أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم محمود - نعم أنا سوري، ولست كردستانياً















المزيد.....

نعم أنا سوري، ولست كردستانياً


ابراهيم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3703 - 2012 / 4 / 20 - 19:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعم، أنا سوري، أعني: كردي سوري، قبل أن أكون كردستانياً، والذين يسخطون لسماع النقيض، هم بدورهم كردٌ سوريون، قبل أن يكونوا كردستانيين في وضعهم، وأن الإصرار على كردستانية الهوية، يعني التحول في طرفة عين، أو جرَّة قلم، كما هو الانتقال الزئبقي، من جغرافيا قائمة، لها تاريخها الحديث، إلى جغرافيا مدمَّاة تاريخياً، كما لو أنهم غير معنيين بعامل النضج التاريخي، أو التمهيد لتحولات مفصلية، بقدر ما يطالبون مَن يسكنون إطار التاريخ القائم، وتآلفوا طويلاً مع جغرافيا قائمة، في أن يعيشوا نقلة نوعية فورية، إلى ما لم يتهيأوا له كلياً، كما لو أنهم يطبّقون على أنفسهم وعلى خصومهم الجغرافيين قاعدة: ما لا يدرَك كله، لا يدرَك جُلُّه!

إن الوعي الجغرافي الذي يستقر في ذاكرة شعبية ما، لا يعني أن التاريخ الذي لم يؤخذ به، وقد بَعدت بينهما المسافة، يمكن أن يتبناه داخل أرشيفه الكبير سريعاً. ثمة حاجة إلى قوة نابذة مقابل هذا الجذب التاريخي الطويل.

نعم، لكَم أخطأ ويخطئ الذين تحدثوا ويتحدثون عن كردستان سوريا من أكرادنا المأخوذين بهوس الكردستانية، عبر بيانات وتصريحات ومقالات في المهاد الجغرافي الكردي وخارجه، إذ دون ذلك: قولاً وسلوكاً، لا مبرر، كما يبدو، لبقائهم ككرد، غير عابئين بثقل التاريخ العام، والاستعداد للتاريخ المنشود، بينما أصاب برهان غليون أكثر، وهو ينفي، منطلقاً من راهنه الجغرافي، وجود شيء اسمه كردستان سوريا، بقدر ما اعترف بكرد سوريين.

وفي المسافة الفاصلة مجدداً بين وجود كرد سوريين حتى بالمعنى القومي، والكردستانية المنفية، يمكن النظر إلى مدى اختلاف زاوية النظر بين كردستانية الناطقين باسم جغرافيا قائمة بمساحتها الخمسمائة ألف كيلومتر مربعاً، وكردية الذين يقيمون في أوطان تحوز كل منها بعضاً من هذه الجغرافيا. إن الرهان هو في الوعي الذي يطابق بين وعيين بينهما غاية التباعد راهناً: الوعي الديموغرافي في شتاته، والوعي التاريخي الذي يجلوه في سباته.

كان المطلوب من غليون وفق المقدَّر في الكتابات الكردية المختلفة حتى الآن، أن يكون على دراية تامة بحقيقة التاريخ الكردي والجغرافيا الكردية كما هي راسخة في واعية الكردي تماماً، دونما نظر في موقعه أو ما يمثّله أو ما هو مطلوب منه، وليس ما يجب عليه القيام به جهة تصحيح مسار التاريخ والجغرافياً كلياً بضربة واحدة!

إنه الخلاف الأكبر بين غواية كردنا الذين يرفعون رايات كردستانية، دون أي اعتبار لسياق تاريخ مثقَل بالصعاب والتحديات، وكيفية انتظار الزمن المناسب الذي يجعل اسماً حقيقة قائمة، ورواية غير الكرد الذين يطوون صفحة الجغرافيا الكردية بمعناها القومي الفسيح، استناداً إلى تاريخ محلّي، دون التفكير كما يجب في شمولية تاريخ كان.

في العراك الكلامي، وهو أكثر من كلامي، والدائر بين برهان غليون وما يتمثله من ثقافة تسمّي الكردية، دون أن تتوقف عندها، حيث ثمة تربية ثقافية وقومية تتطلب المزيد من الوقت للإفصاح عنها بدقة أكثر، والذين يقفون على الخلاف التام من تصريحه، ثمة افتقاد لبوصلة التوجه المشتركة ليكون في مقدور الجميع التقابل الودي أكثر.

والذين" شقوا هدومهم" من كردنا، أو استهجنوا تصريح غليون التاريخي، كانوا في غفلة عن تاريخ لم يزل قائماً بعورته الكبرى، التاريخ الذي يتقدم الجغرافيا، والذي يلزمه وقت إضافي لتجاوز التشنجات القومية!

تُرى ما الضير في أكون سورياً، وأن أبقى سورياً، وأعزّز مكاني سورياً، بعيداً عن هذا الاقتتال السجالي أو هذا الاستنفار الجغرافي، دون أن أمحو كردستانياً، لأن التسمية الجغرافية حديث مغاير لحديث التاريخ القائم.

ما الضير في أن أعلي من شأن هويتي السورية بعلامتي الكردية؟ إلى جانب آخرين من اثنيات أخرى، لأن عملية التحول إلى النطاق الذي يعنيه ساخطونا الكرد، يستوجب مخاضاً تاريخياً ومقاومة لازمة لتثبيت وضع مغاير.

وفق المقولة الماركسية: المطلوب كيفية تحويل الصلب إلى سائل، أي تحول الكم إلى كيف، وكأني بهؤلاء الذين استاثروا لأنفسهم قيماً في التعبير عن كرديتهم، ودون أن أطعن في كرديتهم طبعاً، كأني بهم، ضاربون عرض الحائض كل ما يخص حيثيات هذه المقولة، أي ما يتعلق بزمن منشود، هو أقرب إلى الحلم منه إلى الواقع حالياً!

هذه اليوتوبيا في المسلك والقول، تعكس الأزمة الخانقة التي يعيشها مخاصمو غليون بالكامل: أزمة الوعي التاريخي، كما هي أزمة وعي الجغرافيا التي تشكلت في ذاكرة شعبية تتطلب مجاهدة طويلة لإحقاقها عملياً.

وهي الأزمة التي عُبَر عنها بطرق مختلفة، حيث إنها تقود إلى أزمة أخرى وتعمّقها، وأظنها أفصحت عنها، جهة التصادم مع آخرين اعتادوا الجغرافيا في طورها القائم، وليس التاريخ المحمول في الذاكرة الخاصة كردياً.

كأني بكردنا الشعبويين، وحملة الشعارات البرَّاقة، يريدون بين ليلة وضحاها، أن يضعوا خارطتهم، ويزيحوا الخارطة المعتمدة منذ مئات السنين وأكثر، انطلاقاً من تصور لما يزل وهماً أكثر منه واقعاً وهو: لقد واتتنا الفرصة، فلندخل معركة التفاوض مع شريكنا المستقبلي وباعتباره، كما يُزعَم، مالكاً للحل السحري جغرافياً، ولنعْلِمه بما نريد استناداً إلى تقدير خاطئ وهو أن في وسع غليون وحده أن يحل جغرافيتهم محل تاريخه..

بوسعي القول: إنني أكثر وعياً كردستانياً من مجمل هؤلاء الذين يحزّبون كرداً، أو يشحنون كرداً بأهداف، ويعدون كرداً بآمال، في ترجمة غير محلَّفة لمشاعرهم وأفكارهم، إنما لرغبات لا يصادَق عليها واقعاً، كما لو أن ثمة جهوزية كاملة ومعدَّة لدى الكردي السوري والكردي التركي والكردي العراقي والكردي الإيراني، في أن يطووا حدوداً باعدتهم عن بعضهم بعضاً، وينتقلوا دفعة واحدة إلى نطاق جغرافيا هي ذاتها بحاجة إلى تمهيد من قبل الكرد أنفسهم، من خلال تفاوت وعيهم، وارتباطاتهم المحلية، وضمن دولة كردية كاملة هي بدورها حلم..

في بنية ما طرِح حتى الآن من أفكار أو تصورات من منطلق نسف مفهوم غليون عن حقيقة كردستانية داخل المحيط الجغرافي السوري، يمكن استقراء الخلل البنيوي لوعي لا يتحرك تبعاً للتحديات وكيفية تجاوزها، حيث إن الجغرافيا الكردية في صورتها المعلَن عنها، لم تكن يوماً حقيقة موحدة، حيث إن الجغرافيا هذه كانت متنقلة في وعي أبنائها الكرد إنما من خلال حدود قائمة فاصلة فيما بينها، وأن القوى التي أسهمت في تفعيلها سياسياً وعلى الأرض، قوى لما تزل رابضة حدودياً، ومجوقلة، ومراقبة قارياً، إن راعينا ثقل الاتفاقيات الدولية، وقد مر عليها زمن طويل، وكيف أن إحلال أخرى سواها على نقيضها، ليست بالسهولة المتصورة، سهولة الوعي الشقي الذي عرَّف بالذين ثاروا وما زالوا يثورون أو ينتفضون بأقلامهم وبياناتهم وسلوكياتهم، وما هو منتظَر من عداء إضافي من جهة الذين يتطلب تغييرَ موقفهم زمنٌ كاف، فتكون لدينا تحديات مضاعفة وصراعات بانورامية..

جميل أن يحلم الإنسان، إنما أن يجعل ما يحلمه واقعاً بالجملة، ودون تقدير الظروف فذلك هو الانتحار المريع..!



#ابراهيم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدول مباريات الأحزاب الكردية المفتوحة في سوريا- حقاً، إن شر ...
- أنثى الترجمة الكردية جانا سيدا، وحديث تبديد - ذاكرة الجسد- 2 ...
- - 1 - أنثى الترجمة الكردية - جانا سيدا، وحديث تبديد - ذاكرة ...
- نحو وعي أوسع لموسيقى الشعر:3- الجسد الكردي المغَز في الشّعر
- نحو وعي أوسع لموسيقى الشعر- نماذج شعرية مختلفة كردياً-
- في البيت الكردي المتصدع: تقديم مع نصوص مترجمة من رواية : هبة ...
- بكو الكردي إلى أين؟: حسن مته في روايته الكردية: القيامة
- تعذيب الضحية
- التاريخ الكردي من منظور الصوت: عبر رواية كردية
- مدارات محاكمة : نورمبرغ العراقية
- ما هو أبعد من الترجمة كردياً : لالش قاسو ومترجمه المثالي
- الفيلسوف الكردي
- ما هو أبعد من العلم العراقي
- المثقف الكردي المشعوذ
- ثرثرة مفلس
- الصراع الكردي - الكردي: رؤية أدبية، عبر ترجمة فصل من رواية : ...
- مستقرات السرد في الرواية - رومانس المكان-: هيثم حسين في رواي ...
- قلبي على لبنان
- - Mijabad رواية أوديسا الشاعر الكردي- المقام الشعري في رواية ...
- نقد العقل القدري الكردي


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم محمود - نعم أنا سوري، ولست كردستانياً