أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود عباس - العدالة في قفص إلإتهام لدى السلطة السورية















المزيد.....

العدالة في قفص إلإتهام لدى السلطة السورية


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3695 - 2012 / 4 / 11 - 07:34
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


عندما يحاول المواطن أن يتحرر من المدارك الجامدة بمطلقه، ويبحث عن الحرية في الآفاق الواسعة المحاطة بالرهبة الإستبدادية، يبدأ المسيطر المطلق في الوطن بإغتصاب العدالة أولاً، وينزعها من المجتمع ليضعها في قفص الإجرام، ويحاول أن يقضي على الأجزاء المتبقية من ماهية العدالة الإنسانية، لينزع حضورها من الذات الإنسانية بشكل كلي، ويجعل من إنتهاك الحريات وتشويه الرحمة، على مرئى الإنسانية المتلكئة، قانون مشروعاً في أروقة محاكمه الخاصة، عندها يصبح الصراع على البقاء بين الشعب والسلطة المطلقة آفة لا محيض عنه في زمن الضياع، الممزق بالفساد، وتصبح الثورة على الموجود ضرورة حتمية.
يخلق المستبد في زمن ضياع المفاهيم، ويكون ماهيته مع سلطة معتمداً على تطبيق عدالة بدون موازين، لذلك تنبثق من لدنهم كل الشرور، والآفات، للحفاظ على ذاتهم المؤلهة من حاشية محاطة بهم لغاية، وذلك إنطلاقا من ثقافة الإيمان بالمطلق، فهم مهوسون بالتعالي على مجتمعهم، يملؤون الوطن بالأمراض الثقافية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية الموبوءة، حينها يكون البحث عن الذات الوطنية الضائعة في مستنقع الثقافة الفاسدة تلك واجباً وطنياً، وإنسانياً حضارياً، مطلوباً من كل مواطن عانى ويعاني من الضياع الذي خلقته السلطة في حضن هذا الوطن المغتصب عهوداً، وكل من يتخلف عن المواجهة، يضع ذاته على مسالك الوهم الذي تروج له السلطة السورية الحاكمة في إصلاح القادم، ويرمي نفسه وأمته في أروقة العتم الفكري والإيمان مع قناعة بالناقص بمطلقه.
جردت حفنة من الناس، خلقوا من العدم الحضاري، الوطن السوري من العدالة والديمقراطية، هتكوا المجتمع ومفاهيمه، مزقوا الثقافة الإنسانية التي كانت مترسخة في الإنسان السوري منذ قرون. هؤلاء الذين إغتصبوا السلطة من أحضان الشعب، عتموا كل إشراقة فيه، جعلوا العهود بكليته غروب يتبع غروب، فكانت أنبثاق الثورات الشبابية لإعادة تطبيق العدالة وثقة المجتمع بصيرورة الكون، حيث الشروق يتبع كل غروب، لذلك خلق الشباب القطب المعارض، لمواجهة عنجهية الأنا المطلقة على ساحات الوطن، وبدأ الصراع على البقاء، الصراع من أجل الحرية والحق أو العدم بدونهما.
الكل يدرك هذه الجدلية، لكن المأساة، هو أن يصبح العادم للمدارك الحضارية، مطالباً بالحق والعدالة، ويظهر نفسه كالمهدي القادم للبشرية، والمخلص للوطن، والمنقذ للحرية. في فترة الصراع المحتدم هذا وعند قيام الثورات الشبابية، تبرأت السلطة الشمولية فجأة من تراكم الموروثات القامعة لكل العوامل الموضوعية للتفكير الحر، وأصبح ينفي وجود القيود الداخلية لحكومة مستبدة، ويدعي بأنه صاحب التفكير الجديد – الديمقراطي – هذا التلاعب بالموجود الثقافي وبالمفاهيم أحدث لغط كثير بين العديد من القوى الداخلية والخارجية، مددت من عمر السلطة السورية الحالية، وحتى اللحظة تملك من القدرات على إقناع قوى دولية على مساندتها في ما تؤول إليه. علمأ بأن هذه السلطة المطلقة الشمولية تجردت من التفكير الحر وعلى مدى عقود، ولم تعد لها القدرة على تجديد نفسها أو إعطاد أي جديد لا على ساحة الحرية ولا في ميادين التعامل الإنساني، وسوف لن تتمكن من خلق أجواء حضارية تسمح للأخرين بأي بتفكير حر بل إنها تعلل عدميتها هذه وقصورها الإدراكي لمفاهيم الحضارة الإنسانية الحاضرة تحت حجج متنوعة، والنجاحات النسبية التي تحصل عليها آنية، وسوف لن تنجيها من الزوال الحتمي.
السلطة بإدعائها إطلاق الحريات السياسية، تحت قوانين دستورية جديدة، كحرية التظاهر وحرية تشكيل الأحزاب، تغلفها في إطار جامد صلد فيه كل ركائز الإستبداد، ثقافة البعث ومفاهيم سلطة الأسد وإستمراريتهم لفترة زمنية طويلة بالإتكالية على العمل الدائب على كيفية منع التفكير الحر وتجريمه تحت سقف قمع السياسات المناهضة للصمود والتصدي، رسخت واقع الإضطهاد في كل ثنايا الدولة السورية الحالية على مدى عهود، إنتهت إلى أن جردت من عناصر القدرة على التغيير، لذلك كان منطق الثورة الحقيقي " إزالة النظام " بكليته، وإعادة بناء الدولة والمجتمع على مفاهيم إنسانية حضارية.
تمكنت الثورة السورية من زعزعة كيان السلطة، والتأثير على مجمل علاقاتها الخارجية، لكنها لم تتمكن حتى اللحظة من قطع التواصل والترابط بين مكوناتها البنيوية، كالجيش والشبيحة وقواها الأمنية، أحدثت خلل في تحالفاتها الإستراتيجية بشكل عام لكنها لم تتمكن من إقناع روسيا والصين لقطع علاقاتها مع السلطة، تحالفات السلطة مع تركيا لم تكن يوماً ذات بنية إسترتيجية كما كان يظنه البعض، ولم تتعدى مدى المصالح المشتركة، وإحداها رؤيتهما المشتركة حول القضية الكردية، تحالفات السلطة السورية كانت ولا تزال مبنية على الهلال الشيعي، أي المذهبي، ومنذ أكثر من عدة عقود، والمفاهيم المعتمدة عليها هي بناء السلطة الشمولية، فهي بهذا تشترك مع بنية الدولة في روسيا وإلى حد ما الصين، ومع الذين يقفون إلى جانبها ككوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية وايران وحزب الله... ويحصل التقارب بينهم وبين الهلال الشيعي على هذه البنية.
كما أن السلطة استطاعت ان تقنع البعض في الخارج والداخل على أن الثورة خاضعة لأجندات خارجية، دولية ذات مصالح، ومذهبية سنية تتحكم فيهم التيارين الوهابي والسلفي، الطامعين للسيطرة على الحكم، لكنها لم تتمكن من إحداث خلل في ماهية الثورة نفسها ومفاهيمها وأهدافها، كما لم تتمكن من الحد من تزايد الدعم الدولي لها، خاصة والصراع بين الثوار والسلطة بلغت حدود الحرب الأهلية، والتي تدفع إليها السلطة بكل قواها.
النتيجة القادمة هي زوال السلطة الحتمي، إعتماداً على إن الثورة بنت نفسها على التراكمات المستقاة من المفاهيم الحضارية وزبدة تشابك الثقافات العالمية على ساحات الحرية والديمقراطية، فلاسفة الثورة وإيديولوجييها منتشرون في كل زوايا الأرض، ومن على صفحات التاريخ الحاضر والماضي، مفاهيمهم دخلت وتدخل خلال الثورة الإلكترونية العالمية إلى كل غرفة ملائمة وممكنة. فالثورة تطالب بالتغيير في قناعات الفرد ذاته قبل التغيير في الأنظمة، كما إنها ستغير بنية الأحزاب الكلاسيكية الإنتهازية، التي تتكالب على الثورة بإسم المعارضة، هؤلاء المسببون حتى اللحظة عن تلكأ المعارضة السورية في الخارج في تكوين وحدة متماسكة قوية، هذا التغيير سيتبع إسقاط النظام وتغيير البنى التحتية للثقافة البعثية.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الشعب السوري تدفع ضريبة الثورات ...- الجزء الثاني -
- ثورة الشعب السوري تدفع ضريبة الثورات... - الجزء الأول -
- الأبعاد المختلفة في ثورتي آذار كردياً وسورياً - الجزء الثاني
- ثوار سوريا يحتاجون لزيارة - الناتو - لا - كوفي عنان -
- الأبعاد المختلفة في ثورتي آذار كردياً وسورياً- الجزء الأول
- نبيل العربي والظواهري يرجحان كفة النظام السوري
- الهوية الوطنية والديمقراطية في الدستور السوري
- الأستاذ غسان المفلح، تحليل متلكأ
- مستقبل الكتل الكردية، بين المعارضة السورية والثورة
- ربيع المجالس الوطنية الكردية
- طغاة الشرق وشرعنة الإرهاب الإسلامي
- متاهة حقوق الكرد مابين الخطابين الكلي والجزئي
- الخطوات العملية ما بعد المؤتمر الوطني الكردي
- آراء حول المؤتمر الوطني الكردي
- السروك - مسعود البرزاني - وسمو الإلتفاتة
- - أسيا الصغرى - الاسم البديل لتركيا
- معارضون سوريون بلا ضمير
- صدى تساقط قطرات دم الشهيد
- القضية الكردية همشت في المجلس الوطني السوري - الأخير-
- المعارضة السورية، مفاهيم وأجندات ومراكز


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود عباس - العدالة في قفص إلإتهام لدى السلطة السورية