أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حزبون - الدين والثورة والواقع















المزيد.....

الدين والثورة والواقع


جورج حزبون

الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 18 - 00:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الدين عقيدة ، ولا أكراه فيه ، وترك للإنسان مساحة من الحرية ليحاسب على عمله فيما بعد ، فطالما هناك حساب عسير ، فلماذا يتنطع البعض لمعاقبة الناس إن هم لم يتفقوا على تصور للحياة الدنيا ، فان كانت السماء كررت مبعوثيها واختلفت رؤى بعضهم البعض ، فما مسؤولية الناس هنا ، وما هي صلاحية من ينصب نفسه مفسراً أو وصياً عن السماء ليضع رأيه ويحاسب البشر عليه ، وبالتالي كيف يمكن إن تتكون أحزاب وتنظيمات لتفرض على البشر تصورها ولتحكم في النهاية باسم السماء .
ان مسيرة البشرية الطويلة ، والانجازات المتراكمة في العلم والاجتماع ، خلقت حالة حضارية إنسانية فوق مستوى الإقليم والقارة ، ولا يجوز ولا يستطيع إي كان ان يعبد البشر إلى مراحل سلفت في التاريخ ، بذرائع ومفاهيم اقرب إلى الشعوذة ، وخاصة حين ينصب نفسه ولياً ، فقط كونه حافظ الاديان او بعضها فأصبح عالما والآخرين جهلة ، تماما كما أورد سيد قطب في كتابه ( معالم على الطريق ) إن هناك فسطاطين دار حرب ودار إسلام ،" وان المسألة في هذا كله إيمان أو كفر أو إسلام أو جاهلية وشرع او هوى" ،ويلاحظ هنا انه فكر متشدد تسلطي ، فقد سبق من الفرق الإسلامية في صدر الإسلام إن قالت المعتزلة / المنزلة بين المنزلتين ) وان الإنسان مسئول عن عمله وإلا لما كان الوعد والوعيد .
لقد مرت على المسيحية تلك المراحل ، فقتلت وعذبت باسم الدين والوصاية على البشر حتى قال انجاز في كتاب ( حرب الفلاحين في ألمانيا ) دار دمشق ، / كانت العقائد الكنسية شعارات سياسية ، وكذلك نصوص الكتاب المقدس لها مقام القانون إمام أية محكمة / وكانت الحركات الإصلاحية محاولات لفك تسلط الكنيسة التي مارست كل أنواع التحكم بالبشر ويكفي الإشارة إلى محكمة جاليليو / لأنه قال بكروية الأرض . ويحاول اليوم أصحاب الإسلام السياسي الوهابي المدعوم نفطياً ، ان يعيقوا حركة الحياة والتاريخ مستخدمين الدين ترغيباً وترهيباً ، واحتواء تحرك الطبقة الوسطى في العالم العربي لإحداث تغير نحو حياة ديمقراطية حرة في التعبير والمأكل والمشرب والملبس ، لم يعد ممكنا إعادة / الجني الى الزجاجة / فقد انطلق رغم الإمكانيات الهائلة الساعية لاحتواء هذه الهبة الشعبية العربية ، ونظرة بسيطة للأمر تبين ان هذه الانطلاقة تهدد مصالح الإقطاع السياسي ، والكمبرادور ، والشركات الفرق قومية ، وتحلق ضرراً بمحاولات الرأسمالية الفكاك من أزمتها المالية التي انفجرت عام 2007، ولا زالت متفاعلة ، وتهدد الوحدة الأوربية ، وتعمق أزمة الولايات المتحدة ، وتحد من قدراتها على التأثير في الفعل السياسي الدولي ، خاصة بعد خروجها من العراق وأزماتها في أفغانستان وباكستان ، يتضح هذا من ردود الفعل إزاء الأزمة السورية .
يعتمد النهج الرأسمالي المعاصر وخاصة منذ سياسية ( ريغان تاتشر ) على اقتصاد السوق ،وسياسية العولمة كذلك ، كون الدول الصناعية الكبرى تستطيع إزاحة البلدان الصاعدة والتابعة من المزاحمة ، فإنها بذلك تبسط سلطانها على الأسواق التي أهمها ، البلدان العربية ، وتعمل في الوقت عينه على وقف تطورها الاقتصادي والاجتماعي وتبقيها أسيرة للنزعات الاستهلاكية ، التي هي وحدها القادرة على توفيرها ، في منطقة زاخرة بالمال النفطي والتزايد السكاني ، ولا يمكن تطويع هذه البلدان إلا عبر استخدام الدين من حيث هو صاحب الأثر الأكبر في وجدان تلك الشعوب الأوسطية عموماً ، مستفيدة من منطق الإسلام السياسي والسلفي المستكين والرافض للتطور والقابل بان يظل سوقاً استهلاكية لا يسهم في الإنتاج الإنساني تحت مقولة دينية مخدرة للعقل / سبحان من سخر هذا لنا / وكان الآخرين مسخرين لخدمة المستكينين وليس سلبهم عقولهم وجهدهم ومستقبلهم وأوطانهم .
لقد أصاب العميد طه حسين إذ يقول : لكي نتقدم كما يتقدمون لا بد ان نفكر كما يفكرون ) ، ولا يعني هذا بالضرورة مواجهة الدين ، بل بالعكس قد يكون التدين حاجة موضوعية في التفكير العلمي والعلمانية ، بقدر ما فيه من تهذيب للنفس حين يتم ابعاد الإرهاب الفكري عنه والتسلط والإملاء ، وهذا هو الزمن الأفضل والأنسب لتتحرك القوى التي أطلقت شرارات الثورة وإرادة التغير ، حتى لا تقف مذهولة إمام إرهاب الإسلام السياسي ، الذي نظر إليها بشكل عدائي ، ثم انطلق لاحتوائها بغض النظر عن درجات ذلك الاحتواء ما بين تونس ومصر وليبيا وما هو جار في سوريا ، فبدل ان تطرح حركة التغير برنامجها السياسي ، طرح الإسلام ذاته اخوانيا وسلفيا ، ومع انفتاح الصورة بعد هذه الفترة من النضال والتفاعل فلم يعد مجدياً التباكي بقدر ما يستحق التفعيل لطرح راي وفكرة ثورية جدية إمام الجماهير ليكون إمامها خيار واضح ، اما القول ان هناك ليبراليين وعلمانيين ، فهو أمر غير ذي معنى ، فان كانت الشعوب متدنية التي تم الحراك بينها ، فليس صعبا على المتاسلمين بتقديم روائهم بسهولة ، ويتضح هذا اكثر في مصر ، وبالعكس فان هناك فوارق وانقسامات بين أصحاب الإسلام المسيس سواء بين الإخوان والسلفيين وغيرهم فرق كثيرة ، ومع ظهور نزعاتهم الذاتية وتضارب مواقفهم ، فان الوقت ألان هو الأنسب للتقدم بفكر وبرنامج واضح مع عدم الرهبة من الدخول في مواجهات أيدلوجية ، خاصة وان كان الجميع اصحاب عقيدة دينية كانت إسلامية او مسيحية شيعية أو سنية ، وهذا أمر ُيفعل التناقض بين تلك التيارات الاسلاموية ويوفر مناخاً أفضل الالتحاق الجماهير بالتغير الثوري ، ويمكن ملاحظة حالة وجدانية تحتاج إلى اهتمام ، مثل ذلك الحنين الذي بدأ لأيام عبد الناصر ،كمؤشرات لنهضة قومية ، وكذلك ولو على النقيض فقد رحبت الجماهير بعمر سليمان ، في إشارة الى الاهتمام بالأمن ووقف الفوضى والانفلات ، فلم يعد مريحا ولا يحمل تغيراً ذلك الخوار الدائر بين التيارات الإسلامية ، ولا تلك الأسماء من المرشحين ، الذين يعلنون العودة إلى الماضي دون أية تصورات لمستقبل انطلقت الجماهير هادرة من اجله ليكون سعيداً ووعداً .
وكما وان استمرار تلك ( الفوضى الخلاقة ) كما إرادتها ( رايس ) بوما ما إثناء ولايتها ، لا تشكل عبئاً سوى على الشعوب العربية وأمنها القومي ، وترهق اقتصادها وتهجر شبابها وتعيق تقدمها ، وهي الهاء تستفيد منه إسرائيل في الأساس ، تبين هذا في الإسراع الاستيطاني ،والتغول على الشعب الفلسطيني وأسراه وقيادته ، وتركهم لمصيرهم ، يواجهون أزمات لا تنتهي من إفقار وحصار واعتقال ومصادرة للوطن فقد كانت الشعوب العربية تعتبر وبحق ان فلسطين هي قضية العرب الأولى ، ومع الثورة وهيمنة السعودية والخليج على القرار العربي تركن فلسطين لمصيرها ، فهم يدركون ان إقامة الدولة الفلسطينية سيكون مقدمة للالتفات نحو الداخل العربي ، وبالضرورة إسقاط هذه الأنظمة البائدة بالتاريخ والحاضرة .
وحيث ان الشعوب العربية تقف اليوم على مفترق طرق ، يتخذ الدين إدارة لفرملة التوجه الثوري للأجيال الواعدة ، وإخضاعها للأمر الواقع والقبول بولي الأمر مهما كان حتى لو ضرب ظهورنا بالسياط ، وهي مرحلة لا يمكن ان تكون ردة في النضال التحرري للشعوب العربية يستخدم الدين وسيلة للقمع بدل ان يكون أداة للثورة ولاهوت تحرري ، وهذا ما جعل القيادة الفلسطينية تتجه نحو الدبلوماسية وليس فقط التفاوض ، فهي تشعر بالخذلان وسبب هذا ارتباط القرار الفلسطيني بالأنظمة العربية ، وليس بالشعوب العربية ، وقد رفعت شعار عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية ، في ذات الوقت الذي كانت تبحث فيه عن هانوي العرب ، فلم تستطع تحقيق أي منها وأصبحت جزء من النظام العربي المأزوم حاليا ، وهو ما يعكس أزمة السلطة معه ، التي تعيش بين حجري الرحى ، فهي ماليا تصل حد الإفلاس وسياسيا تخاطب إسرائيل بالمراسلة ، ؟!والاستيطان جار بقوة ، وحماس سادرة في غيها والمواطن ينتظر كما بقي منذ 48 ، فالأنظمة خذلته والثورة تشظت والإسلام ينشئ إمارته ويتماهى مع الإخوان المصرين لضم الإمارة معهم والباقي ليأخذه الشيطان .



#جورج_حزبون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيحيو الشرق والمواطنة
- ماذا بعد اوسلو الان ؟
- الامن القومي العربي
- قراءة تاريخية لواقع معاصر
- قمة بغداد
- الاممية الاسلامية
- ربيع الشعوب ام اعدائها
- عن اذار المراءة والثورة
- المصلحة والايدولوجيا
- مطلوب ثورة في الثورة
- مهام الثورة المضادة
- سوريا والطريق الصعب
- العاصفة تقترب
- استكشاف المفاوضات
- اتفاق مصالحة ام مصلحة
- نعم اسرائيل ايضا تتغير
- سوريا يا ذات المجد
- الحوار المتمدن متراس للديمقراطية
- حول الوحدة الفلسطينية
- عن الحاضر والمستقبل للراسمالية


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حزبون - الدين والثورة والواقع