أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان سمير غانم - الشرق الأدنى من عبادة المرأة الى استعبادها















المزيد.....


الشرق الأدنى من عبادة المرأة الى استعبادها


سليمان سمير غانم

الحوار المتمدن-العدد: 3700 - 2012 / 4 / 16 - 22:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المرأة الاسم المؤنث للمرء. الند الوجودي المكمل للرجل و المانح لاستمراريته, حبيبة الذكر الأولى و ألهته الأولى. حضورها الأنثوي البارز كان ولازال موضع جذب عاطفي و فكري للرجل سيطر عليه و طغى على فكره الأول. هذا الفكر الذي أدى الى جعل مكانتها موضع تدرج متغير في وعي المجتمعات عبر التاريخ انعكس دوما على وضعها الاجتماعي والانساني. جمالها الأنثوي القوي و جاذبيتها رافقا الوجود البشري منذ فجر التمدن أو قبله. مكانتها الاجتماعية عبر التاريخ تغيرت مع المراحل المختلفة صعودا و هبوطا كمؤشر على رقي تجمع ما و تطوره و طبيعة العلاقات الاجتماعية و الانسانية التي تحكمه. لقد تصدرت طبيعة علاقاتها مع الذكر مشهد الحركة والحيوية في المجتمع على مر الزمن. فمنذ فجر الانسان العاقل في العصر الحجري ما قبل الكتابة نجد أمامنا الكثير من الشواهد الأثرية التي من الممكن وصفها بالأعمال الفنية المبكرة تشير الى أهمية المرأة في وعي التجمعات البشرية الأولى كمخلوق بشري جميل أو كألهة مشاركة في فعل الخلق, هذه الشواهد تنحصر في الرسوم و الدمى الحجرية التي تمثل أنثى بجسد مكتمل الأنوثة نراها تصور مكتنزة في أجزاء جسمها الفاتنة كالصدر و الوركين, من خلال هذه الميزات الفنية نستدل أن تصويرها بهذا الشكل كان ذا انطباع ذكوري واضح الملامح أنتجته فكرة الرجل عن المرأة في تلك التجمعات باعتبارها نصفه الناقص, و مبرر وجوده, هذا الهاجس الغريزي الذي سكنه منذ بدايات وجوده كان له انعكاسات أدت به الى اعتبارها غاية تجسدت لديه على شكل الألهة الأم, و الشريك في الربوبية و الخلق. لا يعرف على وجه التحديد السبب الأساسي الذي جعل للمرأة مكان مقدس في اللاوعي البشري فهناك من الباحثين من يرى أن العوامل النفسية كانت المؤثر الأكبر في علاقتها مع الرجل و هنا لعبت علاقة الحب و العواطف وميول الجنسين لبعضهما البعض الدور الأبرز بمكانتها لديه. من العوامل البدائية في ترسخ صورتها المقدسة لديه كان الانجاب الموازي للخلق بالمفهوم الواقعي الملموس كفعل أثر بقوة في ذاكرته عبرعملية مشاهدة خروج الجنين من رحمها, هذه العملية ربما كانت الدافع الأكبر لجعلها أيقونة للخلق في طريقة تحليله المبسط للأمور في تلك الحقب البعيدة. عوامل أخرى لعبت هذا الدور بما فيها الغريزية كالجنس و التي دفعت هي الأخرى المرأة الى حجز مكانها المقدس في عقل المجتمع الذكوري الأول. عاطفة الأمومة أيضا كانت حاضرة بقوة, خصوصا ما تعنيه الأم في اللاوعي و الوعي للمجتمعات البشرية عامة. بالاطلاع على رمزية الأنثى في تلك المجتمعات نراها دوما مجسدة لأدوار الأم, الجمال, الحب و الخصب, هذا الأخير الخصب, كان من أوضح العوامل التي أدت الى تبلور المرأة كربة للعطاء و الحياة التي كانت بدورها نتيجة لارتباط التمدن الأول و الجماعات المتحضرة الأولى بالزراعة و ما تقدمه المنتجات الزراعية للمجتمع من موارد مهمة في معيشته و استمراره, فكان لممارسة المرأة للطقس الزراعي كالبذر والحصاد و الارتباط مع الماء و الدورة الزراعية المترافقة في فعلي النمو والحصاد دور كبير في حفر شكل الأنثى كصورة مرتبطة بهذه الحرفة و مترسخة في العقل الجمعي المدني الأول كألهة للخصب, خصوصا أن المرأة ككائن لطيف لم يكن يمارس الصيد مع الذكر في بداية ظهور الحرف, و بما أن الزراعة و تدجين الحيوان كانت الحرفة الأولى التي تبلورت بشكل متكامل في تاريخ التطور المدني و ظهور الطبقات الاجتماعية و تقسيم العمل فلقد أدى اشتغالها أي المرأة بهذه الحرف و ممارستها أن أصبحت ركنا أساسيا في المجتمع لايقوم من دونه توازنه و انتاجه وكمكمل لما سبق كان لعلاقة الحب و توابعها العاطفية مع الذكر الدور الأكبر في جعلها من الصور الأجمل حياتيا في مخيلة الرجل الشرقي الأول كصورة في الذاكرة, كل تلك العوامل متضافرة أدت الى وصول قيمتها لديه مرتبة القداسة, فانتشرت عبادتها في التجمعات الزراعية الأولى لشعوب الشرق الأدني القديم جنبا الى جنب مع الألهة المذكرة و ليس أدل على ذلك علميا و ماديا من الكمية الكبيرة للقى الأثرية التي عثر عليها في التلال الرافدية تمثل الأنثى الأم و التي تعود الى عصور متقدمة في الحضارة سواء العبيد جنوب بلاد الرافدين أو حلف شمال بلاد الرافدين و التي ترجع الى عصر ما قبل الكتابة و السلالات أي 4500 قبل الميلاد. في عصر السلالات و بعد اختراع الكتابة 3200 قبل الميلاد نرى مكانتها المتقدمة موجودة بقوة وبشكل توثيقي مكتوب لدى شعوب التمدن الأولى كالسومريين, الأكاديين, الأشوريين, الفينيقين و الأراميين. في هذه الحضارة لم تغب الأنثى عن الألوهة و الكهنوت المرتبة الوجودية الأولى في الشرق و لم يخف تأثيرها في المجتمع كألهة أو كطبقة اجتماعية منتجة و الشواهد الأثرية و المادية من تلك الحضارات غنية عن حضور المرأة سواء كألهة مستقلة للخصب مرادفة للاله الذكر أو كزوجة له (عشتار مثلا), في الهكيلية الدينية نراها أيضا ككاهنة لخدمة طقوس المعابد( كأورننيا في ماري مثلا) ومن المعروف أن الكهنوت الديني كان موازي للهيكلية السياسية بل المانح لشرعيتها عبر تفويض الألهة للحاكم الذي كانت ترعاه الألهة المذكرة والمؤنثة على السواء في تلك الحضارات فحتى المدينة في تلك العصور كانت تتشكل هيكليتها الادارية و العمرانية بالدرجة الأولى على وجود قصر الملك و المعبد اللذان يتربعان في المنطقة المرتفعة من المدينة. في هذا الوسط الحضاري يكمن بوضوح الحضور الديني القوي للأنثى في حضارات الشرق الأدني و الذي جعلها على الصعيد الانساني أكثر لطفا و نعومة من بقية الأديان التي غاب فيها الحضور الأنثوي للاله. في تلك الحضارات كان لابد لهذه المكانة أن تنعكس على وضع المرأة على أرض الواقع و أن تعامل كند حقيقي و خصوصا أنها كانت حاضرة في وعي الذكورة في تلك العصور كألهة متممة للوجود و رمز لخصوبة الطبيعة أي الأرض التي يقطنها الكائن البشري علاوة على ذلك حضورها المادي كند للرجل في العمل فتصور دوما في الحقل الى جانبه يدا بيد و عليه كان من من المفروغ منه أن يكون احترامها في المجتمع المادي الأول لتلك الحضارات ظاهرا للعيان ككائن مؤثر, مستقل, ومنسجم بتناغم في نسيج المجتمع.
مع التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأدنى القديم بظهور سلالة ابراهيم الخليل لاهوتيا و ترسيخ الديانة التوحيدية التي دخلت الشرق مع الاله الذكراختلفت النظرة للمرأة و مرة ثانية تدخلت طبيعة المجتمع و طبقاته و خصوصا طبيعة المجتمعات الرعوية القبلية البعيدة عن الاستقرار و التمدن الدور الاساسي في تدهور وضع المرأة في القبيلة المتنقلة الغير مستقرة. فقبيلة بني اسرائيل كانت صحراوية رعوية يلعب فيها الرعي و الغزو و التنقل الدور الأكبر في صياغة شكل المجتمع, هذه الطبيعة فرضت على المجتمع نوع من الخشونة غاب فيه دور المرأة المؤثر كعنصر منتج فاعل أو موجود كركن أساسي في صياغة العلاقات في القبيلة , هنا نرى الدور الأنثوي يضمحل في تشكيل صورة المجتمع بل انحدر الى أن تحولت الى عبء على الرجل في مجتمع يلعب فيها الذكر دورا اجتماعيا بطركيا كشيخ للقبيلة مكلف غيبيا بالقيادة و الزعامة بتفويض قطعي من اله القبيلة الذي كان على طول تجلياته ذكرا فظا خشنا من أدوناي الى يهوه بجميع مسمياته و هو ما جعل ممثله في العالم المادي زعيم العشيرة يتمسك بالذكورة بأقسى أنواع تطرفها و يعمل من خلال تفويضه الالهي الذكوري على ترسيخ دوره الالهي للسيطرة على المرأة و تميزه عنها فهو لم يجد ما يمنحه التميز و التعالي عليها في العالم المادي, فالمرأة ند ذكي و جميل و مخادع يستطيع الحصول على ما يرغب ان قام باستخدام عقله و جاذبيته و حيله لذلك كان لابد بالاستعانة بالغيب لاقناعها بالتخلي عن تميزها و دورها في القبيلة لصالح الذكر الذي استبد في ممارسة هذا التفويض الغيبي الى درجات بعيدة في طريقة التعامل مع المرأة يظهر بوضوح في الديانة اليهودية و خصوصا في موضوع تعدد الزوجات و الحجاب و في تفاصيل ليس أولها و أخرها عدم المساواة مع الرجل, فمثلا في قبيلة بني اسرائيل كان يجب عليها أن تمشي خلف الرجل و ليس بمحاذاته في الشارع. برزت أيضا ظاهرة تعدد الزوجات و الجواري المملوكات كعبيد لدى السيد الذكر فنرى النبي ابراهيم متزوج من ثلاثة نساء هم سارة, هاجر و قطورة, عدا عن عدد من الجواري المملوكات من قبل سيد العشيرة و فوق ذلك نرى قصته الحياتية الانسانية معهم تتبلور حول الدين و من منهم تستطيع أن تنجب له الذكر الفحل البكر لا غير الذي سيحمل اسم الاله و الدين و الذي سيسيطر بذكورته و فحولته من جديد على المجتمع و التفكير بصياغة علاقات و تقاليد اجتماعية أثرت بشكل سلبي على دور المرأة في المجتمع على الصعيد الخاص و العام.
مع الديانة المسيحية و الأدبيات الجديدة للعقيدة الناشئة عادت اشكالية المرأة و الدين للظهور في المجتمع بقوة. قد تظهرعلى أنها تفاصيل غير مهمة لكن مما لاشك فيه أن المسيحية كدين شرقي جديد في تلك الفترة أثر في تركيبة المجتمع من جديد و غير الكثير من العادات والأفكار السائدة ضمن التجمع اليهودي, فالمسيح المولود لعائلة يهودية في القدس كان شريعته أقرب الى مجتمع المدينة المقدسي منه لليهود الأوائل القساة الصحراويين و هنا ينعكس هذا التمدن في الشريعة عبر الحضور اللافت و المميز للمرأة في الديانة المسيحية عبر مريم العذراء أم المسيح و التي اعتبرت والدة للاله الطفل, هنا نرى الدور المرتفع الممنوح لها كأنثى مقارنة بمجتمع اليهود و تقاليده الدينية و عاداته الاجتماعية و خصوصا عندما نرى أنه تم تجاوز انجابها لولد من دون ذكر و هو ما كان يعتبر من أشد الكبائر في المجتمعات الشرقية التوحيدية في ذلك الزمن ومع ذلك تم تجاوز الأمر و اعتبرت والدة للطهارة ووالدة للاله الابن. لم يقتصر هذا التميز للمرأة في المجتمع المسيحي بمرتبة مريم العذراء الدينية لا بل هناك أمثلة أخرى في الأدبيات المسيحية عن كيفية التعامل مع الأنثى ككائن محترم و مستقل و ليس أدل على ذلك من قصة تعامل المسيح مع ماريا المجدلية لا بكونها امرأة عاهرة أو زانية بل على اعتبارها مخلوق انسان يملك العقل يخطئ مرة و يصيب مرة أخرى كالذكر تماما. هنا نرى نرى أن المسيح جعل من نفسه رمزا و مثلا يحتذى في هذه التعاملات مع الأنثى, هذا الاحترام للأنثى انعكس في ما بعد في قيمة المرأة بتوليها كافة مناصب المجتمع حتى لو كانت كهنوتية فنرى قديسات و راهبات في الديانة المسيحية بينما لانراهم في اليهودية والاسلام و هذا عائد الى طبيعة المسيحية و تبلورها في مجتمع المدينة على عكس الديانتين اليهودية والاسلامية اللتين تبلورتا في جفاف الصحراء و قوانينها القاسية. علاوة على ذلك كان للدور الذي لعبه المسيح رأس الهرم اللاهوتي في احترامه للأنثى أن أتيح لها المشاركة في الأمور اللاهوتية من دون النظر أو التوقف عند طبيعة جسمها و الحيض و الأمور الأخرى التي نراها في مجتمعات شرقية كثيرة مسألة جوهرية في التعامل مع المرأة دينيا أو اجتماعيا و الاستعلاء عليها. و هو ان دل على شئ سيدل على الثقة التي منحتها الديانة المسيحية للأنثى على أساس مقدراتها العقلية فقط و ليس الجسدية و من هنا أتيح لها المجال للمشاركة بقوة في المجتمع و خصوصا في مقاربة القضايا الروحية و المادية على السواء باعتبارها ند للذكر في الانسانية.
بعد المسيحية و التميز الأنثوي في أحضانها كمكانة راقية, ظهر الاسلام العقيدة الجديدة في الشرق, و معه بدأت تختلف النظرة للمرأة مرة أخرى و خصوصا مع عودة مظاهر الألوهة الذكورية الواحدة الوحدانية التي جددها الاسلام و التي لاتشترك فيها أي عناصر أنثوية, فكانت العقيدة قاسية و خشنة كاليهودية تماما في أدبياتها. لكن قبل الخوض في الموضوع يجب التركيز على موضوع المراجع و المصادر الاسلامية فمن اللافت في تاريخ الاسلام بشكل عام هو عدم وضوح خيوط التعاطي مع القضايا الانسانية أو الأمور المصيرية في بدايته بشكل محدد و واضح كبقية الأمم و خصوصا عندما نعلم موضوع أزمة المصادر و المراجع التي نقلت لنا كل المعلومات عن نبي الاسلام. فعند كل أمم الأرض نشأ علم التاريخ و السير في فترات مبكرة الا عند العرب فقد تأخر الى القرن التاسع الميلادي أي بعد قرابة ثلاثة قرون من النبي محمد و لم يتبلور كعلم تاريخ مستقل الا في القرن العاشر الميلادي عالرغم من أن المصادر التاريخية التي تغطي الحدث التاريخي كانت بعد اختراع الكتابة دوما معاصرة للحدث الا في التاريخ الاسلامي فأقرب مصدر تاريخي كتب عن النبي محمد كتب بعد ثلاثة قرون من وفاة محمد أي في القرن التاسع الميلادي و من المعروف أن هذه الثلاثة قرون شهدت الصراع السياسي الطاحن على الحكم بين الصحابة و أحلافهم السياسية و هنا تكمن خطورة المعلومات المنقولة الينا. هذا الفراغ في التوثيق أو الفراغ التاريخي التوثيقي من المرجح أن يكون قد شابه الكثير من التحريف و التزوير و التحيز للأطراف المتصارعة من دون استثناء. فكل منهم عمل على اضفاء طابع أحقيته على حساب دقة المعلومة التاريخية الورادة عن النبي. في هذا الجو الضبابي و الوسط الصراعي خرجت المصادر الاسلامية بعد ثلاثة قرون لتخبر عن قصص الرسول بما فيه التعاطي و المعاملات مع المرأة و التي للأسف لم تأت بشكل انساني مشجع فمن تعدد الزوجات الى ملك الجواري و السرائر الى قصص الحور العين لم يكن سجل النبي حسب هذه المصادر مع النساء ينم عن تميز للمرأة في المجتمع الجديد أو في أدبيات العقيدة الجديدة و طبعا الكلام دوما للمصادر الاسلامية الأم نفسها التي ربما لم تنصف محمد كفيلسوف انساني بل صورته على أساس كائن متعدد الزوجات و قوي جنسيا يحب النساء متزوج من خمسة عشر أنثى في وقت واحد الى غيرها من القصص التي تتحفنا بها المراجع العربية بما فيها صرا زوجاته و كيدهن فيما بينهن الى أخره من القصص المخزية في التاريخ الذي يعتبر دينيا للمسلمين و الذي من المرجح أن يكون مجرد قصص أدمجت في سيرة النبي لتبرير أفعال الخلفاء في العصرين الأموي و العباسي. في هذين العصرين الاسلاميين لا يخفى على أحدنا القصص المتواترة التي تصل حد الخرافية عن الخلفاء و النساء (هارون الرشيد مثلا ) في هذا الجو من الممكن أن يكون هناك الكثير من التزييف في المصادر بهدف تبرير الكثير من الممارسات و صبغها بالطابع الشرعي متمثلا برأس العقيدة النبي محمد. من الأمور اللافتة أيضا في تاريخ الاسلام حسب المعلومات الواردة في مراجعه الأساسية الكثير من التخبط فعندما نرى أطراف الصراع كعمر بن الخطاب أو علي بن أبي طالب لا يحترمون المرأة وكيانها ككائن موازي للرجل في الحياة و الحقوق و بحسب المراجع التاريخية المتوافق عليها من قبل أنصارهم أنفسهم فالأول يصفها بالمخلوقة للتمتع بها, بينما الثاني يصفها بناقصة العقل و الايمان, مع ذلك نجدهم نفسهم و مع أنصارهم يعتمدون في نقل السنة النبوية و اضفاء الشرعية على أحقيتهم في ارث نبي الاسلام على العنصر الأقرب الي الرسول نفسه النساء فالطرف الأول يعتبر عائشة المصدر بينما الطرف الأخر يعتبر أم سلمة المصدر, في هذه المفارقة غاب عن العقلية الذكورية المسلمة أن المرأة شريك حقيقي للرجل ولم يستطع عقل المسلم الذكر بالرغم من اجحافه بحق المرأة الا أن يسقط مرة أخرى تحت سطوتها عبر استغلال علاقتها و قربها من رجل ذكر ( النبي محمد) و ذلك لتقوية موقفه الوجودي وان كان من دون قصد فالاسلام و رجاله الذين يصفون المرأة بأنها ناقصة عقل و عورة يستندون في سيرتهم النبوية عليها و هي ناقصة العقل بنظرهم ؟ كيف لا و هم من نقلوا للأجيال علاقة نبيهم بالنساء الكثيرات؟ ... بالرغم من كل التشكيك بكون الاسلام الأول لم يكن كالذي وصلنا الا أنه لا يمنعنا من القول أن الاسلام الحالي بجميع مذاهبه ينظر الى المرأة نظرة مذرية الى درجات بعيدة تختلف درجاتها من مجتمع الى أخر ولكن يميزها في كل الأوضاع مسألة عدم احترامها كعقل كامل أو مصدر ثقة لتحمل المسؤولية و تتصدر طبيعة الجسد الأنثوي الكثير من التعاملات أو العادات و بذلك لم ترق الى مستواها الانساني الطبيعي كما في بقية المجتمعات المتقدمة التي لا تتميز فيها المرأة عن الرجل الا في لطفها و أنوثتها فهي كاملة الحقوق في تقرير مصيرها و متابعة تعليمها حتى في بلوغ مراحل الأمور القيادية للأمم. هذا للأسف غير موجود في المجتمع الاسلامي فبينما تشغل بجانبها الجسدي عقل الفرد المسلم طيلة الوقت نراه لا يستطيع النظر اليها كعقل أو كند. في كثير من الأحيان يأتي تعاطي الذكر المسلم مع المرأة غير مبرر منطقيا و لأنه غير مبرر نجد الرجل يستند في قمعها أي المرأة على الشرع و العادات و التقاليد البالية . ولأن العقل شبه مغيب كليا في مجتمعاتنا فبدلا من المنافسة بين الذكر و المرأة حل استبداد الرجل مكان الندية وقطع مراحل متقدمة للسيطرة عليها حتى غاب عقلها في ذاكرته الجمعية و ظهر ذلك جليا في ثقافة المجتمع و انعكس حتى في لغته فنرى مثلا عبارة تترد كثيرا في مجتمعاتنا (هل ترضاه لأختك ؟ بدلا من العبارة المنطقية هل ترضاه أختك ؟) و نراه واضحا في عدة أمور منها طريقة تزويجها التقليدية من دون موافقتها أو رأيها في أغلب الأحيان ...اعتبارها نصف كائن ذكري في قضايا الميراث... في مجتمعاتنا حتى في المناسبات الانسانية الوجدانية تهمش المرأة حتى لو كانت من أصحاب العقول و الشهادات فمثلا عند الوفيات كوفاة الأهل في المقابر ترى المرأة تقف في الصفوف الخلفية حتى لو كانت من أصحاب المؤهلات العلمية التي تفوق الرجال الذين يقفون في الصف الأول مع العلم أن الأغلبية من هؤلاء الرجال ربما لا يصلون الى مستوى سلامتها العقلية !! شخصيا لا أعتقد في النظرة المتواجدة حاليا عن الاسلام بأنها كانت نفسها مع الاسلام الأول فلدينا الكثير من القصص المنقولة بتواتر تتحدث عن النساء المسلمات الأوائل و أحاديثهم في مجالس الرسول و الصحابة وفي كافة أمور الحياة الدنيوية من الجنس الى الحرب لذلك لا نستطيع اعطاء حكم قطعي بأن أوضاع المرأة كانت على ما هو عليه اليوم. حتى العقلية الاسلامية من غير الممكن أن تكون منحطة الى هذا الدرك الأسفل الحالي من الواقع الفكري فلا أعتقد شخصيا أن الأموي الذي حكم العالم من الصين الى اسبانيا هو نفسه مسلم اليوم المغيب عن عقلية المنطق في التعاطي مع أمور الدنيا ؟ للأسف هذه الموروثات لانعرف ان كانت من عصور الانحطاط المملوكية أو التركية أم أنها تعود الى هزائم و نكسات الرجل المسلم فبعد أن خسر الأرض و الحياة و الاقتصاد سقط مهزوما و عندما نهض لم يجد أي شئ يستطيع أن يعيد له فحولته الحقيقة الضائعة الا المرأة المسلمة فعمل على تحطيمها ليعطى لنفسه انطباعا فحوليا بالانتصار على شئ ما في هذه الحياة التي فشل في جميع مناحيها. ومع عدم التأكد فيما اذا كان الاسلام الأول كذلك الأمر في التعاطي مع المرأة لكن من المفروغ منه أن الاسلام الحالي لا وجود فيه للمرأة الا كشئ يملكه الرجل أو كعورة و ناقصة عقل في مجتمع غاب فيه العقل و المحاكمة بطريقة واضحة ليست بحاجة لتوضيح. الخطر الأكبر اليوم يكمن في اقتناع المرأة المسلمة بواقعها المذري و عدم العمل للتمرد عليه بل غلى العكس نجدها في أغلب الأحيان سعيدة بدور العبدة الخادمة متماهية معه حتى وصلت بها الأمور الى أن نراها في بعض الأحيان تذهب لطلب يد فتاة لزوجها الفحل في مشهد سريالي لا يمكن فهمه أو تبريره لدي الأمم الأخرى!!! من المفروغ منه أيضا أن هذا المجتمع لن يخرج من التيه و التخبط الوجودي الا بعودة العقل التي سيعيد قطعا مسألة التعامل مع المرأة الى الواجهة كند و على أساس العقل نفسه كعنصر أساسي في بناء المجتمعات و تطور شكلها الحضاري.
أخيرا لا بد من الاعتراف بحقيقة ما يلي: في قصص الخلق, في الأساطير, في السير الشعبية, في أحداث التاريخ, كانت المرأة دوما عنصرا أساسيا في الحدث. على أرض الواقع هي الأم والحبيبة الأخت والصديقة. فلماذا يتم التعامل معها بمبدأ الضد المتناقض و الذي يجب الاقتصاص منه ؟ فكما يقول هيراقليط "أن المتناقضات ليست سوى مراحل مستمرة, و كل من الضدين ضروري لوجود الأخر و لادراك معناه. و الوجود هو الوحدة والانسجام بين الأضداد. و في الصراع بين الرجل و المرأة تتصادم الأضداد و تلتقي لتؤلف الوحدة المستترة و الانسجام الخفي للحياة"
مما يعني بوضوح ترسيخ مقولة لاحياة من دون حب و لا حياة متزنة وجوديا من دون الجنس الأخر ......
عزيزتي المرأة المسلمة هو لا يستطيع العيش من دونك و في نفس الوقت لا يقدر الا عليك.... علميه أن لا شئ يجمعنا سوى الحب و الانسانية و المساواة عندها فقط سيعود انسانا و ستعودين ......



#سليمان_سمير_غانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان سمير غانم - الشرق الأدنى من عبادة المرأة الى استعبادها