أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم بدرخان - الإسلام السياسي والمأزق الفكري















المزيد.....

الإسلام السياسي والمأزق الفكري


عبد الكريم بدرخان

الحوار المتمدن-العدد: 3704 - 2012 / 4 / 21 - 09:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما نقيم انتخاباتٍ ديمقراطية في بلدانٍ تسودها الأميّة والجهل، فإنّ الأصوليين هم أفضلُ وأذكى من يركب الموجة، لأن الأصولي لا يعتمد على برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي، بل يعتمد على النصّ المقدس، النصّ الذي يؤمن به معظم الناس، وبالتالي ينظر الناس إلى الأصولي وكأنه يحتل مرتبة دينيةً اجتماعية أعلى منهم، فهو أقربُ إلى الله وهو المخوّل بتمثيله على الأرض.

السلفية والديمقراطية:

إنّ موقف السلفية من الديمقراطية هو موقفٌ عدائي، لأسباب تتعلّق بالسلفية كـفِكْر، وأخرى تتعلّق بطبيعة العقل الديني من حيث صعوبة قدرته على التطور، فأولاً: إن هدف السلفية هو إصلاحُ أنظمة الحكم والمجتمع بما يتوافق مع الشرع الإسلامي، وثانياً: إن الديمقراطية بدعة وفق المفهوم السلفي فهي غير منصوص عليها في القرآن أو السنة، وثالثاً: إن السلفية ترفض الانتخابات كوسيلةٍ للوصول إلى المناصب، وذلك لأنّ حقّ التصويت يتساوى فيه جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن درجة علمهم، ودرجة علمهم تعني عند السلفيين درجة تديّنهم، ورابعاً: يعتقد السلفيون بوجوب إفراد الله بالحكم والتشريع، فمن أشركَ في حكمه أحداً غير الله (برلمان - مجلس وزراء – رئيس دولة...) فقد أشركَ بالله، وخامساً: إن موقف السلفية من الديمقراطية هو موقفٌ لا يتجزأ من موقفها العام من الدنيا، فهذه الدنيا دارُ فناء، وبالتالي يجب على الإنسان أن يسخّر كامل حياته لغايةٍ واحدة هي الآخرة، وبالتالي فإن الدولة المثالية وفق الفكر السلفي ليست الدولة الديمقراطية التعددية، بل هي الدولة التي تحقق للفرد "العبودية المنشودة" التي تبعده عن الدنيا وتسخّره للآخرة، وسادساً: إن الديمقراطية تعني التعدد والاختلاف وتجزُّؤ الصواب ونسبية الحقيقة، وكلُّ ذلك لن يقبله العقل الديني المتشدد الذي يعتقد أنه يحتكر الحقَّ والحقيقة لوحده، ويكفِّر كلَّ من خالفه بما أتى.
واليوم يشارك السلفيون في الانتخابات، ويدخلون البرلمانات، وينافسون الآخرين على المقاعد والمناصب وفق أنظمة الحكم الديمقراطي، وكلُّ ذلك مخالفٌ لمبادئ الفكر السلفي الذي يؤمنون به، وكأنهم سلفيون في أشياء وغير سلفيين في أشياء أخرى، أو كأنهم استعملوا الدين كقناعٍ لجذب الأميين والبسطاء والجهلة ريثما يصلوا عن طريقهم إلى السلطة، ومن ثم تخلّوا عن ثوابتهم الدينية، وأخذوا يتصرفون كأي حزب سياسي آخر يحاربُ على المناصب والمكاسب السياسية، لا ليسوا كأي حزب سياسي آخر.. فهذه الازدواجية لا مثيل لها.

الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع:

الشريعة الإسلامية لا تعني الدين الإسلامي، فقد فرّق الفقهاء منذ القرن الأول للهجرة ما بين العبادات والمعاملات، فالعبادات حق الله (دين)، والمعاملات حق العباد (دنيا)، الشريعة الإسلامية هي المعاملات فقط، وبالتالي فالذي يرفض تطبيق الشريعة الإسلامية لا يعني أنه يكفر بالدين الإسلامي، وذلك لأن الدنيوي منفصل عن الديني.
الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع.. عنوان لصراع يسود بكثرة هذه الأيام، وبالرغم من كثرة ما قيل فيه وما كتب عنه، إلا أنه صراع غيرُ ذي قيمةٍ حقيقية، فهو سائد لثلاثة أسباب: الأول: عدمُ معرفة بعضِ مَن يتجادلون فيه بطبيعة القوانين السائدة في الدولة المعاصرة، والثاني: اجتذابُ المزيد من المؤيدين، فالإسلاميُّ يريد جذبَ الإسلاميين بذريعة تطبيق الشريعة، والعلماني يريد جذبَ العلمانيين بذريعة استبعاد الشريعة، الثالث: تشكّلُ هذه الأحاديثُ مادة جذّابة للبرامج التلفزيونية والتقارير الصحفية.
وقد حكمنا على هذا الصراع بأنه صراعٌ غيرُ ذي قيمةٍ حقيقية، لأن هنالك جزءاً من التشريع لا بُـدّ أن يخضع للشريعة الإسلامية، وهنالك جزءاً آخر لا يمكن اعتمادُ الشريعة الإسلامية مصدراً له، أما هذا الصراع الحادّ بين من يريد أن تكون الشريعة مصدراً للتشريع وبين من لا يريد .. فلا يمكنه أن يمتدّ إلا على 10% من القوانين السائدة إنْ صحّ التقدير.

- لماذا يخضع جزء كبير من التشريع للشريعة الإسلامية؟
لأن القانون لا يأتي من السماء، بل ينشأ مع نشوء المجتمع ويتطور مع تطوره، وقد أخذتْ الشريعة الإسلامية بعضاً ممن سبقها، فقد أخذتْ من شريعة حمورابي (العين بالعين والسن بالسن)، وأخذتْ أيضاً من القانون الروماني فيما يتعلق بالعقود (البيع وآجاله) وقد كانت هذه العقود سائدةً في الجزيرة وبلاد الشام بحكم انتشار التجارة، واليوم عندما نضع قوانين وضعية فلا يمكننا بناؤها إلا على الشريعة الإسلامية من حيث أنها تمثل الجزءَ الأكبر من العرف الاجتماعي، نفس الأمر.. عندما شهدتْ فرنسا ثورةً قانونية في عهد (نابليون) بُنيتْ القوانين الجديدة على القانون الروماني المسيحي (قانون جوستنيان)، فالبناء القانوني بناءٌ تراكمي، والقانون لا ينشأ من العدم أو الفراغ، لذلك اعتمدتْ الدولُ العربيةُ على الشريعةِ الإسلامية كمصدرٍ لقانون الأحوال الشخصية، لأن مواضيع الزواج والطلاق والإرث ترتبط بمفهوم الحلال والحرام السائد في العرف الاجتماعي، وكذلك استمدّ القانون المدني الكثير من أحكامه من الشريعة الإسلامية، مثل أحكام الأهلية وغيرها.
إذن.. حتى لو رفضنا اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع، ولو وضعنا قوانين وضعية، فإن جزءاً من هذه القوانين الوضيعة سيكون مستمداً من الشريعة الإسلامية حكماً، لأنها مترسخة في ثقافة المجتمع.

- لماذا لا تخضع جميع القوانين للشريعة الإسلامية؟
هنالك قوانين تنشأ لظروف خاصة بمكان وزمان نشوئها، فمثلاً نشأتْ عقودُ الرهن البحري في العصر الوسيط رداً على تحريم الكنيسة الأوربية للربا، ونشأتْ نظرية فصل السلطات (مونتسكيو) لظروفٍ خاصة بفرنسا، فقد كانتْ القوانين التي يعدّها البرلمان بحاجةٍ لتصديق الإمبراطور عليها حتى تعتبر نافذة، ونشأ القانون التجاري مطلعَ القرن التاسع عشر مع اتجاه الدول الأوربية لتبنّي سياسة الاقتصاد الحرّ (دعه يعمل دعه يمر)، ولم تكن البلاد المسلمة مهيأةً لنشوء هكذا قوانين، فإذا نظرنا إلى القوانين السائدة في الدولة الحديثة اليوم: (دستوري- جزائي – إداري - مالي – تجاري – شركات...) نجدها جميعها قوانينَ وضعية، ومن يريد أن يجعل الشريعة الإسلامية مصدراً وحيداً للتشريع ويُخضِعَ هذه القوانين لها، فإنه لن يجد في هذه الشريعة شيئاً يفيده في هذه المواضيع، وإنْ وجدَ شيئاً فقد يكون اجتهاداً منفرداً من فقيهٍ ما في زمنٍ ما، لا يمكن بناءُ نظرية قانونية عليه.

فالشريعة الإسلامية هي أحدُ مصادر التشريع الذي لا يمكن استبعاده، وبنفس الوقت لا يمكنها أنْ تكون المصدر الوحيد للتشريع.

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشباب العربي وقتل الآباء
- قراءة في تاريخ الموت المقدس


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم بدرخان - الإسلام السياسي والمأزق الفكري