أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أشواق عباس - العلاقـات الأميركيـة – السوريــة















المزيد.....



العلاقـات الأميركيـة – السوريــة


أشواق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1093 - 2005 / 1 / 29 - 08:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تمهيــد أولـــي:
إن العائد إلى الجملة الشهيرة التي قالها هارولد ساوندرز و هو الخبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي خلال عهد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر عندما أبدى رأيه على أول زيارة قام بها هذا الأخير إلى دمشق في أواخر عام 1973 ( بأن الطيران إلى دمشق بعد ستة أعوام من انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كان يشبه الذهاب إلى الصين فنحن لم نكن نعرف على وجه اليقين ما الذي سنجده هناك)) ، ورغم ما طرأ على هذه العلاقة منذ تلك الزيارة و حتى الآن لا تزال التقلبات التي تعصف بها بين الحين و الأخر تثبت على أن دمشق لم تصبح بعد كتابا مفتوحا لأميركا لاسيما في مراكز صناعة قرارها .
و من هنا يمكننا اعتبار الأزمة الأخيرة التي عصفت بمسيرة العلاقات بين دمشق وواشنطن خلال الأشهر الأخيرة ، و التي أعقبت عملية الاحتلال الأميركي للعراق دليلا جديدا على أن تلك العلاقات ما تزال تسير وسط حقل من الرمال المتحركة مما يذكر بالوصف الذي أعطاه وزير الخارجية الأميركي السابق وارن كريستوفر لسورية حين قال أنها ستظل تشكل ((تحديا فريدا)) للسياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط ، بل إن المستعرض لوقائع المسيرة المتعرجة التي سلكتها علاقات البلدين منذ مشاركة سورية في التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية في حرب تحرير الكويت عام 1991 وحتى الآن يدرك تماما على أن حركة المتغيرات الإقليمية و الدولية التي شهدتها المنطقة خلال هذه الفترة كانت تفرض على كلا الجانبين أن يتلاقيا باستمرار حول قضايا وتفاهمات محدودة تقيم بينهما نوعا من ((زواج المتعة)) الذي يمكن القول بأن عقده بين البلدين أبرم لأول مرة إبان مشاركة سورية في حرب تحرير الكويت ثم مشاركتها في مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط الذي عقد بترتيب من إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب، وتوضح مسيرة العلاقات التي أعقبت المنعطفين المذكورين أن البلدين كانا يجدان أنفسهما مضطرين دائما لتجديد عقد ((زواج المتعة)) بينهما كلما انتهت مدة ذلك العقد للزواج المؤقت والاضطراري ، فالريبة المتبادلة من جهة أولى كانت تمنعهما من تحويل العقد إلى عقد زواج دائم، و الحكمة التي تضبط تقديرات الجانبين من جهة ثانية كانت تمنعهما من إنهاء ذلك الزواج المؤقت والانتقال إلى مرحلة الفراق النهائي و الذي يجعل من المواجهة عملية مفتوحة و التي ليس لأي من الطرفين مصلحة في الانزلاق نحوها .
و لا تشكل الأزمة الأخيرة التي عصفت بعلاقات البلدين إلا مثالا مشخصا عن هذا التوجه الذي يحكم العلاقات القائمة بينهما ، حيث نقرأ ذلك في سلسلة الوقائع التي بدأت بصدور قانون محاسبة سورية ثم قرار مجلس النواب اللبناني بالتمديد للرئيس أميل لحود مدة ثلاث سنوات وموافقة مجلس الأمن الدولي على القرار 1559 الذي تقدمت بمشروعه الولايات المتحدة وفرنسا وتضمن الدعوة لاحترام الدستور اللبناني وخروج القوات الأجنبية من لبنان وتكليف أمين عام الأمم المتحدة بتقديم تقرير عن تنفيذ القرار بعد مرور شهر واحد على صدوره ، وصولا إلى زيارة معاون وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز إلى دمشق والتي وجدت فيها الأوساط المراقبة (رغم تباين القراءات) دليلا يعكس بشكل أو بآخر اهتمام الإدارة الأميركية بالحفاظ على قناة مفتوحة للحوار مع دمشق (وبصرف النظر عن كل ما يمكن قوله حول اللهجة المستخدمة في ذلك الحوار).
و لا يمكن لقراءة مدققة في تفاصيل هذه المرحلة إلا أن تفضح تلك القواعد المضمرة التي تقوم عليها توازنات المعادلة المضطربة التي تحكم مسيرة العلاقات السورية الأميركية خلال المرحلة الراهنة ، والتي يمكن إرجاعها بشكل أساسي إلى حسابات وتقديرات الجانبين وتوقعاتهما غير المعلنة حيال مستقبل العلاقة وآفاقها .
فعلى الجانب لأميركي تكشف هذه القراءة عدم امتلاك مراكز القـرار الأميركي أية خطط جاهزة لإسقاط النظام السوري أو استبداله أو الدخول في مواجهة علنية و مباشرة رغم كثرة التصريحات الأميركيـة و التي كانت تقارب هذه النقاط أحيانا مقاربة شكلية ، و الذي يؤكد كلامنا هذا و يعززه بشكل خاص هو نتائج التجربة الفاشلة التي خاضتها الإدارة الأميركية في العراق حين غامرت بإسقاط نظـام ذو تركيبة وتوجهات خاصـة دون تأميـن البديـل المضمون الذي يمكن أن يحل محله، مما ترك الساحـة مفتوحة أمام انطلاق نشاطات القوى الأصولية التي تتربص بالسلطة في معظم دول المنطقـة ، وفي مقابل ذلك يمكن الجزم بأن الإدارة الأميركية (الحالية واللاحقة) لا يمكن أن تسمح لسورية بالذهاب بعيدا في تبني مواقف وسياسات تعارض وتعطل خطط الإستراتيجية الشرق أوسطية للولايات المتحدة الأميركيـة وخصوصا في ملفي عملية السلام وترتيب الأوضاع في العراق ، وعلى هذا الأسـاس يمكن التقدير بأن السياسة الأميركيـة في إدارة العلاقة مع سوريـة تقوم على قاعدة العمل اليومي ( أي التكتيكات ضمن الحالة الراهـنة و ليس السياسة الإستراتيجيـة بمعناها المباشر و غير المباشر ) من أجل حث دمشـق على تكييف مواقفها مع متطلبات ضمان حسن سير الخطط الأميركية في المنطقة تحت طائلة التهديد الدائـم باستخدام جميع الوسـائل الممكنة (بما فيها الوسائل العسكريـة) لإرغام سـورية على السير في هذا الاتجاه بصورة طوعيـة أو حتى قسرية.
وبالانتقال إلى الجانب السوري يبدو أن المفتاح الرئيسي لفهم النظرة السورية نحو العلاقة مع واشنطن يكمن في الانطلاق من أن دمشـق لا تطمح ولا ترغب ولا تسعى لكي تكون حليفا للولايات المتحدة أو وكيلا لمصالحها في المنطقة على غرار الدور الذي تقوم به دول عربية عديدة (معظم دول الخليج إضافة إلى مصر والأردن وأخيرا وليبيـا)، وفي مقابـل ذلك لا تخفي سوريـة تخوفها وحذرها من الانزلاق نحو الدخول في مواجهة مفتوحـة مع الولايات المتحدة سواء بصورة مباشرة (بعد وصول القوات الأميركيـة إلى منطقة الحدود السوريـة العراقية) أو عبر البوابـة الإسرائيلي،ة التي تتلهف للحصول على ضوء أخضر للقيام بهذه المهمة. وعلى هذا الأساس يمكن الاستنتاج بأن مفهوم دمشـق للعلاقة مع الولايات المتحـدة يقوم على قاعدة تفادي شرور هذه القوة العظمى،من خلال إقامة علاقة جيدة مستقرة لا تنتهك الأسس السورية أو تعارضها ، أي نستطيع القول أن الهاجس السـوري يتركز حول تأمين تفادي تلك الشرور الأميركية المحتملة بأقل ثمن سياسي ممكن.
وإذا كان السـؤال الأساسي الذي يطرح هنا يدور حول المدى الزمني الذي يمكن أن يستمر فيه سريان عقد ذلك ((الزواج المؤقت)) الذي يحكم مسيرة العلاقات السورية الأميركية، فإن الإجابة عن هذا السـؤال تتوقف على مدى واقعيـة وعقلانية النظرة التي يحملها كل جانب حيال مقومات تلك العلاقـة واحتمالاتهـا الممكنـة، وحيث يمكن الافتراض هنا أن القيادة السورية تدرك بأن الحد الأدنى للثمن السياسي الذي يتوجب دفعه لتفادي الشرور الأميركية هو حد متحرك بين فترة وأخرى حسب متغيرات الظروف الإقليمية والدولية السائدة، ورغم أن القيادة السورية تنطلق في إدارتها للعلاقة من استعداد عقلاني لتسديد الثمن المطلوب وفق معطيات كل مرحلة، فيبدو أن التحدي الأساسي الذي يواجه القيادة السورية في كل مرة يكمن في محاولتها لالتقاط خط الحد الأدنى للثمن المطلوب بصورة دقيقة ودون أية اندفاعـة يمكن أن تزيد على ذلك الحد الأدنى خطوة إضافية غير مبررة وليسـت مطلوبة، ودون التمسـك بمواقف متخشبة تبنى على تقديرات تجاوزتها حركة الأحداث المتسارعـة التي تجري على ساحة المنطقـة.
أما على الجانب الأميركي فيبدو أن استمرار العلاقـة التي ما تزال تولد فوائـد معترف بها للطرفين ، يتوقف على تقبل تلك العلاقـة بوضعها القلق الذي تسير عليه منذ مدة طويلـة ، والمطلوب هنا هو إسـقاط أي رهان واهـم يمكن أن يساور بعض مراكـز صنع القـرار الأميركي حول إمكانية ضم دمشق إلى قائمة حلفاء الولايات المتحدة الاستراتيجيين أو وكلاء مصالحها المعتمدين في المنطقة ، وهو ما عبر عنه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ردا على دعوة الوزير هنري كيسنجر عندما إلتقاه لأول مرة عام 1973 لإقامة ((عصر صداقة جديدة بين سورية وإسرائيل)) بأن صداقة بين البلدين قد لا تقوم خلال المرحلة الراهنة ولكن ((يمكن العمل على الأقل من أجل إزالة الخلافات)) ، وإذا تمت مراعاة تلك الاعتبارات التي تحـدد سقف العلاقـة بين البلدين فإن كل ما يأتي بعد ذلك سيكون مجـرد تفاصيـل يمكن التفاوض حولها والوصول إلى تفاهمات وسطية بشأنها.

قـراءة في الأزمـــة

ما قيل كثيرا في العلاقات الأميركيـة – السوريـة

لطالما وصفت تلك العلاقة التي تجمع بين كل من الولايات المتحدة الأميركية و سوريا بالتذبذب و التقلب لا سيما خلال الفترة الأخيرة ،و لعل هناك من يعتبر أن هذا التذبذب ليس ناجما عن الجانب السوري بل هو نتيجة طبيعة للسياسة الخارجية الأميركية على اعتبار أن السبب يعود في ذلك إلى انطلاق كلا الطرفين في علاقته مع الأخر من مصالحه و مبادئه و سياساته و هو الأمر الذي يفترض مبدئيا الثبات النسبي لكن التغير الحاصل هنا و الذي يمس الجانب الأميركي هو التغير المفاجئ الذي يطرأ على ما تراه أميركيا بأنه يدخل ضمن مصالحها ، فسوريا لطالما سعت للحصول على علاقة مستقرة و جيدة تربطها بالجانب الأميركي و ذلك ضمن جملة الأسس التي وضعتها لنفسها لكن أميركيا تؤثر سلبا في إطار ما يمكن أن نسميه القبول أحيانا بهذه الأسس و الرفض النسبي أحيانا أخرى و الرفض المطلق أحيانا أكثر . ‏‏ ‏
فعندما تجد أمريكيا بأن هذه المصالح السورية المبنية على تلك الأسس تلتقي مع مصالحها تكون علاقاتها جيدة مع سوريا ، أما حين تفترق هذه المصالح فإنها تطلب من السوريون أن يقبلوا ما تريده و هو الذي لا ينسجم مع سوريا في كثير من الأحيان ، لكن ذلك يفرض على أي حال من الأحوال أسئلة تطرح ذاتها و لعل السؤال الأهم هو :
إذا كانت سوريا حريصة على عدم معاداة أميركا بذات القدر الذي ترغب فيه بإقامة علاقات جيدة وبالوقت ذاته لا يمكنها تنفيذ جميع مطالبهـا التي غالبا ما تعارض أسسها فما هي قدرة الدبلوماسية في كلا البلدين على إقامة علاقات متوازنة لاسيما مع إدراك السوريون بعدم وجود سياسة أميركية واحدة, بل هناك مراكز قرار متعددة وهي الخارجية والبنتاغون والكونغرس مما يجعل أي علاقة مع الولايات المتحدة تتأثر بهذه المراكز, لاسيما و أن ما حدث مؤخرا منذ أن أقر قانون محاسبة سورية, جعل الأمر جليا بان العلاقات الأميركية-السورية, انتقلت من مرحلة المهادنة وتبادل المنافع, إلى مرحلة المواجهة, خاصة مع إسقاط واشنطن لدورها في إعادة عملية السلام بين سورية وإسرائيل, و إعطاءها الأولوية لاحتلال العراق وما يسمى بالحرب على (الإرهاب الفلسطيني), لذلك فان التنبؤ بالتصعيد, هو المرجح على مسار العلاقات السورية -الأميركية. ولم يعد مستبعدا أن يدخل شارون على الخط في تصعيد عسكري في جنوب لبنان أو الجولان لتعزيز شراكته الإستراتيجية مع بوش في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب , فيما تعمل سوريا جاهدة من جانبها لدفع العلاقات مع واشنطن نحو الانفراج كمخرج يُجنبها عواقب غير مضمونة النتائج ضمن وضع إقليمي معقد في فلسطين والعراق وضغط وتخوف أوروبي وضعف عربي خطير.
و فيما يذهب الكثير من المراقبين إلى إبداء خشيتهم من تدخل العامل الإسرائيلي في زيادة توتير الأجواء على خط دمشق - واشنطن, لكنهم لايلبثون أن يعودوا للتذكير بأن العامل الإسرائيلي أصبح أكثر ضعفا بعد الوجود العسكري الأميركي المباشر في العراق وهو ما يشي بأفول وكالة إسرائيل للمصالح الأميركية في المنطقة .
ويرى المراقبون لهذه العلاقات أيضا إن مثل هذه التحليلات لا يمكن الركون إليها بكثير من الاطمئنان لان الإدارة الأميركية كثيرا ما تفاجئ نفسها قبل غيرها فتمارس سياسات مراوغة عصية على التوقع كالتعاون مع بعض الأنظمة مثلا , ثم سرعان ما تصب جام انتقاداتها على هذه الأنظمة نفسها (كما حدث في علاقاتها مع السعودية مثلا و المحاولات اللاحقة لبعض المسئولين في الإدارة الأميركية بإدراج السعودية في خانة الدول المعادية للولايات المتحدة ) .
يعود هنا ليطرح سؤال آخر نفسه ، ترى هل من الممكن أن تنسحب مثل هذه السياسات على العلاقات السورية الأميركية ؟ ،بالطبع لا ...لأن حساسية الشرق الأوسط وخصوصية العلاقات بين واشنطن ودمشق تفترض التروي والحذر الشديدين, وحتى في أحلك الظروف لم ينقطع خيط الحوار الأميركي السوري و توتر العلاقات لم يصل إلى خط احمر .
المراقبون يؤكدون أن فرض عقوبات على دمشق يعني نهاية لعبة شد الحبال الأميركية السورية وهو ما لم تقدم عليه أية إدارة أميركية في السابق, كما انه يحجم الخيارات الممكنة أمام السياسة الأميركية في التعاطي مع قضايا شائكة في المنطقة, في وقت أصبحت فيه الأوضاع ضاغطة على الرئيس الأميركي جورج بوش وهو في سباقه مع خصومه الديمقراطيين إلى الرئاسة الأميركية وربما سيقدم على نوع من المجاملة للجالية اليهودية في بلاده تتمثل في فرض بعض العقوبات الاقتصادية على سورية , وفيما عدا ذلك فان قطع الطرق بين واشنطن ودمشق ليس في مصلحة احد ..


لقد دخلت العلاقات الأميركية – السورية منذ عام 1974 حالة من المد والجزر ، لكن و رغم محاولة سورية من جانبها خلق حالة من الاستقرار في هذه العلاقة لكنها فشلت في ذلك و ظلت هذه العلاقات عمليا تجتاز مسارا غريبا منذ سنوات ، فسواء كانت ودية أو في حدها الأدنى كما هي اليوم بعد فرض العقوبات الأميركية التي يجب أن توحي بان العلاقات السورية الأميركية على حافة القطيعة ، فإنها لم تعني يوما و في أسوء مراحلها وصول العلاقات بين البلدين إلى حافة القطيعة أو الحيلولة دون مواصلة الحوار بين دمشق وواشنطن ، فهي و رغم تأرجحها منذ سنوات صعودا وهبوطا لكنها لطالما تميزت بالتجاذب والشك وضرورة التعاون عندما تقتضي ذلك مصالح الطرفين. لذلك كانت متغيرة بطبيعتها
فحتى بداية السبعينات و بعد انقطاع دام لست سنوات في أواخر الستينات عادت هذه العلاقة في 1974 إلى مجراها بعد قيام الرئيس الأميركي نيكسون بزيارة إلى سوريا ، ورغم أن عمرها الفعلي لم يصل بعد إلى الأربعين عاما لكنها كانت خلال هذه الفترة علاقات متموجة ترتفع و تنحدر ، تصل أحيان للصدام و أحيانا أخرى للاتفاق و التعاون ، فهي غير مستقرة و السبب في ذلك يعود إلى التبدلات الحادة في الولايات المتحدة ، حيث تأتي إدارة و تختلف عن الإدارة التي سبقتها و تسير باتجاه أخر ، لكن هذه العلاقة التي تميزت بالبرودة صعودا وهبوطا تغيرت جذريا عندما انضمت سوريا عام 1990 إلى القوة المتعددة الجنسية في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لإخراج القوات العراقية من الكويت.
فقد أدى هذا الانضمام إلى تحول في سياسة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الخارجية، الذي تلقى مكافأة من الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، فقد دعا بوش سوريا عدو إسرائيل اللدود إلى المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام في تشرين الأول/أكتوبر 1991.
والنتيجة هي انه للمرة الأولى بدأت سوريا وإسرائيل في نهاية التسعينات مفاوضات مباشرة بتشجيع من واشنطن ، ورغم أن هذه المفاوضات فشلت خلال قمة جنيف بين الرئيسين السوري حافظ الأسد والأميركي بيل كلينتون ، و رغم ما شعر به الرئيس الأسد بعدما أعتبر انه خدع من جانب الولايات المتحدة متهم إياها بالازدواجية ، إلا أن عودة الشكوك بين البلدين لم تحل دون تعاونهما وذهبت سوريا إلى حد عرض خدماتها للولايات المتحدة الساعية إلى معلومات حول القاعدة بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
لكن كادت القطيعة تحصل العام الماضي مع إعلان الولايات المتحدة الحرب على العراق و التي عارضتها دمشق الأمر الذي أثار غضب واشنطن التي اتهمت دمشق بالسماح بتسلل مجموعات مسلحة للقيام بعمليات ضد قوات التحالف في العراق وبأنها لم تقطع علاقاتها مع حزب الله اللبناني وإسلاميي حركتي الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وحتى في الوقت الذي كانت فيه العلاقات السورية الأميركية جيدة فإنها لم تكن منسجمة تماما، فسوريا مدرجة منذ العام 1979 على لائحة الدول الداعمة للإرهاب وتخضع منذ ذلك الحين لعقوبات اقتصادية تحرمها من المساعدات الأميركية.
ورغم أنها عادت لتتحسن ببعد ذلك لاسيما بعد إعلان السفير الأميركي السابق في دمشق تيودور قطوف في حديث لإحدى محطات التلفزة العربية ( انه رغم كل شيء "لا تعتزم الولايات المتحدة فتح جبهة جديدة في سوري) .
لكن هذه العلاقات عادت لتصل إلى حد التردي لاسيما بعد الحرب على العراق و بسط خارطة الطريق و ذلك ضمن المرحلة الجديدة للسياسة الخارجية الأميركية ( عسكرة السياسة الخارجية الأميركية ) لتصل أدنى مستوياتها في أيار الماضي مع بدء الفرض الأميركي للعقوبات على دمشق ، فسوريا و خلال تاريخ علاقاتها مع أميركا لم تواجه ضغوطا ( فرض الشروط الأميركية ) أميركية خارجية عليها بهذه الحدة بالمعنى المجازي للكلمة و هو ما يعني باللغة الجيو- سياسية في العلاقات الدولية أن سوريا تشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى بحدة الاحتواء الأميركي لها بمعنى التطويق المحيطي الشامل ، هذا التطويق الشديد القساوة وصل إلى حد وضع عوائق أمام انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية و عدم تحبيذ أميركيا بان تتطور العلاقات السورية العراقية ، بل و تفضيلها للأردن على سوريا في هذا المجال ، و إصدارها لاحقا لما أسمته بقانون محاسبة سوريا و نجاحها كذلك في استصدار قرار مجلس الأمن رقم 1559 و هو ما يعني أن أميركيا تجاوزت بكثير مرحلة البحث عن المبررات لما تنوي القيام به ضد سوريا و بأنها لم تعد تكترث كثيرا بمساءلة الشرعية الدولية و ( و هو ما فعلته مسبقا في العراق)
نستطيع القول ما إن هدأت المدافع على الجبهة العراقية حتى بدأت المعركة السياسية بين دمشق وواشنطن، معلنة بدء أزمة خطيرة بين كلا الطرفين وهي معركة لها باطن وظاهر، يغلفها سوء الفهم وسوء الظن ، أما ظاهرها فهو الاتهامات الأميركية لسوريا بأنها تؤوي بعض رجال النظام العراقي السابق، وأيضا تحتفظ بأسلحة ( دمار شامل) و الأخيرة عبارة معبأة ، وحالة تثير الإنذار في العقل الغربي، أما الباطن فيبدو انه أعمق من ذلك وأكثر تشعبا يشير إلي موضوعات مثل (حزب الله) في لبنان، والموقف من ( السلام) في الشرق الأوسط، بما فيه المنظمات الفلسطينية في دمشق، ويتخلل الملفات الملف السوري في لبنان و الديمقراطية .
لقد تحول النهج الأميركي في التعامل مع سورية من المساومة إلى الفرض ، فعلى سبيل المثال سورية "لن تكافأ على فعل الشيء الصحيح حيال منظمة القاعدة إذا داومت على اقتراف الخطأ بخصوص حزب الله وحماس"..
لقد تسبب تحول التركيز في العلاقة الأميركية السورية من عملية السلام إلى الإرهاب والعراق إلى حرمان هذه العلاقات من مرساها المألوف، مما أفضى إلى "فراغ سياسي خطر" حسب أحد المسئولين الأميركيين ، الأمر الذي جعل هذه العلاقات أسيرة حلقة مفرغة "فسورية لن تدخل تغييرا جوهريا على سياساتها ما لم تستعد مرتفعات الجولان، والولايات المتحدة لن تحرك ساكنا في عملية السلام ما لم تغير سورية سياساتها تغييرا جوهريا".



وضع دمشق الحالي أثناء الأزمة مع أميركيا

لقد بدت دمشق في بداية بوادر أزمتها مع أميركيا و كأنها أمام تحول جديد و نسبي في تعاملها مع الولايات المتحدة الأميركية لاسيما بعد التصعيدات التي ظهرت في علاقات دمشق - واشنطن على خلفية الأزمة العراقية و تطورات الحرب الأميركية – البريطانية ضد العراق و التلويح الأميركي الأخير بالملف اللبناني و الذي بدت دمشق من خلالهم صاحبة أهم معارضة لأميركا عربيا و دوليا ، فموقف دمشق من الأزمة العراقية أثار الإدارة الأميركية التي تربطها بدمشق علاقات لطالما تراوحت على مدى سنوات طويلة بين مد و جزر فاندفع المسئولون الأميركيون في حملة اتهامات ضد دمشق تعددت مجالاتها بالقدر الذي افتقدت فيه عناصر الأدلة و الإثبات و الموضوعية ، و التي كان من أبرزهـا:
- اتهام دمشق بتقديم معدات عسكرية للعراق في حربه مع التحالف الأميركي البريطاني .
- تسهيل مرور المتطوعين للقتال إلى جانب القوات العراقية في سوريا .
- تخزين أسلحة الدمار الشامل العراقية في سوريا .
- اتهام سوريا بامتلاك أسلحة الدمار الشامل .
- فتح ملفي (الوجود السوري في لبنان) ، و ( دعم الإرهاب) .
- إيواء دمشق لمسئولين سابقين من رموز النظام العراقي في أراضيها .

و بالتالي كان المطلوب من سوريا أميركيا بموجب هذه الاتهامات ما يلي :
- وقف دعمها للمقاومة اللبنانية و انسحاب قواتها من الأراضي اللبنانية و تصفية حزب الله و دفع الجيش اللبناني إلى الحدود لضمان امن شمال فلسطين .
- إجراء تعديلات على اتفاقية الطائف لتأخذ بعين الاعتبار مصالح حلفاء أميركيا في لبنان .
- تسليم رموز النظام العراقي السابق الموجودة في دمشق .
- السماح بفرق التفتيش الأميركية بالدخول و التفتيش في سوريا .
- إغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية في دمشق .
- انخراط دمشق دون تردد في الحملة الأمرواسرائيلية على الإرهاب و الانتفاضة و المقاومة العراقية .

و أمام هذه الضغوط وهذه المطالب أعلنت أميركيا جملة من العقوبات تضمنها القانون الذي أصدرته لمعاقبة سوريا

العقوبات الأميركية المعلنة في حال عدم امتثال دمشق للمطالب الأميركية

بالإضافة على حالة الضغط التي هيئت الولايات المتحدة المناخ الدولي لوضع دمشق فيها ، شمل قانون محاسبة سوريا العقوبات التالية :
- منع الصادرات الأميركية إلى سوريا باستثناء السلع الغذائية و الدوائية .
- منع الشركات الأميركية من الاستثمار في الاقتصاد السوري .
- تقييد حركة الدبلوماسيين السوريين و خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .

إن الوقوف على مدى صدق السياسة الأميركية و جديتها عند إقرارها لهذا القانون من جهة ، و مدى موضوعية هذا القانون من جهة منا يتطلب نقطتان أساسيتان هما :
1 – واضعي هذا القانون
إن القارئ لهذا القانون سوف يجد لجهة مدى موضوعية هذا القانون بأنه لا يتمتع بالشرعية المتعارف عليها في العلاقات الدولية .
فهو مشروع يجسد طروحات اليمين الأميركي البارز حالياً في الولايات المتحدة الأميركية ، و التي كانت قد ابتدأت و تبلورت منذ العام 1996 من خلال التعاون بين معهد أميركا أنتربرا ومعهد هدسون وكلاهما ممثل لليمين الجديد، واللافت أن المشروع بدأ من خلال مجلس النواب حيث عهد إلى شخصية (كوبية الأصل) برئاسة قسم الشرق الأوسط في لجنة العلاقات الخارجية وبناءً على طرحها لقانون محاسبة سوريا كان واضحاً وهي لا تعرف عن منطقة الشرق الأوسط شيئاً حتى أنها أخطأت باسم الرئيس السوري بشار الأسد مرتين - أن هناك تقاسماً وظيفياً مع أربعة أعضاء في مجلس النواب بحيث تطرح هي مشروع القانون ويقومون هم بالمقابل بتبني قضايا كوبا.
و الداعية للمشروع هي الكوبية ( إيليانا روز لنتن) والتي كانت قد ترأست لجنة من 18 عضواً لمناقشة القانون لكنه لم يحضر لمناقشته قبل عرضه على التصويت إلا أعضاء مجلس النواب الأربعة الذين طلبوا منها رفع مشروع الاقتراح مقابل تبني قضايا كوبا و هم لانتوس _ غاري - إغريمان _ و أليوت و هذا الأخير هو من لعب الدور الأساسي بوضع و طرح الصياغة الأولية لهذا القانون و هو المعروف بنشاطه في اللوبي الصهيوني و الذي سعى جاهدا لإقراره بدفع من رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون واستجابة لضغوط هذا الأخير على الإدارة و المجتمع الأميركي استطاع النجاح في استصدار هذا القانون رغم التحذيرات العديدة التي تقدم بها عدد من المسئولين في البيت الأبيض و الخارجية الأميركية للإدارة الأميركية و بالرغم كذلك من التصريحات الكثيرة التي ألقاها العديد من المسئولين الأميركيين و التي أشادت بتعاون سوريا مع أميركيا في ملف الإرهاب و تحديدا الجماعات الإسلامية المتطرفة التي على علاقة بتنظيم القاعدة و هو ما أعطى مؤشراً على أن هذه القضية لم تحظ باهتمام ذلك المجلس ولكن اللعبة بدأت تكبر في إطار ما يمكن تسميته كرة الثلج المتدحرجة .
2 – قراءة فعلية في هذا القانون :
أن إصدار الولايات المتحدة الأميركية لقوانين تعطي بموجبها الحق لنفسها في معاقبة دول أخرى تحت ذريعة أن سياساتها تتعارض مع مصالحها أمرا ليس بمستغرب في ضوء التطورات الأخيرة للسياسة الخارجية الأميركية . لكن ما يجعل من هذا القانون حالة استثنائية هو التعديلات الأميركية التي صدرت عليه لاحقا و التي عدلت عمليا الكثير من نصوصه لاسيما و أن هذه التعديلات أقرت بشكل رسمي في كل من مجلسي النواب والشيوخ و هو ما يؤكد بشكل واضح أن المطلوب من القانون لم يكن أكثر من إرسال رسالة ضغط إلى دمشق ليس إلا :

- التعديل الذي شمل إلغاء الفقرة الأولى في صيغة مجلس النواب والتي تعتبر أن كل دولة تأوي أو تدعم الإرهاب بمثابة نظام معادي، إن إلغاء هذه الفقرة يُعتبر بمثابة تخفيف لحدة القانون، و هو ما يعني أن هذه الصيغة الجديدة تطوي صفحة اعتبار سوريا دولة مُعادية بما كان يستتبع ذلك من ضرورة قيام أميركيا برد عدوانها المزعوم عسكرياً، لاسيما أذا اخذ بعين الاعتبار التعديل الذي رافقها للفقرة التي كانت تحمِّل سوريا مسؤولية العمليات التي يقوم بها حزب الله وغيره من التنظيمات المزعوم أنها إرهابية! والتي قيل أن لها مكاتب أو معسكرات تدريب أو منشآت في سوريا، وهو أمرٌ كان يمكن أن ُيعتبر بمثابة تغطية من قبل لربط شارون بين العمليات الاستشهادية وتوجيه ضربات إلى دمشق .
- التعديل الإضافي المتضمن تغيير صيغة مجلس النواب في القانون المذكور والتي تقول بأن الولايات المتحدة (يجب أن تعطل قدرات سوريا على دعم الإرهاب الدولي) و هو ما كان يعني إطلاق يد الحرب الأميركية ضد سوريا ، فالتعديل لهذا الفقرة نص على (إن الولايات المتحدة الأميركية سوف تعمل على حرمان سوريا من هذه القدرات)، والعمل على الحرمان شيء ووجوب تعطيل قدرات سوريا شيء آخر، فالأولى ذهاب نحو الحرب والثانية تعني الاكتفاء بممارسة ضغوط باتت بمثابة عادة مزمنة في العرف السياسي الأميركي مع الطرف السوري.
- التعديل المتعلق بشطب الربط بين حزب الله والقاعدة .
حيث تم شطب الفقرة التي أقرها مجلس النواب القائلة بـ«توسيع الجهود ضد حزب الله» وهي ما اعتبرت إشارة حربية أيضاً على أن تستبدل بصيغة خطابية تتضمن «أن يتطرق الرئيس في تقريره للكونغرس حول تقييمه للسياسة السورية إلى كيفية زيادة الجهود ضد حزب الله وغيره من التنظيمات التي تدعمها سوريا» و إلغاء مقارنة أو ربط حزب الله بمنظمة القاعدة لأن الربط السابق كان يعني إلزاماً للولايات المتحدة الأميركية بحرب ضد حزب الله وبالتالي سوريا، والبقاء في حدود ما يسمى في القانون «زيادة الجهود ضد حزب الله وضد غيره من التنظيمات التي تدعمها سوريا في إشارة إلى الجهاد وحماس» .
- كذلك التعديل الذي تغيرت فيه الفقرة التي تربط بين رفع العقوبات على سوريا وانسحابها من لبنان لتتحوّل إلى «التذكير بالدعوة إلى ربط إلغاء القانون بالإشارة إلى قرار مجلس الأمن رقم520 الخاص بالاحترام الكامل لسيادة لبنان وحرمة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي». ونلفت هنا إلى أن صلاحيات الرئيس الأميركي في التعليق للبنود ورفعها تلغي هذه المادة من الأساس!.
و هو ما عني لجميع مراقبي العلاقات الأميركية السورية أن الهدف من هذا القانون هو هدف سياسي وهذا يعني أنه لم يهدف إلى إحداث تأثيرات على المستويات الأخرى أكثر من وضع دمشق تحت الضغط كي تستجيب للمطالب الأميركية ، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يلي :
- علينا أن نتذكر انه ليس بين الولايات المتحدة الأميركية وسوريا علاقات تجارية من النوع الذي يعتد به أو من النوع المؤثر إذ لا تزيد قيمة واردات الولايات المتحدة الأميركية من سورية عن 112.4 مليون دولار وسوريا تأتي في المرتبة 94 تجارياً مع الولايات المتحدة حيث لا تزيد صادرات الولايات المتحدة الأميركية إلى سورية عن 269.4 مليون دولار معظمها أجهزة منزلية _ قطع غيار _ تبغ _ الكترونيات وما شابه ذلك ويبدو أن الرد السوري أصبح جاهزاً من خلال الشراكة السورية الأوروبية التي تحظى بدعم شديد من كل الأوربيين وما تصريحات كل من أزنار (رئيس وزراء اسبانيا) ونائبة رئيس وزراء اللوكسمبورغ، إلا رسالة تتضمن رفض القانون المذكور جملة وتفصيلا .
- التزامن بين إقرار قانون المحاسبة وتعيين سفيرة جديدة لأميركا في سوريا مع زيارة وفد الكونغرس إلى سوريا وتأكيده على ضرورة التحاور. ولا بديل إطلاقاً عن الحوار ، لاسيما و أن مجرد تعيين سفيرة جديدة للولايات المتحدة الأميركية في دمشق يعني رسالة ضمنية مفادها أنه ليس كل بنود القانون قابلة للتنفيذ، سيما أن التعديلات المذكورة آنفاً تمنح الرئيس ما هو بالأصل لديه من حيث اختيار ما يشاء وتوقيف وتعليق ما يشاء .
- ومن الناحية القانونية أعطت الولايات المتحدة لسلطتها التشريعية صلاحيات تتجاوز اختصاصها الموضوعي، وأعطت لنفسها الحق بأن تشرع قوانين تتعلق بمحاسبة دول أخرى. لا بل تتدخل حتى في تفاصيل الحياة الداخلية للدول وعلاقاتها مع بعضها "العلاقات السورية اللبنانية" وهذا خرق واضح لمبدأ سيادة الدول وهو المبدأ الأساس في العلاقات الدولية والقانون الدولي .
- ثم كيف يجوز لدولة ما وبقرار منفرد منها أن تحاسب دولة أخرى تتمتع بالسيادة وهي عضو في منظمة الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن الدولي .
ومرة أخرى المطلوب هو ضغط سياسي على سوريا كثمنً عليها دفعه لقاء التعليق أو الرفـع .
- إذن فان قانون محاسبة سورية سوف لن يحمل مفاعيل ذات اثر بعيد وخطير على سورية وربما انعكس إزعاجا تقنيا للاقتصاد السوري يمكن أن يعيد توازنه الأوروبيون أو الصينيون أو اليابانيون .
أما العقوبات السياسية فليس توقيتها المناسب الآن لأنها تتناقض تماما و مصالح الولايات المتحدة ، لاسيما و أن السوريين لا يفتأون يركزون على الرغبة في الحوار والعمل على حل المشاكل العالقة مع واشنطن .


كيف واجهت سوريا الاتهامات :
قبل التكلم عن الكيفية التي واجهت بها سوريا الأزمة في علاقاتها مع أميركيا يجب التنويه إلى أن سوريا و رغم اختيارها لسياسة التهدئة من جانبها في حل هذه الأزمة ، لكنها تمتلك بالمقابل جملة من النقاط فيما لو أنها استخدمتها لاعتماد سياسة أكثر حدة و هجومية سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة لكانت تستطيع على الأقل أن تغير كثيرا من سياقات وتطورات الأحداث، و سنسوق للدلالة على ذلك الوقائع التالية:
• لسوريا دور مركزي في الحدث العراقي، وهي قادرة على تعطيل أي عمل عسكري ضد بغداد وقادرة على التعايش معه إن وقع, بل هي أكثر العناصر الإقليمية قدرة على إدارة ملف الأزمة في العراق بحيث يكون حاصل النتائج في صالحها، تماما كما حصل مع حرب الخليج الأولى والثانية، وفي تحسن العلاقات السورية العراقية التي لم يكن أحد يتوقع يوما أن تتطور إلى ما هي عليه اليوم، وحجم التداخل والتفاعل بين البيئة الشعبية والاجتماعية السورية العراقية.
• وسوريا على علاقة تفاهم وود مع تركيا وقيادتها, والدولتان تعرفان تماما المخاطر التي تحملها ضربة للعراق تؤدي إلى انهيار وحدته الوطنية، وكلاهما يفضل العراق الحالي تقوده أدوات أميركية.
• سوريا وإيران على تنسيق إستراتيجي في معظم الملفات الخطرة من فلسطين إلى العراق إلى العلاقات العربية الإيرانية، وربما على تفاهم وانسجام واسع بشأن الملف العراقي منذ انتصار الثورة في إيران، وكلا البلدين له من التأثير الواسع في البنية الاجتماعية العراقية أكثر بكثير مما لأميركا وحلفائها.
• ولسوريا علاقات قوية وتبادل منافع مع دول الخليج العربي لاسيما السعودية والإمارات والكويت.
• و سوريا تعرف كيف تستثمر في النظام الرسمي العربي وفي الحركة الشعبية المشبعة عداء للأميركيين والإسرائيليين والمتحفزة لخلق تطورات وتغييرات كبيرة تحبل بها المنطقة العربية والكثير من النظم إذا ما أخطأ الأميركيون الحساب.
• والأهم أن لسوريا دورا وباعا طويلا في الصراع العربي الصهيوني، فهي بالإضافة إلى مواقعها الأساسية على طول الجبهة الجنوبية الشرقية الممتدة من الناقورة اللبنانية إلي الحمة السورية فإنها تضع ومنذ مدة طويلة في حسابها احتمال تدهور المواجهات وبلوغها نقطة اللا عودة حيث سيكون التدمير المتبادل والخسائر المهولة التي لن يقوى المجتمع الإسرائيلي على تحملها قط كما قال هذا الكلام صريحا الرئيس حافظ الأسد لوزير الخارجية الأميركية كرستوفر إبان أحداث العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1996 والذي انتهى إلى تفاهم نيسان وتكريس حق المقاومة بحماية المدنيين وتشريع ردها الصاروخي على المستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين.
• ثم إن المجتمع والاقتصاد السوري حصين في مواجهة الحصار الذي اعتاد عليه، إضافة إلى أنه ليس لسوريا علاقات اقتصادية قوية مع الشركات أو الاقتصاد الأميركي وسبق لها منذ مدة طويلة أن أعدت نفسها بإقامة علاقات اقتصادية متوازنة ومتعددة وعمقتها مع الدول الأوروبية والآسيوية على حساب العلاقة مع الاقتصاد الأميركي والاقتصاديات الحليفة، وبذلك لن تتأثر سوريا كثيرا من منع الشركات والصادرات الأميركية الاستثمار في سوريا.
لقد كان الرد السوري على الاتهامات بنفيها و إعلان أن موقف دمشق هو الوقوف إلى جانب الشعب العراقي و تأكيد انسجام موقفها مع الشرعية الدولية و قراراتها ليس في الأزمة العراقية فقط بل في كافة القضايا المطروحة و أضافت دمشق إلى ذلك قيام صحافتها بتجاهل بعض التهديدات الأميركية و الرد على بعضها الأخر أحيانا بشكل غير مباشر .

الرد الأميركي على الموقف السوري
لقد أثار الموقف السوري الإدارة الأميركية التي اندفعت إلى تصعيد الاتهامات لتصل على التهديدات المباشرة التي أطلقها بشكل خاص وزيرا الدفاع و الخارجية قبل أن ينضم إليهما الرئيس بوش .
تأثير الأزمة الحالية على العلاقات الثنائية
لاشك أن التصعيد الأميركي حيال سوريا، كان يؤشر إلى احتمال خروج العلاقات الأميركية - السورية من سياقها التقليدي في حركة المد والجزر ليبلغ حدود المواجهة، وهو احتمال ممكن في ظل الإدارة الأميركية الحالية وفي ظل التطورات التي حدثت في العراق، وتحقق في سياقها انتصار أميركي - بريطاني سهل، تم بموجبه إطاحة النظام الحاكم في بغداد .
وكان الدخول الإسرائيلي على خط الخلافات السورية - الأميركية بمثابة تدخل تصعيدي، يستمد قوته ليس من قاعدة المصلحة الإسرائيلية فقط، بل من التقاطعات السياسية، التي ظهرت بين قادة الإدارة الأميركية وحكومة الليكود بزعامة ارييل شارون، مما جعل الاتهامات، ثم التهديدات الإسرائيلية متماثلة وأحيانا متطابقة مع الاتهامات والتهديدات الأميركية، وهذا يعني احتمال دخول إسرائيلي مباشر على سخونة علاقات دمشق – واشنطن .

السياسة المتبعة من قبل الجانبين لعلاج اللازمة :

وسط مخاوف إقليمية ودولية من تطورات دراماتيكية في أزمة العلاقات السورية - الأميركية، والتدخلات الإسرائيلية فيها، توالت جهود عربية ودولية، ونشطت اتصالات أميركية-سورية، رافقتها خطوات عملية على قاعدة تخفيف الاحتقانات، والبحث عن نقاط، يمكن التوقف عندها في علاقات دمشق - واشنطن، وجاء في سياق الأخيرة قيام دمشق بإغلاق حدودها مع العراق، وإعلان رفضها استقبال رموز النظام السابق في بغداد، ثم اتخاذها خطوات تتعلق بدخول وإقامة العراقيين في سوريا، فيما خففت واشنطن تهديداتها، وأعلنت عن زيارة لوزير الخارجية كولن باول قريبة إلى دمشق، مما يعني فتح المجال أمام حل سياسي لازمة العلاقات السورية - الأميركية الراهنة.
ونستطيع أن نذكر هنا عدد من الزيارات التي قام بها كلا الطرفين و التي يظهر من خلالها واضحا كثافة الحركة على الجانب الأميركي :
اللقاءات التي جمعت الطرفين :
• اللقاء الذي جمع بين الرئيس بشار الأسد والسيد ووليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط والوفد المرافق له في دمشق ، و الذي تركز حول الوضع الخطير في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالمسألة العراقية وجهود الدول المجاورة للعراق لمنع ضربه وضرورة التزام الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة بقرارات مجلس الأمن.
• الزيارة لتي قام بها وزير المال السوري محمد الحسين إلى واشنطن و التقى فيها خبراء من وزارة الخزانة الأمريكية و مناقشة الطرفان للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على المصرف التجاري السوري، لاسيما في ضوء النتائج التي توصل غليها الطرفان خلال الزيارة التي قام بها وفد من وزارة الخزانة الأمريكية قبل ذلك إلى دمشق .
• 3 أيار 2003‏
اللقاء الذي جمع كل من السيد الرئيس بشار الأسد في و السيد كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية في دمشق . و الذي حضره كل من وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى وريتشارد باوتشر مساعد الوزير المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية و الذي تركز على الوضع في العراق، وعملية السلام والعلاقات الثنائية.
• اللقاء الذي جمع السيد الرئيس بالسيد غيرت ليننغبنك رئيس تحرير وكالة رويترز الدولية في دمشق
• اللقاء الذي جمع الرئيس بشار الأسد بالسيد وليم جورج كيلر رئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز و السيد نيل غراهام ماكفلكر مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط
• 22/5/2003
اللقاء الذي جمع الرئيس بشار الأسد و عضوي الكونغرس الأمريكي داريل عيسى و نيك جو رحال في دمشق و الذي حضره السيد تيودور قطوف السفير السابق للولايات المتحدة في دمشق ، و الذي دار حول تطورات الوضع في العراق وتداعياته على المنطقة إضافة إلى العلاقات السورية الأميركية. ‏
• 27/أيلول/2004
المحادثات التي أجريت في سوريا و التي أجراها وفد عسكري يضم ممثلين للولايات المتحدة وقوات التحالف والحكومة المؤقتة في العراق مع السلطات السورية حول امن الحدود العراقية السورية.
و تزامنت محادثات الوفد مع إعلان وصول الرجل الثاني في السفارة الأميركيـة في دمشق ستيف سيش إلى العاصمة السورية. وكان سيش رئيسـا للمركز الثقافي الأميركي نهاية تسـعينات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي. وقد شـارك في الوفد الأميركي إلى مفاوضات الفرصة الأخيرة بين الرئيس الراحل حافظ الأسـد والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في جنيف مطلع العام 2000 عشـية وفاة الأسد وتسلم نجله الحكم.
ويعد سيش احد الفاعلين في ملف السياسة العامة التي بدأت الخارجية الأميركية برنامجها فيه عقب أحداث الحادي عشـر من أيلول، وهو احد المسـاهمين في البرامج المخصصة للشراكة العربية ـ الأميركية، وقد عمل مع مساعد معاون وزير الخارجية في هذا الملف في 2002.



• 17 / 10 / 2004
زيارة وفد المشيخية الأميركية المكون من 25 شخص دمشق و لقاءه مع العديد من الفعاليات السياسية و المدنية و الروحية السورية

• اللقاء الذي جمع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية الأميركي كولن باول في نيويورك على هامش اجتماعات الدورة التاسعة والخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة و الذي اعتبر على جانب كبير من الأهمية لاسيما في ظل الظروف التي كانت تمر بها العلاقات الأميركية – السورية
• 5/1/2003
• اللقاء الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد مع السيناتور الأميركي آرلين سبيكتر و الوفد المرافق له في دمشق
• اللقاء الذي جمع وزير التعليم السوري هاني مرتضى مع السيد مايكل ليمون مدير معهد تعليم اللغات في وزارة الخارجية الأميركية لتدريب الدبلوماسيين الأميركيين والوفد المرافق له في دمشق ، والحديث تناول سبل التعاون في مجالي تعليم اللغة الانكليزية وتعليم اللغة العربية للدبلوماسيين الأميركيين في سورية 0

• اللقاء الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد و وفد الكونغرس الأميركي المؤلف من ثماني نواب جمهوريين و ديمقراطيين برئاسة السيناتور كريستوفر كوكس (جمهوري) رئيس لجنة الأمن القومي في دمشق ، و اللقاء تناول الحديث عن مشكلة الإرهاب و أسبابه الفعلية ومكافحته ، لا سيما و أن زيارة الوفد جاءت في نفس اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي قانون محاسبة سوريا
• 27 تموز 2002 ‏
اللقاء الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد مع وفد مجموعـة العمل الأميركية من اجل لبنان في دمشق برئاسة السفير الأميركي السابق ادوارد غابرييل. ‏


مدلولات الأزمة
1 - لقد بدا في تطورات أزمة علاقات دمشق - واشنطن الحالية، أن دمشق، ذهبت إلى أبعد الممكن في معارضة واشنطن وسياستها في المنطقة مستندة إلى مصالحها واحتياجاتها من جهة، والى الشرعية الدولية وقراراتها من جهة أخرى، 2 - لكن الأمرين، كانا غير واردين في ذهن الإدارة الأميركية التي تجتاحها حمى القوة وجبروتها، مما هدد باندلاع مواجهة، ستكون فيها سوريا الخاسرة، ليس فقط بسبب محدودية قوتها وإمكانياتها، بل أيضا بسبب غياب قوة و إرادة عربية ودولية، يمكن أن تحد من جبروت القوة الأميركية وطغيانها.
2 - إن تهدئة السخونة في العلاقات السورية - الأميركية من حيث المبدأ، سلوك ينتمي إلى السياق التقليدي في علاقات البلدين بين المد والجزر، لكن مرحلة ما بعد العراق، هي مرحلة مختلفة عما سبقها من مراحل، الأمر الذي يطرح سؤالا ، فيما إذا كانت التهدئة الحالية مختلفة كذلك، من حيث كونها تمهد لاستجابة دمشق لطلبات واشنطن، أو بعضها على الأقل، أو أنها سوف تكون استراحة، تعود بعدها السخونة إلى علاقات دمشق واشنطن، لكنها سخونة ربما تؤدي إلى الانفجار.




نقاط أساسية لدى الجانب السوري :
- لا تريد سوريا أن تكون على الجانب المعادي للموقف الأميركي فسوريا ورغم أن بعض مصالحها متعارض مع المصالح الأميركية لكنها تتفق في بعض مواقفها مع المواقف الأميركية ، فهي تعتقد بان الاتفاق الثنائي معها في جميع القضايا أمر قد لا يكون من الممكن و هو بالتالي لا يعني أنه ليست هناك مصالح مشتركة بين كلا البلدين .
- سوريا تأمل بتعاون أفضل مع الولايات المتحدة ، بل إنها تعمل فعليا لتطوير العلاقة معها و هو ما تعمل أحيانا أميركيا نفسها على تحقيقه ، و المثال على ذلك التعاون في مجال مكافحة الإرهاب لقد استطاعت سوريا إنقاذ حياة العديد من الأميركيين و هو معروف بشكل جيد حتى لأعضاء الكونغرس الأميركي ، لكن المشكلة الكبرى التي تضع أميركيا سوريا فيها هو رغبتها في أن تتفق معها سوريا على كل شيء و هذا مستحيل لاسيما و أن الأمور التي تختلف سوريا فيها عن أميركا هي الأمور المتعلقة بإسرائيل و هنا بيت القصيد ، فسوريا لا تختلف معها في الأمور السورية الأميركية ، و عمليا هي ترغب بان تقف في الصف الأمريكي لكنها لا تستطيع أن تقف ضد نفسها لاسيما و أن شروط الوقوف تتركز حول إسرائيل و المثال الذي يطرح نفسه هنا و بقوة هو القمة التي جمعت الرئيس حافظ الأسد والرئيس كلينتون في جنيف و الذي أبدى فيه الرئيس الأميركي رغبته بان تتخلى سورية عن بعض أراضيها المحتلة في الجولان ، و لما كان من الطبيعي أن يكون الرد السوري آنذاك هو الرفض ، لكن لو أننا افترضنا العكس أي قبول الرئيس السوري حافظ الأسد للطرح الأميركي لكان ضد نفسه وضد مصالح دولته التي يمثلها .
- أي مفاوضات يدخل بها كلا الجانبين لتطوير العلاقة بينهما يكون لكل طرف مجموعة من المطالب الأساسية التي لا يمكن مناقشة إحداها و إغفال الأخرى ، و النقاط السورية تتركز على الجوانب السياسية و الاقتصادية بآن واحد ، و لا يمكن أن تقبل سوريا بأن توافق أميركيا على السياسية منها دون الاقتصادية أو العكس و الهدف من ذلك حسب وجهة النظر السورية هو أن مناقشة الأمور مجتمعة تعني تحقيق علاقة أفضل بين البلدين
- سوريا تدرك تماما أن الولايات المتحدة قوة عظمى و هي تريد التعامل معها على أنها قوة ثقافية عظمى و ليس على أنها قوة عسكرية عظمى. و هي تعرف تماما الدور المهم الذي تلعبه في العالم بل هي ترى بأن هذا الدور يجب أن يكون دورا تنمويا و لكنها كذلك ترى بأن لها هي الأخرى دورا موجود وهو غير مرتبط بإرادة الولايات المتحدة الأميركية. لذلك فهي تسعى كي يكون دورها فاعلا في المنطقة. وبكل الأحوال فان سورية تتمتع بدور بناء في المنطقة وستعمل على لعب هذا الدور في المستقبل وستعمل على أن تكون فاعلة و ليس منفعلة ‏. ‏
- تنظر سوريا إلى العقوبات المفروضة عليها من أمريكا على أنها شكل جديد من العلاقات الدولية ، شكل فيه هيمنة دولة على دولة أخرى و أحيانا حتى التدخل في شؤونها الداخلية و هو يتنافى مع الشرعية الدولية و مبدأ سيادة الدول ، لذلك فهي تصر على أن يكون ردها للجانب الأميركي هو الحوار معه .
- إن من يدرس مسار السياسة السورية في تاريخها يلاحظ أن سوريا كانت الأقرب إلى الواقعية في علاقتها بالدول عامة و بامريكيا خاصة ، في الوقت الذي تحاول فيه الاحتفاظ بمبادئها ومواقفها الإستراتيجية ضد إسرائيل و مع المقاومة بما يحفظ المعنى القومي لدورها.

نقاط أساسية لدى الجانب الأميركي :
بالرغم من أن الحديث جرى عنها مطولا لكنه يمكننا التركيز أيضا على أن
- لم يخطر لأميركا منذ البداية أن تتصرف بعيدا عن مجلس الأمن لأنها كانت ستفقد معنى الاتزان السياسي الدولي و الموقع القيادي الذي تمثله أي موقع المسئولية .
- تمارس أمريكيا في كثير من الأحيان ما يمكن تسميته بلعبة القط و الفأر مع الملاحظة إلى أن العلاقات الأميركية مع الدول الكبرى هي غيرها مع دول العالم الثالث فهي لا يمكنها أن تتجاوز الدول الكبرى .
- المعادلة القائمة الآن وفق التكتيك الأميركي هي أنه كلما تأجج الوضع الأمني في العراق تسارع هي لتوجيه اللوم على سوريا ، و بالتالي أي تقدم يتحقق في هذا المجال ستكون له منعكسات ايجابية في إطار العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا ( لنلاحظ هنا حجم الأهمية التي تعطيها أميركا لسوريا و إن لم تعترف علنية بالدور السوري في الملف العراقي ).
- يبدو أن أميركيا ووفقا للظروف الحالية لا تريد لاسيما بعد تواجدها الإحتلالي في العراق أن تناقش مسائل عالقة مع دول عليها أن تعترف بان النقاش مع أميركا بات من الماضي و أن الحوار يجب أن يصبح حول النظرة إلى المستقبل .
- إن التخبط الأميركي في العراق يريد أن يجد متنفسا له في جبهات أخرى و هو ما يفعله باول ، و هو ما يعني أن عدم التوصل إلى حلول و قرارات جوهرية في العراق سيؤدي إلى المزيد من الضغط الأميركي على الجبهات الأخرى و في مقدمتها سوريا ، فلا بد من جبهات مفتوحة حسب المنطق الأميركي الحالي للأميركيين تغطي على عجزهم في العراق كما لابد من أماكن تسهل للأميركيين عملية التوازن مع الجبهة العراقية المفتوحة على شتى الاحتمالات .
- إن الاتفاق على المصطلحات السياسية التي تتحكم بالدبلوماسية واشنطن في الشرق الأوسط أصبح بعد 11 أيلول 2001 أمر مستحيلا .
أوراق الضغط الأميركية في وجه سورية :
• الملف اللبناني
منذ العام 1976 لم تبرز أي مؤشرات أميركية واضحة تدل على رغبة أميركية في إعـادة النظر الجذرية بالوجود السـوري في لبنان و منذ العام 1926وهو العام الذي وضع فيه الدستور اللبناني جرت محاولات متكررة لتعديل المادة 49من هذا الدستور للتمديد لرئيس الجمهورية، فقد ظلت هذه المسألة حتى العام 1995مسألة داخلية .
و حتى في عام 1995 مر التمديد للرئيس الهراوي آنذاك دون أي اعتراض أو حتى تعليق من أي جهة إقليمية أو دولية بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتوقف آنذاك عند هذه المسألة وبما يعنيه ذلك من الاعتراف بخصوصية العلاقة السورية اللبنانية من قبلها ، وهو عكس الموقف الذي برز في الأسابيع الأخيرة بعد قرار التمديد للرئيس لحود، حيث عمدت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تصعيد الضغوط على سوريا معلنة حربها ضد الوجود السوري في لبنان و إصرارها على تحجيم الدور السوري في لبنان وقد تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من حشد التأييد الفرنسي لدعم موقفها لاسيما في ظل علاقة تاريخية خاصة تجمع فرنسا بلبنان وتلعب دورا هاما في مجرى الحياة السياسية فيه .
وكما كان واضحا للجميع فإن الموقف الأمريكي من التمديد أو عدم التمديد لرئيس الجمهورية ليس إلا عذراً ومبرراً للتدخل الأمريكي في شؤون لبنان وسوريا معاً ضمن سياسة الابتزاز والضغوط والإرباك الموجهة بشكل أو بآخر ضد كل دول المنطقة، و على وجه الخصوص سوريا فمنذ العام 1976 و بناء على طلب الرئيس الأميركي آنذاك جيرالد فورد ووزير خارجيته هنري كيسنجر من الرئيس السوري حافظ الأسد أن يدخل الجيش السوري لبنان لإنقاذ الموقف أمام عدم توفر حلول أخرى .
يبدو أن التوافق بين سياسة أميركا آنذاك مع رغبة دمشق بحقن الدماء اللبنانية كان قد تحقق لكن ما حدث مؤخرا هو التغير الواضح في الآلية التي أصبحت من خلالها أميركيا ترى بأن مصالحها تتوافق مع هذه السياسة أو تلك .
لقد ظهرت الرغبة الأميركية الجامحة في تحويل الملف اللبناني إلى ورقة ضغط على سوريا كما هو الحال بالنسبة للملف العراقي و المنظمات الفلسطينية
فلو أن الولايات المتحدة كانت قد أكتفت بالتهديد لكان الأمر طبيعيا في سياق العرف السياسي الأمريكي ، لكن أن تدفع بالمسألة اللبنانية وتعتبرها واحدة من قضايا الساعة وواحدة من مسببات شن حرب إعلامية وسياسية وعاصفة لا هوادة فيها ضد سوريا، و تقوم بنقل الأمر إلى مجلس الأمن الدولي وتنتزع قرار بهذا الشأن الداخلي اللبناني المحدود، يدفعنا للتأكد مما أشرنا له من أن هناك حسابات جديدة دفعت الولايات المتحدة الأمريكية للتلويح بورقة الوجود السوري في لبنان. ‏
وكما هو واضح فإن أمريكا تقدر حساسية وأهمية الدور السوري في لبنان وهي لا تريده أن يستمر دون أن تدفع سوريا ثمناً لذلك في فلسطين والعراق وتجريدها من كافة أوراقها الإقليمية
• الملف العراق
تشمل القضايا الخلافية السـورية الأميركيـة حول العراق اتهام أمريكيـا لسوريا بتسرب مقاتلين عبر الحدود السورية إلى العراق، وأرصدة عراقية مفترضة، ومزاعم حول تهريب أسلحة دمار شامل عراقية إلى سورية. وحيال هذه القضايا و نظرا لأن المصالح الأميركية في العراق كانت تتجسد في استقراره السياسي والحد من اضطراب الأمن فيه بما يساعد على تعافي الاقتصاد العراقي. و بما أن المصالح السورية كانت تتجسد في ضمان عدم تطويق البلد بدول معادية، وأن يكون لسورية رأي في مستقبل العراق، وأن يسمح لها بالاشتراك في التجارة معه والمساهمة في إعادة بناء اقتصاده.
و لذلك فان المخطط الأميركي ربط بين مخطط تحسين العلاقات الأميركية السورية في هذا المجال و بين عزل سوريا مطلقا عن العراق و مساندتها لأميركا في العراق من خلال ضبطها لحدودها منعا للتسـلل و تأسـيس مجموعة اتصال تجمع الأميركيين مع العراقيين وجيران العراق لمناقشة مستقبل العراق وإرساء بنية أمنية إقليمية و إعطاء سورية فرصا تجارية أكبر في العراق على أن يصار بعد ذلك إلى إعادة الأرصدة العراقية كافة.
• ملف أسلحة الدمار الشامل
بما أن سوريا كانت دائما من الداعين إلى جعل منطقة الشـرق الأوسـط منطقة منزوعة السـلاح ، و بما أن السـؤال المقابل لهذا المطلب هو هل يمكن أن يصدر مجلس الأمن قرارا يدعو إلى جعل الشرق الأوسـط خاليا من أسلحة الدمار الشامل؟ و لما كان الجواب عليه بالاسـتبعاد طبعا في ظل السيطرة الأميركية على العالم نظرا لأن استصدار قرار كهذا سيعني زيادة الضغط على إسرائيل، و هذا الأمر هو ممنوع أميركيا.
لذلك تسعى أميركيا لوضع "سورية تحت الضغط لتتكيف مع الوضع الجيو سياسي الجديد في الشـرق الأوسط، وبالخصوص مع وجود أميركي أكثر اقتحامية وعسكرية". على اعتبار أن تغيير السياسات السـورية قد يكون ممكنا في إطار إستراتيجية تستجيب لحاجات سـورية الملحـة: استعادة مرتفعات الجولان، فرص اقتصادية في العراق، وتعاف اقتصادي محلي


رغم كل ما سبق
لقد جاء الرد السوري على التصعيد الأميركي ضدها باختيارها لسياسة التهدئة عنوانا لمعالجة مشكلات الاحتكاك فيما بينها و بين واشنطن في العراق و الملف اللبناني و حتى في مجال التصريحات الأميركية و التهديدات لها لكن دمشق و رغم هذا الهدوء الذي أظهرته استطاعت أن توصل رسالة ممانعتها القوية وبشكل أزعج كثيرا واشنطن لاسيما في الملف اللبناني دون أن يفقدها هذا الأمر حرصها الكبير في ظل المتغيرات الراهنة على فقدان هدوئها


بوادر الانفراج في الأزمة
خلال الأسابيع الأخيرة الماضية لاحظ المراقبين بداية تطور ايجابي في العلاقات الأميركية السورية لاسيما بعد الإشارات الواردة من واشنطن تجاه دمشق و التي كانت قبل ذلك مقلقة للغاية لاسيما بعد :
- التوعد الذي صرح به مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وليم بيرنز بفرض عقوبات قاسية جدا على دمشق .
- بالإضافة إلى العديد من التصريحات التي أدلى بها مسئولون أميركيون لم تكن أقل نارية و غضبا من تصريحات بيرنز والتي وصلت إلى الحد الذي حددت فيه الإدارة الأميركية موعدا لتطبيق ثلاث عقوبات على دمشق ( العقوبات التي نص عليها قانون محاسـبة سوريا ) .
لكن الإدارة الأميركية لم تحترم هي نفسها لهذا الموعد حيث أعلنت عن تأجيله إلى منتصف الشهر الذي يلي شهر الإعلان و لتعود مرة أخرى و تتحدث عن تأجيل جديد ، الأمر الذي جعل المراقبين للعلاقات الأميركية – السورية يشعرون نتيجة لذلك أن الإدارة الأميركية لا تريد أكثر من جس نبض القيادة السورية و معرفة مدى قدرتها على تحمل الضغط و هي التي لن تبقي بالضرورة على هذه الصورة فيما إذا قررت الإدارة الأميركية أن تصعيد الموقف تجاه سوريا سيؤدي إلى نتائج أفضل لها .
لكن ما يبدو أن هذا الأمر قد تعدى الحدود بالنسبة لأميركا عندما أعلن عن فوز شركتين أمريكتين جديدتين بعقد نفطي كبير في سوريا و هو ما يعني إلغاء البند الثاني من العقوبات الأميركية المقترحة .
و لعل الأمر الذي كان من أكبر المؤشرات التي لفتت انتباه المراقبين لهذه العلاقة هو السرعة التي تقبل بها الرئيس الأميركي لأوراق اعتماد السفير السوري عماد مصطفى و الكلام الذي نقل عن بوش أنه قاله أثناء اللقاء و الذي أشار فيه عن أفاق جديدة في علاقات البلدين رغم الصعوبات الحالية ، و الدور الريادي الذي تلعبه سوريا في الشرق الأوسط و بما أن هذا الكلام صادر عن أعلى سلطة في الولايات المتحدة فهو بالتالي لا يمكن أن يكون كلاما في سياق مجاملة دبلوماسية عابرة ، بل هو مؤشر على تخلي أميركيا عن بعض مخططاتها أو لنقل تأجيل بعض مخططاتها التي كان اليمين المتطرف قد أعدها لضرب سوريا عبر المدخل العراقي و اللبناني .
- أما المؤشر الأخر ( مع بعض الحذر ) و الذي يدل على تحسن العلاقات الأميركية السورية و انفراجها هو الحديث عن إمكانية قيام مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس بزيارة إلى دمشق خلال جولتها الشرق أوسطية القادمة و رغم عدم صدور أي تأكيد رسمي أميركي أو سوري لهذا النبأ إلا أن مجرد تداوله بشكل كبير يعطي للأمر مغزى ، و إذا ما تمت هذه الزيارة فعليا و بل وإذا نجحت فعلا فإن ذلك يعني أن الكثير من المقولات المطروحة الآن يمكن أن تزاح و أن يحدث العديد من المتغيرات في المعادلة الإقليمية .
وهنا يطرح السؤال الأهم بعد التكلم عن هذه المؤشرات و هو عن احتمالات العلاقة المستقبلية
و هل نفهم مما سبق بأن الأزمة بين الطرفين و التي لاحت بوادرها مع دخول القوات الأميركية إلى العراق انتهت .
الإجابة على هذه التساؤلات ستنقسم تبعا للمحللين إلى فريقين
الفريق الأول : و الذي يمثله القسم المتشائم يرى بأن ما وصلت إليه العلاقة الآن لا يعدو أن يكون تأجيل لحين هدوء غبار عاصفة الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة بانتظار معرفة من سيكون سيد البيت الأبيض الجديد ، فالملفات التي بين واشنطن و دمشق لا تقبل التأجيل و التسويف .
أما الفريق الثاني : فيرى بأن ما حدث لم يكن أكثر من سوء تفاهم حرص فيه الجانب الأميركي رغم التصعيد الذي كان يدفع به أحيانا على ألا يقطع العلاقات بشكل نهائي مع دمشق .
و أمام مجريات الأيام الأخيرة و التي أحدثت انقلاباً في التكتيك السياسي السوري من لعبة لكسب الوقت تُعنى بتأجيل الحلول حتى اللحظة الأخيرة, إلى معركة كسب الوقت لإيجاد مخارج آمنة من مرحلة دقيقة وحرجة للغاية فإنه يستبعد ارتفاع وتيرة هذه الأزمة مجددا لا سيما في حال استمر الانخراط الجدي في الحوار السوري ¬ الأميركي, بما يؤدي إلى انفراج في العلاقات السورية ¬ الأميركية, وتحديداً إذا حصل تفاهم أو تعاون في ملفي العراق والمفاوضات مع إسرائيل, والذي من أجلهما تستخدم واشنطن «سيادة لبنان» للضغط على دمشق, كواحدة من أوراق الضغط على سوريا أخرى,ومن جهة أخرى هناك من يرى بان مستقبل العلاقة الأميركية – السورية . إذا جاز تلمس أبعادها على خلفية المعطيات الدولية الراهنة في إطار ما يمكن أن يسمى حسب المصطلح الأميركي بـ (الشرق الأوسط الأميركي الكبير ) قد يصح توقع مرورها بمرحلتين:
1 - إحداهما تكتيكية تفرضها هذه المعطيات على المدى القصير .
2 - ثانيتهما إستراتيجية تستوجبها بوادر الإقامة الأميركية الطويلة بين أحضان عرب الشرق الأدنى .
خلال المرحلة الأولى ـ التي قد يحدد فترتها الاستحقاق الرئاسي الأميركي في نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل ـ ستكون الإدارة الأميركية أكثر حاجة «لتعاون» سوري معها من اجل استعادة الاستقرار الأمني في العراق. ومع استمرار انشغال الإدارة الأميركية بإيران وأفغانستان وكوريا الشمالية، يصعب توقع تجاوز حالة التوتر، في العلاقات الأميركية – السورية ، إطار الدبلوماسية الناشطة، والحارة أحيانا، خصوصا في حال تيقن الإدارة الأميركية من جدية التزام سورية بضبط الحدود المشتركة مع العراق وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية المصنفة «إرهابية» وربما التفاهم معها على جدول زمني لخروج القوات السورية من لبنان.
أما المرحلة الثانية ـ والأدق إذا ما أعيد انتخاب جورج بوش لولاية رئاسية ثانية ـ فرغم خطورتها المحتملة قد لا تشكل مبررا كافيا لان تعتبر واشنطن أن تصعيد ضغوطها الدبلوماسية على سورية إلى مستوى الضغوط العسكرية سيكون أكثر جدوى من التفاهم معها على «ثوابت» معينة في الشرق الأوسط الكبير، ففي منظور واشنطن لا تزال سورية إحدى الدول العربية القلائل العلمانية النظام، والدولة التي تجنبت إدارة بوش إدراجها على لائحة دول «محور الشر» رغم كل ما وجهته إليها من اتهامات بتطوير أسلحة دمار شامل، والدولة الوحيدة التي تقيم علاقات دبلوماسية طبيعية مع واشنطن بين كل الدول المصنفة «مارقة»، بدليل تبادلهما التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفراء حتى بعد قانون «محاسبة سورية».
وفي هذا السياق قد يساهم انفتاح دمشق على علاقات ودية مع تركيا الأطلسية وعلى استئناف المفاوضات مع إسرائيل الليكودية في امتصاص حرارة النقمة الأميركية عليها مما يفسح في المجال لتوقع تحول أزمة العلاقات الأميركية – السورية في المرحلة الثانية، من أزمة ثقة أميركية في دمشق إلى أزمة تأقلم سوري محدود مع (الشرق الأوسط الكبير...) ونادرا ما جدفت سورية عكس التيار الدولي
أما عن احتمالات التغيّر في السياسة الأميركية الخارجية بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية فإن الاحتمال الأقوى هو أن لا تتغير هذه السياسة تجاه الأفضل و السبب يرجع في ذلك إلى أن نظرة كلا المرشحين لا تختلف كثيرا بالنسبة إلى الشرق الأوسط. و هو ما تم التعبير عنه أثناء الحملة الإعلامية لكلا المرشحين ( جورج بوش ، و جون كيري ) ومعركة تنافسهما ، حيث يحاول المرشحون الظهور بمظهر المعتدل، وأحيانا خلافا لمبادئهم
و حتى فيما يتعلق باحتمالات تطور هذه العلاقة من وجهة نظر المسئولين عن صنع القرارات السياسية للإدارة الأميركية فلا يختلف الأمر كثيرا ( لا تغير في السياسة الخارجية الأميركية ) لاسيما أمام البرنامج الواضح والنظرة المتطرفة لديهم في ما يتعلق بالعالم الخارجي لاسيما العربي منه و الذي كان أحد نتائج حوادث الحادي عشر من أيلول

الاتجاهات القائمة في الإدارة الأميركية

- هناك من يعارض التعامل الثناثي في الإدارة الأميركية مع سوريا ، و هناك من يؤيدها .
- كثيرون في الولايات المتحدة يعتقدون بوجوب إرغام سوريا على تغيير سلوكها دون الحاجة إلى مقابلة المثل بالمثل منطلقين بذلك من تجارب الماضي و حجتهم في ذلك أن تعامل أميركيا مع سوريا قبل أن تغير هذه الأخيرة سياستها سيتيح لقادة سوريا فرصة لالتقاط الأنفاس التي هي في أمس الحاجة لها بل و ترغب في الحصول عليها
- التيار الديمقراطي في أمريكيا يرى بأن الخير الأمريكي على سوريا مرهون بمدى الطاعة السورية لأميركا و هو ما عبر عنه النائب الأميركي الديمقراطي توم لانتوس عندما قال بعد لقاء جمعه مع الرئيس بشار الأسد بأنه ( إذا استمرت سوريا بالترحيب بحماس و الجهاد الإسلامي و دعم حزب الله فسأقوم شخصيا بدعم و دفع قانون محاسبة سوريا و المفتاح بيد الحكومة السورية ، و أن الدور الاقتصادي الذي ستلعبه سوريا في العراق يعتمد بشكل أساسي على تغيير سياساتها في المرحلة المقبلة و إذا ما قامت سوريا بذلك ستجني مكاسب تجارية و اقتصادية ) .
- الموقف السلبي للجمهوريون أيضا من سوريا والذي تجلى أيضا برفع مشروع قانون مع النواب الديمقراطيون ينص على فرض عقوبات على دمشق .
لكن يبقى السؤال الأهم هنا ترى لماذا تتخذ هذه الأحزاب هذه المواقف من سوريا ؟ ،و كيف تستطيع سوريا أن تغير من اتجاهاتها نحو تفهم أكثر للمسائل السورية ؟
و الجواب على هذا السؤال سيكون من خلال ما قاله الدكتور دوغلاس سافيج أستاذ العلاقات الدولية في جامعة وسكنسون والمتخصص في العلاقات العربية – الأميركية فمن خلال العديد من الدراسات والأبحاث التي وضعها و التي يرى من خلالها ( اعتقد أن هناك إدارة سياسية أميركية تفتقد الكثير من الشروط والعناصر للسعي إلى تحسين هذه العلاقة وتطويرها نحو الفاضل، علما أنني على يقين انه يتعين أن تكون هذه العلاقة في أفضل حالاتها ).
و هو يرى أيضا أن السبب في ذلك هو ( التقصير العربي في إفهام الأميركيين حقيقة قضاياهم، في مقابل اهتمام اليهود في هذا المجال) بل أنه يذهب أبعد من ذلك عندما يعطي مثالا فيقول ( عندما قررت أن أبدأ بتدريس مواضيع عن الشرق الأوسط في الجامعة تلقيت رسالة من القنصل الإسرائيلي يعلمني فيها استعداده لتأمين محاضرين وكتب ومواد تثقيفية ومراكز أبحاث، بينما لم يتصل بي أي عربي ويقدم مثل هذا العرض )

الدور الإسرائيلي في الأزمة

سوف لن نتكلم في هذه الدراسة عن التأثير الصهيوني في الإدارة الأميركية فهو أمر بات معروف للجميع لكننا سنكتفي فقط بالإشارة إلى الدور الذي لعبته إسرائيل و من وراءها الصهيونية العالمية في تحويل أنظار أميركا عن القضية الفلسطينية إلى دمشق على اعتبار أنها تدعم الإرهاب من جهة أولى و تحريك و تطوير الأزمة الأخيرة في العلاقات الأميركية السورية لاسيما بعد زيارة وليم بيرنز الأخيرة إلى دمشق من جهة ثانية لتكسب بذلك قطع أي اتصال لتحسين العلاقات الأميركية السورية من جهة أولى و تثبيت ولاءها للإدارة الأميركية في إدارة ما يسمى بالحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط من جهة ثانية .
و هو ما ظهر واضحا بعد الزيارة الأخيرة لوليم بيرنز إلى دمشق و ما أعقبها من ارتياح أميركي صرح به وزير الخارجية الأميركية كولن باول .
فكما هو معروف لقد أفضت محادثات بيرنز إلى نتائج ايجابية و مهمة لا تبعث السرور لدى من لا يريد للعلاقة السورية الأميركية أن تخرج من أسر توترها و تأخذ طريقها إلى التطور عبر الحوار و إيجاد حلول موضوعية للقضايا الخلافية بين الطرفين لاسيما و أن محادثات بيرنز تمخضت عن اتفاق لتحيد آليات مناسبة للحوار السوري الأميركي و تعميقه على مختلف المستويات إضافة إلى مناقشة طرق عملية لتحقيق تقدم ملموس بخصوص تطورات الوضع في العراق .
هذا الارتياح المعلن عنه من قبل كل من كولن باول من جهة و وليم بيرنز من جهة أخرى كان ثمة من يعمل على نسفه في واشنطن ، و ذلك للإبقاء على العلاقات الأميركية السورية في حال من التوتر الذي يلحق الضرر بهذه العلاقات و يسد الآفاق أمام حل القضايا الخلافية فيما بينها منعا لأي تطور محتمل فيها ،و قد ظهر ذلك جليا في مسارعة مجلس النواب الأميركي إلى اتخاذ قرار و بزمن قياسي يغمز على سورية بكيل الاتهامات جزافا لها حول مزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان و الحريات المدنية و دعم الإرهاب و تطوير أسلحة دمار شامل ، و لكن يبقى السؤال هنا هل جاء القرار الجديد ضد سورية مصادفة عقب تصريح وزير الخارجية الأميركي ؟ ، أم جرى إعداده و ترتيبه و اتخاذه على وجه السرعة ليشكل إجهاضا لفرص انفراج مؤكد أتاحتها النقاشات الجادة بين الرئيس الأسد و المبعوث الأميركي ؟
و إذا كان الشق الثاني من السؤال هو الاحتمال الأقرب إلى الواقع فمن هي القوى الدافعة باتجاهه ؟ و ما هو انعكاسها على المصالح المشتركة للشعبين الأميركي و السوري و علاقتهما ؟
إن الإجابة على ما سبق يتطلب منا أولا الفهم الدقيق للقرار السابق و هو ما عملنا عليه في جزء سابق من هذه الدراسة لكننا بحاجة الآن إلى فهمه لجهة القوى الدافعة له و خلفياته و هو ما يعتبر مستحيلا بمعزل عن نتائج زيارة بيرنز و على هذا فإن طبخه بالسرعة القياسية التي جرى فيها إعداده بعيدا عن النقاش المعمق و استحضار الأدلة و البراهين و عقد جلسات عدة يستلزمها إصدار مثل هذا القرار يضعه في خانة الرد على محادثات دمشق مع بيرنز لغرض إبقاء العلاقات في وضع خلافي حول العديد من القضايا و من ثم الحيلولة دون إخراجها من حالة الجمود إلى حالة الحراك الايجابي النشط .
و هذه الحقيقة تصبح أكثر إثباتا لاسيما مع معرفة واضعي مشروع هذا القرار و الذي تم التحدث عنهم مسبقا.
و من هنا وإذا وضعنا في الاعتبار أن تطور العلاقات السورية الأميركية يصب في مصلحة أميركيا و سورية و العرب و القضية الفلسطينية لجهة أن التطور الايجابي لهذه العلاقات لابد و أن يرسى على أسس المصالح المشتركة ، فإنه يصبح واضحا أن الطرف المتضرر من الحوار السوري الأميركي و تعميقه بما يخدم طرفيه و قضايا السلم و الأمن الإقليميين هو إسرائيل و إسرائيل وحدها و بأنها هي و من يلوذ بها و يخضع لضغوط لوبيها في مراكز صنع القرار داخل مجلسي الشيوخ و النواب ، فالمصلحة الإسرائيلية واضحة تماما و هي هنا ليست بالضرورة متقاطعة في هذه النقطة مع المصلحة الأميركية فأميركيا يهمها أن ترتب المنطقة بالطريقة التي ترتئيها سواء أكان على شكل دول كبيرة أو صغيرة لكن إسرائيل تريد هذا الجانب ، لذلك تفقد بعض الأسئلة الموجهة إلى متخذي القرار والتي طرحت عقب صدور هذا القرار مشروعيتها و التي منها :
هل كان اندفاعهم بتحريض من إسرائيل و اللوبي الصهيوني لطرح مشروع القرار على مجلس النواب مصلحة أميركية أم لمصلحة إسرائيلية صرفة ؟ .
إن هدف القرار ووقوفه ضد مبدأ الحوار وغاياته النبيلة يؤكدان انه بدافع المصلحة الإسرائيلية و يؤكد في الوقت نفسه أن في أميركا موالين لإسرائيل و متنفذين داخل هيئات الحكم ومؤسساته أكثر مما هم موالين لأميركا ، ثم أننا نرى دليل أخر على كلامنا هذا من خلال تزامن النشاط الكبير للدبلوماسية الإسرائيلية مع صدور قانون محاسبة سوريا هذا النشاط الذي رفع لواءه وزير الخارجية الإسرائيلي في دول الاتحاد الأوروبي لوضع قادة دول هذا الاتحاد في صورة خطط عسكرية جاهزة للتنفيذ ضد سوريا و لبنان الهدف منه حسب الرؤى الإسرائيلية هو إدخال المنطقة في حروب متشعبة الأوجه و خدمة المنظور الأميركي من جانبها بحرب من الجبهة الشرقية .
وردا على السؤال الذي صار تقليديا وهو: لماذا تخاطر الولايات المتحدة بمصالحها مع كل العالم العربي وتتمسك بانحيازها إلى إسرائيل، يجيب فيل ديبل و هو نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى : "الأمر ليس بهذه البساطة، فسياسة دعم إسرائيل والتزام أمنها صارت جزءا من السياسات المحلية للولايات المتحدة وليس جزءا من سياستها الخارجية ، فاللوبي اليهودي يشارك في صلب الحياة السياسية الأميركية منذ أكثر من قرنين وله حضور فاعل على كل المستويات وقد اكتسب مواقعه من خلال المشاركة في صوغ القرار. أما بالنسبة إلى الجالية العربية فالأمر مختلف تماماً، وحضورها السياسي ضئيل، وعلى سبيل المثال فان كل ما تبرعت به الجالية العربية من أموال في الحملات الانتخابية لم يتجاوز نصف مليون دولار بينما بلغت تبرعات الجالية اليهودية 420 مليوناً ".
لكنه يقول أيضا " ونقع في خطأ إذا قلنا أن التعاطف مع إسرائيل أمر مجمع عليه لدى الشعب الأميركي، وهناك احتمال ظهور تغييرات مستقبلا "، ويعوّل في هذا الإطار على بروز دور العرب في الساحة السياسية الأميركية وخصوصا مع ظهور أعضاء عرب ومسلمين في الكونغرس الأميركي، فالسياسة الخارجية الأميركية يتم وضعها على مستوى المجتمع وهي تنطلق من الأسفل إلى الأعلى .



العملية السلمية / سوريا
موضوع السلام
لقد أصبح من المعروف تماما للجميع بان الرئيس السوري حافظ الأسد اتخذ قراره لصالح السلام عام 1990 بل في الحقيقة اتخذ ذلك القرار عام 1974 عندما التقى الرئيس نيكسون أثناء زيارته إلى سورية.. في ذلك الوقت تم إعادة فتح السفارة الأميركية بدمشق.. ثم تحدث الرئيس حافظ الأسد مع الرئيس كارتر حول السلام عندما التقيا في جنيف عام 1977.. طبعا اتخذ القرار شكله العملي عام 1990عندما التقى الرئيس الأسد مع الرئيس بوش الأب وناقشا وضع أرضية للمفاوضات واتفقا على مبدأ الأرض مقابل السلام.
المطالب السورية للسلام مع إسرائيل دائما كانت واضحة ومحددة بشكل دقيق من الجانب السوري و هي على الخلاف تماما على الجانب الإسرائيلي حيث انه غالبا ما كان يعني البدء بمفاوضات جديدة بين الجانب السوري و الجانب الإسرائيلي نسف كل ما تم التوصل إليه قبل تعثر المفاوضات السابقة وتوقفها و هو ما كان يرتبط بالدرجة الأولى بتغير الحكومات الإسرائيلية و بالتالي تغير أهدافها و الطريقة التي تدار بها المفاوضات و هو ما كان ينتج عنه دائما المطالبة بالعودة إلى نقطة الصفر وإلغاء كل ما سبقها .
حتى و عندما رعت الولايات المتحدة الأميركية مفاوضات السلام بين الجانبين و رغم أن هذه الرعاية كانت رعاية مباشرة لكنه فشلت تماما في القيام بواجبات الراعي وفشلت في منع إسرائيل من الاستمرار بسياسة المناورات التي تتبعها في تعاطيها مع العملية السلمية
عندما سئل الرئيس السوري عن السلام بالنسبة لسوريا أجاب ( لقد كنا نعيش هنا لآلاف السنين قبل أن يتحدث أي احد عن حقوق الإنسان وعن الحدود، نحن نعيش مع بعضنا بعضا.. وفي الواقع لا توجد أية مشكلة بالنسبة لنا، لكن العلاقات الآن هي أفضل بكثير هذه الأيام مما كانت عليه سابقا. وهناك علاقات بين سورية وتركيا، وسورية وإيران، وإيران وتركيا، وسورية وباكستان، وإيران وباكستان، إن ما اعنيه هنا هو أننا لا نشعر بقلق حيال العلاقات، والمجازفة الوحيدة في الواقع هي أن السلام غير موجود الآن. ‏ ‏
إذا كان هناك سلام فلن تكون هناك حرب ، وإذا كانت هناك تنمية فسيكون هناك اقتصاد جيد.. نحن نريد أن نلعب دورا في صناعة سلام حقيقي، لكن هذا الأمر يبدأ بالحوار. ‏ ‏
طبعا إذا أراد الإسرائيليون أن يدخلوا في المفاوضات فهذا أمر جيد، لكن هذه المشكلة ليست مشكلتنا، أنها مشكلته، نحن دائما مستعدون للسلام.. والأمر الوحيد الذي سيستمر هو السلام الدائم. لقد تغير المزاج الآن وتغيرت الظروف، لكن عندما يتحقق السلام يجب أن يستمر.. يجب أن يكون سلاما دائما. نحن نرغب بالسلام في الشرق الأوسط فهذا قرار استراتيجي وليس قراري أنا بل قرار بلدي ) .








#أشواق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قانون محاسبة سوريا
- قراءة في الواقع الحالي و المستقبلي لشركة مايكروسوفت وورد
- قراءة في مشروع الشرق الاوسط الكبير
- قراءة في الزيارة المرتقبة للرئيس السوري إلى روسيا
- قراءة في عالم محمد أركون
- منتدى المستقبل مهادنة مؤقتة بين الإصلاح السياسي و الإصلاح ال ...
- قراءة ثانية في مشروع الشرق الاوسط
- قراءة في مفهوم الديمقراطية الشرق أوسطية
- قراءة ثقافية في مشروع الشرق الأوسط الكبير
- النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة الاميركية
- قراءة في العلاقات الاميركية - الاسرائيلية
- قراءة في قانون محاسبة سوريا
- الانتخابات العراقية بين الواقع و المطلوب


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أشواق عباس - العلاقـات الأميركيـة – السوريــة