أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر تحسين - عطر..














المزيد.....

عطر..


حيدر تحسين

الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 17 - 23:18
المحور: الادب والفن
    


أضع رجلي على أول الفجر
استقبل اليوم بعكرة مزاجية حتما موروثة، تعقد حاجبي وتمنعني من ان لا ابتسم عناداً،
ما هذه الحافلة المليئة بالعجائز؟
كم اكره النساء العجائز، لاسيما تلك التي تحاول إخفاء تجاعيدها بالعطور الفاخرة، الم تسأمي تحيتي المصطنعة كل صباح؟ يجب عليّ أن اسألها ذات يوم..

كم هو ممل أن تصافح الصباح كل يوم بأمل جديد، وتبحث في خزانة الحمام الصغيرة عن عطر مناسب بدلا من أن تضع على وجهك ابتسامة نصفها خدعة وأنت في طريقك للعمل، أن تتصالح مع نفسك بنسيان حتى لو كان مزيف، وان تحب طعم القهوة، فهي على كل حال مرة،

مع ذلك يجب أن يرضيك التكرار، وتقحم نفسك في مشاركة العجائز في محبة الروتين اليومــي... تشعر وقتها أن الأحداث تخونك واضعة منك هامش في طريق الأشياء، كأنك مخدة فاخرة لا تستخدم إلا في ليلات استثنائية، أو قدح باهظ الثمن لا يشرب منه إلا الضيوف،

* * * * *


عودة سريعة للمحطات، والتنقل بين امرأة وأخرى في قطار، أتساءل أي المدن هجرتها وأي مدينة هي التي سكنت بداخلي؟
أحببت من المشاعر تلك المجازفة بين مدينة الفوضى، وغرفة حبيبتي الخالية من الصخب، ربما أردت أن امتحن صخب الرجولة في جسدي واقسم ذاكرتي إلى غرف معينية وأخرى مستديرة، و أضع بينها قواطع خشبية ليتسنى لي سماع أصداء الذاكرة في الغرفة المجاورة،
وصاحبة العطر تنتظر!
مضت ساعات كأن القطار يبتعد عن المحطة القادمة، وكالعادة أحاول أن امتلك وفاء لمحطة تالية، لكن دون جدوى
نصف ساعة واصل، هكذا كذبت أخر كذبة!

- في صوتك شيء من عبثية الضحك، وأنا كعادتي امتلك ذلك التباطؤ الذي يمنحنا فرصة التركيز في الأحداث السريعة، عليك كان ينادي الصهيل، يلملم السراب المرصع في المدى، وفي الأفق البعيد حيث يركض القطار، وجهك كالشمس ينتظر النهار، وتعود روحي كالصدى
جئتك ابيض القميص

أكمل،
- كأن فيك شيء من خاطرة مسروقة، أهديتها يوما لقمر أحب أن يغيب دائما في المساء، أكاد أجيد التواصل مع نغمة المرح فيك، في عينيك ذلك التمسك الجميل بالحياة، تختلفين عن باقي النساء في التناقض ولعبة تبادل الأدوار، فكم تملكين من العفوية ما يجعلني أتفاجئ... إن حب الحياة أسرع من تواطؤ التفكير؟
أحيانا أراك شجرة تخجل حتى من مجون الريح، وأحيانا أراك فراشة تسرق من المصورين خيالاتهم، على جناحيك يوشك أن يحط الندى لولا قليلا من غرورك
- أنا امرأة عشقت ملح الرجولة فيك.. صوتك،
كثيرا ما ذابت فيك الليالي مثل خيوط شمس الغروب في السماء، خشيت عليك حين لفت
خصري فروعك، خشيت عليك من جسدي إذ يشتهيك
- كالرصاص حين يحلم بالردى جسدي،
- عبئي اشتهاء... كي لا تذوب ياقوتة على رخامي، فتصحو غصة بحر في صدرك، تغلغل فيك سنين من نداء،
كألسنة الحريق، وقبلة ذابلة
- أنا لا أخافك، لكن صغيرات المساء واستراق العيون حين يسكننا الظلام، قد يقتلونا ضاحكين، فتهرب القافلة... قد لا نعود

تدور الاسطوانة على بعض الأغاني الأجنبية الخافتة، وذلك البحر الهادئ يراقبنا، وعيناها كالطيور والسفر، نحلق في الأحاديث كأن لغة المناقير لهجتنا، تفيض بنا تلك السيارة الصغيرة

يكتظ جسري بالحديد.. القبلة الأولى كالنعاس، عابر فيها الوجود، صوت العصافير ما زال فيها، وكركرة الزنابق تهد الكلام،
خصلة تسيل من شعرك،
واعتراف يسيل، افتقد فيها ذلك الوطن الجميل، دفء الآلهة وخرافة الأنبياء، افتقد في نهريها عين دجلة
حين تنام، وأقدامها عارية،
اشتعلي في حنيني سراج روحي، متى تنام ذراعي وينغمس فيك حضنك رأسي؟.. ليتها كانت سماء لا تغيب فتفضح السهر، ليلة كانت سوار من رماد و أنطمر، يومها لم اصدق أن قلبينا يستحمان معا خلف عش من ضلوع.
أحبت الصحراء عرينا فشهقت، لينتهي اللقاء.
* * * * * *

ككل الأشياء التي لا تقبل القسمة على وجهتي نظر، هو العثور عليك ذبيح بين مدينتين، حيث بعض من أشلاءك هي التي تسجل التاريخ، وطبعا هذا إذا لم يُقطعا بعد، إصبعا الكتابة ويشمت بك الوحي،
أن تهجرك حبيبة ما لأنك رفضت الزواج منها،
وصاحبة العطر تمنح التسامح، وتسلبه متى ما اعتنيت ببعض من ذكرياتك امامها،
ومن جراء اعتراف ثمل، تصحو على صباح تهرب منه العصافير، فجأة تجد حتى سائق الباص يكرهك،
وتكره العجائز لأنهن يسرقن عطرها





#حيدر_تحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أيقظ الحلم؟
- جارة الليل
- أشياء قد تصبح قصة لاحقا..
- تكملة
- حديث الدمى..
- من اين ادخل التاريخ معك
- ينقصهم واحد..
- لا اعلم ان كنتِ عاطفة جديرة بالندم؟..
- لصة الرجولة..
- أرقي
- لو شئتِ قد يستريح جنوني
- حلم أخير قبل الشتاء
- أوراق ذكرانا
- احبك
- لقد بدوتِ كيف!؟
- طوفان انفجار...
- كفانا نغلق الأيام
- أميرة حزني، علميني..
- حنين السرير
- هوايتي معكِ


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر تحسين - عطر..