عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3718 - 2012 / 5 / 5 - 00:33
المحور:
الادارة و الاقتصاد
عندما اُعيدَ نشاط البنك المركزي بقرار من الحاكم المدني بول برايمر في عام 2004 وتمَّتْ طباعة البنكنوت الجديد للدينار العراقي بسعر صرف 1500 دينارللدولار الواحد مع رفع القدرة الشرائية للمواطن العراقي ، إستبشرَ المعنيون بالشأن الإقتصادي خيراً من خلال التحليل التنبؤي المستقبلي لواقع الاقتصاد العراقي وكيفية النهوض به ، الذي يشترط رقابة السلطة التنفيذية عن طريق مسك رؤوس أذرع النشاط الإقتصادي وعدم ترك المضاربين ( صانعي الأزمات المالية والإقتصادية التي يذهب ضحيتها الطبقات المتوسطة والفقيرة ) يتحكمون بآليات السوق .
ما ذكرته آنفاً ، لا أعني به العودة الى الاقتصاد الشمولي ( وليس الإشتراكي ! ) والسيطرة المطلقة للدولة على كل مفاصل الإقتصاد العراقي وتجريد البنك المركزي من إستقلاليته ، إنّما يستوجب إصدارقرارات وتشريعات من قِبل السلطتين التنفيذية والتشريعية لمساعدة البنك المركزي في إيقاف تهريب وتسريب العملة الصعبة من ناحية وضبط وتائر الحركة الإقتصادية التي من شأنها تعود بالفائدة وتُعجِّل من عملية التنمية الشاملة .
إنَّ أحد مطاليب صندوق النقد الدولي هي القضاء على الفساد وهدر المال العام الذي إنتشرَ كالخلايا السرطانية في الهيكلية الإدارية والإقتصادية والإجتماعية .
من العوامل التي ساعدت على الفساد وسرقة الموارد المالية وفي خُضَم الفوضى العارمة ما بعد سقوط نظام البعث ، هو تأخر البنك المركزي ولمدة أربع سنوات عن توحيد شبكة المعلومات بينه وبين جميع المصارف العراقية التي من خلالها يستطيع البنك المركزي السيطرة على حركة النقد في الداخل والخارج ، وحتى بعد العمل بممارسة النشاط المالي من خلال تلك الشبكة ، إستمَرَّ تهريب العملة الصعبة بغطاء قانوني من خلال القرارات التي وضعها الحاكم المدني في حينه . لقد ساعدت تلك القرارات على ظهور طبقة التجار الطفيليين ( آفة الإقتصاد الوطني ) ، الذين وجدوا في قرارات برايمر الفضاء الرحب لممارسة نشاطهم التدميري بحق الإقتصاد العراقي .
سؤال يطرح نفسه هنا – لماذا لاتُلغى قرارات برايمر وتشرَّع قوانين جديدة لصالح البنك المركزي ، هدفها القضاء على السماسرة والمضاربين المتلاعبين بالقوة الشرائية للدينار العراقي ؟ الجواب واضح للعيان هو أنَّ أولئك الطفيليون من تجار وسماسرة مرتبطون بعلاقة عضوية مع أحزاب السلطة !! والقضاء عليهم يعني قطع الموارد المالية عن تلك الأحزاب ، وهذا لن يكون ، لا بَلْ تجري التحضيرات وبأسرع مايمكن لغرض الإنضمام لمنظمة التجارة العالمية في الظروف الراهنة ، كي تكتمل عملية خنق الإقتصاد العراقي وإبقائه إقتصاداً إستهلاكياً و ريعياً أحادي الجانب .
إذن لاداعي لإلقاء اللوم على البنك المركزي حول تذبذب قيمة الدينارالعراقي ، لأنَّ المشكلة تتموضع في القوى السياسية المهيمنة على السلطة !
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟