أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - اللا إنتماء في الشارع العراقي .














المزيد.....

اللا إنتماء في الشارع العراقي .


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 14:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حينما قررت العودة الى الوطن للعمل في مجال البحث العلمي ودخلت الى البلد الذي فارقته منذ سنوات طويلة بحثت في الوجوه التي أحببتها وفي الشوارع التي تحمل عبق أشجار الياس وعن النخيل المخضر دائماً وعن الكتب التي كنت أُنفق عليها مُرتبي فلم أجد سوى الحطام , حطام البيوت وحطام الشوارع وحطام الكتب وكأني نزلت الى كوكب آخر ينعدم فيه الماء ويسف أطفاله تراب الأرض ولا يشبعهم فهو مرشوش بدماء الآباء والأُمهات , قالوا لي إذهبي الى الأحياء الفقيرة وسترين العجب , أطفال مشوهون ولدوا بلا أعين أو بلا آذان أو بدون أطراف وشابات ولدن وهن مشوهات وكأنهن مخلوقات فضائية يخبئن وجوههن في عباءاتهن بحياء حزين .
وجدت اللا إنتماء في وجوه الشباب الذين إنتشر الشيب في مفارقهم , حاولت بدوري أن أنتمي لهذا المجتمع الغريب وبدأت للحصول على أوراق الإنتماء الجديد فوجدت أن القاسم المشترك بيني وبين المئات من المواطنين المنتظرين لإنتمائهم الجديد هو الإحساس بالإحباط .
حاولت أن أدخل الى رؤوس الأشخاص الذين أعرفهم لكنها كانت مغلقة بألف قفل ومليئة بمفاهيم غريبة عن الصح والخطأ وعن الحق والباطل وعن الظالم والمظلوم , ولقد وجدت بأن الكل ظالم والكل مظلوم والكل قد سُلب منه حق ما عزيز عليه والكل سلب من الآخرين وأحياناً من نفسه حق ما , وتعوَد الكل على ظلم الكل , وقد تشوهت المفاهيم النبيلة فأصبحت تولد الأفكار مشوهة في رؤوس الشباب وتدخل مخاضاً عسيراً ما بين الخوف من الليل والنهار , من الماء والعطش , من الخبز والجوع , من الحُب والكراهية , وما بين الجبن والشجاعة , وبين العلم والجهل المطبق .
لقد وجدت أن الكثير قد آمن بالفلسفة التي تقول ( بأني لا أرى ولا أنطق ولا أسمع ) , الكل يسبر خافظاً رأسه , الرجل يخاف أن يرفع رأسه فيفقد مصدر رزقه , والمرأة تخاف أن ترفع رأسها فيقال عنها زانية فتفقد رقبتها , والطفل يخاف أن يرفع رأسه فيرى خاطفاً يترصده . وبدل رائحة شجر الياس الزكية تنبعث رائحة الدخان من كل بيت مع أن الفصل كان صيفاً , كنت أسمع ليلاً صراخ إمرأة تُضرب وتستنجد وما من مُنجد ويبتسم الجميع بعدها صباحاً في وجوه بعضهم وكأن شيئاً لم يكن فقد تعود الجميع على إحساس الخوف .
عُرض عليّ طفل قريب قالوا : إنه يتخيل بأنه سيموت حالاً فيصاب بضيق النفس ولا ينفع معه قصص أُمه ولا أحضان جدته , قلت لهم : لن يتغير وضع هذا الطفل النفسي إلا إذا أعطيتموه الإحساس بالأمان على الأقل لمسافة عشرة كيلو متر من حوله , ضحكوا وقالوا هذا مستحيل .
أخيراً أحسست بأن يداي مكبلتان وإني لن أستطيع أن أفعل شيئاً هنا وإنما سيحصل هو أني سأفقد إنتمائي وأنا داخل بلدي بينما أشعر بالإنتماء اليه وأنا خارجه , كان هذا غريباً ومحزناً , وحينما وقفت على ضفاف دجلة مودعة نهري الخالد لم أجد أمواجه المتلاطمة ولا جبروته ورقته لأهل بلدي بل وجدت ضفافاً عطشى تنظر إليّ ولا تعرفني وأنظر إليها ولا أكاد أعرفها .




#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة مراهق .
- الإدمان وأنواعه
- إذا كان ربُ البيتِ بالدفِ ضارباً ... فشيمة أهل البيت كلهم ال ...
- اللاعُنف منذ الطفولة .
- الطلاق هل هو الحل .
- لا يسلمُ الشرفُ الرفيع من الأذى ... حتى ؟
- حينما يثور الطلاب .. لماذا !؟
- أطفال الشوارع ( المتسربين ) .
- نحن أُمة لا تقرأ .
- المُحاكاة ماذا بشأنها .
- أولاد سمك القرش .
- الحزن سمة أساسية في شخصية الفرد العربي .
- بمناسبة الثامن من آذار ... الخوف مرض أزلي لدى النساء في البل ...
- أخلاقية المرأة من يفرضها ؟
- متسولون .
- الذوق العام أم الذوق الخاص .
- هل المرأة العربية غبية !؟
- الإختلاط بين الجنسين في جميع المراحل التعليمية .
- التربية المدرسية أم التربية الأُسرية .
- إزدواجية الشخصية للفرد العربي


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - اللا إنتماء في الشارع العراقي .