أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عبده ماهر - التشرد الفقهي















المزيد.....

التشرد الفقهي


أحمد عبده ماهر

الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 18:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التشرد الفكري
الفرق بين اتِّباع النبي وتقليده

سبق وذكرت بأن الذين يتبعون الهيئات والشكل وظاهر الكلمات من القرءان والسنة إنما هم في غفلة فكرية ورِدَّة حضارية، فحين تجد رجلا يأتيك متهللا ليهديك بلفافة من عود الآراك [السواك] وقد جلبه من السعودية باعتبار أنه سُنّة عن النبي في تنظيف الأسنان وبخاصة قبل كل صلاة، فاعلم بأن عضلاته الفكرية والإدراكية مفتولة رغما عنه، فأمثال هؤلاء يظنون في أنفسهم القوة الفقهية بينما هم يمثلون حضيض التخلف الفكري، وهم يتصورون بأنهم سلفيون لكنهم أبعد الناس عن الصحابة الأجلاء
الذين كانوا لا يقفون عند حدود وظواهر النصوص بل كانوا يحكمون بلب وأهداف النص القرءاني، أو الحديث النبوي.

لكن أساطين أهل الدعوة ببلادنا أصابتهم بلادة التقليد، فهم لا يفرقون بين التقليد والاتباع، كما لا يفرقون بين الساعة والقيامة، فلا تعجب إن رأيتهم وأساطين من يسمونهم علماء يتصورون بأن حلق اللحية حرام، بل منهم من يُفتي بأن تمتد تلك الحرمة إلى الحلاق الذي يُقدم على حلاقة شعر ذقن الزبون، وهم يرون في ذلك بأنهم سلفية من الدرجة الأولى.

لكن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا بهذا البله، فالصحابة فهموا من قوله تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31؛ أن المطلوب ليس التقليد، لكن الاتباع، وشتان الفرق بين التقليد والاتباع، لذلك ترى جحافل المقلدين وقد قصروا الجلباب وأطلقوا اللحى وتختموا بخاتم زواج من فضة لأن الذهب عندهم حرام، وتنقبت نساؤهم، وقست قلوبهم، وصاروا قطعانا لا تفكر ولا تتدبر، ولكن تُقلِّد تقليدا أعمى، وتجدهم حالمين يرفرفون ويحلقون ـ بمشاعرهم الطيبة والساذجة ـ في سماء شيدها لهم علماؤهم ودعاتهم، ويظنون بأنهم أتباع السلف، وأنهم من أهل الله وخاصته.

وهم بمناهجهم في التقليد الأعمى يرتوون من شعار [لا اجتهاد مع النص]، ويقولون [ صحيح المنقول قبل صريح المعقول]؛ مع أن أصل شريعتنا أن نجتهد ونتدبر، وهي شريعة لأولي الألباب، وآياتها لقوم يعقلون ويتفكرون، لكن هيهات أن يُدركوا هبوط ما هم فيه من إدراك لمعنى كلمة [ نص ] ومعنى كلمة [ سُنّة ]، فهم يقرءون تلك الآيات التي تؤكد دور التعقل والتدبر، لكنها لا تروي عقولهم الكليلة عن الفهم، فهم تماما كالذين قال الله عنهم: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة31.

وهم لا يشعرون حين يخالفون كتاب الله لطاعة فقيه أو اتباعا لحديث نبوي أنهم يقيمون إثما كبيرا، فالله تعالى يقول: {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }الأعراف3؛ فالانقياد التام للشيخ بلا تمحيص ولاية مذمومة، والانقياد للبخاري فيما خالف به القرءان ولاية مذمومة، وطاعة كل ما جاء بصحيح مسلم ولاية مذمومة، وهذا من الشرك الذي يحذرنا الله منه، لأن هؤلاء المنقادين يقدمون فقه الرواية على فقه الآية لذلك فهم مشركون وإن قالوا لا إله إلا الله ألف مرة.

والذين فرحوا بأنهم سلفيون يقلدون السلف رغم اختلاف الحضارة بيننا وبين السلف، بل ويفرحون بأنهم كذلك، ويتعجبون منا كيف نستهجن مسلكهم، أذكر لهم قول ربنا تبارك وتعالى [ .....ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون].

فما أمر سيدنا رسول الله بالسواك إلا لنظافة الأسنان وصيانة نعمة الله علينا فيها، فظن أصحاب الغبار الفقهي المقلد بلا عقل أن السنة في عود السواك، لذلك تجد أكثرهم يتسلحون به، ويستخدمونه بصورة فيها كل العته عن علم النظافة بل وعن الحضارة، حتى اخترع لهم بعض الأذكياء معجون أسنان اسمه [مسواك]، لا لشيء إلا استغلالا لفرط جهلهم بمقاصد الشريعة، والذين يدّعون أنهم سلفيون يفعلون ذلك لا لشيء إلا لأنهم لا يعرفون الفرق بين الاتباع والتقليد.

فهم كأسلافهم من فقهاء الأمويين الذين فهموا من قوله تعالى مرادا غير مراد الله، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6؛ فتصوروا بأن الله ينهانا أن نتناول خبرا من فاسق، فقاموا بتبين حال الذي أتى بالخبر، أيكون فاسقا أم صالحا، وشيدوا لذلك ما أسموه علم الرجال الذي راحوا يطعنون فيه في هذا وذاك ويغتابونهم ويظنون بأنهم مهتدين، وتصوروا بأنهم ينفذوا أمر الله، وراحوا يمتنعوا عن خبر من يظنونه فاسقا.

بينما لم يأمرنا الله بالآية المذكورة أن نرفض خبر الفاسق ولا غير الفاسق، إنما أمرنا بالتبين حتى وإن كان من جاء بالنبأ فاسقا فسقا مشهورا، فهو التبين من حقيقة الخبر وليس التبين من المُخْبِر للخبر، والتّبَيُن فريضة إسلامية، فهذا ما أراه صالحا ولا يتناقض مع باقي آيات كتاب الله التي حرمت الغيبة والنميمة ولمز الناس وهمزهم، فهذا كاذب وذاك شيعي، وآخر كذا وكذا، ثم نقول صنعنا علم الرجال، فياليتكم لم تغتابوا الناس وتذمونهم وتشهروا بهم إلى يوم القيامة بزعم ما تسمونه علما لم تتفقوا فيه.

وحين قال سيدنا رسول الله [ تسعة أعشار الرزق في التجارة ] لم يكن على عهده صناعة ولا بحث علمي ولا مخترعات من تلك التي تقوى بها اقتصاديات الدول أكثر من التجارة، ولعله صلى الله عليه وسلم، علم بأننا شعوبا كسولة، وأن تسعة أعشار رزقنا سيكون من تجارة البترول، أي الإنتاج الريعي وليس الإنتاج العلمي والتقني. فهل نترك الصناعة ونعمل جميعا بالتجارة كي نكون على سُنة الملتحين، وهل نمنع إطلاق اللحى لغير المسلمين لأنها سنة المسلمين، كما كان السلف يجبرون أهل الكتاب على ارتداء لباس بعينه تحقيرا لهم، أليس هذا من فقه السلف الذي نادى به ابن تيمية والشافعي من قبله، هل أمر الإسلام بهذا الذي قال به السلف وأئمة السلفية؟!.
ولكي نفهم أكثر الفرق بين التقليد الذي يدعو إليه الدعاة، ومن يدعون السلفية، والاتباع الذي أراده الله في كتابه، أضرب لكم هذا المثل:

هب أن معلمك لقيادة السيارات وهو جالس بجوارك أمرك عند الكيلو 33 طريق مصر اسكندرية الصحراوي بتهدئة سرعة السيارة لأنه شاهد حمارا يعبر الطريق، فالذين يقلدون تجدهم كلما مروا عند علامة الكيلو 33 يقومون بتهدئة سرعة السيارة، لأن المعلم قال هذا، بينما الذين يتبعون لن يهدءوا من سرعتها إلا إذا وجدوا خطرا، وعند أي علامة كيلو متر، وبهذا الطريق أو غيره، بما يعني أن التقليد يكون أعمى أما الاتباع يكون بتدبر وتعقل الأهداف.

وعلى ذلك نقول لكل الملتحين، ومن قصروا الجلباب، وأصحاب السواك، والمنتقبات، والمؤذن الذي يتلفت يمينا بالأذان حينما يقول حي على الصلاة، ويسارا حين يقول حي على الفلاح ويضع إصبعيه في أذنيه وهو يؤذن، والذين يصممون أن يكون منبر المسجد ثلاث درجات فقط، والذين يقومون بتحريك أصبع اليد حين يقرءون التشهد بالصلاة،.... والذين....والذين، كل أولئك عليهم أن يراجعوا طريقة إدراكهم للأمور، لأنهم صنعوا أصناما وظلوا لها عاكفين، سواء أكانت أصناما من كتب، أو أربابا من الدعاة، أو طقوسا يقومون بتكرارها وهم لا يفهمون مغزاها، فكل أولئك لابد وأن يجددوا إيمانهم لأنهم مشركون، والله تعالى يقول: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }يوسف106.

فالصنمية ليست منحصرة في أصنام من حجارة أو عجوة، فقد تكون كتاب البخاري أو غيره، والمشايخ الأرباب ليس بالضرورة أن نعبدهم، لكن نأتمر بأوامرهم المخالفة لدلالات كتاب الله، أما الطقوس فهي تلك الحركات والتحركات والأقوال التي نقوم بها ولا ندرك ما هيتها ولا حقيقتها ولا مغزاها ونقول بأنها عبادة نتقرب بها إلى الله، فلسنا في جبلاية القرود، وكل من يعبد الله بالتقليد فهو قرد إلا إن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة [ المعوقين ذهنيا ].

فإذا أضفنا لذلك فتاوى مشايخ السلفية من عينة مضاجعة الوداع والسماح للرجل بمضاجعة زوجته بعد وفاتها، ومنع نوم المرأة بجوار الحائط لأن الحائط مذكر وهي أنثى وقد يقع عليها فتحمل منه، وفتوى ضرورة قتل ميكي ماوس لأن النبي أمر بقتل الفئران في الحل والحرم، وجواز أكل لحم العفاريت، وحدوث الإخوة والتحريم إذا ما رضع الصغيرين من جاموسة واحدة، وأن يقول أحدهم بأن وجه المرأة كفرجها، وغير ذلك من الأمراض العقلية التي تؤكد ضرورة الاستغناء عن هذا المستوى الفكري بأكمله حتى يحفظ المرء على نفسه عقله ودينه
لذلك أرجو أن يتحرر العبيد وأن يقوم الناس بالناس ولتفهموهم تلك الأمثلة التي ذكرتها حتى يفيقوا من تلك الإغماءة التي يبثها فيهم مشايخهم، لأنهم يشدون أمتنا لأسفل سافلين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي



#أحمد_عبده_ماهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عبده ماهر - التشرد الفقهي