أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد الهادي ثامر - ربيع ام غضب عربي















المزيد.....

ربيع ام غضب عربي


عبد الهادي ثامر

الحوار المتمدن-العدد: 3724 - 2012 / 5 / 11 - 00:17
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ربيع ام غضب عربي

اطلق الاعلام الغربي اسم (الربيع العربي) على الاحتجاجات الشعبية التي امتدت من تونس الى الى اليمن، فهل كانت تلك التسمية موفقة ؟ ان نتائج هذه التحركات دللت لحد الان على انها لم تكن ( ربيعاً) كما اضطلح عليه بل ان تسميتها بحركات الاحتجاج او (الغضب ) هي الاقرب الى الواقع لان من اشعل شرارتها الاولى هو غضب البوعزيزي يوم 17-12-2010 عندما تعرض للمضايقة في كسب لقمة عيش عائلته ثم تصاعدت تلك الاحتجاجات بمضاهرات الشباب المصري يوم 25-01-2011 وتلتها احتجاجات مدينة بنغازي الليبية وبدء حرب (الناتو) على معمر القذافي في 17-11-2011 واستمرت تتصاعد في اليمن والبحرين وسوريا ولازال (الغضب) يتحرك في بلداننا العربية وبدرجات مختلفة.
وبعيداً عن التسمية ومبرارتها علينا دراسة هذه التجارب الاحتجاجية وتقييمها للاستفادة منها في عملنا السياسي اللاحق الذي يرتكز اساساً على الدفاع عن مصالح الشعوب والنضال من اجل تلبية حقوقها وتطوير وتحسين حياتها.
ان مما لاشك فيه ان اغلبية الانظمة العربية اشتركت في ممارسة استبدادها وقهر شعوبها ولو بدرجات مختلفة، وان معظم شعوب هذه الدول تعاني من سوء توزيع الثروات وشيوع كل انواع الفساد واتساع الفقر والبطالة وانعدام ابسط الخدمات الضرورية لمواطنيها.
و المشترك الاخر بين غالبية الدول العربية ان معظم رؤساء انظمة الحكم فيها لايتركون مناصبهم او يفارقوها الا بسبب الموت او الانقلابات العسكرية او الطرد، وعلى سبيل المثال ان حكم زين العابدين بن علي في تونس استمر 23 عاما وحكم حسني مبارك في مصر 32 استمر عاماً وحكم القذافي في ليبيا استمر لاكثر من 40 عاما وفي اليمن حكم علي عبد الله صالح 34 عاماً وعائلة الاسد تحكم سوريا منذ 1970 ولحد الان وتشترك تلك الانظمة ايضاً بمشتركات غاية في الطرافة بحيث تتميز بها عن باقي انظمة العالم ، فلكل رئيس حزب سياسي ووريث يستلم الحكم بعد مماته فحسني مبارك لديه الحزب الوطني الديمقراطي ووريثه ابنه جمال ومعمر القذافي انشأ اللجان الشعبية والثورية وهي مايشبه الحزب وبرُز ولده سيف الاسلام ليكون وريثاً اما الرئيس اليمني عبد الله صالح فهو صاحب حزب المؤتمر الشعبي وورث ابنه أحمد ليكون رئيساً لليمن بعد وفاته. اما الرئيس السوري حافظ الاسد فهو صاحب حزب البعث وورث ولده بشار الاسد لحكم سوريا بعد وفاته.
ومن جانب الشعوب فهناك مشترك اساسي لمعظم هذه التمردات والاحتجاجات الشعبية وهو انها قامت ضد انظمة حكم فاسدة فردية أو دكتاتورية اتصفت باتباع ابشع انواع طرق الاستبداد في حكمها وتعاملها مع شعوبهم. لذلك فان الانظمة العربية السائدة سابقاً وحتى القائمة حالياً تتحمل كامل المسؤولية عن الخراب والويلات التي تمر بها شعوبنا، وان عدم استقرار المنطقة وتنوع التدخلات الاقليمية والدولية اضافة الى تدمير البنية التحتية لتلك الدول وتوقف حركة الاقتصاد والتخلف الاجتماعي والازمات السياسية الذي بدأت تظهر هنا اوهناك والتي ستستمر الى اجل غير قريب هي نتاج طبيعي ومتوقع لسياسات تلك الانظمة الفاسدة .
والمشترك المهم الذي يجب ان نتوقف عليه هو ان الشباب اساساً والفقراء من ابناء الشعب والمهمشين وصغار الموظفين هم من بادر وقاد تلك الاحتجاجات الشعبية لكن التيارات الاسلامية استغلت الدين سياسياً وحصدت ثمار تلك الاحتجاجات وتبوأت مراكز السلطة وهيمنت تنظيماتها على الساحة السياسية في اغلب تلك الدول.
هل هي ثورات ام احتجاجات ؟
ليس هناك اي مبرر لتسمية هذه الاحتجاجات ب (الربيع ) او (الثورة) التي شاع استعماله في الخطاب السياسي الذي واكب تلك الاحتجاجات لان هذه الحركات لم تكن موجهة بنخب او احزاب او جمعيات سياسية قائدة، وهي اقرب الى الحركات الاحتجاجية العفوية، لان الثورات عادة ما تقوم على برامج تقف ورائهاعقول سياسية وينفذها اناس مستعدين سلفاً بالتضحية بارواحهم في سبيل نجاح تلك الثورات. ومعلوم ايضاً ان الثورة تعمل على تغيير المجتمع بينما كان هدف ونتائج هذه الاحتجاجات الشعبية فقط تغيير السلطة او الحاكم ليس الا. وان اغلب الثورات الكبرى - ثورة اكتوبر في روسيا والثورة الفرنسية- خطط لها فلاسفة ومفكرين وسياسين وكانت شعاراتها تدعوا الى العدالة المساواة والحرية. وحتى في ثورات منطقتنا العربية، كانت هناك احزاب وبرامج سياسية خططت لثورات مصر عبد الناصر و ثورة 14 تموز في العراق .

الوعي والعقل الجماعي:
اشير هنا الى انني مرة وفي ندوة مخصصة للانتخابات الاولى التي جرت في العراق بعد تجربة مجلس الحكم، وعلقت مستنكراً على تدخل المرجع الديني السيد السيستاني حينما طالب مجلس الامن الدولي باجراء الانتخابات خلال مدة اقصاها نهاية 2004 او بداية عام 2005، حيث قلت حينها ان الوضع السياسي في العراق غير مهيء لاجراء اية انتخابات بل اننا في حاجة ماسة لمرحلة انتقالية تؤسس لبناء نظام ديمقراطي فدرالي ناجح واشرت الى ان اغلبية ابناء شعبنا تقاد الان ك(القطيع) وراء النداءات والشعارات الدينية والطائفية، وطبعاً لم استطع اكمال حديثي او فكرتي حينها، بسبب اعتراض الشديد لبعض الزملاء على استخدامي مفردة (القطيع). اورد هذه الواقعة لتبيان ان رأيي قد يكون مزعجاً ومخالفا لأراء الكثير من الناس، ولكني اعتقد برجاحته وهنا اذكر بمرحلة ظهور البروستريكا في الاتحاد السوفياتي السابق وبكم الكتابات والمحاضرات التي برع بها كتابنا ومثقفونا وهم يبشرون ويطبلون لها دون اي تأني او حتى دراسة لمسبباتها او توقع نتائجها وعندما فشلت التجربة وافشلت التجارب الاشتراكية كلها صمت من ملأ الدنيا ضجيجاً عن محاسنها. لذلك اتمنى من الاصدقاء جميعاً ان يراجعوا الدراسات الاجتماعية والنفسية التي تتناول سلوكية الجماهير او ما يسمى بالعقل الجماعي ويعيد قراءة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت عفوياً وكيف تم استخدام مشاعر قطاعات واسعة من ابناء الشعب وتوجيهها لتخدم مصالح الفاشية الدينية التي لاتقل خطورتها عن الدكتاتورية العسكرية .
سأركز حديثي على اهم مفاهيم علم النفس الاجتماعي وعلى طروحات العالم الفرنسي جوستاف لوبون في تحليلاته لتلك الاحتجاجات الشعبية.
يقول غوستاف في تحليله للخصائص المميزة والمحركة للجماهير اثناء التحركات الاحتجاجيه وفي الهبات الشعبية غير المنظمة (اهم المميزات هي سرعة الانفعال والتأثر والتعصب واللاوعي في التحرك....) حيث (ترتكب الجريمة بسهولة وتختفي الصفات الشخصية (الواعية) التي تمارس تأثيرا استثنائيا على الأفراد الذي يشكّلون التجمعات ، فالبخيل يصبح سخيا وكريما، والمتشكك يصبح مؤمنا، والرجل الصادق يتحول مجرما والجبان يصبح بطلا).
ويفسير غوستاف سلوك الجماعير والمجاميع هذا على أنه خروج للمشاعر (المكبوتة بعد إزالة عوامل الكبت والقمع مع الإحساس بالأمان في وسط المجموع ومع هدير أصوات الشعارات الجماعية ويبتدىء الجمهور بتنفيذ اعمال استثنائية لم يفكر بها سابقاً عندما كان يفكر لوحده).
ان عدد كبير من علماء الاجتماع والنفس يذهبون الى ما ذهب اليه عالم النفس الفرنسي مؤكدين على ان الحركات الشعبية الغير منظمة تتسم حتماً بالانفعال والغضب والاندفاع وتبتعد كلياً عن التفكير العقلاني او المنطقي وتُسير جموع الناس وكانها منومة مغناطيسياً.
لذلك انا اميل الى تبني تحليلات غوستاف لوبون واتفق في الكثير مما طرحه فلو دققنا فعلياً في الاحتجاجات الشعبية التي بدأت من تونس والمستمرة الى الان في سوريا فسنرى وبالملموس انها حركات احتجاج تفتقر الى برامج او خطط سياسية واضحة وتتصف اغلب سلوكيات المشاركين بالاندفاع العشوائي وغياب الوعي وبان غالبية هذه الاحتجاجات تحركت وقلدت بشكل اعمى ما قامت به احتجاجات سبقتها في دول اخرى تحت شعار عام وموحد "الشعب يريد اسقاط النظام" .
وانا شخصياً اميل ايضاً الى تبني تحليلات عالم النفس غوستاف لوبين في تفسير اغلبية الحوادث التي سيرها العقل الجماعي مثل حادث انتحار اكثر من 900 شخص من طائفة دينية واحدة في امريكا يوم 18 نوفمبر عام 1978، وكذلك تفسير السلوك العدواني والفوضوي لجمهور ومناصري فريقي كرة القدم والتي ادت الى موت الاف المتفرجين مثلما حصل في مدينة بورسعيد المصرية.
الخلاصة:
ان هذه الحركات الاحتجاجية الغاضبة كانت مفاجئة وسريغة سرت كالنار في الهشيم، بدأت من تونس ومستمرة لحد الان في اكثر من منطقة عربية وقد اسقطت انظمة حكم غير ماسوف عليها لكنها مهدت الى تدخلات اقليمية ( تركيا، ايران، السعودية ، قطر ) ودولية كتدخل حلف الناتو وبريطانيا وامريكا وروسيا والصين .
لقد اتسمت هذه الحركات الاحتجاجية بالعفوية وغياب القوى السياسية المنظمة لها (تجربة ليبيا ومصروسوريا) وسادت معها معالم الفوضى وتخريب البنى التحتية في غالبية الدول التي انطلقت بها ههذه الاحتجاجات.
واللافت للنظر ان الاحزاب والقوى والشخصيات الشيوعية والديمقراطة والليبرالية لم يكن لهم وزن او صوت في هذه الحركات الاحتجاجية حيث انتاب غالبيتها الذهول ابان اندلاع الاحتجاجات فتعثرت مواقفها وتباينت فمنهم من تبنى موضوع التفاوض مع السلطة القائمة انذاك ثم تحول وانظم الى المحتجين في الشارع بعد سقوطها مثل ما حدث في تجربة مصر او اختار التفاوض والمشاركة في الاحتجاجات في ان واحد مثلما حدث في تجربة اليمن وهناك من اختار موقفاً واضحاً منذ البداية فتبنى المساهمة في الاحتجاجات والمشاركة ورفض اي نوع من التفاوض مع السلطة القائمة انذاك وهذا ما حصل في تجربة تونس، اما في سوريا فقد استمرت القوى الديمقراطية والاحزاب الشيوعية في مساندة نظام بشار الاسد لحد الان واختلطت الاحتجاجات الشعبية والصراعات القبلية في تجربة ليبيا لعدم وجود قوى او حتى جمعيات سياسية منظمة. لكن المؤكد في كل هذه الحركات الاحتجاجية ان الاحزاب والقوى اليسارية والديمقراطية في بلداننا العربية تفتقر الى برامج واليات للتعامل مع هكذا احداث احتجاجية شعبية كبرى.
وختاماً لانختلف مطلقاً على ضرورة تغيير هذه الانظمة وبناء انظمة ديمقراطية بديلة لها لكن الذي يجري وجرى الان تغيير الحكام فقط دون تغيير المجتمع واستبدال حكومات عسكرية ودكتاتوريات استبدادية بنظم فاشية تؤسس الى بناء حكومات ودول ستعاني منها شعوب المنطقة طويلاً وبدأت اولى ملامح هذه الانظمة من خلال رفع الشعارات الطائفية وشعرات الكراهية والاجتثاث "لامصالحة قبل المحاسبة والقصاص" وشيوع ثقافة الثأر والانتقام والحقد الذي سيستمر لعدة اجيال ولأمد غير قريب.



#عبد_الهادي_ثامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اية برنامج يحتاجه حزبنا في مؤتمره التاسع ؟
- نحو انعقاد المتمر التاسع لحزب الشيوعي العراقي


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد الهادي ثامر - ربيع ام غضب عربي