أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمدالصغيرالمراغي - أَتَشَكّلُ في صِوَرٍ خَارِقَةٍ قراءة في شعر بدر توفيق















المزيد.....

أَتَشَكّلُ في صِوَرٍ خَارِقَةٍ قراءة في شعر بدر توفيق


أحمدالصغيرالمراغي

الحوار المتمدن-العدد: 3695 - 2012 / 4 / 11 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


ولِدَ الشاعر المصري بدر توفيق في عام 1934 في أسرة مصرية من الطبقة الوسطي ، المتعلمة التي يعمل معظم رجالها في وظائف حكومية . نشأ بدر توفيق في بيت زاخر بكتب الأدب العربي والأجنبي ، وبدأ وعيه بالأحداث الوطنية في حرب فلسطين الأولي 1948 بين إسرائيل والدول العربية . ، في العامين الأخيرين لدراسته الثانوية (1950ـ 1952) انضم توفيق إلي الحزب الاشتراكي ، وساهم في قيادة المظاهرات المطالبة بالاستقلال ، وجلاء الاستعمار الانجليزي عن مصر ، وحين اندلعت الحرائق الكبري بالقاهرة في عام 26 يناير 1952 اتهمت الحكومة الحزب الاشتراكي بتدبيرها ، وقبضت علي رئيسه وقياداته ، وكان بدر توفيق ضمن المقبوض عليهم ، وأفرج عنه بعد شهرين ، وحصل علي شهادة الثانوية العامة في يوينو 1956، وحرب اليمن 1962ـ 1963) وحرب 1967) التي أحيل بعدها للتقاعد ، لأنه كان شاعرا ونشر العديد من القصائد أثناء عمله بالجيش المصري وكان سياسيا بارزا في الجيش .في ذلك الوقت فخرج من الجيش وسمي فيما بعد بحركة التطهير .
التحق بدر توفيق بكلية الآداب جامعة عين شمس لدراسة الأدب الانجليزي دراسة متخصصة في أكتوبر 1967 وتخرج 1971، ثم سافر بعدها إلي ألمانيا والتحق في فبراير 1972 بكلية الفلسفة في جامعة كولن kolnحيث درس اللغة الألمانية وـآدابها والعلوم المسرحية ، إلي جانب دراسته العليا للدكتوراه في الشعر الانجليزي ، لكنه في شتاء 1976 عاد إلي القاهرة وعمل مترجما في جريدة الأخبار ، وفي شتاء 1977، التحق بالجامعة الإمريكية للحصول علي الماجستير في تعليم اللغة العربية للأجانب حتي صيف 1979، ثم سافر إلي سلطنة عمان في شتاء ذلك العام وعمل مترجما في وزارة الإعلام وفي صيف 1980) عاد إلي القاهرة وعمل طوال عام 1981، فاحصا للكتب في الهيئة المصرية العامة للكتاب وفي العام الدراسي 1980 ــ1982 ) التحق بكلية الألسن جامعة عين شمس للحصول علي دبلوم في الترجمة ..
بعدها نبذ توفيق جميع الو ظائف وتفرغ كاملا لحياته الأدبية والترجمة من اللغات المختلفة إلي العربية مثل ترجمة سونيتات شكسبير الكاملة ، ورباعيات الخيام ، وغيرها ..
قدم الشاعر بدر توفيق مجموعة من الدواوين الشعرية المهمة في الثقافة العربية منها ، إيقاع الأجراس الصدئة (دار المعرفة 1956) ، قيامة الزمن المفقود ( دار الكاتب العربي 1968) ، الإنسان والآلهة ( مجلة المسرح 1969) ، رماد العيون هيئة الكتاب 1980) ، اليمامة الخضراء هيئة الكتاب 1989) الحزن الجميل المجلس الأعلي للثقافة 1997) ، وللشاعر مجموعة كبيرة من الترجمات في الأدب الانجليزي ، ومن الدواوين التي نلاحظ فيها التحام الذات الشاعرة بالوجود الأرضي ديوان أتشكل في صور خارقة ، فقد جاء هذا الديوان في عشرين قصيدة شعرية يغلب علي طابعها القصر فيقول قفي قصيدة بعنوان ( بأي نطاق تخادع ساقيك ) :
الهبوط إلي الأرض
عقوبة آدم
ها أنذا في بريق العرض
تتعاقب في الصد والرد
والحد والمد والكيد والصيد
والعد والرعد
فلتودع خيالك ،
أيها المستجير من الناس بالموت
محترقا في أنسجة الصوت
ليس في الروح ماء
ولا في الجروح فضاء ،
ليس في القلب ماشاء
ولافي العيون استواء
الشراع تآكل
والنهار اختلي خلسة بالمساء
واصطلي شغفا بالفناء
طاويا كفيك
فبأي نطاق تخادع ساقيك .
يبدو النص الشعري لدي الشاعر بد توفيق نصا مختلفا يعتمد علي الحوار الداخلي الذي تناجي فيه الذات نفسها متأثرا بإيقاع القرآن الكريم ، وكأنّه يصنع نصا موازيا للسرد القرآني المقدس ، وقد تجلي ذلك في عنوان النص : فبأي نطاق تخادع ساقيك !!، متناصا تناصا موسيقيا في قول الله عزوجل في سورة الرحمن " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ومن ثم فقد ارتكز النص الشعري علي تصوير عذابات الإنسان في هذا العالم القاسي فهبوط آدم كان عقوبة له ولأولاده من بعده ، وجسّد ذلك من خلا اعتماده علي الايقاعات التكرارية اللغوية واختياره مجموعة من القائمة الأفقية من ناحية والرأسية من ناحية أخري ، وهذا لايخلومن دلالة قوية مفادها أن الذات الشاعرة تدرك لحظات الشد والجذب والنزاع الداخلي والخارجي الذي يلم بها كثيرا في حالتها النفسية ، أن الشاعر الإنسان الذي يعد قضيته الحقيقية هي الإنسان بشتي معانيه الحياتية ، في هذا الواقع ، ونلاحظ استخداماته الكثيرة لأدوات النفي داخل النص القصير وكأنه ينفي الحياة القاسية مبتعدا عن آلامها وأحزانها الكثيرة التي تشيع النكد والفوضي في وقائع الإنسانية . في قوله ( ليس في الروح ماء ، ولافي الجروح فضاء ، ليس في القلب ماشاء ، ولافي العيون استواء ) إن استخدام حرفي النفي لا ، ليس يدل علي الرؤية السوداوية التي تسيطر علي ملامح الشاعر الذاتية الداخلية،
ويقول الشاعر بدر توفيق في قصيدة بعنوان : صورتنا معا
هي ذي صورتنا معا ..
في لحظة نادرة
إني أحسدها ....
فهي ستحيا للأبد بينما نحن نكبر
حتي نتلاشي
حين ابتسمتْ..
تفتحتْ في خدها الورود
دافئة كالربيع
مضيئة كالقمر
تمايلت أغصانها الخمرية ،
تدفقت أنفاسها
انطلق البلسم نافذا إلي صدري
ومسني
سكرٌ من الشوق إلي مكمنها!!
من الملاحظ في النص السابق أن الشاعر بدر توفيق يعتمد علي عملية الفلاش باك (phlash bak فهو يستعيد أيامه القديمة من خلال صورة جمعته مع مَنْ أحب مدركا أنه متلاش لا مفر من ذلك وتبقي الصورة مستمتعة بحياتها إلي الأبد ومن ثم فهو يشعر بالحسرة والحزن علي ضياع العمر ولم يبق من هذا العمر سوي الذكريات المتجسدة في مجموعة من الصور الجامدة . إن اللحظات السعيدة في عمر الإنسان لحظات قليلة لكنها مؤثرة في عمره بكل تأكيد ومن ثمّ يغلب الطابع الاستعاري علي صور بدر توفيق متجهة أحيانا.إلي التشبيه الحي داخل النص الشعري الذي تنطلق من خلاله صورمعنوية نفسية / متعلقة بأفعال النفس الإنسانية التي تؤثر تأثيرا كبيرا علي حياة الإنسان وتجعله في حالة متناقضة مابين الإحساس بالفقد لهذا المحبوب وأطياف الذكريات الي ألمت به من آن لآخر وقد تجلي ذلك الحس النفسي الوجداني في معظم تجربة الشاعر بدر توفيق
ويقول توفيق في قصيدة بعنوان : الحزن الذي اصطفاني :
بين الصحاري ، نخلة مبتورة الرأس
تسيلُ من أرجائها الدماء
تبحث عن جيرانها الأوئل
عن بشر كانوا يسامرونها
ويكتبون فوق جذعها رسائل !
هذا وجهي ،
يغلق عينيه عن النور
كيلا يري ظلامه المحظور
هل كنت في المتاهة الصغري
أري علامة ؟
أو أسمع ابتسامة
في الضجة الدوامة
ها أنذا ...
في ساحة المتاهة الكبري
أفقد أمي وأبي وأصدقائي
والموت في انتظار صخرتي ومائي
لايعرف ا لحزن الذي اصطفاني
ولايري القلب الذي سواني "
إن الحديث المتداخل دائما في شعر توفيق بين جراحات الذات المتعددة هو الذي جعل تجربته الشعرية مائزة ومختلفة بين شعراء جيله المؤسسين من شعراء التفعيله ، وأحيانا انزوائه عن أقرانه في الوسط الثقافي العربي والمصري بشكل خاص ماجعله يمتلك نظرة مختلفة للحياة والواقع المعيش ، وقد تجلي ذلك بشكل واضح في حديثه عن المتاهة الكبري داخل النص الفائت ، وهذا مايجعلنا نتساءل ما المقصود بالمتاهة الكبري في شعر توفيق ؟
أظن أن المتاهة الكبري هي متاهة الذات في هذا العالم الوحشي المختلف المحير فعلا الذي يجعل الذي يجعل الذات في حالة من الفوضي واللامعني عندما يفقد المرء والده ووالدته وأصدقاءه وأحباءه المقربين منه يعلو صوت الذات مايشبه الصراخ والصياح في قول الشاعر:
ها أنذا .../ في ساحة المتاهة الكبري / أفقد أمي وأبي وأصدقائي / والموت في انتظار صخرتي ومائي / لايعرف ا لحزن الذي اصطفاني / ولايري القلب الذي سواني "
إنّ تجربة توفيق الشخصية في الحياة هي التي جعلته يتحدث كثيرا عن المتاهة الكبري كثيرا والحزن والموت بشكل واضح وخروجه القاسي من العسكرية ، وموت أمه وهو في سن صغيره والإحساس الدائم بالمرارة الأبدية ، هذا كله ما جعله يشعر بالمتاهة الحقيقية داخل نفسه ، وأصبح الحزن رفيقه د اخل هذا العالم المغلق .، إن القصيدة التي يكتبها الشاعر بدر توفيق كما يقول هو عن نفسه : "هي مجموعة من المشاعر الفكرية والنفسية والعاطفية ، تبدأ من جدلية شخصية انفعالية واقعية عميقة مؤثرة بينه وبين الوجود أو الطبيعة أو معهما معا ، تلك الجدلية في نمائها علي العاطفة والخيال والفكر ، كما تتغذي علي الممكن والمستحيل ، والمباح والمحظور والمحلل والمؤثم ، وعندما تبدأ الكتابة المعبرة عن تلك الحالة في التجسد ، تتخذ المشاعر صورا متعاقبة متمهلة أو متدفقة ، ثم تخرج عن مجال الشعور المباشر إلي مجال الوعي الكامن بقوته المختزنة وآفاقه المشتهاة ومن عذاب القمع والكبت إلي عذوبة الخيال الحر والتحقق المستحيل .
إن الشاعر بدر توفيق من الشعراء المصريين الرواد الذين آثروا الصمت والكتابة في صمت شديد ، ممارسا حياته الهادئة وسط الجماهير عازفا عن الحضور الجسدي في الندوات الأدبية ممسكا بقلمه الشعري ليقدم تجربته في هدوء شاعرا صادقا ومترجما حاذقا ، متخذا من الأدب رسالة للخلود والبقاء الحقيقي ومازال توفيق يكتب من أجل المحبة الأبدية .



#أحمدالصغيرالمراغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمدالصغيرالمراغي - أَتَشَكّلُ في صِوَرٍ خَارِقَةٍ قراءة في شعر بدر توفيق