تجربة الأعتماد الاكاديمي في الولايات المتحدة الامريكية

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 17:03
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

تجربة الأعتماد الاكاديمي في الولايات المتحدة الامريكية
من كتاب الجودة والاعتماد الاكاديمي في التعليم الجامعي والعام
للدكتورة سوسن شاكر مجيد
يعد التقويم والاعتماد هو الجزء المكمل الذي يتوج تطوير أنظمة جودة التعليم بمؤسسات التعليم العالي باعترافه بأنها تم تطويرها عمليا طبقا للمعايير المرجعية المتفق عليها أي أن إنشاء نظام للاعتماد أو مجلس للاعتماد هو الجزء التكميلي لإنشاء وتطبيق أنظمة تعليم عالي طبقا لمعايير الجودة الشاملة، وليس بديلاً عنه.
ومن تجارب الدول في هذا المجال هي تجربة الويات المتحدة الامريكية :
تعد الولايات المتحدة أول من راعت مبدأ توازى "الحرية والجودة"، حيث سمحت لمئات بل آلاف المؤسسات التعليمية أن تنتشر وفى نفس الوقت ومنذ أوائل القرن العشرين أنشئت الآليات المناسبة التى تتابع جودة أداء هذه المؤسسات وتعتمد ما يستحق منها الاعتماد Accreditation وتجعل نتائج هذه المتابعة متاحة لراغبي التعليم حتى يكونوا على بينة من موقف مؤسسات التعليم المتاحة.
مؤسسات التعليم العالي فى الولايات المتحدة الأمريكية تشبه إلى حد كبير المؤسسات الخاصة التي تتمتع باستقلالية كبيرة وسلطة تمثل بمجالس إدارة هذه المؤسسات.
ويعد التأثير الحكومي على هذه المؤسسات محدود الأثر قياسا بالدول الأوروبية ، ولذلك فإن المسؤولية تقع على مؤسسات التعليم العالي لتنظيم نفسها وإيجاد موارد لها وإلا فقدت هذه المؤسسات مواردها وطلابها الذين يتجهون بالتالي نحو المؤسسات المنافسة.
ويتخذ الاعتماد في الولايات المتحدة الأمريكية شكلين:
أولهما: اعتماد مؤسسي Institutional Accreditation وتقوم به مجالس إقليمية تابعة لمؤسسات التعليم العالي نفسها.
ثانيهما: اعتماد تخصصيProgram Accreditation للبرامج الدراسية تقوم به لجان متخصصة مثل مجلس اعتماد الهندسة والتكنولوجيا (ABET) والذي يعمل منذ الثلاثينات من القرن الماضى وهيئة اعتماد التعليم الطبي.
في عام 1996 تم إنشاء مجلس اعتماد التعليم العالي

The Council for Higher Education Accreditation (CHEA)
والذي يهدف إلى إيجاد مؤسسة قومية تتولى الإشراف على مؤسسات الاعتماد وهى مؤسسات غير حكومية في التعليم العالي . ويقوم مجلس الاعتماد (CHEA) بالاعتراف بمؤسسات الاعتماد العاملة فى مجال التعليم العالى بناءً على معايير محددة يضعها مجلس الاعتماد . ويتم إعادة اعتماد هذه المؤسسات مرة كل 10 سنوات بناءً على تقرير يقدم كل 5 سنوات . والعمل الذي تقوم به مؤسسات الاعتماد هو عمل تطوعي ويتم من خلال المهام الآتية:
1.مراجعة عمليات التقييم الذاتي Self-Assessment بواسطة القائمين على المراجعة Peer Reviewers.
2.زيارة ميدانية للمؤسسة التعليمية مرة كل عام.
3.العمل على جذب متطوعين جدد من المهتمين بالتعليم العالي للانضمام إلى المنظمة.
أهداف الإعتماد
يتحدد الغرض من ضمان الجودة في الولايات المتحدة الأمريكية ( الاعتماد الأكاديمي وفقاً للمصطلح الأمريكي ) كما حددته وزارة التربية الأمريكية في ضمان الحد الأدنى من الجودة بهدف :
• التحقق من أن مؤسسة أو برنامج التعليم يحقق الحد الأدنى من المعايير.
• مساعدة الطلبة الجدد على الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي التى تقدم برامج مقبولة.
• مساعدة مؤسسات التعليم العالي في تحديد الساعات المقبولة عند انتقال الطلبة من مؤسسة الى أخرى.
• حماية مؤسسات التعليم العالي من الضغوط الخارجية والداخلية الضارة.
• تطوير أهداف للتحسين الذاتي لمؤسسات التعليم العالي الضعيفة والحث على الرقي بالمعايير في مؤسسات التعليم العالي .
• إشراك أعضاء هيئة التدريس والعاملين جميعاً في التخطيط والتقييم المؤسسي .
• وضع معايير للترخيص والإجازات المهنية للرقي بمحتويات هذه التخصصات.
• توفير مصدر (ضمن مجموعة مصادر) للحكم على الأحقية في المعونات الحكومية (وزارة التربية الأمريكيةU. S. Department Of Education )
اما الاعتماد التربوي المتبع في المدارس في الولايات المتحدة الامريكية :
الاعتماد التربوي هو عملية يتم من خلالها التحقق من أن مؤسسة تعليمية معينة قد أوفت أو فاقت المعايير القومية التى صممت لقياس الجودة فى كل جوانب المؤسسة التعليمية.
_ يقوم بالاعتماد التربوى فى الولايات المتحدة الأمريكية هيئات/ جمعيات غير حكومية، غير هادفة للربح، ويتوفر فيها شروط تحددها وتعترف بها السلطات التربوية سواء على المستوى الفيدرالى أو على مستوى الولاية Education Department وكل جمعية يتوفر فيها معايير محددة تشترطها الدولة لكي تصبح هيئة لها الحق فى ممارسة الاعتماد :
_ وهى عملية اختيارية فى الولايات المتحدة.
_ وإجبارية فى المملكة المتحدة تتم من خلال هيئة Ofsted.
_ وتقوم بها هيئات/ وجمعيات مماثلة فى البلدان الآخرى، حيث تتعدد صيغ الاعتماد التربوى بالعالم وفق الظروف السياسية والاجتماعية فى كل بلد من بلدان العالم
يرتبط الاعتماد التربوى فى الولايات المتحدة، بعملية هامة هى عملية منح الترخيص. وهى فى جوهرها عملية تقويم. يمنح عن طريقها الرخصة للمؤسسة التى قامت بالوفاء بالحد الأدنى للمتطلبات المتمثلة فى المعايير المعلنة. وإلى جانب الهيئات التى تقوم بمنح تراخيص الاعتماد للمدارس توجد هيئات أخرى على نفس المستوى لمنح الشهادات للمعلمين وتراخيص مزاولة المهنة وذلك وفقاً لمعايير كفاءة المعلم . وسوف نركز في هذا العرض على اعتماد المدارس فقط.
وفى العقدين الأخيرين تزايدت أعداد الهيئات/الجمعيات غير الحكومية التى تقوم بالاعتماد التربوى للمدارس فى الولايات المتحدة، ولذلك قسمت الولايات المتحدة إلى ست أقاليم أساسية تختص بكل إقليم بعض الجمعيات/الهيئات والتى يطلق عليها الجمعيات أو الهيئات الإقليمية مثل(SACS) فى الجنوب، NCACS)) فى الشمال، WASC)) فى الغرب . وعادة ما تعمل هذه الهيئات/الجمعيات فى ترابط مع هيئات/ جمعيات أخرى فى نفس الإقليم، حيث تعمل (SACS) على سبيل المثال فى إطار تعاونى مع منظمة CASI)) ومنظمة (NSSE) للتقويم فى تغطية الولايات الجنوبية بما فيها جورجيا وفلوريدا.
إلى جانب هذه الهيئات/الجمعيات الإقليمية توجد كذلك هيئات محلية وعبر إقليمية، وكذلك هيئات تختص بالاعتماد الدولى مثل CITA كما توجد هناك أيضاً هيئات نوعية تعمل فى مجال اعتماد المدارس الدينية والمدارس الخاصة. لا ينفى ذلك وجود تعاون متبادل بين هذه الهيئات التى سبق ذكرها مع بعضها البعض فالعمل هناك يتم فى إطار من اللامركزية، والصلاحيات القائمة على توفر المعايير.
الركائز الاساسية في عملية الاعتماد التربوي :
إذا أخذنا نموذجSACS على سبيل المثال فهناك ثلاث ركائز أساسية:
- التقويم الذاتى للمدرسة، وتقوم به المدرسة نفسها
- الزيارة الميدانية لفريق من الخبراء عن طريق(SACS) ومعظمهم متطوعون من خلال العمل المدنى
- اتخاذ القرار من خلال لجنة الاعتماد تشكلها (SACS) من أعضاء 15 - 20 بعضهم بالانتخاب وبعضهم بالتعيين لإقرار منح الاعتماد مع وجود طرف ثالث.
الجوانب التى تفحصها (SACS) وفق معايير كل ولاية :
*الرؤية
*الرسالة
*الحوكمة والقيادة
*المناهج
*التعليم والتعلم
*تقويم التلاميذ وتقويم المدرسة
*المصادر من ناحية الكم وكفاءة الاستخدام
*الخدمات الداعمة لتعلم التلاميذ
*الاتصال مع الآباء والمجتمع المدنى
*جدية التحسين المستمر للمدرسة
مميزات النموذج الامريكي في الاعتماد التربوي :
1. غير حكومى
2. قائم على المشاركة
3. يتمتع بالشفافية والصراحة
4. تطوعى فى معظمه
5. لامركزى
6. متنوع
دورة الاعتماد التربوي في الولايات المتحدة الامريكية :
-تتم كل ست سنوات
-ويكون الاتصال مباشر
-تتم زيارة أو أكثر حسب الحاجة
-تقدم تقارير سنوية
-تتضمن التقارير التغييرات الجوهرية الحادثة أولاً بأول
في النموذج الامريكي الاعتماد يكون أجباريا" بالنسبة للمدرسة فما الذي يدفع المدرسة لطلب الاعتماد ؟ وماهي الحوافز ؟
-ثقة الناس
-الحصول على منح فيدرالية
- منح حكومية
-سهولة التحويل للمدارس الآخرى
-درجة أعلى بين المدارس
الجودة الشاملة والاعتماد للمدارس في الولايات المتحدة الامريكية :
1.ارتبط تطور مفهوم الاعتماد التربوى فى الولايات المتحدة الأمريكية بثلاث تطورات هامة حدثت فى العقدين الماضيين وهي :
1. حركة الجودة الشاملة مع عام 1981
2. حركة المعايير القومية مع عام 1992
3. قانون حماية الطفلNo Child Left Behind الصادر فى عام 2002 .
2.انتقل مفهوم الجودة الشاملة إلى مجال التعليم فى الولايات المتحدة على يدMalcolm Baldirg الذى شغل منصب وزير التجارة فى حكومة ريجان عام 1981. وظل هذا الرجل ينادى بتطبيق مفهوم الجودة الشاملة حتى وفاته عام 1987. وقد امتد الاهتمام بتطبيق الجودة الشاملة إلى التعليم، حينما أعلن "رونالد براون" عام 1993 أن جائزة " مالكولم" فى الجودة الشاملة قد امتدت لتشمل قطاع التعليم على غرار ما يتم فى الشركات الأمريكية العملاقة.
3.وكان تطبيق مبادئ الجودة الشاملة فى التعليم الذى اهتم بها مالكولم يعنى أن يرتبط الاعتماد التربوى بالتوكيد على جودة المنتج التعليمى والتى أصبحت الأساس فى عملية الاعتماد التربوى فى ذلك الوقت.
4.ظهرت حركة المعايير فى مجال التعليم مع بداية التسعينات فى نهاية القرن الماضى هى أهم حدث فى جهود إصلاح التعليم فى الولايات المتحدة الأمريكية ( Ann Lewis 1995 وDian Ravitch).وأثر ظهور حركة المعايير فى فكر الجودة والاعتماد التربوى (لا جودة ولا اعتماد بدون معايير) Standards Based Assessment and Evaluation .
5.دعا بوش الأب عام 1991 إلى عقد المؤتمر المسمى :
””The National Education Report: Building Nation of Learners
وكانت حركة المعايير فى تلك الفترة عاملاً هاماً وراء اهتمام كثير من الجمعيات العلمية والمنظمات المتخصصة لوضع معايير للتخصص فى مجال التربية مثل المنظمة الخاصة بالرياضيات NTCM والمنظمة الخاصة بالعلوم NSTA وزميلتها AAS ( 1995) .
وتوالت الجمعيات المتخصصة كل فى مجاله فى تلك الفترة حتى وصلت المعايير إلى العلوم الاجتماعية والموسيقى والإدارة التربوية ...إلخ .
بفضل حركة المعايير تحول اهتمام الجودة والاعتماد التربوى من مجرد جودة المنتج فقط إلى الاهتمام أيضاً بجودة العمليات والنظم فى المؤسسات التعليمية .
وأصبحت الكفاءة الداخلية والخارجية من المواضيع الهامة المتضمنة فى مفهوم الاعتماد التربوى وما يترتب عليه من عمليات وآليات.
وأصبح الاعتماد التربوي بمثابة تقويم خارجي لكل جوانب العملية التعليمية على أساس المعايير Standard–based Evaluation .
قانون حماية الطفل : No Child Left Behind

-أكد هذا القانون الذى صدر فى عهد بوش الابن على مسئولية كل ولاية من الولايات المتحدة الأميركية فى التحقق من أن كل المؤسسات المحلية والمدارس العامة تقدم تقريراً سنوياً عاماً عن وجود وتنمية نظام موحد مسئول عن توفير الفرصة التعليمية الملائمة والمتكافئة لكل طفل.

-ومضمون هذا القانون واضح فى ضرورة استمرار عملية التحسين والتطوير فى كل مدرسة بما يضمن توفير الفرصة الملائمة والمتكافئة لكل طفل (التحسين المستمر للمدرسة).
-نتيجة العوامل الثلاث السابقة ( الجودة الشاملة – المعايير - قانون حماية الطفل) ظهر مفهوم جديد للاعتماد التربوى للمدارس بمكونات ثلاثة والموضح في الشكل الاتي :
6.ظهور مفهوم الشراكة (Partnership) كمكون أساسى فى المفهوم الجديد للاعتماد التربوى، بين الجمعيات المتخصصة غير الحكومية والمؤسسات التعليمية . وأصبح الاعتماد التربوى عملية تتم من خلال شراكة فاعلة بين المؤسسة التعليمية وجهة الاعتماد من اجل تحقيق جودة التعليم . وكل شريك له مسئوليات محددة سواء المدرسة أو هيئة الاعتماد وجهودهما معاً تؤدى إلى تحقيق الاعتماد التربوى وفق أبعاده الثلاثة التى أشرنا إليها.
النقاط التي أشرنا اليهما هما مايميزان النموذج الأمريكى فى الاعتماد التربوى عما عداه من النماذج الآخرى .وهناك نقاط أخرى وهي اللامركزية والتعددية في نظم الاعتماد في الولايات المتحدة.

#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات