أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - رسالة متأخرة .. الى روح صباح شرهان الكناني














المزيد.....

رسالة متأخرة .. الى روح صباح شرهان الكناني


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 3714 - 2012 / 5 / 1 - 11:30
المحور: الادب والفن
    



( مدخل )
لطالما صرخت هذه الرسالة في عنق زجاجتها ، واستقرت في قعر الأيام ذاعنة خانعة حد الصمت ، وهي تحتفي بأناتها التي حاولت أن تشق ذلك الفضاء المضبب دون فائدة .. نعم سيدي ، فلطالما كنت أهيب مواقفك وأنت تمزج خطى أدوارك مع ظلي المستحي ن لأجد فيك كبرا يشغلني عن هم الإفصاح . لكن الغريب في الأمر بل المضحك يا صباح أن العيون التي كانت تتربص بنا عادت من جديد لتشغل ذات مناصبها ، والانكى من ذلك أنها تتحدث عن نضال سلبي ، وأيام ملأى بالمواقف والمطاردات ، وراح واحدهم ينسج للآخرين سفرا من الملحمة النضالية المشرفة التي طرزت تاريخه الطويل !! ، ولكن ، لا بأس يا صباح فثمة من يحتفظ بمسلمات الأمور ، وثمة من يرصد حقيقة المواقف ، وستكشف الأيام بعد موتنا ناصع البياض وحلكة السواد وإشراق المواقف على الرغم من إفلاسنا الجديد ، فلا أخفيك من أننا أفلسنا في كلا المرحلتين .. ولا عجب يا صديق المواقف ، فان من أملنا بهم إنصافا لمواقفنا حسبوا أن بقاءنا القسري في زمن القهر والتسلط مباركة للجائر ، يا للمهزلة !! أقول ، أي إشكالية تلك التي تجعلك مفلسا في زمن القسر وزمن الإفصاح ، يبدو أنها سنة (عراقية) تتفرد بها بلادنا فقط .
( عرض )
كانت رهبة البعيد تشغلك ، وكم حسبتها نبوءة ، كانت مطولات كريغارد ، وافصاحات هوسرل ، وتوريات هايدجر تقبع في معبدك المتوحد . بينما كنت تنشر ملاحمك ، وتنتشي بضحكات الآخرين ، ذلك ما كان يحدث في أسواق صالون مجيد الكعبي ، كانوا ينشرون معاطفهم على ذلك الفضاء الذي يستجلب الضوء ، وكنت تترنم بأناشيدك الساخطة ، وترسم علامات الإلغاء غير عابئ ، مشفوع بنزق الشباب وفورة الفتوة الجميلة ، كنت أرصدك ، كنت كطفل يسهم بإيماءاته المزدحمة ، تتغالى بسارتريتك وماويتك تارة وتجردك وعدميتك والحاديتك تارة أخرى .. كنت أخشى عليك ، وأبصر بعينيك النجديتين عودة لفطرة الصحارى ، لكنك كنت تكابر بجنايتك وتطلق نابي الكلام دون أن تعبأ بمشاعر او أحاسيس .. ولكنك سرعان ما تقدم سيول اعتذاراتك وأنت تبصر نكوص سحنتي العاتبة ، وتقبلني حدّ الاعتذار .. حد البكاء .. لطالما أتذكر بعض نكاتك : (حتى بلغت سماء لا يطار لها على جناح ولا يسعى على قدم
وقيل كل نبي عند رتبته ويا محمد هذا العرش فاستلم )
كنت أتسمع لذاك الهاجس الذي يشق شخصك ، والذي يرتسم بعينيك ، وينفجر من بؤبؤك المرتجف لأجدك تتعثر بمفرداتك عندما تصل مفردات حبس الأنفاس .. كنت استمع لذلك الهاجس القابع فيك ، والقادم من مدنك الملائكية . كنت ترسم بصماتك التي تخالف حسك على أديم خارطتك البديلة ، وكعادتك تختنق من جديد بأنفاسك لتخرج ذلك البخاخ وبرقصات سريعة وهزات ترتشف رذاذا يتسابق مع مفرداتك المتحشرجة .. العبارات النابية والتشدقات المريبة التي تخترقني ، تزيد من ذلك الإطراء المنمق ، والصيحات المخبوءة التي تنحسر في الأنفس . قلت لك ذات يوم : يا صباح ، هون على نفسك ، فحتى من تمركسوا وتلينوا وتتركسوا نجد فيهم فبولا للآخرين ؟ ولكنك كنت على فطرتك وطيبتك وخلقك السامي تشحذ تصوراتك من نهر الآخر .. تغترف من بعض الابتسامات معينا ليومك الطويل ، وللذكرى التي تفيض بزحاماتها عليك . كان الليل يتقاطر على شخصك محملا آهاتك الحبيسة ، وأنت تصبها بالركلات واللعنات التي كنت تتصورها معينا لغضبك المحتدم .. كنت استبق تأملاتك ، وأنت تستدرك جموح مواقفك وتتأرجح بين الصحوة والغياب ، بين النشوة والانسلاخ .. لطالما تمنيت أن أجدك راجح الحس وأنت تغيب عن وجودك ، ولطالما تمنيت أن اصب همي فيك وأنت تعي مطلق الكلام .. إلى أن هاجرت بصمت تاركا لي غصة بحجم العمر ورسالة بحجم الزمن .. كانت عيونك تعاهدني بالعودة إلى فطرتك ، وكأنك كنت تعي حسم أجوبتي .

( خاتمة )
أي تحول مكوكي اسمعه ، وأنت تعود إلى دائرتك الحقيقية ، وأي مرحلة جديدة قادتك إلى ذلك الزهد الكهنوتي وأنت تفيض من سمو ذاتك .. سمعت أن معاولك كانت غاضبة وأنت تهدم صومعة الطقوس وتقتلع شواخص الأصنام التي انتصبت فيك .. وأي حضن دافئ ذلك الذي ارتميت فيه وأنت تنسف تاريخا من العدم المفعم بالهيام .. لتعود لتحمل آهاتك لتصبها في أزقة الفطرة التي ارتميت بها ، كنت أدرك يا صباح أن نزوة الشباب تتضاءل صاغرة أمام سطوة العمر .. كنت اعي أن الأيام دول ، وان كلام الخيال لا يرقى إلى رجاحة العقل ، وان حلكة السواد توارت خلف ذلك الليل الدهيم والذي لم يكن إلا بياضا أسهم بالنصاعة فحسبناه سوادا وهو البياض .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد اليأس ... الى روح صباح شرهان الكناني ثانية
- أخيرا توقف صياح ديك الجن
- العود الأبدي في رواية ( بقايا بيت العطفان ) للقاص خالد علوان ...
- محمود عبد الوهاب ( غربة الثلج .. وحدة النار)
- طوافات عرفانية (4) التيه
- طوافات عرفانية (3) الوصول البعيد
- آخر الدواء الكي .. آخر الحلول الأدب
- طوافات عرفانية (2) لذة الحيرة
- طوافات عرفانية (1) صوم الكلام
- فاضل حسن الكعبي ..غربة الموت أم موت الغربة
- وقائع الجلسة المفتوحة التي عقدها مركز معلمات وتطوير الأعمال ...
- طفوف (6)
- شهادة لآخر الجنود المنسحبين
- طفوف (5)
- اخيرا مات محمود واقفا
- طفوف 4
- طفوف (3)
- طفوف (2)
- طفوف (1)
- كتاب الحوارات - لعبة التضاد


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - رسالة متأخرة .. الى روح صباح شرهان الكناني