أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فدوى طوفان - راضية _ قصة قصيرة _ ومضات من ذاكرة متآكلة














المزيد.....

راضية _ قصة قصيرة _ ومضات من ذاكرة متآكلة


فدوى طوفان

الحوار المتمدن-العدد: 3719 - 2012 / 5 / 6 - 19:17
المحور: الادب والفن
    


كانت أنفاسهَا تتصاعَدُ معَ حركَة يدَي الجدّة بعروقهُما البارزَة وهُماَ تُمسدَان علَى رقبتهَا بالملحِ الخشن الذي تُبللهُ بين الحين والآخر بريقِهَا
نثَرت بعضَ الرمَاد والملح على لوزتَيها الملتهبتَين وحضنتهَا و وهي تعقدُ علَى حُنجرتهَا خرقَة بعقدتيَن على كل جهَة
ثمّ لفّت علَى عُنقها فَتيلَ تعويذَة بيَضَاء ،لَم تَكُن راضيَة تَهتَم بالمعوذات التّي تُهمهمُهَا جدّتُها بقَدر اهتمَامها ب (الريال) الذي ستعطٍيهِ لهَا
كمَا تفعلُ عندَ انتهَاء كلّ زيارَة ، فهمَت الجدّة نظراَت حفيدتهَا فقالَت لها اليوم سأعطيك عشرة ريالاَت فغرَت فاهَا وهي تستغربُ لم ستنَالُ
هذه الثروة الصغيرَة من جدتهَا !!

فأكمَلت الجدّة حديثهَا ، لكن بشَرط أن تُساعديني في هذا وأشارَت بإصبعهَا إلى صَحن أبيض من (القصدير) مملوء بحبّات الحرمَل
أجابتهَا بالموافقَة فورًا (واخّا أَ أمّي لاَلاَّ) ظنّا منهَا أن المهمة سهلَة وأن جدّتها ربمَا تريد مُساعدتهَا في غسلِه
وما يكُون هذا الصحنُ الصّغير أمَام أكيَاس القَمح التّي تُجبرهَا أمها هي وأخواتهَا على غسلِه وتنقيّتِه !!

طَلبَت منهَا الجلُوس وهي تضَعُ الصحنَ أمامها وهي تتساءل مع نفسِهَا في فضُول ما نَوع المساعدة المطلوبَة منهَا
أجابتهَا الجدّة كأنها تعرف فيمَ تفكّرُ راضيَة ستعدينَ لي سبعَة وسبعينَ حبّة من الحرمَل وتضعينهَا على حده في هذه الخرق البيَضَاء
نظرَت إلى يمينهَا فوجدت عشرَات الخرَق البيضَاء تفاجئَت لكنهَا لم تستطع الرّفض هيبَة من جدّتها وطمعَا في العَشرِ ريالاَت ...
جدّتُها كانت تحبّ تحصين أحفادها الكثيرين بحجاباتها البيضاء الشّهيرَة التي تجمع فيها حبات الحرمل وقطعة صغيرة من الشبّ الأبيَض
أشياء بسيطَة تؤمنُ جدتُها بأنها تقي شر العين والحسَد وتحمِي الصغار من كل مَرض ...

جلست راضيَة مربعَة رجليهَا وهي تعدّ الحبّة تلوَ الأخرَى والجدّة تفتلُ سبحتَها وهي تقرأ سورةَ الإخلاص تكرَارا وتَتعّوذُ من إبليس الخنّاس ومَن شرّ عيُونٍ النّسَاء ...
غَابَت الشمس وهي تعدّ الحبّات حتّى أصابهَا التعَب وبدأت عيناها تفقدُ تركيزهَا وتغلطُ بالحسَاب
وـخيرا شعرت الجدّة بتعبهَا فقَامت إلى صندوقِ الخشَب المزخرَف بكتّانٍ أحمَر وقطَعَ معدنيّة وأخرجَت منهُ كيسَا
ثمّ أخرَجت من الكيس الصغير بضعَ ريالاَت صوتُ رنينهَا هو ماهوّن عليهَا بعض التّعَب ،أعطتهَا العَشر ريالاَت بينَ كفيهَا وهي تبتسِم
قبلت راضيَة كفّ جدتهَا وجهًا وظهرًا وهي تستَنشقُ عبيرَ الحنّاء الأحمر و بادلتهَا بابتسامَة أخرى كبيرَة
جدّتهُا هي الوحيدَة التي تترُكُ لهَا حريّة التصرّف و لا توصيهَا بأن لا تبذر ما أعطتهُ إياها كما يفعَل الاخرُون...

عادت الى البيت حزينَة ومشَت بخطوات كبيرة خوفاً من عودة أبيها قبلها ، كانَ الحُسين( مول الحَانُوت) قَد أقفَل دُكانهُ في هذا التوقيت
إذ يعود إلى أهله كمَا يفعَلُ عشيّة الجُمعة ليَعرض سلعتهُ في السّوق الأسبوعي يومَ السبت هنَاك..
أسرعَت الخُطى وهي تتحسّسُ العشر ريالات المبللّة بعرق يديهَا و تأسفَت على أنها لن تستطيع بنقُودهَا
شراء الحلوَى التي كانت تشتهيهَا طوال الاسبوع المَاضي وأن عليهَا الانتظَار بصبر حتى الجُمعة المقبلَّة
حيثُ فُسحتُها الوحيدة إلى الخرُوج وزيارَة جدّتها ،وصلت البيت ولحُسن حظها لم يكُن والدُها قد وصل بعد
قبلّت يدي أمها ووضعَت رأسهَا المرهَق على ركبتهَا وغَفت وهي تهمهم ربعَة وسبعين ... خمسَة وسبعين ... ستة وسبعين ...سبعة وسبعين ...



#فدوى_طوفان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُطرب الحي لا يُطرب
- حصاد
- قَطرات
- إرثُ الصّبابة
- أغَار عليكَ منّي
- لَم يَعُد للشاي طعم في غيّابك
- عتمَة
- سبعُ فُصُول وحِكمَةُ أمي
- تَعويِذَة عِشق
- اجتياح
- مَدينَة المَلائْكَة
- وإن يسألُوكُم عنهَا


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فدوى طوفان - راضية _ قصة قصيرة _ ومضات من ذاكرة متآكلة