أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مراد سليمان علو - الراعي















المزيد.....

الراعي


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 16:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الراعي


مراد سليمان علو [email protected]

وقف الكاهن الأعظم لمعبد ايزيدا في حضرة الشمس لأداء دعاء الغروب . تأمل لونها وخبر حقيقة ليلها . أنهار من الدم القاني وحرائق تعلو برج المدينة المقدسة وصرخات تعانق السماء السابعة . انتفض الكاهن العجوز كمن عجز عن التنفس بعدما أدرك ما ستلحق ببابل هذه الليلة وترك صلواته لأول مرّة مناديا بعلو صوته على ( حسن دربو ) راعي خراف المعبد .
الكاهن الأعظم
إذا لم أناديك أيها الراعي فمن أنا .؟
إذا لم أعطيك عصا الرعي يا ( حسن دربو ) فما أنا .؟
إذا لم أسوق القطيع وراءك فلم أنا .؟
سأسبق خطواتك .
سأبارك خرافك .
سأرقص على لحن نايك .
سأبث الطمأنينة في قلبك إن سهرت على خرافي .
سأزيد قوتك إن حافظت على عهدي .
لا تنم كي لا يتيه قطيعك .
لا تدع أحدا يشاركك عصاك ويقود خرافك معك .
ليطمئن قلبك يا راعي المعبد الكبير .
فإن الرئيس سيزورك كل ألف عام .
وسيجدد شبابك كل ألف عام .
طوبى لمن يزوره (البير) الرئيس .
تذكر قولي هذا .
الشمس تعبد طريقه كل يوم أربعاء .
فابتسم للشمس كل يوم .

وبعد أن أطمئن الكاهن الأعظم من التحاق كل الخراف التائهة منها والضالة والخائفة وكذلك السوية والمطمئنة خلف الراعي الشاب رجع إلى صومعته وهو يتوقع ليلة عظيمة لا تنسى مليئة بالشرّ القادم من الشرق أما الراعي ففي أول يوم من قيادته لقطيعه قرر أن يعرج على صديقه ( قاسو كلي ) لا ليتقاسم معه قيادته للقطيع فقط بل ليقسم عصاه نصفين يحتفظ بنصف ويهدي صديقه النصف الآخر وكذلك ليقسم الخراف إلى قطيعين يتبعه قطيع والآخر يتبع صديقه وبذلك خالف وصية الكاهن في أول يوم له وهكذا في كل مائة عام وعندما يحين موسم التكاثر يقوم الرعاة بتقسيم القطعان وتوزيعها من جديد وكسر الوصايا بكسر العصي وإهداءها لرعاة جدد وتكرر الأمر حتى بات يثير السخرية في أيامنا هذه ولكن ما يهمنا من أمر هذه المغامرة هي بدايتها فإذا علمنا البداية يمكن التحكم بالنهاية هكذا يقول الكاهن الأعظم .


حسن دربو

أيها العزيز أعرني سمعك لست مغرورا لأحتفظ بأفكاري لنفسي .
سأغرس في عطشك حنينا للنهر الكبير .
سأنفخ في فمك شيئا من روحي .
أعرني سمعك لأجعل من خيالك شجرة تين .
ومن يدك جناح يغفو في ظله طلاب الحقيقة .
ويرتاح عند قدميك المحاربون من نسلي .
هيا يا صديقي فانا مثلك تواق لصعود الجبل .
وخرافي تواقة لتتبعني .
إنها البداية ويقظة هي جميع حواسي .
اعرني سمعك لتكون لمستي الأزلية .
ألوّن بها قوس قزح .
لتكون الشاهدة على فرحي بقدومك .
ولتكون الشاهد على ولادتها .
اعرني سمعك لنزحف معا من الكهف .
فأنت مثلي تؤثر القمة العالية على الكهف المظلم .
فلا يليق بنا أن نلتقي النسور في القمم دون محبة .
تعال وشاركني فرحي .
كن يميني الذي يحرس شقائق النعمان .
نعم لنحرس الزهور معا إن تقاسمنا المراعي .
وستبتهج المراعي بقدومنا إن قدنا القطيع .
وسيطيعنا الخراف إن أنشدنا للقمر .
وسيصبح القمر جارنا إذا كان صمتنا أبلغ من عواء الذئاب .
أي صديق عظيم أنت .
وأي شريك مخلص أنا .
فقد أعطيتك نصف ما أملك .
وأعطيتني كل ما تملك .
أصخت إلي بكل جوارحك يا ( قاسو كلي ) .

وبعد أن وافق ( قاسو كلي ) على مرافقته في مغامرة العمر قال مغتبطا يبدو إننا نتعالى من نفس الجذور الضاربة في أعماق أمنا فليطمئن قلبك المليء بالحب لي لن أتخلى عنك إذا ما اشتد الظلام وفقد النور سأكون لك نظرك لتبصر بها وسأكون لحنك لترقص عليه وسأكون نارك الذي لن ينطفئ بعد أن يزول كل نار . وسارا الراعيان بصمت يجتازان المفاوز العظيمة وأدرك ( حسن دربو ) التعب فعلم في سره كم أخطأ باختيار صديقه ليكون رفيق سفره .

قاسو كلي

سأعاني معك آلام ولادتنا الجديدة على جبل مقلوب .
وسيحتفل الجبل معنا .
سيلبس حلة خضراء لأجلنا .
وسيقدم لنا الزيتون .
وسيسقينا الماء القراح شرابا .
وستتحد روحينا في لحن نايك .
وستنتشي خرافنا .
ووقتنا سيكون ربيعا .

حسن دربو
الاضطراب في روحك يخبرني عن شهواتك .
يا (قاسو ... ) إن لنا أمّا واحدة .
أخبرني ما ستقدمه أنت لي .
فما الجبل إلا صدى لأفكاري .
عصاي ليس عكازا لك .
فكن أنت لأفكاري نورا .
ليعمل بها أهل الجبل .
فلن يقدموا لنا زيتهم مجانا .

وما أن وصلا إلى ضفاف النهر الكبير حتى وقفا يتأملان جنون جريانه فقال الراعي سنعقل جنونه بسّر ذواتنا التواقة للحقيقة وسننقذ هذا النهر من عبوديته ليصبح لنا عونا وبعد أن خيم الظلام وارتاح الجميع من عناء السفر نكز الراعي صاحبه بعصاه قائلا : لنتحد مع النهر الحبيب قبل أن نطلب منه أن يصبح جزءا منّا ولنكتشف النور والخير في جانبه الأيمن فأجابه صديقه المخلص : إنك مخطئ بشأني فنفسي لا تشتهي المجاهدة ولن أحضن أفعى أجهل طولها لا تلمني أيها الحبيب فجبل مقلوب قد أفرغ لي واديا لأقيم فيه اذهب أنت إلى نهرك وسأقفل راجعا لمغارتي .

النهر العظيم
إيه يا ( حسن دربو ) جنوني لا يضاهي جنون صديقك .
فلست سوى فكرة من أفكارك .
ليس واجبي أن أروي عطشك .
بل لأخبرك ما أن تغمض عينيك حتى ألفظك للجهة الثانية .
صديقك محق فالجبال خير حضن .
استمر في الغناء .
ودع نايك يرقص ثانية .
سيولد لك من دموعي جبل شنكال .
هدية لأربعائك .
وساحة وغى لأبطالك .
اطرح أدران روحك فيّ .
سأغسل خطاياك ولكنك لن تستريح .
فالحصاد مرّ وتخلت عنك الشمس .
والخراف تائهة تبحث عنها .
إيه يا ( حسن دربو ) كم ثقيل هو حملك .


بعد أن افترقا أجتاز الراعي النهر العظيم واستبشر بقدوم جبل شنكال لاستقباله تأمله لبعض الوقت ولم يكن متأكدا إذا كان مسرورا أم مستاءا بعد أن رأى حجمه الضئيل وقامته المريعة وقال : سأخبر جناحيه هذا اليوم لأتأكد إذا كانا من القوة بحيث يمنحاني الدفء والسلام والأهم أن كانا سيمنحانني الطمأنينة .
أقترب الراعي من الجبل ورأى أثار أقدام ملك من الملائكة فارتعب ( حسن دربو ) وأخذ يصرخ هل مرّت السنون الألف بهذه السرعة وإذا لم يحين الوقت فماذا تفعل الملائكة هنا ثم أخذ يصعد جناحا من الجبل .

حسن دربو

يبدو إني أزداد حماقة كلما طلبت المزيد من الطمأنينة .
هنا طائر القبج ذي الأرجل الحمراء ينادي أقرانه .
ولكنني صيّاد لا تنتهي حيّلي .
يريد القبج أن يعلن ولاءه .
يدعوا الآخرين ليقعوا في شباكي .
ليشاركوه محبته لذاته .
يريد أن يسموا للمرة الأخيرة .
يريد أن نشهد سموه للمرة الأخيرة .
جلس ( حسن دربو ) وعدد من رفاقه الجدد في كهف العشاق الشهير وبدءوا بتناول بعض حبات التمر ثم قال متألما : يقال بان التمور تفقد بعض حلاوتها عندما تبتعد عن موطنها وتؤخذ إلى الأصقاع الباردة فقال أحد الجالسين في حضرته سمعت مرة من حكيم إن حلاوة التمور تغور وتتحد مع نواتها في النهاية ويقوم أهل الجبل برمي النواة بعيدا بل يتسابقون في رميها لأبعد مكان من محل جلوسهم فيفقدون مسرة ولذة الذوق وشعور الشبع .
بعد استراحة قصيرة مع رفاقه أبناء الجبل صعد الراعي إلى القمة فرأى خرافه تطلب دفء الشمس فشعر بالزهو وهو يرى تنامي أعدادها التمعت عيناه ثم أخرج نايه وطفق ينشد :

إني أحبكم ولكن حبكم لي أكبر .
إني أحبكم واحدا واحداً وواحدكم يحبني أكثر من حبي لكم جميعا .
لا فرق عندي بينكم ولكنكم تؤثروني على أنفسكم .
قولوا لي أيها الأحرار ماذا أفعل بكل هذا الحب .
ولىّ زمن المعجزات .
خالية منها أيامنا .
إلا معجزة حبكم فهي باقية .
ومن أجل محبتكم .
أهرب إلى حقول أحلامكم .
فاغفروا لي صمتي ونعاسي .
فقد ولد منهما ذئاب تسعى وراءكم .
واغفروا للذئاب إذا ما غفرتم لي .
لا تعطوها ما تريد .
أمنحوها حبكم مقابل الألم .
لأنها ستتألم وتشعرون أنتم بالحب .

وبعد أن أنهى الراعي الشاب نشيده رأى خرافه ينظرون للشرق مستمتعين بلحن شجي يأتي من وادي لالش المقدس ولم يسمع أحد ما قاله أو أنشده .
الخراف
هيا أيها الراعي جدد لحنك فبلحنك القديم لا نطرب .
إن في آذاننا شمع لا يذيبه إلا ماء النهر العظيم .
وفي قلوبنا حزن لا يحيله فرحا إلا ناي ( قاسو كلي ).
يا سيد الشمس أيها الراعي الشاب .
خذ بيدنا للمرة الأخيرة لنرقص معا .
شعر ( حسن دربو ) بفرح لم يشعر به من قبل وأخذ يصفق بيديه ويدك الأرض برجليه وينادي بأعلى صوته إنها دعوة نبي فلنذهب جميعا إلى الوادي المقدس ،وعلى ضفة النهر أجتمع الكل ويتقدمهم الراعي وفي الجانب الآخر من النهر كان ( قاسو كلي ) وأولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده بانتظارنا لنعبر إليهم ونحتفل .
الجميع معا

على الضفتين وفي الوادي المقدس .
في كل مكان وفي الوادي المقدس .
صدى نشيدنا .
قوة حبنا .
كبر تواضعنا .
نحن تلاميذ (البير) .
الذي يزورنا كل ألف عام .
اليوم موعده .
اليوم عيده .
اليوم عيدنا .



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بتلات الورد 22
- بتلات الورد 21
- بتلات الورد 20
- بتلات الورد 19
- بتلات الورد 18
- الصرخة الخرساء
- fبتلات الورد 17
- حكايات من شنكال 31
- حكايات من شنكال 30
- بتلات الورد 16
- اسطورة الشهادة
- بتلات الورد 15
- حكايات من شنكال (29) سينو ...صديق الله .
- البعض يذهب (لبحزانى) مرتين
- بتلات الورد 14
- بتلات الورد 13
- حكايات من شنكال 28
- بتلات الورد 12
- بتلات الورد 11
- حكاية من شنكال


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مراد سليمان علو - الراعي