أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - هجوم على مكتسب الحق في التطبيب بالمغرب















المزيد.....


هجوم على مكتسب الحق في التطبيب بالمغرب


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1086 - 2005 / 1 / 22 - 08:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


إن سياسة التقويم الهيكلي كتوجه، خلفت مآسي اجتماعية في جملة من القطاعات الحيوية ومن ضمنها قطاع الصحة. وفي هذا الصدد لا يجب عزل القرار الأخير المتعلق بالزيادة تعريفة الخدمات الاستشفائية عن السياق العام والتوجه التي تسير فيه حاليا الحكومة المغربية بتباث والهادف بالأساس إلى ضرب - في العمق- جملة من المكتسبات لدى الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود. إنه محطة في سلسلة ضمن سياق وتوجهات عامة ما زالت حبلى بقرارات من هذا القبيل لا محالة أنها ستنزل على رؤوسنا في المستقبل القريب. وتضح الصورة أكثر إذا وضعنا هذا القرار المجعف الأخير في إطار السياق العام على الصعيد الدولي وما يعرفه العالم اليوم من تحولات متسارعة متلاحقة بسبب ما يسمى بعولمة السوق والشمولية المكرسة لزحف نمط جديد ( الليبرالية المتوحشة) وبالتالي لنموذج جديد للتنمية. وهو النموذج الذي عوض السابق المبلور في إطار حد أدنى على الأقل للمبادئ الكونية الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
نحن نعيش الآن تكريس النموذج الليبرالي الجديد الهادف بالأساس إلى ضرب كل المكتسبات التي ناضلت من أجلها الحركات الاجتماعية في عدة بلدان سواء منها الغربية أو دول الجنوب. وهو نموذج مفوض بالقوّة، وهنا بالضبط تكمن الخطورة البالغة لهذا التوجه.
وتكتمل الصورة بكل تجلياتها إذا علمنا أن بلادنا تعيش حالياً مرحلة تاريخية دقيقة كما تعيش مظاهر مطبوعة بمآسي اجتماعية خطيرة: أمراض وأمية وبطالة وفساد ويأس وإحباط. ولعل النتائج الأخيرة التي أدلت بها " ترانسبراني"غنية عن التعريف، إذ أكدت أن المغرب ما زال يشكو من عدّة انتهاكات في العديد من المجالات، وأضحى في رتبة متدنية حتى مقارنة مع بعض الدول التي نعتبرها ذات النمط الاقتصادي والسياسي المشابه.
وهكذا يتأكد مرّة أخرى أن خطاب الحكومة في واد وما يجري على أرض الواقع المزري في واد.

تأثير العولمة على المجال الصحي بالمغرب
من الواضح أنه لا بد من ربط النمط الجديد باتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة. وهناك اتفاقيتان أساسيتان لهما انعكاسات جد سلبية على مجال قطاع الصحة. ويتعلق الأمر باتفاقية الملكية الفكرية واتفاقية حرية التجارة وهي الأكثر تدميراً ونسفاً للمكتسبات.
إن الاتفاقية الأولى تنص على حق الشركات المصنعة للأدوية بالحفاظ بحق الملكية لمدّة 20 سنة ( والتي تم تمديدها إلى 30 سنة).
وبالتالي بالنسبة للمغرب ابتدءا من 2005 سيتم منع ترويج الأدوية المستنسخة والتي تباع بأثمنة أقل 10 مرات من أثمنة الأدوية الأصلية، وبالتالي لن يتمكن أغلب المغاربة من الحصول على الأدوية باعتبار أنه من المستحيل أن يرتفع دخلهم بنفس النسبة ولو في الحلم.
أما الاتفاقية الثانية، وهي الأخطر، تتعلق، بحرية التجارة، وضمنها تجارة الخدمات. وهي تهدد كذلك القطاع الخاص الذي سيصبح معها على كف عفريت. فعندما ستختفي الحدود الجمركية مع حلول 2010. يمكن لأي فريق طبي من أي جهة في العالم ولوج المغرب لإجراء عملية جراحية دون أن يمنعه أحد. بل أكثر من هذا، من خلال التكنولوجية الجديدة - الطب عبر الانترنيت (La Télémedecine ) يمكن تشخيص المرض ووصف الدواء بدون اللجوء لعيادة طبيب.
فهل ظل هذه الشروط، يمكن لقطاع صحة العمومي إن هو ظل على حاله أن يواجه هذا المد؟ أليس هو مؤهل للتدمير؟ والحالة هاته من سيؤدي الثمن؟ ليست الطبقات والفئات الميسورة ( الأقلية القليلة) وإنما أوسع الفئات الشعبية.
ولم يعد يخفى على أحد الآن أن تطبيق مقتضيات الاتفاقيتين السالفتين الذكر يعني بالأساس أن الدولة ستتخلى عن مسؤولياتها الاجتماعية وسوف تقتصر مهمتها بالأساس على بلورة التوجه العام والنظرة الاستراتيجية، أما كل ما تعلق بالسوق فهو متروك للقطاع الخاص.
فلن تتكلف الدولة به وستقتصر على السياسة العامة والسياسة الخارجية.
ولقد بدأ هذا التوجه يتكرس في بلادنا بشكل بارز ولعل مثل التوظيف يبيّن بجلاء هذا الواقع وبكل وضوح. ففي ستينات وسبعينات وحتى ثمانينات القرن الماضي كانت الدولة توظف ما يناهز 40.000 شخص وبدأ هذا الرقم يتقزم إلى أن أصبح لا يتعدى 7000 منصب في الميزانية العامة. وهو رقم مؤهل للمزيد من التقزيم. باعتبار أن حكومتنا تعتمد مقاربة تقنوقراطية خطيرة مفادها أن كثلة الأجور تشكل عبئا كبير على الميزانية (12% حالياً)، ومع الأسف من يردد هذا النظرة وهذه المقاربة؟ يرددها من كانوا بالأمس القريب ينادون بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات الوطنية ومنهم من أنبت أفكاره في مؤلفات لازالت شاهدة عليه إلى حد الآن. لكن لا داعي للاستغراب فهذا هو مآل المكر السياسي وسياسة المكر وامتهان الانتهازية. ومن المنتظر أن يتقلص عدد الوظائف إلى 2000 أو أدنى من ذلك وينتهي الأمر بالحكومة إلى القول بأن القطاع الخاص هو الذي عليه أن يشغل وليست الدولة.

لكن هل لدينا فعلا قطاعاً خاصاً؟
هل فعلا لدينا بالمغرب قطاعاً خاصاً أم لدينا فقط أصحاب "الشكارة"؟ فكم تضم كنفدرالية رجال الأعمال (CGEM ) من مؤسسة
لا يتعدى عدد المؤسسات المنضوية في هذه الكنفدرالية 300 وهي الابناك والمؤسسات الكبيرة (مثل أونا)، وما تبقى مما يسمى بالقطاع الخاص عندنا هي مقاولات متوسطة وصغيرة غير معنية بالكنفدرالية وأغلبها في ملك " أصحاب الشكارة" ليس لديهم أدنى تفكير فيما يخص التطوير والتأهيل للاستعداد لمواجهة شبح العولمة.
فهذا هو السياق العام الذي يجب وضع فيه القرار الأخير المتعلق بالزيادة في تعريفة الخدمات الاستشفائية، وهو سياق مآله المحتوم هو بالضرورة تهميش الفقراء وذوي الدخل المحدود بالمغرب.

المغربي كان يستفيد من مجانية العلاج حتى قبل الاستقلال
فكيف يحرم من هذا المكتسب اليوم؟
إن كل القوى الديمقراطية الحية ببلادنا تعتبر التعليم والصحة من القضايا التي لا بد من الرجوع إلى المبادىئ الأساسية لتناولها والتعامل معها.
ورغم أن الدستور المغربي لا يقر بصريح العبارة بالحق في الصحة (وهذا مشكل في حد ذاته) فإن ديباجته تنص على أن بلادنا تنخرط في جملة من المواثيق الدولية وكلها تنص على أن الصحة حق من الحقوق الأساسية للإنسان.
على أن المغربي كان يستفيد من مجانية العلاج حتى قبل الاستقلال بالرغم من الفارق الذي كان قائماً بين الأهالي والمعمرين. لكن مع الأسف الشديد، في المغرب اليوم الذي ضحى من أجله آلاف أبنائه، بدأ يروج خطابا مفاده أنه لم يتم أبداً التنصيص على مجانية الصحة، وأن الزيادة في تعريفة الخدمات الاستشفائية ستمكن من تأهيل المستشفيات العمومية؟
وهل فعلاً هذا الصدد يمكن القول أن أغلب المؤشرات تبيّن أن هناك تراجع في المداخيل وليس العكس. وهذا ما سوف توضحه بجلاء أكثر الأيام القادمة إن قرر فعلاً القائمون على الأمور بإجراء تقييم صادق وفعلي.
وهنا يبرز تساؤل أكثر خطورة، ما هو الهدف الحقيقي من تلك الزيادة؟





إذا سارت الأمور في اتجاه تدنى المداخيل ولجوء المواطنين إلى القطاع الخاص مادام فيه الخدمة أحسن والثمن أقل، سيأتي يوم- وما هو ببعيد- وتقول الدولة أن مردودية المستشفيات العمومية لم تعد تؤلها للبقاء والاستمرار وبالتالي وجب إقفالها. وتقول للأطباء والأطر ما عليكم إلا القيام بطلب التقاعد الطوعي (Départ volontaire à la retraite ) وهذا آت لا محالة.


بل أكثر من هذا لقد شرعت الحكومة في الترويج للتقاعد المبكر، وربما في القريب العاجل سيصبح هذا التقاعد المبكر مفروضاً وقسرياً بفعل تطور الظروف مادام السياق العام أضحى الآن مكشوفاً.
وما هذا الواقع إلا نتيجة حتمية وطبيعية للرضوخ لتوجهات المؤسسات المالية الدولية. وبالتالي إن استمرت الأمور في السير على هذا الحال فإن قطاعات الصحة والتعليم والشغل والسكن في وضعية أخطر مما هي عليه بالنسبة لأغلب المواطنين المغاربة.

لا يمكن اختزال إشكالية الصحة بالمغرب في مسألة التمويل
ومهما يكن من أمر، الصحة تعتبر حقاً من حقوق الانسان وعلى الدولة أن تلتزم في هذا الصدد بالمبادئ الإنسانية العامة وبالمواثيق الدولية. فلا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال الإشكالية الصحية بالمغرب في مسألة التمويل. لأن المشكل ليس مشكل تمويل فقط، إنه في واقع الأمر مشكل تدبير القطاع برمته ومشكل غياب سياسة صحية وطنية واضحة المعالم ومحددة المقاصد.
ففي عهد الاستعمار كانت هناك سياسة كولونيالية صحية، أما الآن فلا تتوفر البلاد عن أي سياسة في هذا المجال، فإذا استثنينا مناظرة افران الوطنية سنة 1959 والتي سطرت التوجيهات العامة لسياسة صحية وطنية فلا شيء تذكر غيرها، علما أن حتى هذه التوجيهات لم تنفذ مع كامل الأسف. من ذلك الوقت إلى حدود اليوم ليس هناك إلا سياسة صحية واحدة إنها سياسة الارتجال. فكل وزير يأتي بتصور وتخريجة خاصة وبعقلية خاصة به. أما البرامج الوقائية فأغلبها ممولة من طرف منظمات أجنبية أو من طرف المنظمة العالمية للصحة.
ومما يدل على سيادة الارتجالية في هذا القطاع أننا بدأنا نلاحظ ظهور أمراض ساد الاعتقاد أنه تم القضاء عليها ببلادها مثل حمى المستنقعات.
ومهما يكن من الأمر وبالرغم من كل ما يقال بصدد الإكراهات الاقتصادية والمالية فإن قطاع الصحة موجه للإنسان وليست الصحة سلعة تباع وتشترى. لذلك فإن الإشكالية الصحية ببلادنا مشكل كبير وكبير جداً، وبالتالي أضحى من اللازم حالياً الإقرار بضرورة اعتماد مقاربة شمولية للإشكالية الصحية قصد بلورة ميثاق وطني للصحة العمومية مؤسس على الحفاظ على القيم الإنسانية والعدل والمساواة والتضامن والتكفل الاجتماعي وعدم الإقصاء والتهميش واحترام أخلاقيات المهنة. علماً أن الرعاية الصحية مسؤولية الدولة بالأساس سواء من حيث التمويل أو المراقبة أو التدبير أو الاستراتيجية الوطنية.
واعتباراً للوضع الحالي لا يسع المرء إلا أن يتساءل: إلى أين يسير المغرب في مجال الصحة؟ وهل المسؤولون الحكوميون، في سياق التنفيذ الأعمى لتعليمات وتوجيهات المؤسسات الدولية لا يؤشرون على نوع من أنواع السير نحو فقدان السيادة الوطنية؟
إنه سؤال خطير ومؤرق اعتباراً لارتباطه بالاستقرار الاجتماعي وما أدراك بالاستقرار الاجتماعي؟.



هجوم على مكتسب الحق في التطبيب

شهادة الاحتياج جواز مرور التطبيب
هناك هجوم سافر على مكتسب من مكتسبات الشعب المغربي، وهو الحق في التطبيب. وإذا لم يكن يوماً التطبيب مجاني بالمغرب فإن شهادة الاحتياج كانت بمثابة جواز مرور للتطبيب بالمجان بالمغرب ( علماً، وكما يعرف الجميع أن شهادة الاحتياج نفسها لم تكن تسلم مجاناً وإنما بالتدويرة).
هل المراد وراء هذا الإجراء هو تشجيع مباشرة وبشكل مكشوف القطاع الخاص، باعتبار أن الناس سيضطرون إلى عدم اللجوء إلى المستشفيات العمومية لأنها أغلى علاوة على البيروقراطية والتماطل والتسيب والزبونية...و....و...؟
إذن ليس من الغريب معاينة تناسل المصحات الخاصة دون معاينة إضافة ولو سرير واحد في القطاع العمومي. فإذا ظهر السبب يتبدد العجب.
ولم يعد يخفى على أحد الآن التدهور المطرد الذي تعيش فيه الكثير من الوحدات الصحية العمومية على امتداد التراب الوطني. إنها تعيش في وضعية يرثى لها وتجهيزاتها إما في حالة تقادم وإما عاجزة. وقد لاحظنا مراراً تعطل السكانير بالشهر والشهرين و 3 أشهر دون مراعاة لصحة المواطن، وهذا علاوة على التدهور الكبير لجودة الخدمة في وقت لا وجود لأي مؤشر ينم عن أي تفكير في النهوض بهذا القطاع الحيوي في حياة المواطن المغربي.
علما أن المواطنين يؤدون الضرائب التي هي أساس من أسس مداخل الخزينة العامة، وبالتالي من حقهم الاستفادة من الخدمات العمومية وعلى رأسها التطبيب. إن المستشفيات مرفق عمومي وهو ممول من تلك الضرائب، والتجهيزات والممرضين العاملين بها يتلقون رواتبهم وتمكنوا من التكوين بفضل أداء المواطن للضرائب.
وخلاصة القول يبدو أن الحكومة سائرة نحو المزيد من رفع الوثيرة، وبذلك لم يعد مستبعداً اقتراح وزارة المالية والخوصصة تفويت المرافق العمومية المرتبطة بالصحة إلى الخواص، إنه سينار ليس بالبعيد والمستبعد.
فأين نحن سائرون؟
وهناك قضية لا تقل خطورة، وهي المرتبطة باستنزاف الأطر عبر هجرتها إلى الدول الغربية، إذ أصبح المغرب يعلمهم ويكونهم على حساب الشعب المغربي قصد تصديرهم إلى الغرب لجني الثمار. وقد بدأت المنظمة العالمية للصحة تنبه إلى هذا النزيف وتفكر حالياً في الإقرار بميثاق لتوقيفه اعتباراً لانعكاساته على دول المصدر.
هناك هجوم سافر على مكتسب من مكتسبات الشعب المغربي، وهو الحق في التطبيب. وإذا لم يكن يوماً التطبيب مجاني بالمغرب فإن شهادة الاحتياج كانت


كان المغاربة دائما يؤدون
واعتمادا على الاحصائيات الرسمية يتضح أن المواطن المغربي كان دائماً يؤدي - بشكل أو بآخر- على أقل تقدير 43% من سومة الخدمات الطبية.
ولم يسبق أن صرح أحد من المسؤولين بصريح العبارة أن الخدمات الطبية بالمغرب خدمات مجانية وذلك بالرغم من أن نسبة الفقراء والمحتاجين مهمة وبالرغم من أن آليات التغطية الصحية لا تهم إلاّ قلّة قليلة لا تكاد تبين مقارنة بالعدد الإجمالي للسكان. لكن الجديد في القرار 04/10 المتعلق بالزيادة في تعريفة الخدمات الاستشفائية هو إقصاء المواطنين جملة وتفصيلا من المنظومة الصحية.

منظومة صحية أم منظومة علاجية
لا يمكن الحديث عن وجود منظومة صحية (système de santé ) وإنما عن مجرد علاجية (système de soins ) كما أنه من الملاحظ أن الحكومة الحالية والتي سبقتها ظلت تتغنى بكون الصحة تعد من أولوية الاولويات، سواء في خطابات الوزير الأول أو في البرنامج الحكومي، لكن كل هذا لا زال مجرد كلام، والتاريخ شاهد على هذا. لكن على مستوى الفعل وعلى أرض الواقع نلاحظ العكس بالتمام والكمال، أي ضرب الحق في العلاج بالنسبة لفئات واسعة جداً بالمغرب.
إن المنظومة العلاجية العمومية بالمغرب تتكون من وحدات صحية تابعة لوزارة الصحة وتتجزأ إلى ثلاث مستويات:
1 ) المستوصفات والمراكز الصحية
2 ) المستشفيات المحلية والإقليمية
3 ) مراكز الاستشفاء الجامعية
( وهي 4 الرباط، الدار البيضاء، مراكش وفاس) .
في المستوى الأول هناك المستوصفات، وتقدم كأقرب وحدة صحية للمواطن وهي التي توفر العلاجات الأساسية. والمستوصفات والمراكز الصحية تعتبر نقطة الانطلاق وهو المستوى الثاني في المنظومة العلاجية المغربية.
وفي المستوى الثاني هناك المستشفيات وتتضمن اختصاصات متعددة. وأقل ما يمكن أن يحتويه مستشفى محلي، قسم التوليد وأمراض النساء وقسم طب الأطفال وقسم المستعجلات. وهناك المستشفيات الجهوية أو الإقليمية ( مثل مستشفى الإدريسي بالقنيطرة) والتي تحتوي على اختصاصات أخرى إضافية وكذلك مركز التشخيص.
وفي المستوى الثالث هناك المراكز الاستشفائية الجامعية، ويتوفر المغرب حالياً على 4 منها ( ابن سينا بالرباط وابن رشد بالدار البيضاء ومستشفى فاس ومستشفى مراكش). وكلها ذات صفة وطنية وتضم اختصاصات لا زالت تحكمها المركزة والمركزية اعتباراً إما لتكلفتها الكبيرة ( مثل طب السرطان أو جراحة القلب) أو اعتباراً لقلة الأطر المختصة وقلة المعدات والتجهيزات.
وطبعاً بجانب هذه المنظومة العمومية هناك الطب العسكري والتعاضديات والقطاع الخاص قبل 10 سنوات خلت كانت المنظومة الصحية العمومية تسير 100 في 100 من طرف الدولة وعن طريقها، أي أن كل المصاريف والمداخل تمر عبر خزينة الدولة إلاّ الأمر بدأ يتغير منذ سنوات إذ أصبحت المستشفيات المحلية والجهوية تسير بطرقة مستقلة ( SEGMA service géré de manière autonome ) أي تُعطى لها إمكانية مطالبة المواطنين بأداء مقابل نقدي للخدمات الصحية لكي تحقق مداخل. وابتدءا من هنا بدأ المشكل، وبدأ في الحقيقة التراجع المكشوف عن مجانية العلاج، واستمرت المسيرة وجاء التحايل على المنظومة العلاجية المغربية وذلك بإخراج الاختصاصات من نطاق المراكز وإلحاقها على مراكز الفحص (centres diagnostiques ) التي توفر استشارات خارجية وليست إكلينيكية وليست استثنائية. وهكذا أصبحت مراكز الفحص غير مرتبطة بالمستوى الأولي ( الخاضع للمجانية) وإنّما تم التحايل لإلحاقه بالمستوى الثاني قصد التمكن من فرض الأداء على الخدمات وهذا مكر واضح وبيّن.
أما المستشفيات من النوع الثالث ( المراكز الاستشفائية الجامعية)، وهي المتوفرة على الاختصاصيين والتقنيات العالية والتكوين وتطلع بجملة المهام الأخرى، أضحت تتوفر على مجالس إداري تسلم لها ميزانيات لتسييرها كما تسير المكاتب.

كالعادة "حسي مسي"
تقرر أداء 50% في حالة الإدلاء بشهادة الاحتياج
في بداية فرض على المواطن الإدلاء بشهادة الاحتياج ومبلغ 400 درهما للاستفادة من السكانير، ثم زادت الوثيرة وأضحى المواطن المحتاج ( بمقتضى شهادة الاحتياج)مطالباً بأداء 50% نقداً. احتج الناس وكاتبوا الجهات المعنية، لا سيما وأن المتعاطفين معهم برهنوا بما لا يدع مجالا لأي شك أن هذا الإجراء غير قانوني، لكن بدون نتيجة. علماً أن الوزير الأول صرح، بل أصدر "فتوى" وقال أن الحكومة لم ولن تتراجع عن أخذ بعين الاعتبار شهادة الاحتياج في مجال التطبيب والاستشفاء.
ومن المعروف كذلك أن الوزير الأول هو الذي - بنفسه وبذاته- يترأس المجالس الإدارية للمراكز الاستشفائية الأربعة وينوب عنه وزير الصحة. كم أنه في آخر اجتماع للمجلس الإداري لمستشفى ابن سينا بالرباط ( وهذا مسجل بالمحضر) أكد وزير الصحة بصريح العبارة على ضرورة التراجع على قرار القاضي بأداء 50% مع الإدلاء بشهادة الاحتياج، وكان ذلك التصريح بشكل مسؤول وأمام الملأ- لأنه اعتبره قراراً غير قانوني. إلا أنه مع الأسف، عوض تطبيقه هذا الموقف كما كان ينتظر الجميع ما دام صادر على المسؤول الأول عن القطاع. على العكس من ذلك تم تعميم الأداء على جميع المراكز الاستشفائية، وهذه مفارقة غريبة حقاً. وفي هذا الوقت بالذات كانت مجموعة من فعاليات المجتمع المدني تستعد للقيام بأسبوع احتجاجي على التراجع السافر من طرف الحكومة والدولة على مجانية العلاج. إلاّ أنه فرعت الحكومة مرّة أخرى في وثيرة التراجع وتم الإقرار بالدورية المتعلقة بالزيادة في تعريفة تكاليف العلاج من 100 في 100 إلى 200 في 100، وبذلك أصبحت المستشفيات المحلية والجهوية تخضع لنفس التسعيرة المعتمدة في المراكز الاستشفائية الجامعية. والطامة الكبرى أن قسم المستعجلات نفسه خاضع لهذا القرار وهذا أمر لا يوجد في أية دولة، إذ أضحى على المواطن أن يؤدي قبل الاستفادة من أي إجراء حتى في قسم المستعجلات وهذا أمر خطير وخطير جداً لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال في بلد تحترم حكومات المواطن وإنسانيته. وذلك باعتباره تصرف غير إنساني ( ولعل حادثة قاضي محكمة العدل الخاصة لا زالت عالقة بالأذهان فما بالك بالمواطن البسيط).
والأدهى والأمر، هو أنه عند مساءلة القائمين على الأمور في قطاع الصحة في هذا الصدد كان ردهم هو أنه إجراء تجريبي ( c’est une simulation)
قبل تطبيق التغطية الصحية. فهل صحة الناس يمكنها أن تكون موضوع إجراء تجريبي؟. علماً أن هذه التغطية الصحية ذاتها لن يستفيد منها إلا من له شغل قار وفي وضعية قانونية ( أي دوام الحال على ما هو عليه الآن) وهم قلة قليلة، وبالنسبة لعموم المواطنين يقال أنه سيطبق عليهم نظام تأمين طبي علما أنه لا أثر لحد الآن أجرأة بهذا الخصوص. وهذا بكل بساطة وبكل وضوح أن المحتاجين وفئات واسعة من الشعب المغربي لا يتوفرون على إمكانية الولوج إلى الصحة كمرفق عمومي.
وبنظرة اقتصادية محضة، فإن التسعيرة الحالية تفوق التسعير المطبقة في القطاع الخاص إضافة إلى "سير واجي" والتنقل من مدينة إلى أخرى وضرورة

"دهن السير" وإذا تم تجميع كل هذه المصاريف فسيتجه المواطن- حتى المحتاج- تفضيل الاتجاه إلى القطاع الخاص. هل يعقل ببلد كالمغرب أن تكون مصاريف العلاج أغلى بالقطاع العام أغلى منه في القطاع الخاص؟
هل المراد وراء هذا الإجراء هو تشجيع مباشرة وبشكل مكشوف القطاع الخاص، باعتبار أن الناس سيضطرون إلى عدم اللجوء إلى المستشفيات العمومية لأنها أغلى علاوة على البيروقراطية والتماطل والتسيب والزبونية...و....و...؟
إذن ليس من الغريب معاينة تناسل المصحات الخاصة دون معاينة إضافة ولو سرير واحد في القطاع العمومي. فإذا ظهر السبب يتبدد العجب.
ولم يعد يخفى على أحد الآن التدهور المطرد الذي تعيش فيه الكثير من الوحدات الصحية العمومية على امتداد التراب الوطني. إنها تعيش في وضعية يرثى لها وتجهيزاتها إما في حالة تقادم وإما عاجزة. وقد لاحظنا مراراً تعطل السكانير بالشهر والشهرين و 3 أشهر دون مراعاة لصحة المواطن، وهذا علاوة على التدهور الكبير لجودة الخدمة في وقت لا وجود لأي مؤشر ينم عن أي تفكير في النهوض بهذا القطاع الحيوي في حياة المواطن المغربي.
علما أن المواطنين يؤدون الضرائب التي هي أساس من أسس مداخل الخزينة العامة، وبالتالي من حقهم الاستفادة من الخدمات العمومية وعلى رأسها التطبيب. إن المستشفيات مرفق عمومي وهو ممول من تلك الضرائب، والتجهيزات والممرضين العاملين بها يتلقون رواتبهم وتمكنوا من التكوين بفضل أداء المواطن للضرائب.
وخلاصة القول يبدو أن الحكومة سائرة نحو المزيد من رفع الوثيرة، وبذلك لم يعد مستبعداً اقتراح وزارة المالية والخوصصة تفويت المرافق العمومية المرتبطة بالصحة إلى الخواص، إنه سينار ليس بالبعيد والمستبعد.
فأين نحن سائرون؟
وهناك قضية لا تقل خطورة، وهي المرتبطة باستنزاف الأطر عبر هجرتها إلى الدول الغربية، إذ أصبح المغرب يعلمهم ويكونهم على حساب الشعب المغربي قصد تصديرهم إلى الغرب لجني الثمار. وقد بدأت المنظمة العالمية للصحة تنبه إلى هذا النزيف وتفكر حالياً في الإقرار بميثاق لتوقيفه اعتباراً لانعكاساته على دول المصدر.
إدريس ولد القابلة



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع المعلومات بالمغرب
- اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا
- الوحدة الترابية والدبلوماسية المغربية
- الحكامة
- لـمـال والمـقـاومـة
- الفرنسيون الذين ساندوا المغرب في محنته
- الخلفية التاريخية والثقافية للخوفقراطية بالمغرب
- الخونة يحتفـلون بعودة الملـك محمد الخامـس بمنفاه
- المندوبية السامية لقدماء المقاومة وجيش التحرير
- البرجوازية التجارية بين التعامل مع الاستعمار ومساندة المقاوم ...
- حلقة من حلقات التاريخ المسكوت عنه قضية شيخ العرب
- أوراق متناثرة من تاريخ المغرب الحديث : محطات ذات دلالة
- أوراق متناثرة من تاريخ المغرب الحديث : محطات ذات دلالة 1 - ا ...
- الأحزاب السياسية بالمغرب
- مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير و غد أفضل
- الأحزاب السياسية بالمغرب
- واقع المحامي بالمغرب
- اليسار المنبثق عن الحركة الماركسية – اللينينية-
- اليسار الجديد من أين الانطلاقة
- هل القضاء المغربي قضاء مستقل؟


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - هجوم على مكتسب الحق في التطبيب بالمغرب