أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نعوم تشومسكي - الاعتداء على التعليم العام















المزيد.....

الاعتداء على التعليم العام


نعوم تشومسكي

الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22 - 00:47
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


التعليم العام يتعرَّض للاعتداء حول العالم، والاحتجاجات الطلابية تتصدَّى له منتشرةً في الآونة الأخيرة في بريطانيا وكندا وتشيلي وتايوان وأماكن غيرها.

وكاليفورنيا هي ميدان آخر من ميادين الاعتداء. فتورد صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" فصلاً آخر من الحملة التي تُشنّ لتدمير ما كان أعظم نظام تعليم عالٍ عام في العالم: "لقد أعلن المسؤولون في جامعة ولاية كاليفورنيا خطط تجميد الالتحاق بها خلال فصل الربيع القادم في معظم الكليات، ووضع كل مقدِّمي طلبات الانتساب في الخريف التالي على لائحة الانتظار ريثما تصدر نتيجة مبادرة ضريبية مقترحة في انتخابات شهر نوفمبر المقبل".

أما وقف التمويل هذا، فيجري على قدم وساق على الصعيد الوطني الشامل. فتذكر صحيفة "نيويورك تايمز" أنه "في معظم الولايات، باتت الأقساط الجامعية وليس مخصَّصات الدولة، هي التي تغطي معظم الميزانية"، وبالتالي، "قد يكون زمن الجامعات العامة ذات السنوات الأربع الميسورة التكلفة، التي تحظى بدعم مالي هائل من الدولة، قد ولّى".

وتواجه الجامعات المحلية المجتمعية آفاقاً مشابهة أكثر من أي وقت مضى، علماً أن عجز التمويل يمتد إلى التعليم المدرسي من روضة الأطفال حتى الصف الثاني عشر.

ويستنتج "رونالد جي إهرنبرغ"، عضو مجلس أمناء نظام "جامعة ولاية نيويورك" ومدير معهد بحوث التعليم العالي في "جامعة كورنيل"، أننا "شهدنا تحوُّلاً من الاعتقاد بأن الدولة هي المستفيدة من التعليم العالي، إلى اعتقاد آخر مفاده أن الناس الذين يتلقون هذا التعليم هم أول المستفيدين منه، وعليهم بالتالي تسديد تكاليف الفاتورة التعليمية".

أما الوصف الأدقّ فأرى أنه "فشل في التصميم"، وهو عنوان دراسة حديثة أجراها "معهد السياسة الاقتصادية" الذي شكّل منذ فترة طويلة مصدراً مهماً للمعلومات والتحاليل الموثوقة حول حالة الاقتصاد.

وتستعرض دراسة المعهد تَبِعات تحوُّل الاقتصاد، قبل جيل، من الإنتاج المحلي إلى الأموَلة ونقل العمليات إلى خارج البلاد. عن سابق تصوُّر وتصميم، لقد وُجدت البدائل على الدوام.

أما أحد أهم المبرِّرات الأساسية لهذا التصميم، فهو ما يَطلق عليه "جوزف ستيجليتز"، الحائز على جائزة "نوبل"، تسمية "الدين" القائل بأن "الأسواق تؤدي إلى نتائج فعَّالة"، وهي نظرية تلقَّت مؤخراً صفعة مدوّية جديدة في أعقاب انفجار فقاعة سوق الإسكان التي تم تجاهلها على أسس عقائدية، ما أدى إلى اندلاع الأزمة المالية الراهنة.

وتكثر الإدعاءات حول الفوائد المزعومة للتوسُّع الجذري الذي شهدته المؤسسات المالية منذ سبعينيات القرن الماضي. وثمة وصف آخر أكثر إقناعاً طرحه "مارتن وولف"، المراسل الاقتصادي الكبير في صحيفة "فاينانشال تايمز"، مفاده أن "القطاع المالي الخارج عن السيطرة يغزو اقتصاد السوق الحديث من الداخل، تماماً كما تلتهم يرقات الدبّور جسم العنكبوت الذي وُضعت فيه".

وتلحظ دراسة "معهد السياسة الاقتصادية" أن "فشل التصميم" قائم على أساس طبقي. فبالنسبة إلى المصمِّمين، لقد كان نجاحاً باهراً، كما يظهر ذلك من خلال تركيز الثروات المذهل في نسبة 1 في المئة من الشعب، لا بل نسبة 0.1 في المئة، فيما أن الأكثرية الساحقة كان مصيرها الركود أو التقهقر نظرياً.

باختصار، حين تكون الفرصة سانحة، يعمل "أسياد البشرية" على تطبيق "حِكمتهم المتمثِّلة بالاستحواذ على كل شيء وعدم ترك شيء للآخرين" كما كان شرحه آدم سميث منذ فترة طويلة.

يُعدّ نظام التعليم الحكومي العام أحد أعظم إنجازات المجتمع الأميركي. لقد اتّسم بأبعاد عديدة مختلفة، وكان أحد أهدافه إعداد المزارعين المستقلين للانطلاق في الحياة عمالاً يتقاضون أجوراً ويستسيغون ما كانوا يعتبرونه عبودية نظرياً.

أما العنصر القسري فلم يمرّ مرور الكرام، إذ رأى "رالف والدو إمرسون" أن الزعماء السياسيين يدعون إلى التعليم الشعبي لأنهم يخشون "امتلاء هذه البلاد بآلاف وملايين الناخبين، ولا بدّ أن توفِّر لهم التعليم الذي يردعهم عن الانقضاض علينا". إلا أن تعليمهم على النحو الصحيح، يضع حداً لآفاقهم وإدراكهم، ويضعف التفكير الحرّ والمستقل، ويدفعهم للإذعان.

وبصورة منتظمة، أثارت "الحِكمة الدنيئة" وتطبيقها، المقاومة، التي تستحضر بدورها المخاوف ذاتها بين النخبة. قبل أربعين عاماً، انتشر خوف عارم من تحرُّر السكان من الخمول والانصياع. وعلى صعيد التطرُّف الليبرالي الأممي، أصدرت اللجنة الثلاثية الأطراف – أي فريق السياسات غير الحكومي الذي تألَّفت منه إدارة كارتر إلى حدٍ كبير - تحذيرات شديدة عام 1975 حول وجود مفرط للديمقراطية يُنسب جزئياً إلى إخفاقات المؤسسات المسؤولة عن "تلقين العقائد للشبّان".

أما على صعيد "اليمين"، فشكت مذكرة مهمة، وجّهها في العام 1971 "لويس باول" إلى غرفة التجارة الأميركية التي تشكل مجموعة الضغط والتأثير الرئيسية في عالم الأعمال والشركات، من أن الراديكاليين يستحوذون على كل شيء - الجامعات ووسائل الإعلام والحكومة إلى آخره...- وناشد مجتمع الأعمال لاستخدام قوته الاقتصادية كي يعكس اتجاه الاعتداء على نمط حياتنا الثمين، الذي كان يعرفه جيداً. ومن خلال تمثيله قطاع التبغ ودفاعه عنه، لقد كان ملماً جداً بأعمال الدولة الحاضنة لصالح الأغنياء الذين دعاهم "السوق الحرّة".

ومنذ ذلك الحين، تم اتخاذ إجراءات عديدة لإعادة النظام والانضباط، فكانت إحداها الجهود المبذولة لتطبيق الخصخصة، ونقل السيطرة إلى أيادٍ جديرة بالثقة.

وتمثَّل إجراء آخر بالزيادة الحادة في الأقساط التعليمية، عبر رفعها بما يقارب 600 في المئة منذ عام 1980، وهي تؤدي إلى ظهور نظام تعليم عالٍ "يتّسم بتقسيم طبقي اقتصادي أكبر بكثير من أي دولة أخرى" بحسب "جاين ويلمان،" المديرة السابقة لمشروع "دلتا كوست" المعني بمراقبة هذه المسائل. وتُوقع زيادات الأقساط الدراسية الطلاب في فخ الديون طويلة الأمد، وبالتالي في التبعية إلى نفوذ القطاع الخاص.

تُقدَّم التبريرات على أسس اقتصادية، ولكنها غير مقنعة تماماً. ففي دول العالم كافة، أكانت غنية أو فقيرة، حتى لدى جارتنا المكسيك، تبقى الأقساط الدراسية مجانية أو رمزية. وقد سرَى الأمر كذلك على الولايات المتحدة بحد ذاتها عندما كانت بلداً أكثر فقراً بعد الحرب العالمية الثانية، حين تمكَّن عدد هائل من الطلاب من دخول الجامعات بموجب قانون المساعدة المالية لقدامى المحاربين، وهو عامل في النمو الاقتصادي المرتفع استثنائياً، حتى إن وضعنا جانباً أهمية تحسين الحياة.

وثمة وسيلة أخرى تمثَّلت بإضفاء طابع الشركات على الجامعات، ما أدى إلى زيادة هائلة في طبقات الإدارة، التي تكون مهنية في الغالب بدلاً من اختيارها من الكلية كما كان يحصل سابقاً، وإلى فرض ثقافة "فعالية" أقرب إلى عالم الأعمال، وهي مفهوم أيديولوجي يتعدَّى المفهوم الاقتصادي.

وتظهر إحدى تجلياتها في القرار الذي اتخذته جامعات الدولة لاستبعاد البرامج التعليمية في اختصاصات التمريض والهندسة وعلوم الكمبيوتر، لأنها مكلفة، وليس من المصادفة أنها المهن التي نشهد فيها نقصاً في عدد المتخرجين كما تورده صحيفة "نيويورك تايمز".

لا شك في أن هذا القرار يلحق الضرر بالمجتمع إنما يراعي إيديولوجيا الأعمال المتمثِّلة بالمكاسب قصيرة الأمد من دون أي اعتبار للانعكاسات البشرية، بما ينسجم مع الحِكمة الدنيئة.

أما بعض أسوأ التداعيات فيظهر على التعليم والمراقبة. يكمن نموذج التنوُّر المثالي على صعيد التعليم في فكرة "رسم خط" يتّبعه الطلاب بأسلوبهم الخاص من خلال تنمية إبداعهم واستقلالية فكرهم، فيما أن البديل المرفوض هو فكرة "سكب مياه في وعاء"، لتعود وتنفذ منه لاحقاً كما نعلم جميعاً من التجربة. وتتضمن المقاربة الأخيرة التعليم المنسجم مع الامتحانات وآليات أخرى تدمِّر اهتمام الطلاب وتسعى إلى قولبتهم من أجل السيطرة عليهم بسهولة. وهو أمر بات مألوفاً للغاية اليوم.



#نعوم_تشومسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرق أوسط خال من السلاح النووي
- الاحتلال الإسرائيلي ومنطق -اللابشر-
- التجاهل الأميركي لخطر التغير المناخي
- حركة -احتلّوا-... منعطف أميركي
- بعد -سبتمبر-... هل كانت الحرب خيارنا الوحيد؟
- الولايات المتحدة في مرحلة انحدار
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية...تسونامي في إسرائيل
- اغتيال بن لادن: أميركا تنتهك القانون الدولي مجدداً
- الصين و النظام العالمي
- الضوء برتقالي في لبنان
- إيران تُعتبر -تهديدًا عالميًا- لأنها لم تخضع للإملاءات الأمي ...
- تمتعوا بالرأسمالية! -مهندسو السياسة- وتحولات القوة العالمية
- مذكّرات التعذيب الأ ميركيّة
- الأزمة المالية «ورطة لليبرالية»
- أمريكا وصفقة النفط العراقي
- غسيل الأدمغة في أجواء الحريّة
- فنزويلا: الثورة.. الثروة - ترجمة : مالك ونوس
- كيف نتجنب الصدام مع إيران - ترجمة أحمد شافعي
- واشنطن وطهران : نفط
- عن ايران والعراق وبقية العالم


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نعوم تشومسكي - الاعتداء على التعليم العام