أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - القيامة بصياغة بشرية















المزيد.....

القيامة بصياغة بشرية


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3708 - 2012 / 4 / 25 - 22:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القيامة بصياغة بشرية
كتب مروان صباح / رأيتهم كيف ينامون مغمضين العين شيء غريب ، صحيح .. نعم .. لاحظت ذلك ليس مثلنا يا أخي فنومنا غزلاني كأننا عرفنا قبل أن نأتي إلى الحياة هناك من يتربص بنا دائماً ومسيرنا حتمي الافتراس ، لهذا بِتنا ننام بعينين مفتوحتين كلحظة الرحيل التي يواجهها الإنسان عند الموت من شدة الانتزاع لخروج غير مرغوب إلى مجهول معدوم المصير وعينين شاخصتين مفتوحتين حتى يقترب من يتجرأ بخطوات فيها من الحذر لِما يحمل من ظن أنه معرض للرحيل عند ملامسة يداه وجهه الأخير فيغلقهما وبدنه يرتعش دون أن ينطق بحرف .
رغم أني في الجنوب إلا أن حجم انفجار بيروت وصلني من شدة صراخ الناس قالوا لقد ضُرب مقر الختيار في الفاكهاني حين عودتي من مجسدٍ قابع منذ البداية عند رمال شاطئ صيدا الذي لم يعرف بحرها إلا أمواج محملة بالغزاة تتسابق نحو رمالها فمنها تمكث وأكثرها تعود من حيث جاءت محملة على الأكتاف ، كانت الجمعة كالعادة يجتمع فيها الناس لكنها هذه المرة بلا سكينة الجميع حائر وخطوات تشبه الهرولة بلا عسكر وقلة تركض وسيارات اسعاف تحولت بقدرة قادر إلى أشبه بطائرات أف 16 لشدة الإصابات كأنها القيامة دون عدالة وصورة لا رائحة تنافسها إلا دخان متصاعد من أعماق القذائف تلاحق ظلال البشر تؤكد على تلك الجثث الهامدة التي اعدمت ، أحاول أن أكون خارج دائرة التخبط والهلع النابع من قوة الحدث أمشي بخطى ثقيلة تصل إلى درجة الثابت وأتذكر بأن قبل لحظات قليلة تجرعت وجبة أثقل من خطبةٍ مليئةٍ بالتحديات ولكوني حامل الراية لسنوات بات الموقف لا يحتمل إلا أن تنفض الغبار التي علقت لكثرة الحراك المتداخل ليبدأ العدّ التنازلي في مواجهة المؤجل ، رسمت على وجهي ابتسامة خفيفة كي أهدئ من روع من يلتف حولي وألتف حولهم في وقت تتشابك الأرواح المتباعدة وتُنَقىَ الأحقاد وتُغّسل الضغينة أمام محرقة يعرف بادئها اشعالها لكنه جاهل في اطفاءها ، أنظُر إلى السماء لكي أدعو الله الواحد القهار من أجل استراحة قصيرة تمكنني في الوصول إلى حيث أريد أُشاركهم الموت الجماعي لكن دعوتي لا تجد سبيل الاختراق لكمية الطائرات التي تحولت قذائفها في صيف حارق وابلٍ من الأمطار وأشخاص يقفون على جانبي الطريق يزودوننا بشهادات عن وقائع ذاتية ممتزجة بالعام تجعلنا أن نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً ممتداً من تحدي شرس للحظة عصيبة في أرض تراجعت مساحتها حتى الضيق لتصبح كظل رمح في عراء صحراء ، كأننا نقف عاريين بين السماء والأرض ننتظر الشقيق الأكبر وأخوته في مخاض عسير لصحوة تكون قبل الرحيل حتى لو جاءت زاحفة كالسلاحف في هذا التوق البطولي إلى الحرية ، تابعت المسير حامل قنديل الحق أبحث عن الحقيقة في عز الظهيرة تتلاش الرؤية لكثافة الغبار الأسود لقنابل تستخدم أول مرة في حقل تجارب بات حاضراً دون أن يئن لأنهم تجاسروا على الجهر لألم العظام المحترق ، لم تكن هذه المرة الأولى التي نواجه فيها مثل هذا الجنون القذر مدركين بأنها لن تكون الأخيرة طالما أننا مصرون على اعادة الجغرافيا المسروقة في وضح النهار لشهود تعاموا عن السارق ، لكن المشهد أصبح قاتم يصعب تحديد الخطوة القادمة أفتش عن عربي يساند كتفي لا أحد هناك غيرك أيها العربي المغدور أعيد جمع قوتي أمسح عيني لم أجد سوى أنفي الكبير الذي يدل على أني عربي قحّ أسترجع جميع الخطابات الأولى بعد الانقلابات بأن فلسطين هي القبلة التى تحدد صدق من أستولى على السلطة ، لوقت بُوغتت أصحاب الخُطّب الرنانة في غيبوبتهم وجاءت فرصة نادرة والأولى من نوعها بعد هزائم متعددة لأخذ الثأر وإعادة الكرامة إلا أنهم حرصوا على السير جنب الحائط ويا رب السترة معتقدين انطلاقاً من قراءات أفقية أن المرحلة لا تزال قيد التشكل وأن ما يسود من متغيرات ناجم عن حالة انتقال مفاجئ من مرحلة كانت تبدو إعداد ومستقرة بقوة العادة رغم أن بعض الاستقرار في رأينا هو استنقاع بينما من كان يجتاح البر والبحر كان على يقين بأن هؤلاء قد لصقوا في كراسي الحكم وأن اصواتهم لن تتجاوز الهمس إن كان مسموحاً وهو على الأغلب محظوراً .
لم أعد أتساءل متى أصل لمن أجلوا موتهم الجماعي كي تكتمل الحلقة لأن المشهد تحول إلى ندب على أغلبية الموتى وجدار صوت يلازمني وصاروخ يتعقبني منذ ولدت وطائرة يقودها طائر يكرهني علماً أنني لم ألتقي به يوماً لكنني بت أجاوب على اسئلتي ما قيمة الوصول ما دام الجميع في العراء ينتحر أمام اسطول من الطائرات ، انتقلت على الفور لا .. لا .. لا بد أن أصل كي أضمن من يواريني تحت التراب أو نتبادل المواراة بعضنا البعض في الدفن وأخذ العزاء وإلصاق البوستر وكتابة النعي على صخرة عكا المجرورة بغواصات الغزاة بينما العربات البيضاء الغارقة باللون الأحمر تُسعف من يلتقط أنفاسه الأخيرة تمرّ عربة أخرى لونها مجهول لحجم سماعة الصوت التي تحملها تبشر المواطنين بأن المنازلة الكبرى باتت على الأبواب وعلى الشباب حمل السلاح بدعوة غير معلنة للتحرك نحو البحر الهائج لأمواج وصلت إلى الطابق الخامس غسلت النوافذ الزجاجية بماءٍ مالح ممزوج بزيت البوارج وأزالت اللاصق الذي يحميه من التهشيم ، رفعت يدي مقدماً صدري إلى الأمام أحاول أن أجمع ما تبقى من أنفاس مبعثرة على طول الطريق أشتم رائحة البحر في عودة لرياح ارتطمت بجدار العِّناد لأي تدخل في خصوصية المكان لأيدي باتت معروفة بكرهها المزمن لمن ينتمي للتاريخ ، ما دام أصبح الترجل إلى البحر في الصباح مستحيلاً ولِعلاقة يصعب لطارئ أن يضع لها حد متى شاء لتبادل الحديث ، وأمواج تحمل اسرار العباد لا تمكث عند قدمين عاريتين لامستا الرمل بل تعود إلى عمق البحر كي تحتفظ بالوعد العظيم .
وصلتُ أخيراً هنا قادم من هناك لم يعد الفارق كبير فالسماء توحدت في اللون الجديد والقيامة منفردة دون شريك والحارة حيث اسكن منقسمة بين الفرح والحزن والصورة متداخلة كالبحر والنهر لكن برزخ غير مرئي يحد بينهما ويحجب تداخل ماء الأنف المالح في دموع العين العذب ، تراجعت همتي في الاقتراب وبدأت أخطوا خطوات الكسول مستحضراً فنجاني الأول لاستبصار ما حدث في غيبتي ثم أدركت أنني أسابق الزمن فبتُ أبحث عن نجمتين من ميراث جدي الأول لتحتكا وتتضح الرؤية بانقشاع الحقيقة ، لم يكن شيء يشغلني سوى أن أطمئن على أخي المولود حديثاً في وقت لم يمنحه الغازي أي فرصة من الوقت كي يشتد صباه .
انتهى الأمر إلى ما انتهيت إليه وصلت وبقي هؤلاء يحملان ذات المشهد اقتربت نحو جدتي تضرب بكفيها على ركبتيها قلت ما سبب هذا البكاء الهستيري لماذا اللون الأسود قد توحد بين نساء عائلتنا تمكنت بعد مشقة إخراج بعض الكلمات التي تشابكت مع ذرف الدموع أن خالتي الكبرى نهاية قد انتهت مع ابنتها لبنى وأختها دينا وزوج خالتي أبو أحمد انتهوا جميعا في قنبلة فراغية اقتلعتهم بالعمارة والملجأ وبمن لجاء معهم فأصبحوا جميعاً في خبر كانَ ، لكنها بقت تردد لقد قلت لها ولم تسمع الكلام كعادتها دعينا ننتقل إلى العمارة التي بجوارنا فيها امرأة مجنونة كهذه الحرب فهؤلاء في رعاية الله وحفظه لن يمسهم مكروه ثم قالت يا ريت ذهبوا وبقيت أنا مكانهم .
آه لذاكرة لم تعطى فرصة هي الأخرى في التراكم التدريجي وليتها كانت عضو كباقي أعضاء الجسم في الاقتلاع والتركيب ، تصاعدت صيحات الشباب بقول الله أكبر حاولت التمكن من التسلق إلى نافذة الإسعاف لأجد رجل بكامل عتاده العسكري قد أسقطه رجل أخر بمدفع رباعي في عملية غرور لتحليق منخفض أعتقد أن الأسطورة لأرض بلا شعب ستجد مكان أيضاً في لبنان .
جاء رجل من زمن غير هذه الأزمنة لم ينصفه تاريخنا المنقوص قال فليحمل الجميع السلاح وليتناوب الشباب عند مفارق الحي لأن أخوتنا الأعداء يضللوننا حتى لا نفكر بإدانتهم وهم يذرفون الدموع لنشفق ونصدقهم ثم نبرئهم من تهمة التقصير التي لصقت بهم منذ اغتصبوا كراسيهم بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك فقد باتوا يشكون يعني يسرقون من الشكوى واللطم والندب والاحتجاج .
والسلام
كاتب عربي




#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توهموا الصغار بأنهم أنداد للكبار
- قبيحة وتزداد قبحاً
- عواصف تخلع النوافذ بعد الأبواب
- انتحر الحب
- الجميع متهمين على أن تثبت براءتهم
- بافلوفية
- أحياء لكنهم شهداء
- بين الأشباه والسعاديين
- أصوات بُحّت لفرط الصراخ
- منطقة الصفر
- الأردن لا يخذل من قدم وكرس حياته له
- لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم
- مهما علا كعبه ستنتقل الدولة من حكم العائلة إلى الشعب
- أنوف متدربة على الاشتمام
- الإبادة من أجل الإغاثة
- أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام
- الطغاة لا يتعلمون
- صراع ليس على الماضي بل على الحاضر أيضاً
- كلمات مكتوبة بحبر الألم
- منطقة غارقة في حوض من البترول


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - القيامة بصياغة بشرية