|
الدكتور أحمد الكبيسي والعقلانية الدينية
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3698 - 2012 / 4 / 14 - 01:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
دفعني موقف الدكتور الكبيسي إلى الإعلان عن حركة - العقلانية الدينية - بين علماء ورجال دين نعتز بهم ونفاخر ، والعقلانية الدينية كما هي مذهب فكري كذلك هي سلوك يتبعه المرء حين يثق بالحقيقة ويؤمن بالحق ، وفي سبيل العقلانية ومن أجل سيادتها تكون الإلتزامات واسعة والجدل فيها وحولها كثير ، لأنها الحق وقليلٌ ماهم أولئك الذين يضحون في سبيلها سبيل القيم والمبادئ والكرامة ، وفي عالمنا وعصرنا الرآهن قليلٌ هم الذين يتصدون لمسائل فيها الكثير من القلق والكثير من الشك والكثير من الوهم . والكبيسي الشيخ والكبيسي الدكتور في النعت وفي الصفة هو واحد من تلك القلة في العالم الإسلامي التي تريد الحق وتسعى له من غير تزييف ومن غير خداع ، ولهذا كانت فتاواه في مجالات شتى كذلك أفكاره التي تُبث في المحطات والقنوات دليل على وعيه الغير مسبوق وديناميكيتة العالية وثقتة بأدواته المعرفية والعلمية ، تجعله أكثر المفكرين دعوة للحوار في كل قضايا الدين تلك القضايا التي طمسها التاريخ وغطت عليها أفعال الحكام المستبدين والخلفاء الملوك ، الشيخ الدكتور نفض عنا غبار الخوف وسطوة الكسوف ووهن الضعف وذهب ليُسمي الأشياء بمسمياتها ، من غير تزييف ومن غير تحريف وهو في ذلك غير منحاز لفئة ما ولا راغب بفئة ما ، بل إنه كشف الحقيقة وعرف الحق ولذلك كان واجباً عليه تعريف الناس والملأ بما هو حق وصواب . ولموقفه هذا أحترمته وأحترمت شجاعته وزادني يقين بان من يعرف الحق عليه أن يصدع به ، ولا يبالي بكلام الوعاظ والمتزلفين والمنافقين وأهل الهوى ، فمواجهة التاريخ بكل مافيه من زيف وخداع واجب وحق على كل رجل حر شريف ، وهكذا كان موقف الدكتور الكبيسي من سلبيات وآثام معاوية التي أساءت للدين وللإسلام العظيم موقف مشرف وينم عن إعتقاد وعلم صحيح ، فمعاوية هو المؤوسس والقائد للفئة الباغية في الإسلام وهو السفاح المحترف والقاتل الذي يوصف من الفئة - أ - ، وحين يتباكى عليه بعض انصاف الرجال إنما يتباكون على الباطل فيه وعلى الخديعة وعلى الإنحراف الذي فعله في السيرة وفي السلوك الإسلامي . وأنا أقول : لو لم يكن معاوية حاكماً وأميراً في فترة الظلام والإنقباض لما ساد بين المسلمين هذا الإنحراف وهذا الخلاف ، ولما ساد فيهم حكام السوء من محرفي الكلم وعبدة الهوى . إن كلام الكبيسي الشيخ هو دعوة صادقة لدراسة التاريخ على نحو جديد ووفق قيم ومعايير علمية ومعرفيه صحيحة ، دراسة هدفها ليست إعادة إنتاج بل التأسيس لمعرفة جديدة وفهم جديد ، وهذا الجهد يتطلب توفير المناخات اللازمة كذلك يتطلب الخروج من عصر الخوف والتقديس المزيف لرجالات التاريخ القديم إلى عصر التنوير والإنبعاث الجديد ، وثمة أشياء ضاغطة تدعوا إلى ذلك وثمة حقيقة في الدين تدعوا إلى ذلك . الشيخ الكبيسي هو أبن الواقع وهو ابن المدرسة الإسلامية القديمة المُعبئة عقد وتداعيات ، لكنه عرف وتعرف على الحق فمال إليه ، وهو يعلم إن العرب قد صحو من سطوة دكتاتوريات الحكم وثاروا عليها ، وهو يعرف كم هو مفيد ترشيد هذا العقل العربي الثائر ليكون واقعياً وبعيداً عن كل عُقد الماضي ، والواقعية أو لنقل العقلانية في مفهوم الشيخ تعني ترشيد الفكر والعقل العربي الجديد من خلال دعوته لتناسي ذلك التاريخ المُثقل بالهموم والأدغال ، ودعوته للتحرر وبناء عالم يتعايش فيه الجميع ، عالم يقوم على العدل والحرية والسلام وهذا لن يكون ممكناً إن أعدنا إنتاج الماضي ، بكل مافيه من خلاف وقهر وتنابز وفرقه . ولهذا أناصر الكبيسي لا لأنه تبرء من معاويه وحسب بل لأنه نبهنا إلى خطورة الإنزلاق في جدل الماضي ، كذلك هو فعل ليكون عالمنا المعاصر مبني على قواعد سلوكيه جديدة تُحسن فن التعامل مع المختلف في اللون وفي اللغة وفي الفكر ، كذلك هو يريد القول بان التاريخ ورجال الماضي ليسوا حُكاماً على الواقع بل إنهم ليسوا شركاء في تحديد مستقبل الفرد ، وأين يجب ان يكون ؟ . أناصره إذن لا حنقاً على معاويه ولا تحزباً لعلي ، ذلك لأني أومن بان علياً ومعاويه - أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ماأكتسبت - ، ولكني أناصر الشجاعة فيه وقول الحق وعدم الترديد في المعرفة والعلم ، وكنت أقصد حين عنونت مقالتي هذه عن العقلانية الدينية وربطها بالكبيسي في لحظة تاريخية من حياة الشعب العربي والمسلم ، وكأني أقول لمن يهمه الأمر هذه هي العقلانية فمن أرادها وسعى لها سعيها فعليه بموقف شجاع وواضح ، وليس بالضرورة ان يكون مع أو ضد بل المهم ان يكون موقفاً صحيحاً وقائماً على دليل ثابت غير منحاز أو متحزب
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة العربية والعالم الجديد
-
رسالة الليبرالية الديمقراطية
-
أرحل يابشار
-
العرب وطبيعة التحول السياسي
-
الفدرالية ونظام الأقاليم كيف نفهمه ؟ وكيف نفهمها ؟
-
المنظمة الدولية - للعدالة والحرية والسلام –
-
تطبيق الشريعة
-
الديمقراطية الموهومة
-
الوطنية الجديدة
-
العرب إلى أين ؟
-
كيف ننظر إلى المستقبل العربي ؟
-
مسؤوليتنا التاريخية
-
معنى الليبرالية الديمقراطية
-
الليبرالية الديمقراطية قدر الأمة
-
الليبرالية مذهب إنساني
-
الوحدة الوطنية فوق الجميع
-
الشريعة بين لباس المرأة وحجابها
-
قول في ( للذكر مثل حظ الأنثيين )
-
تحية إلى قناة الرشيد الفضائية
-
شهادة النساء في الكتاب المجيد
المزيد.....
-
رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
-
ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
-
استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا
...
-
-إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال
...
-
لولو فاطرة في رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج
...
-
مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
-
أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م
...
-
-كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13
...
-
موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا
...
-
أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما
...
المزيد.....
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
-
فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب.
/ يوسف هشام محمد
المزيد.....
|