أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحي المسكيني - تأويلية آبل...أو الجمع الهرمينوطيقي بين هيدغر وفتغنشتاين















المزيد.....

تأويلية آبل...أو الجمع الهرمينوطيقي بين هيدغر وفتغنشتاين


فتحي المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3721 - 2012 / 5 / 8 - 12:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



تأويلية آبل ( Apel):
أو الجمع الهرمينوطيقي بين هيدغر وفتغنشتاين

تمتلك أعمال آبل أهمّية بالغة، فهو يُعد من الأوائل الذين أعطوا صيغة استراتيجية حاسمة لبيان "الاتحاد في الوجهة ( convegence)" الذي يجمع على نحو خفي بين التقليد الهرمينوطيقي و التقليد التحليلي، وذلك من خلال سعيه منذ مطلع ستينات القرن العشرين إلى التكشيف عن "التواشج" ( affinity) الخفي بين طريقتيْ كلّ من هيدغر و فتغنشتاين في تدبير "اللوغوس الفلسفي ( philosophical logos) في عصرنا ، و ذلك بالدعوة إلى الانعتاق من جوّ العداوة الذي كان سائدا في العشرية التي تلت سنة 1945 حيث كان على الفلاسفة أن " يناضلوا في ميادين الفلسفة التحليلية ( الانغلوسكسونية و الاسكندينافية) و الفلسفة الفينومينولوجية ( الاوروبية القارية) [بوصفها ميادين] مختومة على نحو هرمسي ومتعارضة على نحو جامد" ؛ ربّ دعوة ينبّه آبل إلى أنّها قد صارت في وقت لاحق واقعا فلسفيا ملموسا ، وذلك حين " حدث اتفاق على طول الخط حول منعرج لغوي-براغماتي، بل حتى هرمينوطيقي – و ذلك على نحو منتظم حتى فلسفة العلم (ما بعد الكُونية)- وهذا الوضع ناجم على الأغلب عن الأثر التاريخي للاتحاد في الوجهة بين فيتغنشتاين و هيدغر – الذي بواسطته اشتغلت البراغماتية الأمريكية بوصفها ما يسبر غوره و يوسّع مداه" .
إنّ اللافت للنظر هو أنّ آبل قد أتى إلى تخريج تأويليته في نطاق "مقارنة" تكشف عن " تقارب الإنجازات الإيجابية (positive achievements) لفيتغنشتاين و هيدغر" ، وذلك كتمهيد إلى "نقد" طريقة كل منهما في تخريج مسألة "اللوغوس" .
فتحت عنوان " المنعرج اللغوي و الهرمينوطيقي في الفلسفة" ، حاول آبل أن يبحث في مسألتين يعتبرهما نموذجيتين ليس فقط في فهم "التقارب" بين هيدغر و فيتغنشتاين، بل بخاصة في بلورة نقد فيتغنشتاين و هيدغر لما يسميه آبل " البراديغم قبل-الفيتغنشتايني و قبل-الهيدغري ( pre-Wittgensteinian and pre-Heideggerian paradigm)؛ يعني براديغم الوعي الحديث. هاتان المسألتان المشتركتان اللّتان من خلالهما تمكّن كل من هيدغر و فيتغنشتاين من الانتقال بالممارسة الفلسفية من براديغم الوعي إلى براديغم اللغة، هما :
أ- "نقد النزعة الذهنية ( mentalism) للفلسفة الحديثة" ؛
ب- " تفكيك فهم العالم و فكرة الحقيقة في الميتافيزيقا الغربية بعامة" .
نحن لن نقف عند المقارنة مع فيتغنشتاين و تقارب هيدغر معه أو العكس، بل إنّ ما يهمّنا هو تجميع عناصر القراءة "الموجبة" التي صرّفنا آبل إزاء نصوص هيدغر.
بالنسبة إلى المسألة الأولى، حاول آبل أنّ يبيّن أنّ كتاب الوجود و الزمان، لئن لم يقحم فيه هيدغر بعدُ مسألة "اللغة" بوصفها "بيتا للوجود" و "سكنا للإنسان" كما فعل في رسالة في الإنسانية، فهو ينطوي في ثناياه على نقد لبراديغم الوعي الذي يمتدّ من ديكارت إلى هوسرل، في "تناسب ( correspondence)" بيّن مع نقد فيتغنشتاين لعين البراديغم :
" إنّ الفرضيات قبل-اللغوية ، إذا جاز التعبير، البصرية-الأيدوسية للفينومينوالوجيا الهوسرلية قد تمّ تخطّيها آنئذ لصالح الوجود-في-العالم الهرمينوطيقي الذي تمّ تأوّله آنئذ دوما على نحو لغوي، كما مثلا في المنطوق البراديغمي التالي :
’’ من هذه التفسيرية اليومية، التي ضمنها ينشأ الدازين في أول أمره، لا يمكن له أبدا أن يتنصّل. فيها و منها و ضدّها إنّما يتحقّق كلّ فهم و تفسير و تواصل أصيل و إعادة اكتشاف و تملّك من جديد. إنّ الأمر ليس أبدا على النحو الذي بموجبه يوضع دازين بكر و غير مضلَّل بواسطة هذه التفسيرية أمام الميدان الحر لـ ’ عالم ’ في ذاته، من أجل أن يبصر فقط ما يعرض له’’
من البديهي أنّ هذا المقطع لا يمكن أن يكون ملائما في سياق نقد فيتغنشتايني للغة و الدلالة من دون لغط أبعد مدى. إنّه بالأحرى يحتوي على مفتاح هرمينوطيقا لغوية و يحيل على ما تسمى ’ البنية-الأولية لفهم الوجود-في-العالم’ و، بما هي كذلك للفهم-الأولي للعالم-المعيش ، المكشوف عنه ’ أوّلَ الأمر’ على نحو لغوي و من ثمّ المشكَّل-سلفا."
إنّ هيدغر قد عيّن "الوضع التأويلي ( the hermeneutical stance)" الذي يمكّن من نقل الفلسفة من براديغم الوعي إلى براديغم اللغة. هذا الوضع هو "البنية-الأولية لفهم الوجود-في-العالم و، بما هي كذلك للفهم-الأولي للعالم-المعيش ، المكشوف عنه ’ أوّلَ الأمر’ على نحو لغوي و من ثمّ المشكَّل-سلفا"، بمعنى الفهم اليومي للعالم من حيث هو فهم كان قد تشكّل سلفا ضمن اللغة التي يتكلّمها الدازين قبل أن يبني سلوكا نظريا إزاء الموجود. إنّ اللغة اليومية سابقة على السلوك النظري و من ثم هي تهيكل فهمنا للوجود في العالم قبل أن نفرض عليه مقولاتنا . لذلك فإنّ هيدغر يفترض أنّ الدازين لا "يفهم" و لا يؤوّل" و لا "يتواصل" على نحو أصيل إلاّ ما كان من قبلُ متشكّلا بعدُ في التفسير اليومي لمعنى وجوده في العالم. إنّ الفهم اليومي للعالم بما هو "عالم-معيش" هو المصدر الذي لا يمكن للدازين أن يتنصّل منه، من أجل أنّه سابق على كل موقف نظري لاحق. و هذا الوضع التأويلي الأولي الذي توفره اللغة العادية هو نمط وجود الدازين أوّلا و على الأغلب.
في ضوء ذلك يشير آبل إلى أنّ تحليل "التفسيرية اليومية ( alltägliche Ausgelegtheit) " لمعنى العالم في الوجود و الزمان هو موقف يدخل في نطاق "هرمينوطيقا في اللغة" في تناسب تام مع تحليل فيتغنشتاين لـ"لعب اللغة" اليومية . إنّ هيدغر قد طوّر في كتاب 1927 ضربا من "نقد المعنى" ينبّه إلى أنّ إدراكاتنا للموضوعات ليست "ظواهر وعي" بل هي نتيجة فهمنا اليومي للعالم بوصفه "سياقا دلاليا ( meaning context)" حيث "يحيل" كل موجود أدوي على آخر . إنّ العالم حسب هيدغر هو عالم "علائقي ( relational)"، جملة من العلاقات و الإحالات بين الموجودات تحت اليد تجد نموذجها في اللغة اليومية. في هذا الإطار لا يتردد آبل في الحديث عن " التحليل العبقري ( the genial analysis) للعالم العلائقي قبل النظري في الوجود و الزمان " .
من أجل ذلك فإنّ كل سلوك نظري يزعم أنّه يقيم مسافة موضوعية عن الموجود إنّما يقوم حسب هيدغر على ضرب من " نزع العالمية ( eine Entweltlichung، de-worlding)" عن الموجود في العالم . هذا التخريج اعتبره آبل موقفا طريفا من قِبل أنّ " هذا التصوّر البراغماتي للعالم-المعيش ينبغي أن يُطبَّق حتى على شروط تقوّم التنظير العلمي و ترابطه مع الممارسة التجريبية، وذلك إذا أراد المرء أن يفكّر مع هيدغر فيما أبعد من هيدغر الوجود و الزمان" .
- إنّ ذلك هو ما اشرأبّ إليه هيدغر الثاني بواسطة مفهوم "القشتال ( das Gestell)" حين ربطه صراحة بـ"البراكسيس" في شكل "التقنية"، وإنْ كان قد "أخفق في ربط هذا الاكتشاف بأيّ تقدير لظاهرة الصلاحية التذاوتية على نحو صارم ، التي تستلزم أن تكون المنطوقات العلمية ( كما الفلسفية) مؤيَّدة ( validated) عبر طريقة الخطاب الحجاجي" .
وبدل الوقوف عند نقد آبل لطريقة هيدغر في تخريج مسألة "اللوغوس"، علينا التوكيد على الأهمية الاستراتيجية لقراءته له بوصفه مشاركا حاسما، إلى جانب فيتغنشتاين ،في تحقيق "المنعرج اللغوي-البراغماتي و الهرمينوطيقي" في الفلسفة المعاصرة.ربّ قراءة انتهى هابرماس الأخير (سنة 1999) إلى تبنّيها صراحة .
يقول هابرماس الأخير: " إنّ هيدغر ، وهو يتذكّر هومبولدت و التراث الهومبولدتي – ذاك الذي يقوم على لغويات متوجّهة نحو المضامين – قد كان الأول في فهم الطابع البراديغمي للهرمينوطيقا التي وقع تطويرها في الأثناء من قِبل درويسن و دلتاي. في نفس الحقبة، اكتشف فتغنشتاين هو أيضا ، ضمن الدلاليات المنطقية لغوتليب فريغ، براديغما فلسفيا جديدا. إنّ ما سيسمّى لاحقا باسم ’’المنعرج اللغوي’’ قد تمّ إذن في نفس الكرة في صيغة هرمينوطيقية و في صيغة تحليلية."



#فتحي_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استشارات كانطية : الرجاء والوهم أو كيف تكون سعيدا بوسائل بشر ...
- استشارات كانطية - التعالي الحرّ أو في -الحرية الموجبة-
- استشارات كانطية - الرجاء الديني والكرامة الإنسانية
- لا هوية إلاّ الخيام...أو ماذا يفعل المعتصمون بالوطن ؟
- استشارة كانطية - الاحترام والقداسة : وحدها الشخصية الإنسانية ...
- العادل لم يعد إماما....أو من أساء إلى الإسلام ؟
- الربيع غيّر عنوانه......
- الضحك خارج القدر...في انتظار الوطن
- الكوجيطو المكسور...في عيادة ريكور
- لعنة الثورة أم جنون الشعوب ؟
- الشهداء...يحتفلون بموتنا
- الغيمات الأخيرة تستقيل...من المساء -
- ترجمة الفلسفة...هل تسيء إلى لغتنا ؟
- الفلسفة لحماً ودماً...في مرآة مرلوبونتي
- اعتذارات مجردة...للأقحوان- قيامتين بعد الطوفان
- كيف صارت التأويلية فلسفة ؟
- جيل دولوز: ثورة كوبرنيكية في فهم الهوية
- حذار من النائمين على حافة اللهِ...
- أحمد فؤاد نجم... عذرا أيّها الطفل...في بلاد الأهرام
- اقتصاد الهوية أو كيف تكون البنى الثقافية علاقات إنتاج جديدة ...


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحي المسكيني - تأويلية آبل...أو الجمع الهرمينوطيقي بين هيدغر وفتغنشتاين