أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جاسم ألصفار - قراءة هادئة للوضع في سوريا















المزيد.....

قراءة هادئة للوضع في سوريا


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 17 - 23:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



مدير مركز دراسات وأبحاث- روسيا ألاتحادية

في ألفترة ألأخيرة إطلعت على كتابات ليساريين عراقيين، مؤيدة لما أطلقوا عليه (إنتفاضة ألشعب ألسوري). بعض هذه ألكتابات نشرت في ألصحافة ألعراقية أليسارية وبعضها في ألمواقع ألألكترونية. ومع أن أقلام أليسار ألعراقي هي غالبآ منتقدة لهذه "ألانتفاضة" ألتي تقودها معارضة ألخارج، ولها في ذلك حججها، إلا أن وجود آراء أخرى ولو مناقضة في ذات ألصف أليساري، ليس لها إلا أن تثري ألحوار في هذا ألشأن وتعزز نهجآ أصيلآ في ألماركسية، نشأ منذ نشوئها وإستمر حتى بداية ألقرن ألماضي.

ولنبدأ بتفكيك ألحدث ألسوري إنطلاقآ من ألتعريف بأطرافه وشبكة تحلفاتهم، ليكون من ألسهل بعدها تشخيص مواقف وأهداف هذه ألأطراف. فمن جهة يقف ألنظام ألسوري أللاديمقراطي بأجهزته ألقمعية وألاستبدادية، ألموغلة في ألبيروقراطية وألفساد. يسوق هذا ألنظام نفسه كنظام ممانعة معادي لاسرائيل وغير متصالح مع ألمشاريع ألجيوسياسية ألأمريكية في ألمنطقة، كما أنه يعرض نفسه أيضآ كنظام علماني و "إشتراكي" و"تقدمي". هذه وغيرها من ألصفات ألتي قد تتطابق جزئيا مع طبيعة هذا ألنظام، كانت هي ألأساس في تميزه وديمومته وأخيرآ، تموضعه في منظومة تحالفات داخلية وخارجية مبنية على سياسة براغماتية صرفة. ولو تجاوزنا تحالفات ألنظام ألبعثي ألداخلية، ألتي لا يوليها ألنظام ذاته أهمية كبيرة، فان تحالفاته ألاقليمية وخاصة مع إيران وحركات ألمقاومة أللبنانية وألفلسطينية، وكذلك علاقاته ألدولية ألمتميزة مع روسيا وألصين خاصة تجعله لاعبآ هامآ، وإن لم يكن فعالآ، في تحديد مسارات برامج ومخططات ألتغيير ألجيوسياسي في ألمنطقة.

أمريكا، ومنذ عشر سنوات خلت، على وجه ألتقريب تخطط لتغييرات حاسمة في ألجغرافيا ألسياسية للمنطقة، ضمن ما أصبح معروفآ بمشروع ألشرق ألاوسط ألجديد، ألذي يفترض تحويل ألصراع، بكافة أشكاله، من صراع عربي-إسرائيلي إلى عربي-إيراني، تضطلع فيه ألرجعية ألعربية وألقوى ألسياسية ألممالئة لها بدور محوري، يبدأ بتسعير ألخلاف ألطائفي وتصفية بؤر ألعداء للدولة ألعبرية في ألمنطقة وألمتمثلة بألمقاومة أللبنانية وألفلسطينية إضافة إلى سوريا. هذا ألمشروع ألذي يحظى بدعم أمريكي إسرائيلي يقدر له أن يفضي إلى تطبيع كامل مع إسرائيل، تقره وتنفذه حكومات عربية جديدة أكثر طواعية لارادة أمريكا وأصدقائها ألستراتيجيين في ألمنطقة كألعربية ألسعودية وقطر.

ألارتباط ألستراتيجي وألتاريخي بين أمريكا وألدولة ألعبرية لا يتوقف عند حدود توفير ألأمن وألأمان لاسرائيل، فألمصالح ألأمريكية تبقى في صدارة جميع مشاريع ألتغيير ألجيوسياسية في ألمنطقة. ويدرك ذلك جيدآ أللاعبين ألكبار في ألعالم كروسيا وألصين. فألتمدد ألأمريكي في ألمنطقة هو بألدرجة ألاولى للاستحواذ على مفاتيح ألتحكم في ألمنظومات ألاقتصادية وألسياسية وألعسكرية في ألمنطقة، وبألتالي ألتأثير في ألمصالح ألاقتصادية للأقطاب ألدولية ألأخرى، كروسيا وألصين، من أجل تثبيت وديمومة نظام ألقطب ألواحد. ولو إستثنينا جدلآ جميع عناصر هذه ألمنظومات ذات ألأهمية ألحيوية لأمريكا كزعيمة للاستقطاب ألمهيمن على ألعالم لحد ألآن، فان مصادر ألطاقة وسبل تسويقها لأوربا يجعل نظام ألاستقطاب ألعالمي على ألمحك. وفي لعبة ألامساك بمقدرات دول وشعوب ألمنطقة، يصطف ألمستفيدون من نجاح هذه أللعبة (إن قدر لها أن تنجح)، وعلى رأسهم تركيا وإسرائيل وألرجعيات ألعربية، في تحاف براغماتي يهدف لتنفيذ مشروع ألشرق ألأوسط ألجديد.

ما هو موقعنا نحن كاشتراكيون أو حتى كوطنيون تقدميون من هذه أللعبة؟ وللاجابة على هذا ألسؤال يجب أن نجيب أولآ على أسئلة آخرى: لمصلحة من بقاء وديمومة نظام ألقطب ألواحد، ألذي تهيمن فيه أمريكا على مقدرات شعوب ألأرض؟ أليس في وجود هذا ألنظام ألدولي إنتقاصآ لحرية شعوب ودول ألعالم وتحديدآ لاستقلاليتها في إتخاذ قراراتها سواء في ألشأن ألوطني أو ألشئون ألاقليمية أو ألدولية؟ وهل سيكون من ألممكن وألواقعي، في هذه ألحالة، إنشاء أنظمة ديمقراطية تسمح بألتغيير ألاقتصادي ألاجتماعي لصالح فئات وطبقات ألمجتمع ألطليعية، كما يطمح لذلك أصدفاؤنا ألكتاب وألمناضلون أليساريون ألذين أتيت على ذكرهم في بداية هذه ألمقالة ألمتواضعة؟ ألاجابة على هذه ألأسئلة وغيرها تفترض بألدرجة ألأولى وجود "مبادئ" وألأهم من ذلك هو ألانتماء لهذه "ألمبادئ".

وأخيرآ، فمن هي ألقوى ألسورية ألتي تقود عملية ألتمرد ألآن، وألتي يقدر لها ألامساك بمقاليد ألحكم في حالة تغيير ألنظام وفقآ للسيناريو ألأمريكي- ألتركي- ألعربي ألرجعي، ألمبارك إسرائيليآ؟ ولكي لا نضلل أنفسنا وألاخرين، يجب أن نتجنب أوهام تصف حركة ألتمرد ألتي يقودها مجلس إسطنبول على أنها "حركة شعبية" بزغت "بذاتها" من "ألعمق ألسوري"، متوجسة "نبض ألشارع" (!!!)، فلا بأس من إستعراض تاريخي سريع لبداية ألاحداث. ومن ألمعلوم أن ألبداية كانت باطلاق ألدعوات عبر ألانترنيت، تكرارآ للسيناريو ألمصري، للتجمع وألتظاهر، ولكنها لم تأتي بأي نتيجة ولم يخرج للشارع في موعدين متتاليين حتى متضاهر واحد. عندها تقرر أللعب على ألمكشوف، بادارة حملة إعلامية مكثفة ضد ألنظام ألسوري، مستغلة لحادثة إعتقال مجموعة من ألأطفال ألذين دفعوا للكتابة على ألجدران، ويا لها من سادية يشرك فيها ألأطفال في لعبة كهذه. تبعها خروج ألمتظاهرين في 18 آذار. وقد طغت على جميع ألمظاهرات منذ ألبداية ألشعارات ألسياسية وألطائفية وألدينية ألمنددة بألمسيحيين وألشيعة وألعلويين، وكتحصيل حاصل، ألتوعد وألشتيمة لايران وحزب ألله و"عملاء" إيران في ألعراق. وفي حمى ألشعارات ألعدوانية، لم يأت ذكر للمطالب ألشعبية أو ألخدمية. كما أن ألسلاح قد رفع من قبل منظمي ألتظاهرات منذ أليوم ألأول للتظاهر، حيث سقط يومها مدني واحد و25 رجل أمن. وتتواصل ألأحداث ألمأساوية في سوريا متناسقة مع ألتدخلات ألاقليمية ألسافرة. فقبل أن يتحرك ألجيش ألنظامي ألسوري لاستعادة جسر ألشغور من ألمتمردين، وقبل أن تبدأ حركة أللجوء إلى خارج سوريا، شرعت تركيا في نصب معسكرات للاجئين ألسوريين على أراضيها. ثم وبعد أن فشل ألمخطط ألتركي في زعزعة ألاستقرار في ألمناطق ألسورية ألمحاذية لحدودها وإنتزاعها من سيطرة ألنظام ألسوري، بادرت قطر في تأسيس مجلس إنتقالي سوري على غرار ألمجلس ألانتقالي ألليبي. ومن ألمفارقات ألتي تناقلتها وكالات ألأنباء حينها، هو أن تعيين برهان غليون رئيسآ للمجلس ألانتقالي كان قد تم دون علمه في ألبداية ثم جرى "ألتفاهم" معه فيما بعد من قبل ألقطريين.

ألقوة ألأساسية ألتي تقف وراء حركة ألاحتجاج ألسورية ، وذراعها ألتنفيذي وألعسكري ألضارب، هي حركة ألاخوان ألمسلمين وألتيارات ألسلفية ألسورية. ولا يغير من هذا ألواقع شيئآ، أن يرصع ألمجلس ألانتقالي بشخصيات علمانية لا حول لها ولا قوة، يسهل ألتخلص منها بعد إستلام ألسلطة كما حصل تمامآ في ليبيا. وقد كان ألمجلس ألانتقالي منذ تأسيسه عرضة للتناحر ألداخلي وألانقسام ألذي كان سببه ألرئيسي فضاضة ألتيار ألسلفي ألذي لم يراعي ضرورات ألتقيد بشعارات مشتركة للمجلس وفضل عليها شعارات مثيرة للفتنة ألدينية وألطائفية. عدا ألاخوان ألمسلمين وألسلفيين، هناك حضور للقاعدة ومتطوعين من بلدان مختلفة يقاتلون على ألأرض ألسورية، وأعتقد أن أي متابع للشأن ألسوري قد إستمع لتصريحات رئيس ألوزراء ألليبي وألتي يعترف فيها بوجود متطوعين ليبيين في سوريا، كما أن ألنداء ألذي وجهه أيمن ألظواهري كان واضحآ ولا لبس فيه.

لا ريب في أن هذه ألتيارات ألمهيمنة على حركة ألاحتجاج في سوريا وألرجعيات ألعربية ألداعمة لها، ليست مؤمنة وغير معنية أساسآ بألديمقراطية وغير مؤهلة لا عقائديآ ولا سياسيآ لبناء نظام يقوم على أساس إحترام ألحريات ألشخصية. يسخر ألكاتب ستيفن كوانز من أن يضع ألخليجيون أنفسهم في جبهة واحدة مع"ألمناضلين من أجل ألديمقراطية" في سوريا، ويشبه دعواتهم هذه بتلك ألتي كانت تجاهر بها (ألوول ستريت جورنال) في توصيفها لنقابة ألتضامن ألبولونية في ألحقبة ألاشتراكية بأنها "ألوجه ألحقيقي للاشتراكية في بولونيا"، هذا مع أن (ألوول ستريت جورنال) لم يكن ليقدم أي دعم إعلامي للتضامن لولا إدراكه بأن سياسة ألتضامن تقوم بألأساس على معاداة ألاشتراكية.

وختامآ، أستذكر كلمات قرأتها منذ أربعة عقود؛ ماذا يجمع بين رأس ألسمكة ألمتفسخة ألجائفة، وبين ذنبها....وبين زعانفها....وأحشائها...ألجيفة...ألجيفة بلا ريب وبلا حيرة...أما ألذين لا يشمون أو ألذين يضعون ألبهارات وألتوابل على ألسمكة ألمتفسخة، فلقاؤنا معهم بعد ألأكل...ورب قيئ لا يفيد ولا ينقذ من ألتسمم.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألذاكرة وألتوبة
- أفكار إشتراكية في ألمسألة ألقومية
- لمن تقرع أجراس ألربيع ألعربي
- يسار خارج ألزمان وألمكان
- ألإشتراكية وألديمقراطية
- ملاحظات نقدية على ألوثيقة ألفكرية للمؤتمر ألوطني ألتاسع للحز ...
- أليسار ألعراقي ورياح ألتغيير
- أقكار حول ألملف ألخاص بمقترح إنشاء فضائية يسارية علمانية


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جاسم ألصفار - قراءة هادئة للوضع في سوريا