عشرين ليبرة . هذه العملية الحسابية البسيطة توضح كذلك أن قيمة الأجر غير المدفوع للعمل الزائد و البالغ ست ساعات عمل هو ثلاثة شلنات ، و هي نفسها قيمة الشلنات الثلاثة ربح الرأسمالي من فائض القيمة ليوم عمل واحد ؛ و أن الرأسمالي لو كان قد دفع للعامل قيمة 12 ساعة عمل و البالغة ستة شلنات لما ربح أي شيء ، و لمات النظام الرأسمالي القائم و المزدهر على مص دم العامل برمته و رميمه .
لماذا لا يحصل العامل الغزّال من الرأسمالي في المثال أعلاه إلا على ثلاثة شلنات فقط قيمة عمل ست ساعات رغم عمله له لإثنتي عشرة ساعة ؟ لأن الرأسمالي قد إشترى منه ليس فقط القيمة التبادلية لسلعة قوة عمله ، بل و كذلك قيمتها الإستعمالية (مستلزمات العيش اليومية : المشرب و المأكل ، الملبس ، المسكن ، المحروقات ، الخ .) ، و التي يسدد العامل كامل قيمتها (its full value) بست ساعات عمل فقط . (أنظروا من هو الذي يسدد تمام قيمة سلعته و من هو الذي لا يسدد: العامل أم الرأسمالي ؟). و لكن هذه الحقيقة لا تمنع الرأسمالي من تمديد ساعات عمله لتتجاوز الستة ساعات إلى إثنتي عشرة ساعة (أكثر أو أقل ، حسب الظروف) ، ليسرق قيمة ساعات العمل الزائد للغزّال لنفسه ، لكونها هي مبتغاه الأول و الأخير من كل العملية الإنتاجية ، و ليس الإنتاج بحد ذاته .
إذا كان طلاب المدارس الإبتدائية يستطيعون إجراء العمليات الحسابية أعلاه ، فلماذا لا يجريها يعقوب إبراهامي قبل الإصرار النضالي على كون الرأسمالي يدفع للعامل تمام قيمة قوة العمل التي يبيعها له هذا الأخير إذا كان العكس بالضبط هو الصحيح ؟ إن سرقة قيمة قوة عمل ست ساعات في المثال المتسلسل لماركس واضحة للعيان ، فلماذا إذن يرفض إبراهامي قولي له :" لو قام البرجوازي بدفع كل حق سلعة قوة العمل للعامل ، لأغلق معمله و أراح و استراح .. لكون النظام الرأسمالي بطبيعته قائم على سرقة العامل ، و بدون هذه السرقة لا يبقى هذا النظام ، أي يموت "؟ و يرد عليّ بالقول ، و بالقلم العريض ، و بيقينية مُتأستذة :
" جوابي هو (وأنا هنا أشرح نظرية فائض القيمة لا أدافع عنها): الرأسمالي يدفع كل قيمة سلعة قوة العمل للعامل ومع ذلك لا يغلق معمله ولا يريح ويستريح. لماذا؟ لأن سلعة قوة العمل (التي دفع مقابلها كامل قيمتها) لها ميزة فريدة من نوعها وهي أنها تنتج قيمة تفوق قيمتها هي نفسها. الفرق بين القيمتين (قيمة قوة العمل، أي الأجور، والقيمة التي تنتجها قوة العمل) هو ما يسميه ماركس فائض القيمة وهو مصدر ربح الرأسمالي. ليس هنا سرقة بمعنى أن طرفاً واحداً يحتال على الطرف الثاني ويشتري منه سلعة بأقل من قيمتها . غني عن البيان إن الرأسمالي إذا اشترى قوة العمل بأقل من قيمتها فأن ربحه سيكون أكثر ولكن هذا لا علاقة له بجوهر نظرية فائض القيمة "؟!

نؤجل مناقشة خرافة كون : " سلعة قوة العمل لها ميزة فريدة من نوعها وهي أنها تنتج قيمة تفوق قيمتها هي نفسها " بعض الوقت ، و نعود الآن إلى بيت القصيد : النصوص أعلاه تقطع بأن إبراهامي لا يفهم ماركس ، و لا فائض القيمة ، و لا طبيعة النظام الرأسمالي الذي كان يناضل لإسقاطه ؛ و هذا شأنه ، و هو حر . و لكنه ليس حراً في تعمد تزييف الماركسية . لا هو و لا أنا و لا أي شخص آخر – ممن يحترم الحقيقة و الحق – له الحرية في تزييف الماركسية ، إلا المغرض من جنّد نفسه لخدمة الرأسمالية المجرمة . و أنا عهدي به إنسان مناضل ، و المناضل لا بد أن ينتصر للحقيقة و للحق .
لماذا يتحتم على الرأسمالي شراء قوة العمل لتحويل المال إلى رأسمال ؟
يوضح لنا ماركس ، و بمنطق جدلي أخّاذ ، أنه بدون تواجد سلعة قوة العمل للبيع في السوق لا يمكن مطلقاً تحويل "المال" إلى "رأس المال" ، أي تحقيق الربح في العملية الإنتاجية . و الإستيعاب المطلوب للحقيقة أعلاه يتطلب التفحص المتأني لمعنى الجملتين المهمتين جداً في النص ألسابق (المقتبس في الحلقة السابقة) و اللتين تشيران إلى : 1. إستهلاك الرأسمالي للقيمة الإستعمالية لبضاعة قوة العمل ، و 2. كون عملية تحويل المال إلى رأس المال : " تحصل داخل التداول (النقدي) لكونها مشروطة بشراء قوة العمل في السوق" .
ما معنى الجملتين أعلاه ؟ لفهم المعنى المكتنز في الجملتين أعلاه لا بد من العودة إلى الفصلين السابقين : الخامس و السادس من كتاب "رأس المال" - و الذي هو نظام عملاق من الترابطات المتماسكة بحيث أن كل جملة فيه قد تحيل القارئ إلى عشرات ، و أحياناُ مئات الجمل ، السابقة و اللاحقة و التي يعجب القاريء إزاء بنية التنظيم الممنهج المتشابك على نحو عبقري فيها . هيجل أيضاً إنماز بعبقرية الربط الجدلي على هذه الشاكلة ، و لكن في حقل الفلسفة و علم المنطق . و لهذا فأن استيعاب "رأس المال" يتطلب الدراسة المتأنية و المتسلسلة و المتراكمة (cumulative) من الألف للياء ، و ليس مجرد القراءة المبتسرة ، و القفز إلى إستنتاجات غير مبررة ، الإستشهاد بالمجتزءات . كما يتطلب الربط الجدلي بين كل قسم بالذي قبله و الذي بعده لكون منهج ماركس في تحليل النظام الرأسمالي مبني على وصف سيرورة رأس المال كتفاعل جدلي متسلسل (dialectical chain interaction) . لذا ، أسمحوا لي أولاً بهذه التوطئة :
معلوم أن أحد أهم أهداف ماركس في "رأس المال" هو الكشف عن طبيعة نظام الإنتاج السلعي أو البضاعي للنظام الرأسمالي ، لذا فهو يستهله بتحليل العناصر المكونة للسلعة بقيمتيها التبادلية و الإستعمالية حسب المعادلة : نقد - بضاعة - نقد (ن – ب – ن ) . بعدها ، في الفصل الأول ، يتحول إلى فحص عملية التبادل ، و المال ، و التداول النقدي ؛ قبل أن يبدأ الفصل الثاني بتحليل كيفية تحول المال إلى رأسمال ؛ و هو التحول الذي تتجلى فيه الأسس التي ينبني عليها كل النظام الرأسمالي .
و لكن ما الفرق بين المال و الرأسمال ؟ المال لا ينتج ربحاً ، أي لا تزداد قيمته ما دام تداوله يبقى محصوراً بعمليات التبادل السلعي في السوق خارج نطاق العملية الإنتاجية . لماذا ؟ لأن القيمة التبادلية للسلعة لا تنصب إلا على تبادل القيم المتساوية . أما الرأسمال ، فيولد ربحاً بفضل فائض القيمة و الذي هو نتاج وقت قوة العمل غير المدفوع الأجر الذي يسرق الرأسمالي قيمته لنفسه .
أول تمييز يوضحه ماركس بين المال الذي هو مال فقط و بين المال الذي هو رأسمال يكمن في الإختلاف بين شكلهما التداولي . فـأبسط شكل من أشكال تداول البضائع هو ب – ن – ب ، أي تحويل البضائع إلى نقد ، و من ثم تحويل النقد إلى بضائع ، أي البيع لغرض الشراء . البيع لغرض الشراء هو وسيلة للوصول إلى نتيجة لا علاقة لها بتداول السلع بقيمتها التبادلية ، بل هو وسيلة لتملك منفعة القيم الاستعمالية للسلع كالمأكل و الملبس و المسكن و غيرها لإستهلاكها ، أي تطمين مستلزمات معيشة مشتريها . و لكن إلى جانب هذا الشكل ب – ن – ب ، نعثر على نوع ثان مختلف بشكل خاص عنه ، ألا و هو الشكل : ن – ب – ن ، أي تحويل النقد إلى بضائع ، و من ثم تحويل البضائع ثانية إلى النقد ، أي الشراء لغرض البيع . المال الذي يُتداول بالشكل الأخير يتحول إلى رأسمال . و ما أن يتحول المال إلى رأسمال حتى يصبح تداوله هو الهدف المنشود بحد ذاته : من جيب الرأسمالي و إلى جيبه بقيمة أعلى ؛ و لهذا فتداوله لا تحده أية حدود ، و هو يتضخم بأستمرار بفضل شراء و بيع السلع التي تدخل في عملية الإنتاج و أهمها قوة العمل الخالق الوحيد للقيمة .
ماركس شديد الدقة في عباراته ، فهو يميز تماماً حتى بين تسميته لمالك المال ( و يسمية : " السيد حقائب المال" ) و بين تسميته مالك الرأسمال ( يسميه : الرأسمالي ) . ما هي الشروط الواجب توفرها لكي يتحول المال إلى رأسمال ؟ أول و أهم شرط هو توفر قوة العمل كسلعة في السوق ، و ظفر صاحب المال بها ؛ يوضح لنا ماركس :
The change of value that occurs in the case of money intended to be converted into capital, cannot take place in the money itself, since in its function of means of purchase and of payment, it does no more than realise the price of the commodity it buys or pays for; and, as hard cash, it is value petrified, never varying. [1] Just as little can it originate in the second act of circulation, the re-sale of the commodity, which does no more than transform the article from its bodily form back again into its money-form. The change must, therefore, take place in the commodity bought by the first act, M-C, but not in its value, for equivalents are exchanged, and the commodity is paid for at its full value. We are, therefore, forced to the conclusion that the change originates in the use-value, as such, of the commodity, i.e., in its consumption. In order to be able to extract value from the consumption of a commodity, our friend, Moneybags, must be so lucky as to find, within the sphere of circulation, in the market, a commodity, whose use-value possesses the peculiar property of being a source of value, whose actual consumption, therefore, is itself an embodiment of labour, and, consequently, a creation of value. The possessor of money does find on the market such a special commodity in capacity for labour or labour-power.
By labour-power or capacity for labour is to be understood the aggregate of those mental and physical capabilities existing in a human being, which he exercises whenever he produces a use-value of any description.

ترجمة النص أعلاه (التقويس مني) :
أن التحول في القيمة الحاصل في حالة المال الذي يراد له التحول إلى رأسمال لا يمكن أن يحدث في المال نفسه لأن هذا في وظيفته كأداة للشراء و الدفع لا يؤدي أكثر من تحقيق ثمن السلعة التي يشتريها أو يسددها ، و هو ، كنقد صلب ، قيمة جامدة ، لا تتبدل أبداً . و كذلك ، فأن المال لا يولد شيئاً في فعل التداول الثاني ، ألا و هو ( فعل ) إعادة بيع السلعة ، و الذي لا يزيد عن عملية تحويل السلعة من شكلها المجسم إلى شكلها النقدي ثانية . إذن ، فالتغير يجب أن يحصل في السلعة المشتراة في الفعل الأول : ن – ب (نقد- بضاعة) ، و لكن ليس في قيمتها ( التبادلية ) ، لأن التبادل يحصل بين القيم المتساوية ، و السلعة تُسدد بتمام قيمتها . إذن نحن مجبرون ( لعدم وجود إحتمال آخر) على الإستنتاج بأن التحول ( أي : تحول المال إلى رأسمال ) يتأسس في القيمة الإستعمالية للسلعة ، أي في ( عملية ) إستهلاكها . ( إستمعوا لطفاً للإيقاع الفاتن للديالكتيك عندما يرقِّصه ماركس :) و لكي يتسنى له إستخلاص قيمة من عملية إستهلاك القيمة ، فأن السيد "حقائب المال" يجب أن يكون من الحظ بحيث يستطيع أن يجد ، ضمن إطار التداول ، في السوق ، سلعة ، تمتلك قيمتها الإستعمالية الميزة الفريدة المتمثلة بكونها (هي نفسها ) مصدراً للقيمة ، و بالتالي ، فأن أستهلاكها الفعلي هو ، بحد ذاته ، تجسيد للعمل ، و هو ، إذن ، خلقٌ للقيمة . و بالفعل ، يعثر صاحب المال في السوق على مثل هذه السلعة المتميزة في : "القدرة على العمل" ، أو "على قوة العمل" .
و يُفهم من "قوة العمل" أو "القدرة على عمل": مجمل الإمكانيات الذهنية و الجسدية الموجودة عند الإنسان ، و التي يستعملها كلما أنتج قيمة-إستعمالية بأي وصف من الأوصاف . إنتهى .

يجب على العامل أن يعرض قوة عمله للبيع كبضاعة . و لكي يستطيع بيع قوة عمله كبضاعة يجب أن يكون حراَ ( ليس قناً أو عبداً مملوكاً ) و غير مقيد ؛ و يجب أن يستطيع عرض قوة عمله للبيع . كما يجب أن يكون العامل مجبراً على بيع قوة عمله لعدم إمتلاكه سلعة غيرها مصدراً للقوت ، أي أنه محروم من وسائل الإنتاج ، و هو مجبر على العمل لكي يعيش ، و بعكسه سيموت من الجوع .
يقول ماركس : "إن الذي يدفع الرأسمالي لشراء قوة العمل هو وجود إختلاف تام بين القيمة التبادلية لقوة العمل من جهة و القيمة التي تخلقها تلك القوة في العملية الإنتاجية ، أي القيمة الإستعمالية (المنفعة ) الخاصة التي تمتلكها سلعة قوة العمل من جهة أخرى . القيمة الإستعمالية (أي المنفعة) الخاصة التي تمتلكها هذه البضاعة تتميز بكونها ليست مصدراً فقط للقيمة التبادلية ، بل أن لها قيمة (تبادلية) أكثر مما تملك . تلك هي الخدمة الخاصة التي يتوقعها الرأسمالي من قوة العمل ، و هو يتعامل مع هذه الصفقة وفقاً لـ "القوانين السرمدية" لتبادل السلع . البائع لقوة العمل ، مثل البائع لأية بضاعة أخرى ، يحقق قيمتها التبادلية و يتخلى عن قيمتها الإستعمالية . و ليس بإمكانه أخذ هذه دون إعطاء تلك . إن القيمة الإستعمالية لقوة العمل ، أي العمل ، لا يعود ملكا للبائع مثلما أن البائع للزيت لا يعود يملك القيمة الإستعمالية للزيت المباع .. أما واقع كون الحفظ اليومي لقوة العمل لا يكلف من ناحية إلا نصف يوم عمل و من ناحية أخرى تستطيع نفس قوة العمل هذه الإشتغال طيلة يوم كامل ، و بالتالي فأن قيمة إستخدامها طيلة يوم كامل تخلق ضعف ما يدفعه هو (أي الرأسمالي) ، هذا الواقع هو ، بدون شك ، من حسن حظ المشتري (الرأسمالي) و هو لا ينطوي أبداً على الأذى للبائع (العامل) ." إنتهى .

سأعود لهذا المقتبس المهم بعدئذ عند الحديث عن الخرافة ، و سأشير إليه بمقتبس : "الحظ و الأذى" .
إذن ، فالرأسمالي إنسان جشع يركض وراء الربح بأي ثمن . أنه يريد لرأسماله المستثمر في العملية الإنتاجية أن يتضاعف و يتضاعف و على نحو غير محدود . و هو ينجح في ذلك ، لماذا ؟ لأن منظومة الإنتاج الرأسمالي تهيء له فرصة شراء سلعة قوة العمل بقيمة تبادلية أقل من القيمة التبادلية التي يستطيع العامل أن يخلقها في نهار العمل باستهلاكه لقيمتها الإستعمالية .
لنفرض أن الرأسمالي إشترى سلعة قوة العمل بدينار للنهار الواحد. بالنسبة للعامل ، يكفيه هذا الدينار لتسديد كلفة إعالته ليوم كامل . تنتج قوة العمل للعامل قيمة دينار و احد في ست ساعات في العملية الإنتاجية ، و لكن الرأسمالي لا يشغل عامله ست ساعات فقط مساوية للقيمة الإستعمالية لسلعة قوة العمل التي إشتراها منه ، بل يمددها ساعات وساعات زائدة من العمل لتنتج لجيبه فائض القيمة المسروق . لماذا يستطيع الرأسمالي ذلك حالما يلج منظومة الإنتاج السلعي ؟ لأن قوت يوم عمل كامل ( أي الدينار الواحد الذي يسدده العامل في ست ساعات عمل فقط ) يتيح للعامل أن يعمل يومه كاملاً عدا أوقات النوم و الأكل . فلماذا لا يستغل العامل هذه الميزة المتاحة في سلعة قوة العمل لحسابه فيمدد العمل من ست ساعات إلى عشرة أو ستة عشرة ساعة كاملة ؟ أنه يفعل ذلك بالضبط منذ القرن الثامن عشر و هو مرتاح الضمير ، و قلبه يرقص طرباً ، بل هو يعتبر نفسه متفضلاً على العامل و على الإقتصاد و على المجتمع كله لكونه قد " وفّرَ فرص عمل جديدة " ؛ إقرأ : وفّرَ فرصاً جديدة و متجددة لسرقات مستديمة و مستطيرة لنفسه .
كانت التوطئة المسهبة أعلاه ضرورية للولوج إلى موضوع التخريف بصدد كون : "سلعة قوة العمل (التي دفع مقابلها كامل قيمتها) لها ميزة فريدة من نوعها وهي أنها تنتج قيمة تفوق قيمتها هي نفسها. الفرق بين القيمتين (قيمة قوة العمل، أي الأجور، والقيمة التي تنتجها قوة العمل) هو ما يسميه ماركس فائض القيمة وهو مصدر ربح الرأسمالي. ليس هنا سرقة بمعنى أن طرفاً واحداً يحتال على الطرف الثاني ويشتري منه سلعة بأقل من قيمتها " .
يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 3
- فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 2
- فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 1
- الفأر -شار- ، و الحيّة -أم دَيّة-
- حكم القَراد في مزبلة الوهاد
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 5 (الأخيرة)
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 4
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 3
- مرض الزعامات البارونية في الأحزاب الشيوعية / 2
- مرض الزعامات البارونية في الأحزاب الشيوعية العالمية / 1
- المرأة في العالم العربي : بين جدران و باب موصد كلما حركه الس ...
- كشكش و شركاه
- حكاية تنين العراق
- حنقبازية سوق الصفافير
- ليس في الأمر غرابة
- إجوبة مختصرة على أسئلة مهمة
- ملحمة السادة العميديين في الكفل عام 1983
- هل نسي رافد ؟
- ريما أم عظام
- ليلة زيارة الموتى للمقابر


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 4