أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد السعدنى - الإنتروبيا من العلم إلي السياسة















المزيد.....

الإنتروبيا من العلم إلي السياسة


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 06:13
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ألا تري معي أن مصر بعد ثورتنا العظيمة قد حولها‮ ‬غباء الإعلام وانتهازية الساسة إلي مسرح اللامعقول والفوضي،‮ ‬فبدا النيل العظيم بحيرة آسنة تطفوا علي سطحه أسماك ميتة تشغلنا بأسئلة الإدانة والإهانة والتخلف والطمع عن أسئلة العدالة والتقدم والمصير.؟‮ ‬‬‬‬‬‬‬
إن أسئلة الوجود حولنا كثيرة وقديمة وأبدية والطبيعة حولنا كتاب مفتوح نادراً‮ ‬ما يستهوينا للقراءة والتدبر والتفكير‮. ‬ولقد تعودنا جميعاً‮ ‬أن نمر علي ظواهر الكون والأشياء فلا نعبأ بها ولا نتفكر كيف لهذا العالم المادي حولنا أن يستمر ويعمل ويتجدد‮. ‬نحن نري الأشياء لا بعيوننا وعقولنا وإنما بصور ذهنية كوناها بحكم العادة والتكرار فأصبحنا من خبراتنا وتجاربنا نعلم أنه يمكن لورق الشجر والخشب والفحم والزيت أن يشتعل في الهواء بينما ذلك لا يحدث مع حبات الرمال أو مكعبات الثلج‮. ‬واعتدنا أن نري أمواج البحر في مد وجذر بينما هذا لا يحدث في النهر،‮ ‬ورأينا عشرات المرات كيف تمزق الجسم الصلب للسفينة‮ "‬تايتانيك‮" ‬عند إصطدامها بجبل الثلج وإذا بها تغرق،‮ ‬ولم نتساءل ولماذا لم يحدث العكس فيلتئم جسم السفينة الصلب تحت المياة وتطفو من جديد‮. ‬ألم تسأل نفسك مرة لماذا مكتوب علي كل الكائنات الحية أن تموت يوماً‮ ‬ما؟ وغيرها أسئلة كثيرة ربما دارت في أذهان العلماء ولم يخطر علي بالك يوماً‮ ‬أن تعيرها اهتمامك وأن تفهم لماذا تسقط التفاحة من الشجرة ولا يحدث العكس،‮ ‬ولم تسأل نفسك لماذا يشيب الولدان ويموتون،‮ ‬وكيف نشعر بمرور الزمن ووقع أقدامه علي أجسادنا وجوارحنا والحياة حولنا دون أن نراه أو نلمسه‮. ‬إنها قوانين الحياة والطبيعة يا عزيزي وأنت تشاهدها آلاف المرات دون أن تقترب من معانيها ودلالاتها‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
هناك من قوانين الطبيعة ماهو محتوم علينا طاعته حتي يمكننا أن نعيش،‮ ‬ومنها ما يتوجب علينا مقاومته حتي تستمر بنا الحياة‮. ‬وعليك أن تعرف أنه ليس هناك واحدة من المتراكبات الكيميائية في أجسادنا أو الداخلة في تكوين الأشياء التي نحبها ونألفها حولنا،‮ ‬يمكنها أن تبقي وأن تستمر حتي ولو جزء من الثانية ما لم يمكنها مقاومة القانون الثاني للديناميكا الحرارية وإعاقة قابليته ورغبته في التحقق والحدوث‮. ‬القانون الثاني للديناميكا الحرارية‮ " ‬الثرموديناميكس‮" ‬هو سر الأسرار الذي أكتشفه العلماء وقننوا له في منتصف القرن التاسع عشر،‮ ‬منهم كلفن وجول وكارنوت وغيرهم‮. ‬إنه القانون الذي يفسر معظم هذه الظواهر،‮ ‬ليس هذا فحسب وإنما يمكنه أيضاً‮ ‬أن يفسر مفاهيم استقرت في وجدان الناس وأذهانهم عن الإقتصاد والإجتماع والسياسة أيضاً‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
القانون الثاني ليس مجرد فكرة علمية‮ ‬غريبة وإنما هو معني بتفسير كثير من الظواهر وكل ما تقع عليه عيوننا وأبصارنا،‮ ‬وربما لاتدركه بصائرنا وأفهامنا‮. ‬فإذا كان القانون الأول للديناميكا الحرارية هو قانون بقاء الطاقة،‮ ‬ذلك أن الطاقة لا تفني ولا تستحدث من عدم،‮ ‬هي فقط يمكنها أن تتحول من صورة إلي أخري،‮ ‬وأنت تري ذلك كل يوم إذ يحول دينامو سيارتك طاقة الحركة إلي كهرباء،‮ ‬بينما يحول الموتور طاقة الإحتراق داخله إلي حركة،‮ ‬وهكذا‮ .. ‬أما القانون الثاني فهو يشير إلي أن الطاقة تميل تلقائياً‮ ‬لتنساب من حيث هي مركزة إلي أن تتسرب وتتوزع في كل الأنحاء التي يمكنها الوصول إليها،‮ ‬وكأنها تفتح باباً‮ ‬للتدفق والإنتشار والمشاركة وعدالة التوزيع واللامركزية‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ذلك القانون هو ما يقيس معدلات الفوضي في النظام وفاقد الطاقة الذي يسمي معامل‮ "‬الإنتروبيا‮"‬،‮ ‬وبمعني بسيط إذا كانت طاقة أي نظام فيزيائي أو هندسي أو حتي بيولوجي هي‮ ‬H ‮ ‬فإن الجزء الأكبر من هذه الطاقة‮ ‬G ‮ ‬هو القادر علي إحداث تغيير أو تأثير أو تفاعل،‮ ‬والجزء الآخر المتناهي الصغر‮ ‬ S هو الذي ينتشر تلقائياً،‮ ‬إنه معامل التسرب وهو مقياس الخلل والفوضي في ذلك النظام،‮ ‬إنه معامل الإنتروبيا،‮ ‬وإذا ما زاد تحول النظام إلي فعل عشوائي أو فوضي تهدد كيان النظام سواء في الخلية أوالمجتمع والدولة وتشعرنا بوطأة مرور الزمن وحتم النهاية‮. ‬من هنا يأتي الخوف من المتغيرات المناخية والإحتباس الحراري وزيادة حرارة كوكب الأرض،‮ ‬لأن في ذلك مؤشر علي زيادة الإنتروبيا والعشوائية وربما نهاية الحياة‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
يزداد معامل الإنتروبيا أيضاً‮ ‬بزيادة حرارة التفاعلات وهذا ما نشاهده ونرصده في حياتنا السياسية،‮ ‬حيث تتحول الإنتروبيا إلي ألعاب صبيانية تعيق النهوض وتجهض آمال وطموحات الناس‮. ‬‬‬‬‬‬‬
إن طاقات المجتمع السياسية التي تركز علي الشكل أكثر من تركيزها علي المضمون والتي تعيد ترتيب أولوياتنا الوطنية طبقاً‮ ‬لطموحات وانتهازية جماعات التخلف والرجعية وصراعها علي السلطة،‮ ‬فتشغل الناس بصغائر الأمور وتلهيها عن كبارها وتحول قضايا المستقبل والمصير والتقدم العلمي والتنمية الإقتصادية والحضارية رهناً‮ ‬لإنتخابات رئاسية أوبرلمانية،‮ ‬ما هي إلا تكبير لمعاملات الإنتروبيا علي حساب طاقات الإنتاج والتفاعل البناء والتقدم والنهضة‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
إلي هنا أحسبك قد عرفت الآن لماذا تموت الكائنات ومتي؟ ذلك عندما تتحول طاقتها الكلية والنوعية والإيجابية إلي المكون الأصغر‮ "‬معامل الإنتروبيا‮" ‬الذي يتزايد حتي يبتلع الحياة والتدفق والتراتب والنظام‮. ‬وهكذا يفسر لنا العلم خطورة الإنتروبيا التي تهدد حياتنا العامة في التعليم والإقتصاد والثقافة والاجتماع والسياسة‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ولعلك قد فهمت الآن لماذا الأسماك الميتة وحدها يجرفها التيار وتتصدر المشهد؟ ولماذا يبدو الحمقي واثقين من كل شئ لايداخلهم شك؟‮ ‬‬‬



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع فكرى للنهضة: فريضتنا السياسية الغائبة
- إعلام دون كيشوت
- -أزمة الثورة المصرية وجيتو القاهرة المستبد- - قيامة الثورة و ...
- عندما لاتؤدى المقدمات إلى نتائجها - البرادعى يغير قواعد اللع ...
- -إن تضحيات ثائر نبيل مثل أحمد حرارة تكفى وطنا بكامله ليت ...
- -إلى مصطفى النجار والعليمى وتليمة وشكرى وكل رفاق الثورة- دقت ...
- -احتشم ياصقر فى حضرة الثوار ورموز الوطن-: أخطأ الميدان وأصاب ...
- -‬لاتزال حكومات الفشل تحاصر أحلام الشباب‮-‬ ...
- الليل تطرده قناديل العيون
- - الإنبثاق من العلم والشعر إلى السياسة والثورة-: إنما الخلاص ...
- -جيتو القاهرة المستبد واستبعاد الكفاءات والمناضلين-: رأفت نو ...
- -الأخطاء التى ترتكب فى بداية الثورات لاتموت أبداً-: إنتاج وإ ...
- الوزراء وأصحاب الرابطات الحمراء
- 9‮ ‬مارس ومشروع النهضة
- أحاديث منتصف الليل
- مصر‮..‬ وعَودةٌ‮ ‬أخري قريبة‮ ...
- راكيل وولش والنانوتكنولوجى
- الثورة ومشروع النهضة
- عندما لاتؤدي المقدمات إلي نتائجها
- البحث العلمى وإدارة المعرفة


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد السعدنى - الإنتروبيا من العلم إلي السياسة