أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - مقاولو الفوضى في غزة














المزيد.....

مقاولو الفوضى في غزة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3726 - 2012 / 5 / 13 - 10:47
المحور: كتابات ساخرة
    


طلب مني أحد الزائرين لغزة أن أفسر له بعض الظواهر التي شاهدها ، وأثارت استغرابه، لأنها صورٌ متناقضة.قال:
" دخلتُ أحد البنوك في غزة بصعوبة من كثرة الزحام برفقة أحد أقاربي الذي كان يود أن يستلم مرتبه، ولم أكن أعلم بأن الموعد كان يوم استلام الموظفين لمرتباتهم الشهرية، وكانت الفوضى هي السائدة وسط امتعاض المراجعين من هذا الاكتظاظ، ولم أحتمل البقاء في البنك لقلة الهواء الصالح للتنفس، ولكثرة النزاعات، فخرجتُ أنتظره خارج البنك"!
وكنتُ بالأمس مع قريبي نفسه حين دخلتُ معه بوابة أحد الشركات الخاصة الكبرى في غزة، وهي شركة جوال، وعلى بوابتها آلة لتنظيم أرقام المراجعين، كلٌ بحسب رقمه ودوره، وجلسنا على مقاعد مريحة وسط جو مكيف، وأحسست بأن هذا المكان يشبه إلى حد كبير معظم المؤسسات في الولاية التي أسكنها في أمريكا أريزونا؟
ألسنا نحنُ أنفسنا مَن كنا بالأمس راضين مرتاحين في الشركة بفضل آلى النظام، ونحن اليوم الغاضبين الناقمين في البنك الذي يسير على أحدث الأنظمة الإلكترونية؟!!
لماذا تبخل البنوك والدوائر الأخرى ومؤسسات أخرى (فوضوية) على المراجعين بتنظيمهم بواسطة آلة توزيع البطاقات الرقمية الرخيصة جدا؟
هل تلك المؤسسات الفوضوية تجهل فوائد هذا الآلة البسيطة؟ أم أنها لا تستطيعُ شراءها؟!!
نظر إليَّ منتظرا إجابتي قلتُ:
إن السبب يا صديق لا يعود إلى جهل الدوائر الفوضوية بأهمية الآلة، ولا يعود أيضا إلى عدم قدرتها على توفير ثمنها، ولكن السبب يعود إلى أن هناك من يستفيد من حالات الفوضى في الدوائر الفوضوية، فهناك ربحٌ وفيرٌ لكثيرين، ممن يستفيدون من هذه الفوضى، وإليك وصفا لهم!!
كيف يمكن لبعض الموظفين أن يقدموا الخدمات من وراء الطاولات بانتهاك الأدوار لمعارفهم، مع وجود آلة رقمية؟!!
وكيف يمكنهم أن يحصلوا على مقابل ماديٍّ ومعنوي من زبائنهم نظير خدمتهم لهم، وجعلهم يتجاوزون رقاب المساكين، ويحصلون على الخدمة بغض النظر عن دورهم وساعة وصولهم؟!!
وكيف يمكن لكثيرين من المصابين بأمراضٍ نفسية، أن يستمتعوا بمنزلتهم الرفيعة، مع وجود الآلة التي تنظم الطوابير، فلن يحس هؤلاء المرضى بالعظمة في وجود الآلة، التي تمحو وتطمس شخصياتهم، فهم لا يكونون عظماءَ مع وجود آلة النظام، فهم عظماءُ فقط إذا تدافعت الأجساد على مكاتبهم تطلب عطفهم وإحسانهم، فالآلة ألدُ أعدائهم !!
لذا فلا غرابة حين تجد بعض الموظفين يبتسمون بارتياح وانتعاش وسط الفوضي، ويحتملون الاكتظاظ والتدافع، بل (يلتذون) به أحيانا، وسط مجتمعٍ انعدمتْ فيه وسائلُ التميز، وإثبات النفس بالإنتاج والإبداع!
كما أن بعض الموظفين في تلك المؤسسات الفوضوية، ممن قصُرتْ باعُهُم عن الإبداعات، وهم لا يملكون الأفكار المبدعة، لا يجدون فرصة أفضل من أن يسعوا إلى هذه الفوضى ليُثبتوا لرؤسائهم بأنهم تمكنوا من تسيير الأعمال وسط الفوضى، فيتحولون إلى شرطة لتنظيم الفوضى، ثم يدعون بأنهم أمضوا يوما مرهقا جدا، يستحقون بعده علاوة( أخطار المهنة) ويستحقون درجة وظيفية عليا!!
ولعل أخطر الفئات والجماعات التي تسعى لإدامة الفوضى، وهم من فئة المندسين في كثير من المؤسسات، ومن طائفة مقاولي الفوضي، وهؤلاء يسعَوْن لاستمرار حالة الفوضى وتعزيزها والحفاظ عليها ورعايتها، حتى يبقى هذا المجتمع فوضويا، أي بعبارة بسيطة حتى يقول الزائرون لهذا الوطن:
إن هذا الشعب الفلسطيني ليس جديرا بأن ينازع أعداءه المنظمين المرتبين، فالفلسطينيون شعب فوضوي غوغائي، ليس جديرا بأن ينافس مغتصبي حقه!
وهناك غاية أخرى وهي أن يشعر المبدعون المنظمون ، من أعداء الفوضى بأنهم لا ينتمون إلى هذا المجتمع الفوضوي، وليس أمامهم سوى الهجرة إلى بلاد النظام في العالم الآخر!
وهناك أيضا رسالة أخرى وهي أن مَن يزرْ الوطن ويرىَ الفوضى وبعض المظاهر الأخرى وأبرزها انتشار رمي النفايات في شوارع غزة، وعادة البصاق المكشوف في الشوارع والذي أصبح تقليدا شعبيا في غزة يمارسها الصغير والكبير والرجل والمرأة، سيقول:
كنتُ مخطئا عندما كنتُ في السابق أدافع عن نضاله واستحقاقه الوطني، فهم شعبٌ لا يستحقُّ شرف نضاله العادل؟



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زعران ومستوطنون وعصابات
- اقرأوا صرخة الحاخام
- قصة شفتي القاضي
- قصة أبو جريبان وغروسمان
- ما مصير الكيبوتسات؟
- تخلصوا من العرب أعضاء الكنيست
- الدولة الأسطورية إسرائيل
- نوما هنيئا أيها السلطان
- الضحية هي الثقافة في مصر
- أحفاد المخاتير والشعب المختار
- الفارابي في شارع 26 يوليو
- الى الهاكرز العرب
- من الغابات إلى الفيلات
- الماء أخطر من الكاتيوشا
- قراصنة جيش الدفاع يشلون مصارف غزة
- الاستبانات والاحصاءات لغة العصر
- واقع التعليم الأليم
- أحزاب وطنية لفش غل الرعية
- تقنيات اللجان في فلسطين
- عام استرجاع المبدعين


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - مقاولو الفوضى في غزة