أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - جداريات الثورة والكتابة البركانية















المزيد.....

جداريات الثورة والكتابة البركانية


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 3700 - 2012 / 4 / 16 - 01:55
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


" أن يكون المرء موضع التجاهل التام لَهُوَ أمرُ لا يطاق"
لقد ساعد الفقر والخصاصة والتهميش والازدراء الناس على كسر أغلال الاضطهاد والثورة على الظلم والتفاوت والاستغلال والمطالبة بالعدالة والحرية وبالتالي كانت الثورة في معظمها وفي أصلها من أجل المسألة الاجتماعية وذلك احتجاجا على الظروف المعيشية السيئة والعقبات التي يواجهها السكان في ايجاد فرص شغل لأبنائهم الذين يتخرجون حديثا من الجامعات. هكذا كانت الشرائح الأكثر بؤسا والأكثر ابتلاء من الفقراء والمحرومين في الصفوف الأمامية للاحتجاجات وتحول المحملون بالبؤس والشقاء ضحايا الفساد الناتج عن البيروقراطية والمحسوبية الى طلائع الثورة.
ماهي شعارات المرحلة الثورية؟ وكيف عبر عنها النشطاء ؟ وماهي الوسائل والوسائط التي استعملوه لتبليغ مرادهم والاحتجاج على الأوضاع؟ وهل تغيرت المطالب الاجتماعية والسياسية والحقوقية بالمقارنة مع شعارات الحركات الاحتجاجية والمعارضة السياسية في المرحلة ما قبل الثورية؟ والى مدى حافظت على قدرتها التحريضية بعد اسقاط الدكتاتورية؟ وهل استكملت الثورة مهامها بالعزوف عن التدوين؟
كتب الشباب على الجدران بعض الشعارات السياسية التي طالبت بها النقابات والأحزاب ولكنهم نقشوا أيضا بعض المبادئ ورصعوا عدة حكم واستشهدوا بعدة فلاسفة وشعراء وزعماء ويمكن تصنيفها وفق المبادئ التوجيهية والقيم التقدمية التالية:
- المسألة الاجتماعية:
"التشغيل استحقاق يا عصابة السراق"
" شغل حرية، كرامة وطنية"
" يا حكومة عار عار، الأسعار تشعل نار"
" خبز حرية، كرامة وطنية"
- مناهضة العولمة:
" لا مصالح امبريالية على الأراضي التونسية"
"لا تجمع ولا أمريكاني ثورتنا ثورة زوالي"
" يسقط جلاد الشعب يسقط حزب الدستور"
" أرض حرية، كرامة وطنية"
" جامعة شعبية، تعليم ديمقراطي، ثقافة وطنية"
"لا خوف لا رعب، السيادة ملك الشعب"
" مقاومة مقاومة لا صلح لا مساومة"
" الشعب مسلم ولن يستسلم"
- النقص في الشرعية:
"ينتهي القانون حينما يبدأ الطغيان" جون لوك
" ارادة الشعوب تكره المزاج" مظفر النواب
" نحن في الشارع لا نعترف بمن يحكمنا..."
"هل تونس جمهورية أم مملكة، أم حديقة حيوانات أم جسن كبير؟"
- واجب العدالة:
" العدالة العدالة، يا حكومة العمالة"
"من أجل مجلس وطني تأسيسي"
" الظلم خراب العمران، العدل أساس العمران" ابن خلدون
- الحاجة الى الاعتراف:
" صامدين صامدين من الرديف الى القصرين"
" الرحيل الرحيل، يا عصابة التقتيل"
" ديقاج ديقاج ديقاج يا خماج"
" خبز وماء والدكتاتور لا"
" ابن العامل والفلاح أشرف منك يا سفاح"
" يا وزير يا جبان شعب تونس لا يهان"
- الحق في الحرية:
" بالروح بالدم نفديك يا حرية"
" لا معنى للحرية في وطن مجرموه أحرار"
" اذا الشعب أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر" أبو القاسم الشابي
" المخاض عسير والولادة قيصرية ، تحملي الألم يا تونس، فالمولود هو الحرية."
- استكمال المسار الثوري
" الشعب يريد الثورة من جديد"
" الثورة هي الحل"
" صيرورة ثورية"
" لا تجمع لا رجعية لا رجوع للعصابة الدستورية"
" الأغلبية قامت بالثورة، الأقلية تفوز بالانتخابات"
" العصابة في السعودية، والحالة هي هي"
" اذا سقط السيد فإقتلوا كلبه فإن ولاءه لن يكون إلا لسيده"
هبوط شبابي اضطراري من الافتراضي الى الواقعي من خلال التعبير عن الاحتجاج والعصيان والتمرد يالكتابة على الحائط والجدار والسور واللافتة والواجهة ورسم صور الثوار والزعماء التاريخيين.
كانت هذه الرموز التي دونها مبدعو الثورة على الجدران الافتراضية ورسمتها ريشة الفنانين على جدران الساحات العامة. وكانت أول الملاحظات حولها أنها تتمحور حول رفض الازدراء وتطالب بالاعتراف الكامل وتكشف عن الطبيعة القمعية للنظام وتدنيسه للحرمات والحقوق وتنشد احترام الحريات والكرامة وترنو الى دولة مدنية تسيرها مؤسسات عصرية يحكمها مبدأ العدالة وتتطور عبر منهجية مرحلية.
لقد عبرت هذه المبادئ عن مختلف المراجع والحساسيات السياسية والفكرية التي كانت تنشط بشكل محدود في المجتمع المدني وعكست عن التعددية الفعلية والتنوع الايجابي والاختلاف المثري في المجتمع.
لقد عوضت الصور والجمل المدونة على الجدار الخطابات النارية والأهازيج الثورية والصيحات المدوية التي تطلقها حناجر الثوار وكانت الغاية المقصودة منها هو اعادة طلاء الواقع الاجتماعي بصبغة ثورية. لقد تحول الشعار المكتوب على الحائط الى بؤرة ثورية ومكان للإقامة في المعسكر للظلم والفساد والشر ومجال تجتمع فيه التناقضات وتتكثف عنده الرغبة في الوجود وشهوة التفكيك وإرادة الحياة وفن العصيان.
ماهو مهم أن الجدران صارت الفضاء المناسب للتدوين والكتابة من جهة المؤلف أين يجب المتلقي متعة في النظر والاستقبال والقراءة ولكنه بقي مستودعا لتخزين المبادئ والقيم التي داستها أحذية المستكبرين.
يعلن الثائر عبر تلطيخه للجدار بالحبر والدهن وكتابته للشعارات ورسمه للصور عن فعل بدئي وثورة اسمية ومنعطف تشكيلي يقدوه الخيال المبدع والذاكرة النضالية نحو تصور واقع بديل أين يدشن حركة احتجاجية تخالف السائد وتعارض المألوف وتطلق رسالة مضمونة الوصول الى القطع مع الماضي.
والحق أن الاعلان عن بداية الثورة والعصيان تكون بالكتابة على الحائط أين يخرج الوعي عن عرشه ويكسر حاجز الصمت ويخرج من بلاغة الكتب وجمالية القصائد الى الفعل الافتراضي ويلتحق بالنحن ويندمج بالبراكسيس الجماعي ويستنشق غبار المسيرات المتصاعد بعد الركض المثير في الشارع.
غاية الكتابة الثورية على الجدران هو نشر غسيل الفاسدين والتشهير بمؤامرات الملتفين وإخراج الأسرار الدفينة التي أبدت دولة الاستبداد وأبعدت الأغلبية عن ممارسة السياسة والمشاركة في الشأن العام. لقد تحول الجدار الى واجهة يفضح الممارسات اللاإنسانية ويتصدى الى العنف والتعصب ويعمل على نشر روح التمدن والتحضر وبعد ذلك يعلن المواجهة مع القبح والابتذال والعار الذي يسببه الجلادون للضحايا.
كما يبعث الجدار برسائل الى الآخرين وينتج الفعل التواصلي ويصبح فضاء عمومي للتبادل والاندماج والتلاحم الاجتماعي وينادي على الصامتين بالتحرك والتكلم وفك الحصار عن الذات وتحرير الحشود من القيود وردم أقبية الخوف وإغلاق كهوف الظلام والتفاعل مع المهمشين والخروج عن حالة الرضوخ والعطالة والذهاب الى الشارع والالتحاق بالركب وإفتكاك زمام المبادرة والإمساك بتفاصيل التاريخ.
هكذا يلغي الجدار الصمت الذي كان يخيم على الألسن ويحاصر الآفاق ويسد الآذان وينقل سخرية المنتفضين من رؤسائهم ويساهم في تحريك السواكن ويجعل الثابت متغيرا ويحول الأنظار من المركز الى الهوامش ويلفت الانتباه الى ما كان منسيا ومتروكا ويصعد به الى موقع الصدارة وركح المسرح.
كما يمثل الحائط فرصة للمناصرة وإظهار الولاء الى الحركة الاحتجاجية والانبناء الى المستقبل المجهول والضمير الثوري الغائب من شدة حضوره ومناسبة للتضامن مع المتضررين والاعتزاز بالشهداء والصراخ في وجه القدر وتحدي العدو افتراضيا في عقر داره دون أن تكون له القدرة المادية على الرد.
كم هو جميل اذن أن يحلم المرء بثورة سياسية على حائط افتراضي؟ وكم هو أروع أن ينتج هذا الحلم كتابة بركانية تقذف الفاسدين بحمم من لهب؟ ولذلك ألا يحتاج الوجدان العربي الى فضاء افتراضي مشترك يكتب فيه ملحمته؟ أليس الجدار خير أنيس ثوري وأفضل صديق في زمن الحراك الاجتماعي والمنعطفات السياسية؟ وما العمل اذا ما بقي الفقراء على حالهم من الاقصاء وإذا ما قبعوا في الظلام أينما ذهبوا وما من أحد يلتفت إليهم وألا يؤدي تجاهل وجود الفقراء الى اندلاع ثورة اجتماعية مجددا؟
المرجع:
حنة أرندت، في الثورة، ترجمة عطا عبد الوهاب، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت، 2008. ص.95.
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأي المشترك والتفكير المنطقي
- فلسفة الصورة بين المنع والإباحة
- الفلسفة الشعبية والجهل المقدس
- الأسرة والمجتمع والدولة
- إرادة الحياة والفرح المؤجل
- عام ثوري يمضي ومستقبل واعد يُطل!
- الديمقراطية الاندماجية ورهانات الثورة
- مصير الثورة العربية بعد عام من تفجرها
- الاسلام الشعبي في مواجهة الامبريالية
- المثقف التونسي والسياسة
- الفلسفة بين الأدلجة والتسييس
- الأنظمة العربية بين الصعود والهبوط
- متابعة كتاب -الثورة العربية وارادة الحياة، قراءة فلسفية-
- السيادة بين المطلق والنسبي
- مفارقة السلطة والعنف
- الثورة الرقمية والفعل الافتراضي
- تعاقب النظام والفوضى على المشهد العربي
- طبيعة التحولات المعاصرة
- الحذر الفلسفي من سطوة الخطاب القانوني
- الاسلام المستنير وأهمية العمل السياسي


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - جداريات الثورة والكتابة البركانية