أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - مقرر تاريخ الدراما الحديثة والمعاصرة (تاريخ المسرح الأوروبي والأمريكي)















المزيد.....

مقرر تاريخ الدراما الحديثة والمعاصرة (تاريخ المسرح الأوروبي والأمريكي)


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


تاريخ الدراما الحديثة والمعاصرة (تاريخ المسرح الأوروبي والأمريكي )
تمهـيــد:
تشغل هذه الفترة في دراسة تاريخ الدراما مرحلة زمنية تبدأ منذ منتصف القرن التاسع عشر وصولاً إلى الربع الأخير من القرن العشرين لنتعرف من خلالها على الظروف التاريخية التي أدت إلي ظهور الاتجاهات المسرحية المختلفة منذ منتصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا. هذا إلى جانب دراسة أسباب تدهور واختفاء بعض الاتجاهات المسرحية أو ظهورها في صورة جديدة.

ذلك أننا نعي جيدًا أن القرن التاسع عشر شهد تناحرًا بين الرومانسية والواقعية التي سادت أخيرًا، بعد أن ضاق الناس بها واشتاقوا إلى من يحدثهم عن حياتهم الواقعية. ذلك أن سقوط نابليون واسترجاع كثير من البلاد الأوروبية لنظمها السياسية الرجعية- وقتها- أصبحت الحرية والمساواة والإخاء ألفاظًا لا معنى لها، هذا إلى جانب ظهور النتائج السلبية للثورة الصناعية، كل هذا مهد لظهور الواقعية وتراجع الرومانسية.

وبوصولنا إلى بداية القرن العشرين نجد الاستعداد للحرب العالمية الأولى كنتيجة حتمية للموقف الاقتصادي والسياسي والعسكري. وانتهت الحرب العالمية الأولى كي يستعد العالم للحرب العالمية الثانية. ولكن نهاية الحرب العالمية الثانية لم توصل العالم إلى الاستقرار المنشود، بل نرى اليوم أن عدم الاستقرار والمخاوف مازالت في تصاعد مستمر.

كل هذا أثر دون شك على حاجات الإنسانية الثقافية والفنية، فتعددت حاجات الإنسان وتشعبت الأشكال الدرامية من واقعية إلى طبيعية إلى رمزية إلى تعبيرية يليها ظهور نوع من الدراما تقترب كثيرًا من النواحي العقلانية؛ فنجد دراما الأفكار- "المسرح الفكري والمسرح الملحمي والمسرح التسجيلي ثم السريالية وأخيرًا مسرح العبث"- قبل أن نجد عودة إلى المسرح الشعري.

الواقعية والطبيعية

أولاً: الواقعية في الربع الاخير من القرن التاسع عشر واستمرارها

نشأة المذهب الواقعي

من المعروف أن الدراما الحديثة هي مرحلة ضمن ثلاثة مراحل أساسية يعتمد دارسي المسرح عليها في تقسيم الدراما في "أوروبا" من كلاسيكية قديمة وحديثة إلى دراما حديثة.
والدراما الحديثة هي المرحلة التي اشتملت النتاج المسرحي لكل من القرن 18/ 19/ 20، كما أن الاتجاهات الفكرية من كلاسيكية إلى رومانسية إلى واقعية امتزجت جميعًا في ذلك النتاج، وحتى في نتاج الكاتب المسرحي الواحد، وإن كانت الغلبة للتيار الواقعي في نهاية القرن التاسع عشر، فالثورة على الواقعية في بداية القرن العشرين.

شهد القرن التاسع عشر تناحرًا بين الرومانسية والواقعية التي سادت أخيرًا، فالأولى مهدت للثانية لأنها كانت تناهض التقاليد والأعراف السائدة، وتدعو إلى التحرر من القيود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فسادت الثانية عن طريق الكوميديا التي تحاول إظهار الناس كما هم، بل كما يجب أن يكونوا، ذلك أن ريح المذهب الرومانسي في فرنسا وفي كثير من أمم "أوروبا" و"أمريكا" قد ضعفت واشتاق الناس إلى أن يحدثهم الأدباء عن حياتهم الواقعية، وبالفعل استجاب القصاصون العظماء أمثال "ستندال" و"بلزاك" و"فلوبير" في "فرنسا"، و"دي فو" و"فيلدنج" في "إنجلترا"، وكتبوا القصص الواقعي المنتزع من الحياة الواقعية.

إذن نستطيع القول أنه قبيل منتصف القرن التاسع عشر كانت معايير الرومانسية تبدو لا معنى لها، منذ أن اهتز الاعتقاد في طبيعة الإنسان المثالية، فمثلاً بعد سقوط "نابليون" الأول حوالي عام 1815، استرجعت أكثر البلاد الأوروبية نظمها السياسية الرجعية، وأصبحت الحرية والمساواة والإخاء ألفاظًا لا معنى لها، كما بدأت تظهر النتائج السيئة للثورة الصناعية وانتشر الفقر وعمت الجريمة، وفي مواجهة هذه الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بدأ الناس يدعون إلى التخلي عن الأحلام الرومانسية ويفتشون بطريقة علمية عن حلول للمشاكل عن طريق حقائق مادية ملموسة، ومن العوامل التي ساعدت على انتعاش التفكير الجديد كتابات "أوجست كنت" (1789- 1857) صاحب النظريات الوضعية في علم الاجتماع، بالإضافة إلى كتابات "داروين" صاحب "أصل الأنواع" الذي يقول بمبدأ التطور ومبدأ البقاء للأصلح. وهذه الافكار أثرت تأثيرًا كبيرًا على فهم الإنسان للفن والدراما.

ففي الأدب يمكن اعتبار "بلزاك" أهم الكتاب الواقعيين وأقلهم رومانسية، فقد درس المجتمع دراسة منظمة شاملة، كشفت فساد النظم الاجتماعية القائمة، ثم كتب "هوجو" عن الواقعية وعن المجتمع الجديد، وتبعهما "إميل زولا" الذي لم تكن أعماله الدرامية في مستوى أعماله الروائية، ومع ذلك فمسرحية "تيرز لاكان" تعتبر نقطة تحول في تاريخ المسرح، فهي بداية اتجاه جديد في الدراما لأنها تحوي أغلب سمات الدراما الحديثة:
- الوعي بانعدام العدالة الاجتماعية.
- استعمال البيئة الفقيرة وتقديمها كما هي.
- استخدام التناقض الحاد بين مناظر تصور رتابة الحياة ومعيشة الناس معيشة تقليدية.
- مناظر حادة في العنف الجسماني.
- ظهور أثر الأفكار العلمية السيارة.
- التركيز على الجنس في التعبير عن المشاعر.
- التركيز على العاطفة العمياء بدلاً من الإرادة الواعية.
- فكرة الجنس كوسيلة من وسائل الهروب من التقاليد والحدود البرجوازية.
- وأخيرًا القدرة التي تعني أن مصير الإنسان دائمًا محتوم.

فالمسرحية إذن تتضمن مشروع الأفكار الأخلاقية والأدبية التي ندر أن نجد مثيلاً لها في مسارح القرن العشرين، ومؤلفها تأثر، بلا شك، بالأفكار والفلسفات والاكتشافات السائدة في عصره واخصها تجارب "الدكتور كلود برنار" في مجال فسيولوجيا الجهاز العصبي، وكتابات "داروين" و"أصل الأنواع"، وبلسفة "شوبنهاور" عن الإرادة العاطفية.

إذن فالواقعية كانت الطابع الدرامي السائد في القرن التاسع عشر، والواقعية المقصودة هنا ليست مذهبًا كالكلاسيكية والرومانسية، بل هي اتجاه فكري استمد مادته من الواقع المعاش، وهذا يعني أنها خلصت الدراما من أرضيتها القديمة وأبعدتها عن الطنطنة اللغوية، وجعلت لغتها شعبية، تعبر عن أهداف الشعب وتطلعاته وآلامه، فهبطت الدراما الحديثة من السماء إلى الأرض، من عالم الملوك والقياصرة وأنصاف الآلهة إلى عالم الأفراد والأشخاص الواقعيين الذين يعيشون على الأرض، فظهر الإنسان كحيوان اجتماعي بدلاً من نصف إله، حقق فيها الفرد حريته ومصيره، وبحث عن حقه في الاختيار من التراث الأخلاقي والروحي المتوارث، والواقعية هنا تظهر الإنسان وهو يعاني من القلق والتمزق النفسي والمشكلات الذاتية كافة.

تعريـف الواقـعيـة

تعددت التعريفات التي قدمت من قبل النقاد ودارسي المسرح عن تعريف الواقعية كاتجاه مسرحي، إلا أن كل هذه التعريفات برغم تعددها تتفق في تعريفها حول مضمون واحد، فالبعض يقول أن الواقعية كمذهب أدبي أو فني كلمة ليست جديدة، أي أنها كانت موجودة قبل أن يكون لها أنصار وخصوم، فالإنسان منذ بدأ يعبر عن وجدانه، إنما كان يتناول واقعه وواقع من حوله من الناس والأشياء، وبعد أن تخلى الأدب عن تصوير واقع الحياة سادت الكلاسيكية ثم الرومانسية.

وفريق آخر يرى أن الواقعية مذهب موضوعي غير ذاتي، يدعو إلى تسجيل الملاحظات والمشاهدات من غير أن يلونها الأديب أو الكاتب بأحاسيسه وعواطفه الخاصة، متطلعًا إلى استيعاب دقيق لما في الحادثة أو المشهد أو الشخصية من معالم خاصة وتفاصيل وافية، مع التزام نزيه لموقف الحياد أمام الحياة والأحياء. وقد ركز هذا المذهب جل اهتمامه على وصف المجتمع الإنساني وإبرازه على حقيقته في أمانة وصدق، وفي بعد الهوي الشخصي، فهو يضع التحليل موضع التخيل، ويحل المنظور محل الموهوم، ويعلي الواقع المحسوس والطبيعة الظاهرة على سبحات الخيال وجواذب العاطفة والوجدان.

وفريق ثالث يقول أن الواقعية لا تعني بأي حال من الأحوال النماذج الأدبية القديمة حتى تصبح مرادفًا للكلاسيكية، فالواقعية بدأت بتقليد الواقع وتقديم صورة فوتوغرافية له، فالأديب الواقعي التقليدي لابد أن يستقي مضمونه من الواقع المعاش بصرف النظر عن أحساسه الشخصي تجاه هذا المضمون، لأن مهمته تتركز في تقديمه إلى القارئ وفي موضوعية وحيادية كاملتين.

على أننا نرى مما سبق- وهو ليس كل ما قيل عن تعريف الواقعية- أن الواقعية اتجاه فكري وفني يهدف إلى دراسة أحوال الإنسان دراسة تحليلية صادقة في محاولة لتحسين أحواله عن طريق كشف حقيقة وزيف ماحوله، ولكي يتحقق هذا فلابد وأن يراعي المؤلف المسرحي أن يستقي حوادث مسرحياته من الحياة وأن يقلل من الذروات والمفاجآت والحيل الدرامية، وإنما يهتم بتصوير أحوال وسلوك الإنسان كفرد ينتمي إلى الطبقات الاجتماعية البسيطة، وهو في هذا يتخلى عن المناجاة الفردية والخطب الانفعالية والأحاديث الجانبية، ويساعد المخرج على تحقيق هذا بأن يختار وينتقي المنظر المسرحي ولا ينقل الطبيعة نقلاً وأيضًا يدرك الممثلون كل هذه الأبعاد مما يجعل أدائهم بعيدًا عن التقليد أو النسخ ومن ثم التشويه.

وقبل أن أنتقل لأتعرف على الواقعية في بلدان "أوروبا" المختلفة، أرى من المهم أن أشير إلى أن الواقعية كاتجاه فكري وفني قد تنوعت وأخذت شكلين واتجاهين، هما:
أ. الواقعية النقدية.
ب. الواقعية الاشتراكية.

أ. الواقعية النقدية:
ظهرت منذ اوائل القرن التاسع عشر وسارت موازية للمدرسة الرومانسية، وهي كاتجاه تميل إلى التشاؤم، لأن الشر بالنسبة لها عنصر أساسي في النفس الإنسانية، وهي ترى أن كل مهمتها تتركز في الكشف عن حقيقة الطبيعة البشرية، إما تغييرها أو تحطيمها أو إصلاحها فليس من اختصاصها، لأن الفنان ليس مصلحًا اجتماعيًّا يبحث عن إجابات وحلول لمشاكل المجتمع، ولكنه يكتفي بإلقاء الأسئلة التي تكشف الواقع وتعريه مهما كانت الحقيقة قاسية ومؤلمة، وهو لا يستمد مضامينه من حياة طبقة اجتماعية معينة، بل ينظر إلى المجتمع ككل (فلوبير/ بلزاك/ ستندال).

ب. الواقعية الاشتراكية:
اختلفت الآراء حول نشأة هذا المذهب، ذلك أن استخدام هذا المصطلح لأول مرة كان في الاتحاد السوفيتي- وهنا لا نجد أي خلاف بين الآراء عن مكان نشأته- عام 1932 ليعبر عن حركة احتجاج جديدة ظهرت ضد الإنتاج المسرحي التقليدي الذي كان يقدمه فنانون، أمثال:
ميرهولد (1873- 1943)، إلا أن صاحب الرأي يقول أن نشأة هذا المصطلح أمر غير مؤكد وبعتقد أن مصدر هذا المصطلح هو "لينين" الذي اشار إليه في كلماته وإن كان البعض يقول أن "ستالين" هو أول من أطلق هذا اللفظ على العموم، فإن "مكسيم جوركي" هو أول من صاغ هذا المصطلح مقابل للواقعية النقدية، إلا أن هذا الاتجاه سرعان ما تراجع في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات وأصبحت الرجعية والتقدمية هي اللعبة المفضلة لأدباء الواقعية الاشتراكية.

على أنني أرى أن الأدب بطبيعته الخلاقة لا يمكن ن يخضع لتصنيفات قاطعة، لأنه يمكن لأي عمل أدبي واحد أن يحوي كثير من الاتجاهات من كلاسيكية ورومانسية وواقعية وسريالية.
ومع ذلك يظل عمل عظيم لأن هذا يدل على ثراءه الفني وخصوبته.

الواقعية في بلدان أوروبا المختلفة

1- إنجـلتــرا:
عندما ننظر إلى الواقعية في "إنجلترا" في القرن التاسع عشر فإننا نتعرف على أسماء برزت، منها "أرثر جونز" و"أرثر ونج بينرو" و"أوسكار وايلد". ونستطيع من خلال أعمال "جونز" (1851- 1929) و"بينرو" (1855- 1934) أن ندرك أنهما كانا من الكتاب المسرحيين الذين حط الزمن من شأنهم وأن مسرحياتهم التي ادعت لنفسها الحق في معالجة مشكلات المجتمع وتقاليده، إنما يرى الآن أنها لا تزيد إلا قليلاً عن كونها استغلالاً للواقعية، ويتم على مستوى شعوري.
استغلت مسرحية "بينرو" "مسز تانكري الثانية" 1893 استغلالاً ناجحًا موضوع المرأة ذات الماضي، وهو موضوع كان دائمًا مكان الأمان في المسرح.
تتمتع مسرحية "ترلوني من وليز" 1899 بأهمية واضحة، وذلك لأنها تتبع الحياة المبكرة لـ"توماس روبرتسون" مؤلف مسرحية "الشيعة".
أنا "جونز" الذي يعد مفكرًا أكثر إلى حدٍ ما، فقد كتب مسرحية ميلودرامية ناجحة تسمى "الملك الفقي" 1882، لكنه عاد يلوذ بالنهاية السعيدة في مسرحياته الأكثر جدية مثل "القديسة والخاطئون" 1884.
أما "أوسكار وايلد" فقد كتب أربعة ملاهي، هي "مروحة الليدي وندرمير" 1892 و"امرأة غير مهمة" 1893 و"زوج مثالي" 1895 و"أهمية أن تكون جادًا" 1895.
ويحسب لـ"وايلد" أنه كان له فضل كبير على "شو" والدراما الواقعية والقضايا الاجتماعية.

من ناحية أخرى فإن تسعينيات القرن التاسع عشر شهدت تطور مسرحية المشلكة The Problem Play وذلك بعد أن تأسس المسرح المستقل The Independent Theatre لكي يوفر الفرص لعرض مسرحيات "إبسن" والكتاب الواقعيين الآخرين، ولا ننسى أن نشير إلى المسرحية الجيدة الصنع The Well made- Play شهدت أيضًا تطورًا على يد كل من "بينرو" وآخرين.

2- فرنـســا:
ففي "فرنسا" كانت بداية الشعور بالواقعية الجديدة في الكوميديا مستمدة جزئيًّا من وسائل الشكل المختلط للكوميديا "فودفيل" والتي يمكن ملاحظتها في أعمال "بيكار" وآخرين. ولقد استطاع الكاتب الدرامي الفرنسي "أوجين سكريب" (1791- 1861) أن يطور بطريقة نظامية وسيلة لبناء حبكات فعالة للدرامات والتراجيديات وكوميديات الدسائس وساعده في ذلك عدد من المعاونين. ولفظ "المسرحية جيدة الصنع The Well made- Play " هو دليل كافي على طبيعة إنتاجه.

تطورت الواقعية بشكل ملحوظ في أعمال "ألكسندر دوماس الابن" الذي تعلم من "سكريب" ولكنه تفادى نقظة ضعفه، ولقد أخذ "دوماس الابن" الافكار وطورها بمهارة بطريقة مسرحية وعالج الشخصية والحبكة ولكنه أظهر الناس مقيدين ببيئتهم ومقيدين لقدرهم.
فقد قدم مسرحيته "غادة الكاميليا" التي تعبر عن اهتمامه كمؤلف بالمشكلات الاجتماعية حتى وإن كان التناول في جوهره "رومانسيًّا". كتب بعدها مسرحية "المال" وتتصدى لأخطار الرأسمالية، و"أفكار مدام أوبري" تعالج طيبة العنصر في وجه التعسف الخلقي.

أما "ساردو" (1831- 1908) فقد مضى خطوة إلى الأمام بعمل "سكريب" هذا المجتهد، ودل على أنه رجل مسرحي ممتاز وذلك بما بدأ به من كتابات تبدا بمسرحيته المبكرة "قصاصة ورق" 1860، إلى أن انتهى بمسرحياته "توسكا" 1886 و"سيدة بدون تكليف" و"الساحرة" 1903.
ويعد علمه على جانب من الأهمية بصورة رئيسة لكونه تطورًا لمصادر المسرح، ليس لمسرحياته اليوم قيمة عظيمة بالنسبة لنا بالرغم من أنها كانت في أيامه ناجحة وصالحة للمسرح.

كاتب آخر هو "هنري بيك" (1837- 1899) كتب ملاهي مريرة لاذعة تعبر عن رأيه القاتم الجاد في الحياة المعاصرة.
وترسم مسرحية "النسور" 1882 صورة مروعة للرجال الذين ينقضون مثل النسور على نهش عظام رجل الاعمال. و"الميت فيجنيرون" هي إحدى أعماله التي توضح كيف أن الزوجة وبناته يبعثرون مثل هشيم كثير في طريق المطاردة الجشعة خلف المال، تلك المطاردة التي تقوم بها الطيور الجارحة من البشر.
أما مسرحيته "الباريسية" 1885 هي اتهام مرير من امرأة باريسية تعكس حياتها السطحية احترامًا ورقة بقصد التبسط خفية من عشاقها.

3- ألمانيـــا:
أسهم "فريدريك هيبل" (1813- 1863) بدور كبير بالنسبة للواقعية في "ألمانيا"، وقد قدم مسرحيات كثيرة وتحققت أحسن شهرة له بمسرحية "ماريا مجدالينا" 1844. إنها مأساة على قدر من الرصانة تعالج موضوع سلب عرض "كلارا" وانتحارها، و"كلارا" ابنة لنجار بسيط.

كذلك أسهم "أوتو لودويج" (1813- 1865) في الحركة المسرحية السائرة نحو الواقعية، وتعد مسرحيته "الخطاب" 1850 نموذجًا لأحسن أعماله، وهي أيضًا تسير في التيار المأساوي.
كذلك أسهم "هرمن سودرمانط (1857- 1928) بمسرحية "مجدي"، و"جيرهارت هوبتمان" (1862- 1946) بأعماله "قبيل شروق الشمس" و"النساجون" و"هانيل". أما "فرانك ويدكينيد" (1864- 1918) فقدم مسرحياته، منها "صحوة الربيع" و"روح الأبيض".

4- روسـيــا:
برزت في "روسيا" أسماء كتاب كان لهم دورهم في اكتمال الواقعية كاتجاه، وتطورها، من أهم هؤلاء الكتاب "ستروفسكي" (1823- 1886) بمسرحياته "المفلس" و"اسنجورتشكا" و"العاصفة" و"الغابة".

أما "تشيكوف" (1860- 1904) فقدم كتب مسرحياته العديدة التي كان لها الكثير من سمات المسرح الواقعي.
وعن الموضوعات والتيمات فهي مستمدة من الحياة الروسية المعاصرة، ولكها تشير إلى كيف أن الحياة اليومية العادية يمكن أن تكسر روح الإنسان وتضيع إرادته.
والشخصيات ترغب في السعادة وفي أن تعيش حياة مليئة نافعة، ولكن ظروف الحياة وشخصياتهم ورغبات الآخرين تقف حائلاً دون تحقيق هذه الآمال، كل هذا دفع النقاد إلى القول أن مسرحياته تبدو وكأن لا هدف لها مثل حياة الشخصيات، وكذا بسبب عدم وجود حيل مسرحية بأعماله، دفع هذا البعض إلى اتهام أعماله بانتقاد البناء الدرامي، إلا أننا نقول أنه كان ماهرًا في إخفاء تكنيك بنائه لمسرحياته بحيث يتصور القارئ أ والمتفرج أن الحوادث في هذه المسرحيات تحدث كما تحدث في الحياة العادية.

من ناحية أخرى نرى واقعية "تشيكوف" في حياده الموضوعي، فرغم جو الكآبة الذي يسيطر على المسرحيات، تلعب الفكاهة دورًا كبيرًا في مسرح "تشيكوف"، ولا ننسى القول أن مسرحه لا يعد مسرحًا واقعيًّا فحسب، إذ أنه استعمل الرمز كما استعمله "إبسن".

من أهم أعماله:
أولاً: مسرحيات الفصل الواحد مثل "المحاضرة الهزلية عن مضار التدخين" و"أغنية الأوز".
ثانيًّا: "الزفاف" 1889 و"اليوبيل" 1891 و"الدب" 1888 و"تراجيدي رغم أنفه" 1889 و"روح الغابات" و"إيفانوف" 1887 و"النورس" و"العم فانيا" و"الشقيقات الثلاث".

5- السـويــد: ستريندبرج (1849- 1912)
من اهم الاسماء التي برزت في هذه الفترة الكاتب "أوجست ستريندبرج" الذي يصنف كأحد الكتاب الذين كتبوا المسرحية الواقعية، وكذا المسرحية الطبيعية، ومن ناحية أخرى يعد من بعض الوجوه أعظم الكتاب الإسكندنافيين.
كتب هذا المؤلف سلسلة مسرحيات ساعدت على اتصافه بصفة "كاره النساء"، وهذه الصفة هي التي جعلت مسرحياته تميزه بالعبقرية.
أهم مسرحياته "الأستاذ أولوف" 1872 و"الأب" 1882 و"ميس جوليا" 1888 و"الأقوى" 1890 و"رقصة الموت" 1901 و"إلى دمشق" 1898 و"تمثيلية الحلم" 1902 و"أغنية الشبح" 1907.



#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب مسرحيين بين الواقعية والطبيعية (من تاريخ الدراما الحديث ...
- الطبيعية في القرن التاسع عشر ( من تاريخ الدراما الحديثة والم ...
- المسرح في عصر النهضة ( من مقرر تاريخ الدراما في عصر النهضة )
- المسرح المصري بعد ثورة 1952 وصولا إلي التسعينيات
- الخصائص الفنية لمرحلة نشأة المسرح العربي واقراره 2/1
- الخصائص الفنية لمرحلة نشأة المسرح العربي 1/1
- سلسلة محاضرات المسرح العربي .. المسرح في سوريا
- رواد المسرح العربي في القرن التاسع عشر
- المسرح في لبنان
- السيرة الذاتية ومشروع جودة التعليم العالي في الجامعات المصري ...
- قراءة في مناهج النقد المعاصر ... المنهج السوسيولوجي
- الجامعات المصرية وتقلد المناصب
- الخيال العلمي في المسرح
- قراءة تحليلية في مسرح الخيال العلمي
- قراءة في مسرحية بعد السقوط ( بعد الهبوط من الفردوس) للكاتب ا ...
- قراءة سيميولوجية في مسرحية أحذية الدكتور طه حسين .. لسعد الد ...
- المدرسة الشكلية الروسية ... قراءة في النقد المعاصر
- قلبي يئن لكن مستقبل مصر أهم
- شهداء 25 يناير وعيد الأم .
- المسرح المصري في السبعينيات وقضايا الانفتاح الاقتصادي .


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - مقرر تاريخ الدراما الحديثة والمعاصرة (تاريخ المسرح الأوروبي والأمريكي)