أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - هكذا أنا















المزيد.....

هكذا أنا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3714 - 2012 / 5 / 1 - 14:55
المحور: سيرة ذاتية
    


هكذا أنا يا صديقي,أعيشُ من أجل غيري ولا أعيشُ من أجل نفسي...وأبكي ليضحك الناس على بكائي وأتعبُ من أجل أن يرتاح غيري من الناس..أطلعُ مع طلوع الشمس وأغسل وجهي كما تغسل الشمس وجهها بمياه نهر الأردن وأنام حين تذهب الشمس لترتدي ثوبها الأحمر الذي أعدته لها السماء خصيصا من أجل النوم,فعلى أكتاف الجبال رميت رأسي وفي قاع الأودية هويت بجسمي ولم أجعل في حياتي رمحا من قصب السكر إلا ومصصته بفمي ولم أترك عشبا حارا إلا وأدخلته في معدتي, فمعدتي تؤلمني ورأسي يؤلمني ومن الطبيعي جدا أن لا أهدأ فأنا مكتوبٌ عليّ إلى يوم مماتي أن أبقى مضطربا وقلقا ومكتئبا على حال الملايين من البشر في الوقت الذي لا يكترث فيه العالم بوجودي فأنا بالنسبة إلى هذا العالم عبارة عن إنسان متطرف في كل شيء في أكلي وفي نومي وفي شربي وفي طريقة لبسي لهندامي فطريقة أكلي جنونية وطريقة شربي للشاي مثل طريقة المعاتيه تستطيع يا صديقي أن تجلس على مسافة 200متر لتسمعني وأنا أشفطُ في الشاي شفطاً كأن فمي مكنسة كهربائية وطريقة ارتدائي لهندامي طريقة فيها كثيرٌ من الغرابة لأني لا أهتم بشكلي كثيرا ولا أهتم لوزني كثيرا فأحيانا يزداد وزني دون أن أشعر وأحيانا يتناقص وزني دون أن أعرف وصدقوني أنني أسمع عن وزني من الناس حين يزداد وأكون أنا آخر من يعلم وأحيانا ينقص وزني كثيرا فيخبرني بعض الأصدقاء بأنني أصبحت نحيفا وأيضا أكون آخر من يعلم,وفي بعض الأيام يصادفني أحد الأصدقاء ليقول لي :ما شاء ألله أنت في صحة جيدة ووجهك أبيضْ,وأحيانا يصادفني نفس الشخص ليقول لي:ليش صاير وجهك أسود؟ فأحيانا تكون صحتي عال العال دون أن أشعر بذلك وأحيانا تكون صحتي على غير ما يرام دون أن أشعر بذلك...لا أهتم لا بفارق الوقت بين عمان ونيويورك لعدم وجود أي علاقة تجارية تربطني بالموانئ وبالمطارات ,ولستُ منشغلا بالتوقيت الصيفي ولا بالتوقيت الشتوي وعندي ألف طريقة لأعرف فيها كم هي الساعة الآن دون أن أخرج ساعتي من جيبي,وأستطيع تحديد كافة الاتجاهات دون أن أستعمل البوصلة وأستطيع أن أعرف وحدي هل نحن في فصل الصيف أم في فصل الشتاء دون أن أستمع لنشرة أخبار الثامنة مساء فقلبي هو دليلي وحسي هو دليلي وأفكرُ بغيري قبل أن أفكر بنفسي لذلك أنا مهملٌ جدا بحق نفسي,ومشاكل الشباب العادية لا أهتم بها كثيرا,أفنيت زهرة عمري دون أن اشعر بشبابي وهو يذبل فكنت على مدى عمري متعبا جدا دون أن أشعر بأن هذا التعب ينقص من شبابي ومن أيامي الحلوة التي لم أعرف لها أي طريق إلى هذا اليوم وأفنيت عيوني بين الكتب والأوراق دون أن أعرف بأنني بذلك قد أفقد الكثير من بصري,غنيت مع المجانين وجُننت كثيراوشربت مع الحشاشين شربا كثيرا واتخذت من أحزاني مصدرا للسخرية ومشيت مع كل صنفٍ ولون وصادقت الجميع وأوفيت للجميع ولم أجد طوال حياتي صديقا وفيا ,أسلمتُ قدري لرب العالمين وأسلمت روحي وقلبي له فلم أزل على هذه الحالة إلى هذا اليوم , لا أهتم بحقوقي الشخصية أو المدنية ولكني أعتبر نفسي مسئولا عن مليون مواطن عربي أو عن الملايين من العرب,أحمل هم الجميع وأفكر بمشاكل الجميع وليس عندي أجندات خارجية ولا داخلية وكل شيء يخرج من رأسي وكل أفكاري تخرج فجأة من تحت إبطي.

هكذا أنا أتسابقُ مع الريح وأسبحُ مع الدودة وأقفز كما تقفز النمور وأخلع عن لحمي جلدي في كل يوم كما تخلع الأفعى ثوبها في كل عام, حلمتُ مرة بأنني حمامة وحلمتُ كثيرا بأنني ميت رغم أنني وأنا على قيد الحياة لا أعدُ نفسي مع الأحياء بل أعد نفسي مع الأموات لأنني لا أعيش كما يعيش الناس ولا أفكر بما يفكر به الناس وأنا من الذين يبكون عليهم الناس وهم أحياء قبل أن يذهبوا إلى غرفة الموت..هكذا أنا نذرتني أمي للشمس في فصل الصيف الحار وللطقس البارد في فصل الشتاء وكل الناس تعرفني من خلال بصماتي فأنا بصماتي موجودة في كل مكان وأنا عيوني تتراقص مثل بندول الساعة في كل الأوقات لا أعرفُ الهدوء ولا أعرفُ كيف أهدأ ولا أعرفُ الراحة مطلقا ولا أعرفُ كيف أرتاح من هم السنين ولو كان ذلك لعشرة دقائق, ويدي دائما أشعر بها وهي ترعاني أو وهي ترتعش ولا تكف يدي عن الارتعاش إلا حين أغمس أصابعي بالكلمات, هكذا نذرني أهلي فوهبني أبي للقمر وأعطاني جدا للأرض ولم يبقى عليّ إلا أن ترضعني القردة من صدرها لأكون فعلا بطلا أسطوريا أو حكاية أسطورية لا يصدقها الناس رغم أنهم يشاهدونها أمامهم..هكذا أنا أتسابق مع الأيام وأركض بين حبات المطر وما زلتُ طفلا صغيرا أخرج من بيتي إلى الشوارع كلما سقط المطر فأعود إلى البيت وثيابي مبللة وما زالت أمي توبخني كثيرا كلما رأت ثيابي متسخة من اللعب بالحارة بمياه المطر,وأفرح يوم عيد ميلادي لمدة عشرة دقائق ليس أكثر ولا أقل وباقي الأوقات أمضيها وأنا في حزنٍ عميق, لغتي غريبة وكلامي غريب وأفكاري مزعجة لا تُعجبُ أحدا يتهمني بعض الناس بالجنون ويتهمني بعض الناس بالذكاء الزائد ويتهمني بعض الناس بالمسيحية ويتهمني آخرون بالماركسية وأنا حتى اليوم لا أعرف من أنا ومن أكون ولا حتى أعرفُ من أين جئت وسأكون ممتناً لكم جميعا إذا عرفتم عني شيئا وإن وجدتموني يوما في الشوارع أبحث عن بيتي فلا تصدقوني فأنا ليس لي بيت وليس لي وطن وليس لي حبيبة قلب تغار عليّ من هبات النسيم أو من الطير الطائر,ولو عشتُ لمليون سنة إضافية فسأبقى إنسانا ضائعا ولو عشت لمليون سنة ضوئية فسأبقى محتارا رغم أنني تعمدتُ بالكلمات الجميلة وغسلت وجهي بمياه نهر الأردن ومشيت في الأرض التي مشى عليها المسيح وما زلتُ أشرب من دموعي وما زلتُ أجهل الطريق وما زلت حتى اليوم ضائعا تائها في مهب الريح, هكذا أنا عشتُ حياتي الطويلة وسأعيشها أكثر من ذلك من أجل أن أمسح بيدي دموعي ومن أجل أن أخطف من الفراشة الجميلة لونها, هكذا أنا مكتوبٌ عليّ بأن أنام وأصحو كما تصحو الشمس وأزقزق كما تزقزق العصافير, وكل الصفات التي جعلها ألله بي سيئة جدا لا تعجبني ولا تعجبُ غيري فهذا الشكل ليس شكلي وهذا العطر ليس عطري,أخذتُ من هذه الدنيا أشياء كانت ولا بد أنها مخلوقة لغيري وأخذ مني الناس أو بعض الناس أشياء كانت لا بُد بأنها مخلوقة لغيرهم ولكن الدنيا والمقادير والقضاء والقدر لا يمشي على سجية أحد ولا أحد يتمنى لنفسه أن يأخذ ما ليس له إلا إنسانا مثلي قد أُجبر على ذلك إجبارا.







#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله والعتال والبغل
- القطة تعرف الحلال والحرام
- الخنزير حيوان نافع للبيئة
- أنواع العقول
- الموت ليس خبرا سيئا
- الهروب إلى الخالق
- ماذا سيتبقى مني
- صورة المرأة المسلمة في الدنيا والآخرة
- لو يصبح العرب مثل داروين
- المرأة الطاهرة
- في الأرض التي مشى عليها المسيح
- الاغتسال والذبح على الطريقة الإسلامية
- يد فكتور هيغو
- رجم الشيطان لا يكفي
- الأحزان والهموم شيمة المفكرين
- مستقبلنا على الأرصفة
- التوكل على الله
- جلدي يحكني
- ضعف الوحدة العضوية والموضوعية في سور القرآن الكريم.
- كلمة بسيطه


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - هكذا أنا