أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الكريم بدرخان - الدولة المدنية في الإسلام














المزيد.....

الدولة المدنية في الإسلام


عبد الكريم بدرخان

الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22 - 09:07
المحور: المجتمع المدني
    


هل كانت دولة الإسلام دولة دينية أم دولة مدنية؟.. إن كلتا الإجابتين غيرُ دقيقتين، وذلك لاختلاف طبيعة الدولة ووظائفها في ذاك الزمن عن زمننا الحالي، ولكنني ارتأيتُ إلى أنّ الطابع المدني هو الطابعُ الغالب على دولة الإسلام ومجتمعه، ولسوف أقوم بجمع أجزاء الدولة المدنية من الفقه والتاريخ الإسلاميين، مثلما قامت (إيزيس) بجمع أجزاء (أوزيريس)، وبما أن مصطلح المدنية مصطلح متغيّر زمانياً ومكانياً، بل متغيّر من قارئ لآخر، فإن ما أعنيه بالمدنية في هذا المقال: هو فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات على اختلاف أديانهم وأعراقهم ومذاهبهم الفكرية، أي ما ندعوه اليوم بالمواطنة.

الدولة المدنية في الفقه الإسلامي:
--------------------------------

جاء الإسلام ثورةً على السلطة الدينية، فأزالها من أساسها، وأقام مكانها دولة تكون فيها علاقة الإنسان مع الخالق علاقةً مباشرة دون وساطة من أحد، وقد فصل الإسلام بين الديني والدنيوي، الأول اشترط فيه النظر العقلي لتحصيل الإيمان، واشترط فيه تقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض، أما الأمور الدنيوية فهي متروكة للناس على هواهم وفق نصّ الحديث: (الناس أدرى بشؤون دنياهم)، ولم تكن للرسول سلطة دينية على المسلمين سوى الهداية والإرشاد، فهو كما ذكرت الآية الكريمة: { فذكّرْ أنت مذكّر، لست عليهم بمسيطر}، ولم تكن للخليفة أيضاً أية سلطة دينية، فهو ليس حاكماً ثيوقراطياً يتلقى وحياً من السماء ويطبّقه على الأرض، ولم يكن من حقه تفسير القرآن أو السنة كما يشاء، وهو لا يرتفع عن باقي المسلمين بأية درجة دينية، وقد رويَ أنّ الإمام مالك أنزل الخليفة هارون الرشيد عن منصّته، وأجلسهُ مع سائر التلاميذ أثناء إلقاء الدرس، ولو كان للخليفة سلطة دينية لما جلس في موضع التلميذ، وكذلك كانت سلطة القاضي والمفتي سلطةً مدنية، فلا يحق لأحد أن ينازع الآخر في طريق نظره، وكان القاضي (كما كان الرسول أيضاً) يحكم بين المسلمين بالقرآن، وبين المسيحيين بالإنجيل، وبين اليهود بالتوراة.

أثناء الحرب والسلم .. كان الإسلام يكتفي بإدخال الأرض الجديدة تحت سلطانه ويترك الناس على أديانهم ومعتقداتهم، وكان لهم حق المحافظة على أمنهم في ديارهم ومعابدهم، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وفق الحديث: ( لهم مالنا وعليهم ما علينا).
ومن أراد التوسع في هذا الموضوع .. فلْيرجعْ إلى كتاب (الإسلام بين العلم والمدنية) للمفكّر محمد عبده، من صفحة 113 إلى صفحة 138.

الدولة المدنية في صدر الإسلام:
-------------------------------

في عهد الرسول والخلفاء الراشدين .. لم تكن الدولة قائمةً على تعاليم الدين من حيث نظام الحكم، فالخلفاء كان يتم اختيارهم، أو يتم خلعهم، أو تتم الصراعات بينهم، جميع ذلك لأسباب لا علاقة للدين بها، بل هي أسباب سياسية وصراع مصالح. وقد أخذ الخلفاء بأنظمة الحكم القائمة في دول الجوار ولم يقيموا نظام حكم إسلامي، فأنشؤوا الدواوين (الوزارات) على غرار الأنظمة الإدارية الفارسية، وكانت الدواوين تكتب باللغة الفارسية لأن معظم العاملين فيها من الفرس، وكان يتم اختيار المناصب على أساس الكفاءة لا على أساس الدين، ولذلك شغل الكثيرون من الفرس واليهود والمسيحيين مناصبَ عليا في الدولة.

عندما هاجر الرسول إلى المدينة .. تشكّلتْ دولة جديدة متنوعة الأديان والأعراق، فكانت تضمّ المهاجرين والأنصار والمشركين واليهود، وعندها نشأت (وثيقة المدينة) التي يعتبرها البعض أقدم دستور مدني مكتوب في العالم، وهي بالحقيقة لا يمكن اعتبارها دستوراً، لأن الدستور يعبّر عن الدولة باعتبارها صاحبة السيادة والسلطان على إقليمها، أما وثيقة المدينة فهي أشبه بعقد اجتماعي توافقي ينظم السياسة الداخلية للمدينة، وينظم علاقة كل مواطن مع الآخر المختلِف عنه دينياً، وهي ليست عقداً اجتماعياً كالذي نادى به (روسّو) لأن العقد الاجتماعي يكون بين الحاكم والمحكوم، أي هو عقد عمودي، أما وثيقة المدينة فهي عقد بين أطياف المجتمع أي هي عقد أفقي، وبالتالي فهي وثيقة مواطنة وهي عقدٌ لمجتمع مدني.

كانت وثيقة المدينة مشروعاً اجتماعياً جماعياً ينظم أطياف المجتمع على أساس الحرية والمساواة، ولم تكن إملاءً من فئة إلى أخرى، بل توافقاً بين جميع الفئات الدينية، كل منها على أساس خصوصيتها الثقافية والاجتماعية وحقوقها في التشريع والعمل والتجارة.

الدولة المدنية في العصر العباسي:
---------------------------------

من حسن حظّنا أنْ وصلنا الكثير من كتب وأخبار العصر العباسي، وكلها تشير إلى أن الدولة العباسية كانت دولة مدنية بامتياز، والمجتمعَ العباسي كان مجتمعاً مدنياً بامتيازٍ أيضاً، ففي بغداد كانت تنتشر المساجد إلى جانب الكنائس إلى جانب المعابد اليهودية إلى جانب الحانات ومجالس السمر والأدب والغناء، دون أن يتدخل أحد في حرية الآخر، وكان الخلفاء يحتفلون بالأعياد المسيحية كعيد الميلاد، وقد قام الخليفة المنصور ببناء كاتدرائيتين في بغداد أثناء تشييدها بالإضافة إلى مدرسة يهودية، وكان حاخام بغداد رأساً للطائفة اليهودية في العالم، وما علينا سوى القيام بجولة قصيرة في الشعر العباسي حتى نشاهد كل ذلك.

إن أهم صفات العصر العباسي .. هي الجدالات الدينية - الفلسفية، وقد وقعتْ فيه حادثةٌ نادرة، إذ غالباً ما تقوم السلطاتُ بحبس الفلاسفة والمفكرين الذين يخالفون المعتقد الديني السائد، لكن ما حصل في العصر العباسي هو النقيض من ذلك، إذ قام الخليفة المأمون بحبس الإمام أحمد بن حنبل لأنه خالف رأي المعتزلة في مسألة خلق القرآن، وكانت تلك حادثةً تاريخية نادرة يُسجَن فيها رجلُ دينٍ إعلاءً للعقل والفلسفة.

فالإسلام هو دين وروح وثقافة، وليس دنيا ومادّة وسياسة، ولذلك أردُّ على من يدّعي بأنّ (الديمقراطية بدعة) وأنّ (الدولة المدنية بدعة)، أردُّ بأنّ الدولة الإسلامية هي البدعة، لأن دولة الإسلام كانت – عبر تاريخها – دولةً مدنية.



#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسي والمأزق الفكري
- الشباب العربي وقتل الآباء
- قراءة في تاريخ الموت المقدس


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الكريم بدرخان - الدولة المدنية في الإسلام