أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالامير الركابي - الموقف العربي من منظار عراقي معارض















المزيد.....

الموقف العربي من منظار عراقي معارض


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 251 - 2002 / 9 / 19 - 03:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

ربما تخايل للرئيس العراقي انه قد تمكن أخيرا من <<إحراز>> مأثرة دبلوماسية فالعرب كلهم كما يقول وزير خارجيته أيدوا القرار الذي اتخذه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاخير.. شوط طويل أمكن اجتيازه اخيرا لتنتهي او تكاد قطيعة وعزلة لا تقاربها او تكاد تشبهها في التاريخ العربي المعاصر؛ سوى العزلة التي أحاطت بمصر بعد زيارة السادات لتل أبيب وإقدامه على عقد <<كامب ديفيد>> والمناسبتان لا تتشابهان سوى في المدة والاقتراب من الاجماع؛ بينما تتعارضان في كل شيء؛ الاولى كانت بمثابة اقرار عربي لاحق بالفشل وبالرضوخ لريادة <<دراماتيكية>> على طريق التسوية وقبول مبدأ التفاوض مع اسرائيل؛ بينما الثانية تأتي وكأنها اعادة انتاج نظام لم يغير اي شيئ من ثوابته المعروفة ولا يزال هو ذاته النظام الذي تفجر بعد عام 1990 وبسببه؛ الاولى انتهت بشيء من عذر واقعي ما؛ بما ان بطلها اغتيل وغاب؛ بينما الثانية تتعامل مع نظام لم تسقط من طبيعته شعرة واحدة ولم يتزحزح قيد أنملة.
ما يستخلص من المناسبتين وبالاخص ما يجري الآن بالذات هو مثول قوة ثابت اعلى في السياسة العربية تبرره حمية الحفاظ على النظام الرسمي؛ فالعراق الحالي لا يربح جولاته الدبلوماسية ببراعة القائمين عليه ولا حتى بقوة الكرم النفطي والتجاري؛ بقدر ما يحميه ويهدم العوائق بينه وبين الآخرين خوف كارثي يتعاظم مع تعاظم التهديدات الاميركية منذرا بتحويل العالم العربي الى فوضى تذهب بنظمه ودوله المعروفة؛ وبداهة بنظامه العربي القائم حاليا والموجود بحكم الاستمرار؛ وأسباب كثيرة يصعب ذكرها الآن؛ مع انه قديم؛ ومن نتاج وبقايا تطورات وترتيبات تعود الى ما بعد الحرب الاولى وانهيار السلطنة العثمانية؛ وهو فاقد للدينامية وغير خلاق وبطيء الاستجابة بحيث اقتضى الامر منه اكثر من عقد من الزمن قبل ان يصبح مستعدا لتحسس حقيقة أصبحت الآن جلية تماما؛ يكرسها الاميركيون ويصرون على تجسيدها بإلحاح قائلين: المفتاح في بغداد.
هذه حصيلة تجعل ل<<التضامن>> العربي الحالي مغزى ادنى بكثير وأبعد من مستوى وخطورة المجابهة كما يعيها ويتحسسها الجميع؛ والانكى في هذه اللوحة هو انعدام التمايز بين الموقف الرسمي للنظام العربي وموقف الاوساط المفكرة والشعبية؛ فالقوى والاحزاب والحركات الشعبية العربية بلا رؤية وهي لا تريد التفكير بعالم عربي آخر لا تهيمن عليه الولايات المتحدة ولا النظام العربي الحالي وكل ما يصدر عنها اليوم وفي مناسبة فاصلة وتاريخية هو قدر مكافئ تقريبا لما يصدر عن النظام العربي من علائم عجز وفقدان للحيوية والحياة؛ ويبدو ان المسافة التي استغرقها النظام العربي قبل ان يعي نوع الاهمية الاستثنائية التي يمثلها الكيان العراقي والعراق عموما لضمان ثبات الوضع العربي واستمراره؛ لا تزال طويلة؛ وان تبين الخيارات التاريخية الممكنة بعيدا عن هيمنة التهديد الاميركي والتصورات النابعة من غريزة الحفاظ على <<ذات>> النظم العربية القائمة؛ سوف يستغرق وقتا طويلا ومعارك واختبارات كبرى.
وهذا ينطبق على واقع القوى الحية والشعبية العربية بقدر ما تبدو اليوم مستوعبة تماما وفاقدة لأي تمايز او خصوصية؛ فهذه القوى تحولت منذ زمن بعيد الى رديف للنظام العربي وغدت وإياه كتلة صماء لا تجد في الأفق سقفا <<ثوريا>> أعلى من النظام العراقي بما يمثله من <<صمود>> لا مثيل له بوجه التحديات والتهديدات والعدوان الاميركي؛ وهذه هي ركيزة المناخ الذي تنتعش فيه اليوم ترويجات التقَّسيم والاحتراب الداخلي العراقي واحتمالات لا بل حتمية وقوع العراق تحت سيطرة الولايات المتحدة الاميركية؛ وكأن العراق لا وجود له الا بوجود النظام وكأن لا مشكل في هذا البلد طويل ومديد وعريق وقاس الى أبعد الحدود ما زال يدور منذ زمن بعيد حول الخيارات الوطنية وهو لم يتوقف على الاطلاق واستهلك قدرات وطاقات كبيرة وسحق قوى وأحزاب ومئات من الشهداء والمعذبين وآلاف من السجناء وعشرات الألوف من المنفيين والمشردين في كل اصقاع المعمورة؛ او كأن النظام الحالي هو الذي أوجد العراق وصاغه من عدم.
لا شك في ان اللوحة الراهنة عربيا وعالميا شديدة التعقيد الا ان بعض الظواهر البسيطة تشير الى تحول الوضع العربي الى عبء هائل والى عامل من عوامل الثقل الاضافي تقع على كاهل العراق والعراقيين فيجد هؤلاء أنفسهم محاصرين بمخاوف العرب وبعجزهم وبتهافت منظور قواهم الحية وجدبها وانعدام المبادرة والخيال لديها ان لم يكن حتى بترويجها لكل ما تدعي مقاومته ورفضه؛ والدليل هو رفض اي من هذه الجهات والقوى العربية والاقليمية البحث عن احتمالات المقاومة او <<المواجهة من أسفل>> فلم نر او نسمع ابدا عن تساؤلات طرحت بهدف البحث عن احتمالات فشل العدوان الاميركي او عن ظهور حالة من المقاومة بغض النظر عن النظام او من دونه؛ او احتمال ان يتصرف العراقيون بطريقة تكرس وحدتهم بدل ما يشاع عن احتمال تمزقهم؛ ولسنا نعرف لماذا وبأي حق ووفقا لأية قواعد علمية او منهجية ناهيك عن تلك التي تؤول الى طلب المصلحة القومية والوطنية يمكن لكل هذه القوى ولآلاف المعلقين والمحللين والسياسيين العرب ان يتحاشوا كليا تناول مثل هذه الاحتمالات ويحاولوا بهذه المناسبة استنطاق الواقع والتاريخ العراقيين ويتخلوا ولو قليلا عن <<تعالمهم>> المستورد او عن رضوخهم غير المقبول للدعاية الاميركية بخصوص العراق مع مصادقتهم على كل ما تفبركه؛ وترويجهم لما يهمها الترويج له من ظواهر محسوبة ضمن وسائل العدوان السياسي والاعلامي.
مؤلم تماما ان يجد العراقيون وقواهم الحية فكرة مثل دعوة النظام العراقي الى المبادرة بسرعة وإعلان رغبته في إقامة <<حكومة انقاذ وطني>> امرا لا يقال على الاطلاق حتى من جانب أكثر الدعاة حماسة للديمقراطية وحرصا على سلامة العراق؛ علما بأن هذا المطلب قد اطلق من قبل شخص مثل جلال الطالباني وهو في أميركا يشارك في لقاءات الستة مع المسؤولين الاميركيين؛ والدلائل والمعلومات تشير كلها الى ان الاكراد سوف يكونون اول المشاركين في مثل هذه الحكومة اضافة الى التيار الواسع من الوطنيين المعارضين؛ والغريب ان أحدا لم ينتبه اطلاقا لمغزى تلك الدعوة ولا حاول ان يذكرها بجانب ما تواتر الجميع على ذكره من ترويج علني لما تريد الولايات المتحدة قوله للرأي العام الاميركي وللعالم عن وجود <<عراقيين>> يعتد بهم وهم <<المعارضة العراقية>> يقفون بصفها والى جانبها ضد العراق وشعبه ووجوده؛ ولا نعرف اذا كان هؤلاء يفكرون أحيانا في ما يكتبونه ويقولونه ام انهم يصدرون عن اقتناعات ثابتة و<<أكيدة>> و<<صحيحة>> تليق بهم كنخبة مفكرة وحريصة على مصالح وقضايا الأمة.
ينظر العراقيون اليوم بمرارة الى أفضل ما في العالم العربي من قوى فيجدونها نائمة بين ضفتين اما الترويج الاميركي او نموذج النظام العراقي وحيث يختارون جانب العراق فانهم يعتمدون بإصرار صورة من النظام العراقي هي اسوأ بكثير حتى مما يقوله النظام ويدعيه. فقبول الخيارات التي تعتمدها السلطة والخوف من توجيه النقد او تقديم الاقتراحات الضرورية والحاسمة يوافق تماما الطبيعة العقيمة التي تميز النظام وعقليته العاجزة وتخلفه الذي أثبتته وقائع العقد المنصرم عن مواجهة التحدي او الارتفاع الى مستوى المواجهة وهذا العقم الملموس لا ترجمة لمؤداه الطبيعي غير انتظار الكارثة. فالقدرات القيادية لا تتجزأ ومن لا يستطيع استيعاب أبعاد المعركة الكبرى والمديدة وما تتطلبه من تغيير شامل وطنيا لا يملك خوض الحرب المقبلة بنجاح حتى على الصعيد العسكري وها هي الدلائل المقلقة للغاية تلوح في الافق. فلقد سحبت القوات العراقية الموجودة على خطوط التماس مع المنطقة الكردية خوفا من تعرضها للقصف او انقلابها على السلطة المركزية؛ وهو نذير شؤم عسكري يشير الي نوع من احتمال الهزيمة بلا قتال.
يمكن التهوين من وطأة الموقف العربي بعمومه على العراق وشعبه فقط بالعودة لافتراض يناسب تماما التصورات التي لاحت للعراقيين منذ عام 1990 حين وجدوا حربا شاملة طويلة الامد وغير مسبوقة تبدأ فوق أرضهم ووطنوا أنفسهم على خوضها بكل فصولها؛ بتعقيداتها؛ بالتغيرات المحتملة التي ستطرأ على الفاعلين فيها؛ بالافكار والممارسات التي ستتطلبها؛ بالمآسي الرهيبة وعواصف التدمير والموت والقتل الجماعي؛ بالخذلان والصمم الآتي من المحيط؛ بسوء الفهم التاريخي الطويل وبضرورة كنس أوهام ذات طابع تاريخي راسخ لدى <<أمة>> عليها ان تغير وعيها وتنتقل الى حقب اخرى من مفهومها عن ذاتها؛ وهذا كله مرهون بتلك المعركة التي سيظل العراقيون يخوضونها ضد الاميركيين سواء بدأ العدوان او لا؛ سواء وقع العدوان وزال النظام الحالي او حدث ولم يسقط. فالشيء الأكيد والثابت في نفوس العراقيين هو انهم شعب وكيان <<صاعدين>> وانهم يطلبون المستقبل وان أسباب العدوان الرهيب والحرب التي يتعرضون لها نابعة من قوة آليات صعودهم كشعب وككيان؛ من حتميات مغادرة غزوة هولاكو الاولى ونفض بقاياها بعد مسار سبعة قرون ونصف القرن من الصعود من الموت الى المستقبل؛ من إمكانات تحقق وزنهم المعروف في التاريخ ضمن الخارطة العربية والشرق اوسطية وهذا أمر لن توقفه قوة مهما كانت ولن تحول دونه اية محاولات كبح على الاطلاق.
بمقابل ما يقوله العرب جميعهم اليوم عن عراق التقسيم والاحتراب والرضوخ للأميركيين؛ ليسمحوا لنا بأن نهديهم احتمالا آخر عن عراق صاعد ويتقدم برغم كل شيء؛ ويا حبذا لو ان هذا العراق يكون مسموعا وحاضرا لدى العرب بدل عراق الموت.
() كاتب عراقي مقيم في باريس 
 ©2002 جريدة السفير
 



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراق أميركا... وعراق العرب الحقيقي
- دور للمعارضة "غير الأميركية" في العراق ؟
- كل شيء تغيّر.. لا شيء تغيّر
- في ((حسنات)) الغزو والعدوان
- صدام حسين والسلطة؟
- المعارضة العراقية والمدخل العربي لإنقاذ العراق
- عراق صدام حسين في حقبته الروائيه
- العراق: قضية ملتهبة فوق صفيح بارد


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالامير الركابي - الموقف العربي من منظار عراقي معارض