أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل الفخري - المقاومة ...! لا الحداد















المزيد.....

المقاومة ...! لا الحداد


خليل الفخري

الحوار المتمدن-العدد: 3726 - 2012 / 5 / 13 - 23:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الجماهير التي تمسكت بالشارع فجعلت منه برلمانها ومنتدىَ لاسماع صوتها . سعت من خلاله الى التعبير عن رؤيتها لمستقبلها وادخال بعض الاصلاحات التي رأتها ضرورية . وعبّرت عن تحركها بآلية منظمة لم تكن تهدف من ورائها تحقيق يوتوبيا المدينة الفاضلة بقدر ما كانت تأمل تحقيق نوع من التوازن المفقود والعيش الكريم الذي يليق بأنسان الالفية الثالثة .

لم تجير احتجاجات الشارع لجهة سياسية معينة او طائفة او مذهب كما ان شعاراتها التي حملت مطاليبها لم تكن لتتقاطع مع سياسة الحكومة انما تعاملت معها بآلية سلسلة تتسم بالمرونة وبقدر كبير من التسامح . فلم تدع لاسقاطها , ولا حتى تغييرها ,وكانت ترى في استجابة الحكومة لمطاليبها رافعات عملاقة ترفع عن كاهلها المتعب منذ عقود الكمّ الهائل من المعوقات والمشاكل الناتجة عن تفشي البطالة والفساد وتردي الخدمات , لكنها وجدت في النهاية نفسها دون غطاء تحت سماء تمطر رصاصا وموتا اسود , فتعمدت ساحة التحرير ومدن وقرى العراق الغارقة في مستنقع الفقر والجهل والظلام بدماء الشهداء وامتلأت رئة العراق الجريح برائحة الموت ودخان البارود . كان رد فعل الحكومة صدمة للجميع ومفاجأة لم يتوقعها احد.كما اصيب بالاحباط من صوت للاحزاب الدينية التي مشت على درب صدام في التعامل مع مشاهد كتلك.

المالكي العائد على ظهر دبابة امريكية كان قد رأى من خلال وجوده في المنفى كيف يتعامل الساسة مع احتجاجات شعوبهم وكيف هي الوسائل لامتصاص هدير الشارع ونزع فتيل الازمات ! ولا أشك في انه تمنى تلك الممارسات لشعبه لو اتيحت له فرصة المشاركة في الحكم بعد زوال النظام . وربما رسم في ذهنه صورة وردية لعراق حضاري ينعم فيه ابناؤه برغادة عيش وأمن وسلام في ظلال ديمقراطية ناضل طويلا من اجلها ودفع اثمانا باهضة . تمنى لشعبه شكل الخدمات التي توفرها الحكومات المتمدنة لشعوبها ومظاهر الاهتمام بالصغار والكبار . وطلبة المدارس وما توفر لها من اجواء ووسائل عصريةوطرق حديثة في التربية والتعليم تتواكب وعصر العولمة والانترنت .

لم تتحمل عقليته المصابة بمرض العظمة ونفسيته المتقنعة برداء الدين ان يتحول انسان مغمور وبائع مسبحات وخواتم على ارصفة متربة متآكلة في السيدة زينب الى الرجل الاول في بلد عريق بحضارته غني بثرواته البشرية والطبيعية كالعراق . وقد كان جلّ طموحه ان يكون قائم مقام قضاء طويريج مسقط رأسه وقد عبّر عن ذلك بنفسه مرارا.

خرج العراقيون بكثافة في عرس بنفسجي متحدين الارهاب والموت الذي حام في سمائهم كالعقاب ليرسموا بطريقتهم افق العراق الديمقراطي الجديد ولكن اللعنة كانت تلاحقهم وكأن في الذمة بقايا ديون لم تسدد وفواتير لم تدفع اثمانها بعد . عاد صدام وفي يده هذه المرة تفويض ديني بالقتل , عليه ختم رجال وضعوا العمائم فوق الرؤوس رياء , ونطقوا باسم الدين زيفا وادلى كلّ بدلوه المملوء سحتا وحراما بأن للمتظاهرين اجندات مشبوهة يقف خلفها ثالوث البعث والقاعدة ودول الجوار , لذا يتوجب سحقهم دون رحمة . كان هذا منطق طواغيت حزب الدعوة الذي سطا المالكي على قيادته وجيّره لنفسه فمشى اعضاء الحزب كالأمعات والخراف خلفه.

عاد صدام بثياب المالكي وقناع وجهه , فجرب مع الصدور العارية والوجوه التي رسم الجوع والفقر خارطته عليها كل تقنيات القسوة والبطش, ثم بارك لاجهزته القمعية حسن الاداء . هذه المباركة التي لم يسبقه اليها دكتاتور عربي ممن سقط غير مأسوف عليه ومن سيسقط لاحقا .

يبدو ان المالكي لم يقرأ تاريخ الحركات الثورية في العالم ويطلع على مسبباتها , او انه لم يعِ ما قرأه فالشعوب اذا اضيمت وديست كرامتها وسدت بوجهها دروب العيش الكريم فأنها تحطم بقبضة ابنائها جدران سجنها الكبير ,وتحيل نهار الحاكمين ليلا مدلهمّا اسودا.

لقد كشف المالكي عن جهله وتخلفه وحقده حين اصدر لقياداته الامنية والعسكرية الاوامر بالتعامل مع المشهد في ساحة التحرير بالطريقة التي يرونها ملائمة,لان هؤلاء الرعاع سكان بيوت الطين والصفيح تحدوا ارادته وخرجوا مسالمين يتظاهرون , انحصرت مطاليبهم بتأمين الخدمات الضرورية والبطاقة التموينية التي من خلالها يمكنهم التواصل مع الحياة. حملوا الامل في التغيير والورود واغصان الزيتون وضمائر نقية تتغنى بحب العراق النازف دمه وفوانيس تومئ لانعدام الكهرباء والوقود في وطن يسبح في النفط وفيه يغرق .

اندفع الهمج من بقايا جندرمة هولاكو وتيمورلنك للتعامل مع محتجي ساحة التحرير بلغة الرصاص والموت . وبدا المشهد وكأننا امام فيلم سينمائي استخدم فيه مخرجه كل انواع التقنيات الحديثة التي وفرها العلم .

نحن امام مروحيات تحلق على علو منخفض جدا لتزرع الخوف والرعب في صفوف النساء والاطفال والشباب فيضطرب التوازن ويسقطون على ارض ساحة التحرير , واخرى تنفث الدخان والغازات الخانقة , فما اشبه الليلة بالبارحة , فصدام الامس يقصف حلبجة , القرية الكردية وهي تنام وادعة في حضن كردستان بغاز الخردل السام , وصدام المالكي بالغازات الخانقة . أي مفارقة تلك واي صلفٍ بان على وجه الاسلامي قائد حزب الدعوة .

عضّ الشباب على اصابعهم ندما على سوء الاختيار , شدوا نزيف جرحاهم بثيابهم الخرق , وحملوا الشهداء وهم في شك مما يحدث . صمتُ عاهرُ اشرف منه العاهرات يلف ّ الجميع . لا استثني احدا , فالشريف هو الذي ترك الحلبة مبكرا احتجاجا ونأى بضميره. استفاق الشارع من هول الصدمة , وتأمل في برلمانه الذي خاطر بحياته وركب الموت من اجل ان يرى النور شيئا لكن البرلمان العتيد ببيادقه واصنامه استكان الى قيلولة رغم دموية الحدث وتراجيدية الموقف . وقبل أن يغلق باب حانوته , اطلّ علينا اطلالة خجولة دون حياء ومن اين يأتيه الحياء ! اطل يحتج على القمع في البحرين وقد سقط فيها بضعة قتلى – لا استهين بالشهداء – على مدار الايام , ويتعثر في الكلام كمن فيه تأتأة عن شهداء اليوم الاول وقد جاوز العشرين في ساحة التحرير.

ان الادانات الخجولة التي فاه بها البرلمانيون لا تدفع عنهم تهمة المباركة على ما حصل والمشاركة في رسم المشهد . أي نفاق اكثر واوضح من هذا ! وأية طائفية مقيتة تنخل موتا اصفر اكثر من هذا !. لقد سقطت كل الاقنعة وبانت الوجوه . رمادية كالحة رسم العهر عليها ملامحه , كما تعرت التيارات الدينية التي ركبت موجة الطائفة والدين وقتلت وهجرت الالاف بأسمها اقول : ان ايقاع الحياة تغير كثيرا فالعراقي اليوم اكتسب خبرة وازداد معرفة بما يدور خلف الكواليس فحاسة شمه لا تخطئ , وما عاد زيف الشعارات والوعود ينطلي عليه , كما ان السنوات التسع التي مرت زوّدته بثقافة انتخابية تؤهله ان يحسن الاختيار .ان الخيار في الانتخابات القادمة لن يكون بالتأكيد للطائفة والعشيرة والقرابة والمذهب والقومية ولا لعامل الجغرافية .سيكون الاختيار لمن يصنع من جسده جسرا لعبور هذا الشعب الذي ضحّى الكثير ولم يحصل حتى على القليل . لقد ايقن المواطن عن تلمس ان الدين لله والوطن للجميع وعلى رجال الدين ترك السياسة لرموزها ويتفرغوا لامور دينهم.لقد استفاق الشعب من خدره الروحي على رصاص حزب الدعوة يحصد شبابه المسالم , وقيادة الحزب ورجالاته في خرس , وهي تتفرج من على سطوح الابنية في مشهد درامي قلّ نظيره . جوع يفتك بالاجساد الخاوية . وامراض لا اسماء لها , طفولة مشردة , ايتام وارامل , أميّة وجهل . بطالة الى جانب أمن مفقود , ثم فساد فاحت روائحه وهو يرى ويسمع بثرواته التي لم تسخّر لتحسين نمط حياته وتغيير صورته امام العالم تذهب الى جيوب رجال حزب الدعوة وهم يهربون بها الى الخارج بعلم من النظام وبمباركة منه , حتى ان رأس النظام اصابه خرس فلم يعلق بكلمة على ما حدث , وهو يرى اعضاء في حزبه سرقوا الجمل بما حمل ,

استميح السيد المالكي عذرا , اذ اسجل في دفتر يومياته دون اذن منه على الذمة وللتاريخ , فاقول : ان اصرارك سيدي الكريم على رئاسة الوزراء لولاية ثانية يخفي وراءه مشروعا طائفيا , هو العمل على تمكين حزب الدعوة الذي سطوت على قيادته من التحكم بكل مفاهيم الدولة من خلال زرع بيادقك – كما كان يفعل صدام- في جميع مرافقه الحيوية يؤكد ذلك اصرارك على ابقاء محافظين فاسدين في مناصبهم رغم رفض الشارع لهم , هذا اولا .

ان دعوتك لقيام نظام رئاسي لم تكن الا لانك تريد حصر جميع السلطات في يدك لتكون الحاكم بأمره , فتمسك بكل الرقاب وتفصل شكل الحكم وفقا لمقاساتك أنت . توقظ العراقيين من نومهم متى أراد دولتكم . وتنيمهم متى شئت , ليباركوا لك لقمة عيشهم مدافةً بالوجع والمرارة يتناولونها على ضوء الشموع . ولكن الشرفاء افسدوا عليك حلمك العصيّ على القبول والتطبيق هذا . اما مجالس الاسناد التي دعوت اليها , وهبّ الشعب معارضا فقد اردت لها ان تكون ذراع حزب الدعوة الضارب لكل معارضة , وهذا ما برهنت صحته مجريات الاحداث في ساحة التحرير , حين اجلي بالقوة والضرب واستعمال الالات الجارحة والسكاكين عنها الشباب المحتج , واحتل الساحة انصار حزب الدعوة وشيوخ مجالس الاسناد بزيهم المعروف ورجال امن بلباس مدني يحملون السلاح . وهم يدافعون عن سياسة المالكي وفشله . كانت تلك مظاهرة حكومية بأمتياز , توفرت لها كل اسباب الحماية والدعم والاعلام المنافق بوجهه الرمادي القبيح .
.
شحة المياه في حوضي دجلة والفرات وبسببها حلّ الخراب وزحف التصحر نحو الاراضي الزراعية وجفت الاهوار ورحل ساكنوها نحو المدن بحثا عن مصادر للعيش , ماتت اشجار الفاكهة وذوت جذوع اشجار النخيل ونفق الحيوان وخاصة الجاموس الذي يعتبر مصدر الثروة والعيش الرئيسي . دمرت البيئة وتبدل المناخ وازدادت ظروف العيش صعوبة وقساوة , حدث كل هذا ولم يفكر دولة رئيس الوزراء ولم يستخدم ورقة الاستثمارات التركية وازدياد معدلات الاستيراد من تركيا وعوائد انبوب النفط المار عبر اراضيها وسيلة للضغط عليها وتوقيع اتفاقات تنظم بموجبها حصة العراق المائية من النهرين ,فلدول المصب حقوق تنظمها قوانين دولية تراعي حصتها من المياه . لقد مزق العثمانيون جسد دجلة والفرات بالسدود العملاقة , حتى صار عبور النهر الى ضفته الاخرى مشيا على القدمين لان السباحة فيه اصبحت متعذرة كمن يمشي في نزهة , والحال نفسها تنطبق على الجانب السوري ان حالة كهذه تستوجب استنفارا دبلوماسيا ودوليا وعلى مستوى الشارع العراقي والاقليمي والدولي , ومقاضاة دول الجوار المتشاطئة مع العراق امام المحاكم الدولية لحبسها المياه عنه وتجويع شعبه وتدمير بيئة , ان لم تعط الدبلوماسية ثمارها . لكن الاستنتاج الذي يترسب لدى المهتم بالشأن العراقي ان دولتكم راضٍ عما لحق بالعراق من اضرار ولعل اشدها خطورة جفاف نهريه , لانه لم يسمع تصريحا واحدا من دولتكم ولو خجولا ويتيما عن موضوع شحة المياه , في وقت اقامت مصر الدنيا ولم تقعدها عندما بدأت ازمة مياه النيل , وظهر رئيس وزرائها مرات والمعنيون بشؤون المياه والخبراء يحتجون لدى المحاكم الدولية ويشرحون من على شاشات التلفاز ابعاد الخطوة واخطار بناء سدود على نهر النيل مما يؤدي الى انخفاض نسبة حصول مصر من المياه عن النسب المقررة لها .

ولكن كيف ينهض امرؤ تحصن في المنطقة الخضراء , وابتعد عن نفس الشارع ولم يجس نبضه بواقعة الخدمي المتردي , ومياهه المسروقة كأمواله , حتى ان البيانات الختامية للزيارات المتكررة لم تتضمن اشارة ولو من بعيد لمسألة المياه, الصفويون خوزقوا حكامنا وبعض الاحزاب الدينية وتيارات اخرى تدعي زورا ونفاقا حرصها على العراق والعراقيين في وقت تأكل فيه وتنام في الحضن الصفوي وتتلقى مباركة منه وتلقى الدعم والمال والسلاح . فما عاد هؤلاء يهتمون لخدش حيائهم ان كان لديهم ثمة حياء ولم يعترضوا على تحويل مجرى واحد واربعين نهرا كانت تصب في العراق ابرزها الكارون لتصب في دولة فارس , فجفت الاراضي وماتت بساتين الفاكهة والنخيل , حتى وجد اهل البصرة صعوبة في الحصول على ماء نظيف يصلح للشرب , ولم يكتف الصفويون بهذا , بل حولوا مياه البزل عن اراضيهم الى مياه شط العرب الذي يشتكي اصلا قلة ايراداته المائية , فازدادت نسبة الملوحة فيه اما التدخل الصفوي في الشأن العراقي والاغتيالات التي ينفذها جيش اللاقدس , وتهريب السلاح الى مجاميعه الخاصة عبر الاراضي العراقية والمخدرات وارتفاع معدلات القتل بكواتم الصوت والعبوات اللاصقة , وصراخ الشارع يتعالى وسيد المنطقة الخضراء ينام في رغادة وهدوء بال وضمير مرتاح لانه لم يرد ان يثير غضب سادته وراء الكارون , لانهم اصحاب يد عليه واولياء نعمته ,

ان الفساد الاداري والرشوة وسرقة المال العام وباء اصاب هيكلة الدولة ومؤسساتها كالسرطان , الغريب في الامر ان جميع السراق والمفسدين وكل المرتشين هم اعضاء في حزبك العتيد , ان التستر على سارق سارق مثله . سيدي , انك لم تبادر ولو لمرة واحدة , فضح احدهم او طرده من وظيفته او احالته الى القضاء فتبرئ بذلك ذمتك , لكنك وبالمقابل تعينهم على الهرب وكأنك شريك تتستر على ذلك كما فعلت مع وزير تجارتك الحرامي . يتذكر العراقيون بالمرارة وبالرحمة الشهيد الزعيم عبدالكريم قاسم الذي لم يكن يوما عضوا في حزب ولم ينتم الى طائفة او يدّعي مذهبا . كان انتماؤه للعراق ونخله ومائه وشعبه . تلمس عن قرب وهو ابن لحرفي يعمل نجارا محدود الدخل معاناة ذوي الدخول المحدودة , ومقدار حاجة الفقراء والمعدمين الى الانصاف , وخلال فترة حكمه القصيرة وضع حجر الاساس لنهضة صناعية شملت العراق من جنوبه حتى شماله , فوضع حجر الاساس لمعامل قصب السكر والورق والاسمدة الكيماوية ...الخ . كما بنى مدينة الثورة ووزع دورها للفقراء مجانا ولم يسمها باسمه حتى جيرها صدام لنفسه فحملت اسمه لثلاثة عقود , ثم سطا باطلا عليها من بعده رجل الدين مقتدى الصدر فجيرها هو الاخر لنفسه وعائلته بعد سقوط الصنم . أي باطل وسطوٍ اكثر من هذا ؟

خلافا لدولتكم سيدي كان الشهيد عبدالكريم قاسم لا ينام الليل الا قليلا , يتجول بسيارته مع سائقه يتفقد بغداد وازقتها ويستمع الى شكاوي العراقيين ويسمع انينهم عن قرب .العراقيون الذين نعموا بسعادة وامان ظلوا يحلمون بها حتى بعد استشهاده. لقد سقت هذا الكلام سيدي لانك لم تكلف نفسك وتتعبها بعض الشيئ الطواف في شوارع عاصمة الرشيد التي استحالت رمما وانقاضا , وسماع انين جياعها وشكوى يتاماها واراملها , والوقوف كشاهد عيان على بيوت الصفيح والطين التي يسكنون وسط مستنقعات تفيح منها روائح العفن . بل لم تستمع الى صرخات استغاثتهم عبر الفضائيات وهي تنقل معاناتهم وسوء احوالهم , فالمنطقة الخضراء سيدي ليست مدينة الثورة والشعلة والمعامل .

لم يكن الشهيد عبدالكريم قاسم رجل دين او يتدرع به , كان انسانا بسيطا من العامة وعسكريا لامعا بجدارة مخلصا لوطنه محبا لشعبه , شارك حزبكم العتيد والبعثيون وفرسان العروبة والتجار الى جانب المخابرات الامريكية والبريطانية بأعدامه صبيحة يوم الجمعة الرابع عشر من رمضان وهو صائم . وقبل رشه برصاص غدركم جميعا, لم يطلب سوى قدح من الماء , كما رفض والذين اعدموا معه وضع عصابة على عينيه مستقبلا الموت بشجاعة قلّ نظيرها .

رحم الله الشهيد الزعيم عبدالكريم قاسم واسكنه فسيح جناته . في حالة كهذه سيدي تصعب لا بل تنعدم المقارنة بين نموذجين لرجلي دولة , عسكري

يضع اساسا متينا لبناء دولة مدنية , مؤسساتية تتساوى فيها جميع شرائح المجتمع في الحقوق والواجبات والمرأة والرجل كذلك , ومدني يريد بناء دولة دينية لكنها هلامية وسط رفض الشارع لها وكأنه ظلّ الله على الارض . ولكن سيستفيق المالكي يوما مثلما استفاق اسلافه من الحكام العرب على شعوبهم وهي تطأ رؤوسهم بأرجلها الحافية . اذ ذاك تكون الشعوب قد قالت كلمتها.لقد فشل الاسلام السياسي بأحزابه المنضوية تحت قبة البرلمان , وتجمعاته خارجها , وعلى مدى تسع سنوات من تجربته في الحكم , وانفراده بالسلطة , وسعيه لاقصاء الاطراف الاخرى تحت حجج واهية , وتبريرات لا تقنع حتى السذج والبسطاء في بناء دولة مؤسسات عصرية تستطيع النهوض بالواقع الخدمي للفرد العراقي , كما فشل في ادارة دفة الازمات الضاغطة على العوائل المسحوقة والفقيرة التي تعيش دون مستوى خط الفقر , وتعامل مع الاصوات الشريفة المحتجه على تردى وانعدام الخدمات والبطالة وتفشي الرشوة والفساد بلغة القمع والرصاص , فأدار بذلك دولاب الدم الذي لم يتوقف ولو للحظة حتى بعد رحيل الطاغية صدام .



#خليل_الفخري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكي لا نحرث في البحر .!
- لم يعد التاريخ مطيّة نركبها !!!
- أيها الجهلةُ والاميون ! أعيدوا للعراق وجهه الحضاري
- الشهيد عبدالكريم قاسم حضور دائم في الذاكرة وفي الضمير
- العراق في ظل حكومتي المالكي وعبدالكريم قاسم
- ولاية الفقيه , الوجهُ الاخرُ للاوتوقراطية !
- الحصاد المرّ
- العراق . طواحين الأزمات ما زالت تدور !
- الرهان الخاسر، مَن يلوم مَن !!!


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محاضرة في الجامعة العبرية بتهمة الت ...
- عبد الملك الحوثي: الرد الإيراني استهدف واحدة من أهم القواعد ...
- استطلاع: تدني شعبية ريشي سوناك إلى مستويات قياسية
- الدفاع الأوكرانية: نركز اهتمامنا على المساواة بين الجنسين في ...
- غوتيريش يدعو إلى إنهاء -دوامة الانتقام- بين إيران وإسرائيل و ...
- تونس.. رجل يفقأ عيني زوجته الحامل ويضع حدا لحياته في بئر
- -سبب غير متوقع- لتساقط الشعر قد تلاحظه في الربيع
- الأمير ويليام يستأنف واجباته الملكية لأول مرة منذ تشخيص مرض ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف وحدة المراقبة الجوية الإسرا ...
- تونس.. تأجيل النظر في -قضية التآمر على أمن الدولة-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل الفخري - المقاومة ...! لا الحداد