أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الشمري - اربعون خطوة كسيحة في تاريخ الشلل!!















المزيد.....

اربعون خطوة كسيحة في تاريخ الشلل!!


ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 3712 - 2012 / 4 / 29 - 14:37
المحور: الادب والفن
    


عاشت ذكرى ايار خالدة في الضمائر والمجد للعمال في عيدهم المجيد...
ولتبقى راية الكفاح مرفوعة متفائلة ومناضلة ومنتصرة ولتكنسنا نحن الادعياء تمثيلهاوالذي لم تحصد منه سوى الاحباط والخيبة والخذلان!!!....................
........................................................................................................
وقف خليل بباب البار,ثم حدق قليلا في العتمة امامه.اخرج يده من جيب سترته البالية,ودفع الباب ثم دخل.كان البردقارصا في الخارج.فليالي كانون مرعبة ,لاترحم من يقع في قبضتها.والشتاء فصل عدائي تجاه الفقراء .هنا شيء من الدفء.المكان يزدحم برواده المزمنين.تطلع بعيون مترددة ينسكب منها الذل بوجوه الجالسين.وجوه متشابهة,كوجهه هو.كئيبة بليدة نالت منها سنوات الكدح من اجل الخبز المغموس بالمهانة والعرق.كانت العيون الزجاجية تصطدم في لحظة انتباه بهيكل القادم الجديد ثم تشيح عنه مرتدة لوضع الذهول...تقدم بخطوات متثاقلة نحو منضدة خالية في ركن منزوي.جلس بأسترخاءوزفر من فمه بعمق وشدة,وكأنه كان يحمل شيئا ثقيلا ثم القاه..لم يكن ارتياد البار بالنسبة لخليل امرا نادر الحدوث,اوغير مألوف.بل كان اشبه بطقس وعادة متبعة وبأستمرار..فكل يوم خميس لايذهب خليل الى البيت.بل يعرج على احدى بارات بغداد القديمة ليشرب الخمر حتى فقدان الوعي..انه الفرض الذي لم يتقاعس عن ادائه كل نهاية اسبوع.وبعد ان يترك العمل منهكا من نهار حافل بالتعب طويل كأبدية فقره,لايكف فيه عن معانقة الصوف والقاه في ماكنة النفش ,كن يطوي في ذاكرته ايام الاسبوع قبل ان تمضي حقيقة متشوقا متعجلا لقدوم يوم الخميس!اليوم الموعود الذي يذهب فيه الى حيث ينسى ذهنه المكدود هموم وبؤس البشر..سنين من الانسحاق المضني الذي كان يشوه تفكيره,وينزع انسانيته في اتجاهات راكدة مظلمة تتعارض مع جمال الولادة!...جاءه عامل البار وابتسامه كريهة تغطي وجهه الاحمر.وقف امامه وقال بلهجة واضحة التملق:كألعادة ياعمي خليل؟..اخرج خليل علبه سجائره ووضعها على المنضدة,وبعد ان هز رأسه علامة الايجاب!...ولتحيا العادة!!..(استرخي ياخليل..ولتتهيأ للاستمتاع بلحظات النشوة والنسيان..فلقد تركت يومك هذا وكل الايام الماضية,بل وعمرك كله خارج الباب عند وصولك!!ماذا؟؟هل دخلت ورائك؟!ربما!ولكنها لن تجروء على التحرش بك!او اقتحام رأسك الصغير المتعب!!فأنت الان خارج الزمان والمكان!في مستنقع الذهول والوحدة القارصة,والويل للذكريات لو قفزت لعقلك!...انظر..انظر امامك,وركز نظرك على ماحمل اليك !زجاجة الخمر المباركة!جاءتك محمولة كعروس مغناج تتمنع في ليلة زفافها!!ابدأ يا خليل!رطب شفتيكالمتيبسة بطعم الحرية اللاذع..الحرية الذائبة في قعر الزجاجة!لاكانت العبودية!!لن تخطر على بال احد الليلة!فليس ثمة من ينتظرك!!حتى امك العجوز لفها النوم برحمته..ولاتعرف عادتك ,واسباب تأخرك المعتاد كل خميس ..لابد انها نامت الان.واستسلمت للكرى بذهن خالي.ولامبالاة عذبه..كثيرا ما استهوتك,فقد كان يسحرك هذا البرود.وهذه الاستكانةالمنطوية في طبيعة امك!!ولكم كنت تود لو ملكت هذه الروح المنكمشة..فالنفوس المشلولة لاتعرف التمرد او الثورة!!واقع ظالم متأصل ياخليل!ارتضته كمشيئة غيبية مجردة تتحكم بالمصائر والاقدار!انها الحكمة الكسيحة التي توارثها الخلف عن السلف!فما بالك لاتؤمن بها ؟؟!!تخدع ذاتك بسحرها!وتكيف مشاعرك,وافكارك حسب قواعدها,ونواميسها المشرعةفي السماء!!!لاتستطيع؟!ومن ذا يستطيع الجلوس فوق فوهة بركان في سبيله لقذف حممه الجهنمية!!تفو على هذا الوجود الاخرق!!لكنك يا خليل لحسن الحظ او لسؤه فلا فرق!تجلس الان في مكان يتحول فيه كل شيء الى انبهار طفولي يمزق احتمال وجود زمن لاتغيب فيه الشمس!زمن النهار الزاحف نحو الكمال!!آه يا خليل..آه لو تقوى على تحويل عادتك الاسبوعية الى برنامج يومي!آه لوتفعل ذلك!لوتفعله!لكان الصوف عروقا يجري فيها دمك بتدفق لاينضب ليعطي الحياة في رمة الماد الاولية التي يصنع منها قمش المترفين!!!ولكنها آمال خائب!ياخليل احلام سكير حقير عاجز عن تحقيق ماهو ضرورة!ناهيك عن بذخ منتحر!!فأجرتك لاتسد الرمق!وتأجيلك المستمر لشراء معطف لعوزك,وضروفك الخانقة.تمدك بالصبر المرغم!في الشتاء القادم سأحصل عليه!المعطف الدافيء!معطفي العزيز..شتاء يمضي ويعقبه آخر!العمر كله بات شتاء قارص طويل!الحياة نفسها باتت شتاء رمادي !والموت هو الصيف وشمسه الدموية!)....كانت الزجاجة قد كفت عن سكب ماءها السحري فلم تعد تساوي شيئا لانها فارغة!كمومس قديمة استهلكها الوقوف عند واجهات المخابز!!فاصبح مستحيلا ان تغري اي خباز!!!كن جسمه قد بدأ ينجذب الى الكرسي بثقل غير عادي.ورأسهيتجه متعارضا مع الانجذاب في حركه متماوجة ترتفع كسحب الدخان!...فتح عينيه ونظر بأتجاه البار ثم حرك يده بصعوبه,فاتخذت وضعا افقي ,فرسم بذلك تحية ضابط نازي شوهت انضباطيته حالة السكر!!.......لمحه عامل البار فهرول مسرعا,وبحكم مهنته ادرك مراده:وهو مزيدا من الخمر لملك الخميس والصوف!!!في تلك اللحظة كان الانفصال بين _انا القيمة وانا اللاشيء_ قد بلغ ذروته!فقد اهتزت الفكرة اليتيمة! وتزعزعت اركان الصورة الحلم!!وحل الاستغراق الذاهل ..وغمر كل ممكن.واندثرت الاساطير وحقائق التاريخ!!...كان في قمة الانتشاء.فقد شرب مافيه الكفاية..ولكنه كان يرغب بالمزيد!مزيدا من السحر واليأس!بلوغ الذروة القصوى في رحلة التلاشي بأحضان هذا الجحيم!!...المعنى يكمن في بيوت العناكب!!منذ زمن بعيد تحجر الحلم في القلب!!وشاخت امآل الاطفال المسروقين!بين خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء!بل ثلاثة وربما اربعة خطوات!!!فالأرتداد والنكوص نصب خيامه! ولا امل في انتظار( المنتظر)!!انتظار (جودو)الفارس لاجودو البرجوازية!!...الجميع رقص رقصة الاقنعة بدون اقنعة!!بعد ان كانوا يهتفون من فوق منابر الحق المقدس والتي نخرتها الجرذان!!!(من اجلك ياخليل انت وامك!من اجل طبقتك المهشمة والمتشظية !الشعب !نعم الشعب .وعد بالسعادة العميمة!!مضى الوعد!وظلوا هم كشاهد كريه على غياب الآتي الذي مازال غائبا!!ونحن ننتظر ياخليل!ننتظر بيأس وصبر حتى سأم الصبر منا!! امل نبيل وجدير بالتحقيق لم يتحقق!!!!اشرب ياخليل! اشرب حتى فقدان الوعي..فما قيمة وعيك في غابة مظلمة تتشابك فيها الاشجار كقضبان السجون الباردة!!...ما اقذر النظافة في بركة آسنة تزهو بها العفونة!!اشرب ..اشربفكل(بروميثوس)ظهر ,ترك الشمس وسار حاملا كأسه وراء(باخوس ) و(ديونسيس)!!كعبد ذليل!!...اما انت ياخليل:فالصوف ينتظرككل الايام حتى اخر تنبض فيه عروق جسدك بالحياة!..سلسلةلاتنقطع مادمت بحاجة للخبز لتقذفه لمعدتك التي لاتكف عن الهضم!!انت وامك لن تبلغا الجديد!بالاحرى لن تراه !ربما اجيال قادمة ستراه بعدك!...الوعد المندحر تعسرت به الولادة..وسقط الجنين ميتا!!!..لاجديد يا خليل في زمنك هذا سوى موتك على الاقل!!تجربة وحيدة غامضة في خاتمتها وبسيطة واضحة في بدايتها!!)....نهض من الكرسي بتثاقل .وكأنه في قفص اتهام!!..شعر ببرودة تسري في اطرافه وبعد جهد وصل الى الباب....مع السلامة عمي خليل!!...لم يرد خليل على تحية عامل البار التي كانت اشبه بالاهانة المهذبه!...كانت اضواء الشارع تبهر عينيه وترسل سهاما من ابر مشعة تنغرز في حدقتيه الواهنتين...سار مترنحا على الرصيف مجموعات من الناس كانت تسير باتجاهات شتى..صورة باهتة لمدينة تركع لغزو ليل كثيف...صعد خليل الباص الجاثم بموقفه وكأنه جدار من طين!............................................................



#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القراءة الخلدونية(طبعة جديدةومنقحة)!!!
- الامارات الكلبتوقراطية المتحدة؟؟؟؟!!!!!!!
- فنجان طالع(المستقبل)المهشم!!!
- حكاية للاطفال قبل ان يناموا!!!!!
- السقم والضنى والكدر!.....
- أنا وهم!!..ديالوج شيزوفريني!!!
- الداروينية الشرقية!!
- اخرسي سيدتي
- كرنفال الاقنعة
- دعاء غير قابل للأستجابة
- لوكنت....لاكنت لوكنت؟؟
- اوديسا الكهرباءالعراقية (رحماك يااديسون)
- مملكة هاملت(البدوي)
- سيدتي حواء تغادر الفردوس
- جمهورية حنون الثيومقراطية؟؟
- هجران
- بساتين الجثث
- فنجان قهوة للطغاة
- من نحن؟مرة آخرى...درس اثنولوجي لاقوام منقرضه
- حلم مؤجل(بأنتظار الطوبى ترنموا وناموا)


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الشمري - اربعون خطوة كسيحة في تاريخ الشلل!!