أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - بلاغة الإضمار في-تلك الحياة -للقاص المصري شريف عابدين














المزيد.....

بلاغة الإضمار في-تلك الحياة -للقاص المصري شريف عابدين


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3706 - 2012 / 4 / 23 - 02:24
المحور: الادب والفن
    


بلاغةالإضمار في"تلك الحياة "للقاص المصري شريف عابدين
مصطفى لغتيري
راهنت الكتابة الإبداعية و تراهن على التجريب، لأنه يتيح لها الانفلات من براثن التكرار و النمطية ، و يفتح لها آفاقا جديدة على مستوى الأشكال و المضامين..و قد نجحت القصة القصيرة جدا كجنس أدبي حداثي و حديث من خلال منجزها النصي في ربح رهان التجريب إلى حد كبير ، فنصوصها الجيدة تبدو موغلة في الرهان على تجديد أساليبها و مضامينها ، حتى أن القصص المنتمية إلى هذا الجنس الأدبي لا تكاد تتشابه ، بسبب اجتراح طرق جديدة في الحكي ، و هذا ما يجعلها مستغربة بالنسبة للذائقة الأدبية التقليدية ، التي اعتادت تنميط الكتابة و قولبتها في معيير محددة ، و سجنها ضمن نماذج معينة ، لا تبغي عنها عوضا.
من خلال مجموعته القصصية "تلك الحياة" يحاول القاص المصري شريف عابدين الدلو بدلوه في مغامرة إبداعية تجريبية ، تروم نهج طرق مختلفة في الكتابة لا تكاد تشابه مع أبدعه كتاب القصة القصيرة جدا من مجاميع قصصية.. و قد أثارني تحديدا في نصوص المجموعة ما يمكن أن نطلق عليه "بلاغة الإضمار "، فالقصة عند شريف تضمر أكثر مما تظهر ، حتى أن قارئها يشعر بأن شيئا ما ينقص القصة ، و لا بد من توفره كي تكتمل شكلا و مضمونا..و لعل تكرار هذه الخصيصة في نصوص المجموعة يؤشر على أن هذا النهج اختيار ارتضاه الكاتب لنفسه، يقول القاص في قصة "عودة" ص 15
مرتجفا يهذي
"سوف أمضي مثلما مضى
و أرتدي عباءة التراب
.. يهرول الفتى بحثا عن العباءة.
يعود مسرعا فلا يجد
سوى التراب.
إن المتأمل في هذه القصة و غيرها من قصص المجموعة سيلاحظ كثافة الاختزال ، التي تميزت بها النصوص ، و جعلت معانيها لا تمنح نفسها بسهولة ، بل يتأتى ذلك بعد تفكير عميق ، و إضافة تفاصيل يحتاجها القارئ لاكتمال المعنى ، وهذا الأمر ينطبق بكثير من الصدقية على قصة "حدس " ص 51 ، التي تحتاج إلى كثير من الحدس لاكتناه معناها المضمر ، يقول القاص
الصبح كان واعدا ، أغراه باليوم الجميل.
حين ارتفع ستار اليوم استاء.
في اليوم التالي
تطلع في وجه الصبح
...وجده ملثما.
و قد وظف القاص الكثير من التقنيات التي تخدم هدفه ، المتمثل في عدم تقديمه معنى جاهزا للقارئ ، بل يدعوه إلى المساهمة في بنائه من خلال ملء الفراغات التي تخترق نصوصه ، و قد عبر القاص عن ذلك بكثير من نقط الحذف التي لا يكاد نص من نصوص المجموعة يخلو منها ، حتى أنها في بعض الأحيان تأخذ شكل سطر كامل أو جملة كاملة، و من ذلك ما جاء في قصة " صراع" ص 41
حين هممت بقطفها استعطفتني
صارحتها بعشقي لرحيقها
همست مشفقة
لست وحدك
...............؟؟
قبلما تلفظ أنفاسها
تأوهت
فهاجمتنني
...أسراب النحل
وقد ساعد في هذا الإضمار عدم إحالة الضمير في كثير من القصص على شخص أو شيء معلوم ، بل يظل المحال عليه غامضا ، لا يمكن الجزم بهويته ، و هذا مما يحفز القارئ على الانغماس في لعبة التأويل ، يقول القاص في قصة "خلاص" ص30
أهال كل ما لديه
في الهوة السحيقة.
لم تكن لتمتلئ
سوى بما بقي:
...جسده.
و حينما تكون القصة واضحة و مكتملة في المعنى و المبنى ، فإنها غالبا ما تحتوي على حمولة إيديولوجية كبيرة ، و لعل ذلك ما يدفع الكاتب ليكتبها صريحة و واضحة ، حتى يبلغ الرسالة التي تشغل باله ، هذا عكس ما عليه الأمر إذا ما اهتمت القصة بالمصير الفردي الوجودي و النفسي للشخوص ، و من أمثلة ذلك ما جاء في قصة "أرزاق ص43 ، التي يقول القاص فيها
بحجة الحفاظ على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه فقط أيام العطلات.
اصطف الناس في طوابير طويلة عند أبواب الحدائق.
باع الفقراء أماكن أدوارهم للعشاق
و اشتروا بقيمتها خبزا.
أما بالنسببة للنماذج الأولى ، و التي يعانق فيها القاص الهموم الفردية ، فيمكن إيراد قصة "تلوث " كنموذج لذلك ، و قد جاءت في الصفحة 87، يقول القاص
كان كلما سمع لفظا نابيا
جرى و غسل أذنيه.
و كلما رأى منظرا مسيئا
جرى و غسل عينيه
نعته قومه بالكفر
و جرى الأطفال خلفه ، يقذفونه بحجارة الشارع.
فمضى نحوهم ينظف أيديهم بجلبابه.
و الدماء تسيل من رأسه.
و إذا كنا قد توقفنا في قراءتنا هاته عند خصيصة الإضمار في نصوص شريف عابدين ، فإن ذلك لا يعني أن المجموعة غير غنية بالثيمات و الأساليب التي يمكن أن تثير شهية النقاد للتعاطي مع هذا الأثر الجميل ، الذي يوفر كثير من المتعة لقارئه و يحفز الذهن على توظيف ملكة التأويل لبناء معانيه القريبة و البعيدة



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص اتفاقية تعاون وتواصل بين اتحاد كتاب المغرب واتحاد الكتاب ...
- حفل توقيع اتفاقية تعاون وتواصل بين اتحاد كتاب المغرب واتحاد ...
- أدباء الدار البيضاء يحتفون بالدكتور محمد البدوي رئيس اتحاد ك ...
- تكريم منور صمادح
- بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية
- طريق العودة
- سمفونية الفنون في مهرجان الجريد
- في أحضان توزر مدينة أبي القاسم الشابي
- الطريق إلى توزر..مدينة أبي القاسم الشابي
- تونس..الإنسان والأدب والثورة
- سطوة الزمن في ديوان الشاعر التونسي محمد عمار شعابنية -ثلاثون ...
- استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش
- -طيف اللقاء- للشاعرة التونسية نجاة المازني أو عندما تشبه الش ...
- لغتيري للمغربية : رواية -ابن السماء - معنية ببنية العقل الخر ...
- العوفي و لغتيري يتحدثان لجريدة التجديد عن علاقة الأدب بالسيا ...
- الكتاب الشباب درع الاتحاد الواقي
- اندغام الذات في الطبيعة في -ابتهالات في العشق- للشاعر نورالد ...
- جمالية الحوار في - مطعم اللحم الآدمي - للقاص المغربي الحسن ب ...
- بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.
- غواية الرجل و فتنته في -رعشات- للقاصة سناء بلحور


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - بلاغة الإضمار في-تلك الحياة -للقاص المصري شريف عابدين