أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود حافظ - قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 9 - الهيمنة والفساد















المزيد.....


قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 9 - الهيمنة والفساد


محمود حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 21:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هى لحظة تأمل عندما تنزع ذاتك من المشهد لترى الصورة ثم تعود كارها الذاتية وتبقى وسط الأحداث التى تمر بها الثورة المصرية فى هذه اللحظة كان لابد لى أن أرى الرابط بين الهيمنة والفساد هذه العلاقة التدميرية والتى تسحق البشر والأوطان أراها فى كل لحظة أحاول فيها قراءة الأحداث أراها أمامى تطل من الذاكرة وفى إلحاح شديد لابد من التوضيح حتى إن كان هذا الوضوح يبدو غريبا ولكن طالما كان ما تتبعه من منهج له أدواته وقانونه وطالما الأحداث على أرض الواقع تتطابق كان لابد من وضوح الرؤية .
فى الحديث عن الهيمنة وعلاقتها بالفساد فى بقعة محددة من الكون وإذا كانت هذه البقعة من الكون هى وطنى الذى أنتمى إليه وإذا كان هذا الوطن وفى لحظة تاريخية محددة قد ثار ضد الظلم الذى يمارسه من يسيطر على مقاليد الأمور فى هذا الوطن ثار الشعب ضد السلطة الحاكمة المسيطرة فى هذه البقعة تحديدا والتى هى الوطن مصر ولما كانت مصر هى من إليها ننتمى ونقرأ فى أحداثها وفى لحظة خاطفة تخرج خارج إطار صورة الوطن فتجد التشابه ونفس الآلية وربما تتغير الظروف الموضوعية لكل حالة ولكن يبقى الرابط الذى يفرض ظله وهيمنته على الكون بما فيه من أوطان .
هل أصبح العالم أو الكون قرية صغيرة فى ظل عصر الثورة المعلوماتية ؟ بالتأكيد لابد أن تقول نعم وفى نفس اللحظة يتبادر السؤال الآخر ما معنى عبارة ظل عصر الثورة المعلوماتية والتى جعلت من الكون قرية صغيرة فأنت فى الحال ترى أمامك وفى نفس اللحظة ما يحدث فى أمريكا أو الصين واليابان أو فى أيسلندا وحتى فى نيوزلندا ومجاهل أفريثقيا ولكن عندما نتحدث عن ثورة معلوماتية فنحن أيضا نتحدث عن ثورة قام بها شعبنا فما الفارق أليست الثورة هى علم التغيير لقد أراد شعب أن يغير من واقعه فما هى الثورة المعلوماتية هل نستطيع القول إنها ثورة العقل البشرى فى تطوره الإبداعى والإبتكارى وهل هذا التغيير نتج عن حالة سابقة أبدعها العقل البشرى كانت فى وقتها ثورة تكنولوجية وهل الثورة التكنولوجية كانت ثورة على الثورة الصناعية وهل نستطيع القول أن الثورة الصناعية هى ثورة أوجدت نظاما متطورا عن سابقه وهو النظام الرأسمالى والذى نتج نتيجة معطيات الثورة الصناعية ليزيح من الكون سيطرة نظاما قديما قد قام على مفردات زراعية وهو النظام الإقطاعى والنتيجة المعروفة هنا أن ثورة العقل البشرى والتى هى عبارة عن تطور تراكماته والتى تنتج إبتكاراته يقابلها ثورة على النظم التى تحدد النشاط الإجتماعى فى الكون وأن الحضارة الحديثة الآن فى الكون هى حضارة النظام الرأسمالى والذى تطور مع تطور ثورة العقل حتى أصبح هذا النظام يهيمن على العالم أو الكون وهذه الهيمنة كانت نتيجة إحتكار هذا النظام لإبتكارات العقل البشرى حتى كانت نتيجة هذا الإحتكار أن أصبح الكون يتطور بشكل غير متكافئ بمعنى أن التطور فى بلدان المركز الرأسمالى والتى تحتكر إبتكارات ثورة العقل تطور بسرعة أكبر عن باقى بلدان الكون وكان نتيجة هذا الإحتكار أن حافظ النظام الرأسمالى وتطور من نمطه ليتأبد كنظام ويحبط فى نفس الوقت آلية تطوره لنظام أرقى منه يحقق المطالب المحقة للشعوب المتنوعة فى الكون والذى فرض عليها هذا النظام هيمنته ولكن يبقى الحدث الثورى الذى لم يستطع هذا النظام منعه هى هذه الثورة التى يقوم بها العقل البشرى والتى خرجت عن السيطرة والتى جعلت من الكون المترامى الأطراف قرية صغيرة .
وإذا إعتبرنا أن التطور الحضارى العالمى كان تطورا يصب فى صالح سعادة البشر ونفى الظلم الناتج عن إستلاب وإستغلال البشر من الأنظمة السابقة والتى تطورت من المشاعية الأولى إلى الحضارات القديمة والتى إعتمدت على تملك حق الرقاب فى العصر العبودى والتى ثارت عليها الشعوب المقهوره حتى تحررت الرقاب وأصبح هذا التحرر مرتبطا بالنمط الأنتاجى فى الكون والذى بدأه الإنسان فى صراعه مع الطبيعة وهو نمط الإنتاج الزراعى الإقطاعى والذى تحول فيه مالك الرقاب إلى مالك الأرض وما عليها من بشر حتى أنتج العقل البشرى ثورته الصناعية وتحرر الإنسان من تبعيته للأرض الزراعية ليتحول إل عامل فى بنية أخرى هى المعمل أو المصنع وفى كل هذا التطور يتطور إستغلال الإنسان المالك للإنسان التابع وهذا التطور فى الإستغلال تخف وطأته من ملكية الرقبة إلى ملكية قوة العمل سواء فى الحقل أو المصنع والذى بوجود المصنع والإنتاج السلعى أصبح للتطور البشرى الإجتماعى مظهر آخر وهو مظهر النظام الرأسمالى والذى تطور من مرحلة المنافسة الحرة بين الصناعيين إلى مرحلة التطور الإحتكارى حتى أصحى هذا التطور تطورا تحلل فيه هذا النظام من قطريته أو من وطنه حتى أصبح متعددا للجنسيات أو عابرا للقارات وهذا التطور كان كابحا لآليه تغييره هذه الآلية التى تسبب فيها عدم التكافؤ بين أوطان الكون .
فى اللحظة التى أصبح فيها النظام الرأسمالى عابرا للقارات هى اللحظة التى مكنته من الهيمنة العالمية وهى اللحظة التاريخية التى جعلت من الكون بفضل الثورة المعلوماتية قرية وهى أيضا اللحظة التى تنامى فيها وعى هذا النظام حتى يضع الكوابح والعراقيل التى تمنع إنهياره وتحافظ على تأبده رغم أن آلية تطوره فاعلة بقوة ولكن كوابح النظام الذى أصبح معولم تعمل على تأخير عملية الإنهيار وأهم هذه الكوابح إرتباط التبعية التى تمثله السلطة التابعة فى الأوطان المستلبة من شريحة تعمل لدى هذا النظام المعولم كوكلاء له حتى أصبح هؤلاء الوكلاء التابعون ينتمون إلى جنس النظام بمعنى أنهم أصبحوا تروسا فى الآله العالمية وبالتالى أصبحت أوطانهم لاتمثل لهم معنى بمعنى إنعدام حالة المواطنة لدى الوكلاء وأصبحت مصلحة الوكالة فوق كل إعتبار وهى المصلحة التى تطورت من خلال نمط إنتاج هذا النظام وتطوره الإستهلاكى ومراحل هذا التطور فى الإستهلاك البذخى وهذا التطور الذى أصبحت من مظاهرة أن تجد فى أشد البلاد فقرا وتخلفا أرقى المنشآت التى تمثل الحلم الإنسانى لحياة البشر والتى فاقت حلم أساطير ألف ليلة وليلة فبدلا من شهريار مفردا أضحى هناك العديد من الشهريارات .
إن التطور الذى صاحب هذا النظام الرأسمالى والذى أصبح متوحشا بعد تحلله من إقليميته والذى إنتهى فيه تملك المؤسسات للأفراد فقد تلاشت المؤسسات العملاقة كمؤسسة فورد لتصبح هذه المؤسسات متنقلة أو عابرة وأصبحت تدار من خلال الأوراق المالية وأصبح النظام الرأسمالى متغيرا من سلطة النظام الرأسمالى الصناعى إلى سلطة النظام الرأسمالى المالى وهذا الأمر الذى أنتج طبقة عالمية تفوق طبقة الصناعيين وهى طبقة مديرى الرأسمال من شركات الأوراق المالية ( البورصات ) إلى البنوك وشركات التأمين بمعنى أن من يتعامل فى الأوراق المالية هوالذى أصبح متحكما فى إدارة أعمال هذا النظام وهذا ما جعل من توحد هذه الطبقة عالميا وأصبح إنتمائها لهذا النظام العالمى ولا تهمها الأوطان وهى على إستعداد لتحطيم هذه الأسطورة بالنسبة إليها التى تسمى وطنا ولأن فى هذه الأوطان بشرا يعانون ويقومون بالثورات ولأن الثورة ستنال من هذه الفئة فلابد لهذه الفئة أن تسحق الثورة بوطنها قبل أن ينال منها الأذى هل هذه الفئة ما يطلق عليهم رجال الأعمال ؟ سواء كانوا فى البنوك أو الشركات المالية أو فى وكالة الصناعات التحويليةالإقليمية وما يرتبط بهم من سلطة حاكمة لطبيعة النمط السائد وهى سلطة الدولة المركزية البيروقراطية والتى أنتجها النظام المعولم لتمارس إستبدادها وقهرها لشعب الوطن والذى فى حالة العولمة تصبح الأوطان سوقا للشركات عابرة القارات فإما الأوطان سوقا تخرج منه المواد الأولية للصناعة أو الطاقة وهنا تصبح الأوطان مجرد مناجم ومستخرجات من أرضها أو فى المقابل سوقا لتصريف المنتج العالمى التى تنتجه هذه الشركات من منتوج سلعى .
هنا نخرج بنتيجة أصبحت بحكم البديهه وهى أن الكون يدار بواسطة مجموعة من الشركات تسيطر عليه وبواسطة مجموعة من البشر تدير هذه الشركات وأصبح الكون القرية .
وإذا كان الأمر كذلك فما جدوى الثورات التى تقوم بها الشعوب المقهورة والتى تبحث فى المواطنة والعدالة الإجتماعية فى ظل سيطرة السلطة التابعة أو العميلة والتى تستحوذ على العلاقة التى تربطها بالنظام المهيمن العالمى والذى أصبح ومن خلال فرض هيمنته على الكون أن يكون تحت تصرفه كافة أدوات البطش من القوة الخشنة العسكرية إلى القوة الناعمة التى يفرضها الخطاب العاطفى الغرائزى بقوة الآله الإعلامية الجبارة لهذا النظام .
ربما يكون ما نقوله أصبح معادا ولكن لابد من إعادته لتمكن وعيه وفهمه وخاصة عندما يرتبط بهذا الطرح فى الأعلى وهو العلاقة بين الهيمنة والفساد .
نحتاج إلى معرفة آلية نشأة النظام الرأسمالى بعدما أوضحنا تطوره فالنشأة ترتبط آليتها بتراكم رأسمالى كعنصر مع توافر اليد العاملة كعنصر آخر يبقى العنصر الثالث وهوتوافر المادة الخام التى ستتحول إلى سلعة وبالتأكيد لابد من توافر قدرة العقل البشرى التى تحدثنا عنها سابقا والتى هى إنتاج المعرفة وهذا ما يحتاجه المشروع الرأسمالى حتى يصبح منتجا فإذا إعتبرنا مادة خام كالقطن تحتاج إلى مصنع عن طريق شراء آلاته بالتراكم الرأسمالى فهى تحتاج أيضا اليد العاملة التى تقوم على تشغيل الآلة وصيانتها لتحويل المادة الخام إلى سلعة يحتاجها البشر والأمر كذلك بالنسبة بالنسبة لمادة خام كالسيلكون ( الرمال ) والتى ينتج منها الزجاج وهلم جرا .
إن الحفاظ على هذا المشروع يحتاج دوما إلى صيانته ويحتاج إلى تطور معداته التقنية بمعنى يحتاج إلى ثورة العقل البشرى فى إبتكار كل ما هو جديد فى المعرفة بمعنى يحتاج إلى الأكفاء والخبراء والذين دوما بهم ينتج الجديد وفى حالة وأد الكفاءة والخبرة سوف يتلاشى هذا المشروع ومن الممكن مستقبلا تحويله إلى مشروع عقارى حديث يتمتع به الوكلاء التابعين لقوى الهيمنة .
فإذا كان هذا الوطن يملك مقومات المشروع المنتج وتتوافر اليد العاملة الماهرة وتتوافر المعرفة وتتوافر الطاقة المشغلة ويمكن توفير المال فما هوالأمر الذى يمنع قيام هذا المشروع ؟ .
هنا تتضح لنا العلاقة بين الهيمنة والفساد فهذا المنع يكون بواسطة السلطة التابعة العميلة والتى أدارت اليلاد كمنجم للمواد الخام وكسوق لتصريف المنتج ومن هنا قامت هذه السلطة بتجريف كل ما هو منتج أو بمعنى كل ما هو يحتاج لقوة عمل وفرصة عمل منتجة ولابد لنا أن نؤكد على توفر فرصة العمل المنتجة بمعنى أن فرصةالعمل التى تتوفر لابد لها أن تساهم فى النشاط الجمعى وفى العملية الإنتاجية للمجتمع وأن وعى الشعب المصرى بحالته وبأن لديه الفرصة لإقامة مشروعه وأن الظلم والجوع قد قرصه من هنا قامت ثورته فى الأساس لإسقاط هذا النظام التابع وإسقاط بنيته الإجتماعية وإنشاء بنية إجتماعية يؤسس لها بنظام جديد بعقد إجتماعى جديد يقطع شراكة التبعية للنظام المسيطر للنظام المهيمن .
ولما كان الفساد فى النظام البائد قد نحى الخبرة والكفاءة من سوق العمل ودفعهما دفعا إلى الهجرة أوالموت المحبط فى المجتمع فهذا النظام الذى قام على إدارة شئون البلاد بطريقة العائلة والذى إستحوذ على الجهاز الإدارى للدولة وجهازها المالى ومن خلال التهديد الثورى لهذه الفئة التابعة والتى ترتبط كما أوضحنا سابقا بالهيمنة العالمية وأمام سلمية ثورة الشعب المصرى وتراجع هذه الثورة من فرض شرعيتها الثورية الخطأ التاريخى للثورة المصرية هذا الخطأ الذى مكن آلية التبعية من ممارسة تبعيتها والعمل على تحطيم الثورة .
دوما المجتمعات الثائرة تفرض شرعيتها الثورية هذه الشرعية التى تزيح كافة المكونات الإجتماعية فى النظام الساقط وإن الإرتكان إلى مكون إجتماعى فاعل فى الوطن يبدو أنه يظهر ولاءه للثوره هو خطأ فادح وهنا تمحو الشرعية الثورية وفى حالة محو الشرعية الثورية تبقى آلية النظام الساقط فاعلة حتى فى حالة المد الثورى فالنظام البائد كان كلا مكتملا والبقاء على جزءا من هذا الكل معناه البقاء على الكل وقد شارك فى هذا الخطأ التاريخى للثورة المصرية أنها ثورة للشعب المصرى شارك فى قيادتها فئات إجتماعية دخلت مع الثوار لدعمهم دون قناعتها بالفكرة الثورية فهذه الفئات تنتمى طبقيا إلى نفس الشريحة المكونة للسلطة حتى ولو إختلفت معها فى أى من الفئات تتولى الحكم ونحن هنا نجزم وبكل قوة إن الذين يشكلون فى المجتمع والذين يعيشون بين جنباته فصيل الإسلام السياسى هم نفسهم جزءا من السلطة التى كانت تحكم بحكم ما يقومون به من نشاط إجتماعى فهم جزءا لايتجزأ من مشروع الوكلاء المعتمدون لدى السلطة المهيمنة ولينظر كل منا حوله ليحدد مشروع هذا الفصيل الذى إتخذ من الدين الإسلامى ستارا وفرض صراعا مع السلطة المسيطرة على الحكم وهى سلطة الدولة المركزية البيروقراطية هذا الصراع على السلطة الذى مارسه هذا الفصيل هو الذى جعل جزءا من قادته روادا لسجون النظام وهذا ما جعل هذا الفصيل الإجتماعى يدعم الثورة المصرية حتى يزيح من أمامه رموز النظام المركزى البيروقراطى هذا الدعم الذى شارك فيه المجلس العسكرى المصرى والذى تخلى رمز النظام السابق له عن سلطته وهو أمنا ولكن يبقى هذا المجلس مكونا من المكون الإجتماعى لسلطة الدولة المصرية والذى ثار الشعب لإسقاطها وتغييرها هذا بخلاف وجود فصيل ينتمى تلقائيا إلى سلطة الهيمنة .
إن تاريخ الثورات الكبرى فى الكون والتى أزاحت أنظمة كالثورة الفرنسية والثورة الروسية كانت هذه الثورات تدفع دما وتريق الكثير من الدماء التى تراق من السلطة الزائلة ولكن ثورتنا المصرية
السلمية هى التى دفعت دما ولم ترق نقطة دم واحدة من السلطة البائدة وقد إستمرت إراقة دماء الثوار حتى بعد نجاح الثورة وإزالة سلطة النظام البائد أو بمعنى آخر إزالة رأس سلطة النظام وبقاء النظام حاكما بكل مكوناته الإجتماعية فما زالت آلية النظام التبعى تعمل كما هى وهى كما أسلفنا فى التداول المالى ومازالت الحكومات تشكل من عناصر حكومية سابقة كانت ضمن حكومات النظام حتى ولو لفظها النظام السابق فنجدأن حكومة الثورة برئاسة عصام شرف نجدهذا الرئيس كان أحد وزراء حكومة نظيف المقالة بفعل الثورة حتى فى خليفتها حكومة الجنزورى كان رئيسا سابقا لحكومة رأس النظام وحتى أن الشرعية التى ولدتها الثورة قد إستولى عليها التيار الإسلامى الشريك السابق للنظام البائد والذى إستولى على السلطة التشريعية وفرض إستبداده عليها .
لقد إستولى جزءا من النظام السابق على الثورة المصرية وهذا الجزء حافظ على النظام السابق فى إدارة شئون الدولة المصرية وهويعى تماما أن الشعب الذى ثار لن تهجعه هذه المسكنات التى تدفعها الحكومات التى تدعى الثورية وأن الشعب مازال ثائرافى داخله وينتظر ساعة الحسم .
إن وعى النظام الحاكم الآن بأنه فى طريقه إلى الزوال قد جعله يدفع نحو زوال مقدرات الدولة بمعنى تحطيم بنية الدولة الإقتصادية فما زال هذا النظام الذى يحكم بإسم الثورة يمارس فسادا أكثر بشاعة من فساد النظام السابق فما زالت القيادات الأكثر كفاءة وأكثر خبرة مقصاة من السلطة الحاكمة ولم تدفع هذه السلطة بأى دماء جديدة حتى السلطة التشريعية المنتخبة بالإرادة الشعبية كانت خطوتها الأولى إقصاء كافة الخبراء والكفاءات من لجان وضع دستور الدولة الجديد فإذا كان هذا الفساد يمارس فى وضع الأساس البنيوى للنظام فما بالك من ممارسة هذه السلطة والتى تحكم بإسم الثوارفى التصرف بمقدرات البلاد ففى عمر سنة من الثورة أضاعت حكومات الثورة عشرون مليارا من الدولارات كانت فى الإحتياطى للنظام البائد دون أن تقدم مشروعا واحدا لدولة مصر الحديثة بعد الثورة كما أوضحنا سابقا .
بل أن الأكثر بشاعة هو القذف وبقوة بمبادئ الثورة السامية فى تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية وأصبحت هذه المبادئ فى مكان ما لايدرى الثوار عنها شيئا بل أن مسلسل الهدر لتحطيم الثورة مازال فاعلا فما زال هناك ما يقرب من 74 ألف مستشارا يعملون لدى دواوين الدولة من النظام البائد يتقاضون ما يقرب من 18 مليار جنيها سنويا ولا يعرف أحدا لماذا يبقى هذا الجيش من المستشارين ويتقاضى هذه المالغ سنويا والتى تقدر بحوالى 3مليار دولار سنويا وتذهب الحكومة إلى صندوق النقد الدولى لتقترض 3مليار دولارا فى ظل ظروفات قاسية بواسطة ممارسات تخريب الدولة لنظامها الإئتمانى نتيجة سياسات الهدر والفساد .
يبقى لنا أن نوضح ما ترتكبه هذه الطغمة الفاسدة فى حق هذا الوطن وتعمل على تكسير عظام هذا الوطن والمواطنون نتيجة عدم إنتمائها لهذا الوطن وتأبيد إنتمائها لمصلحتها ومصلحة طبقتها التابعة والعميلة فعملية تكسير عظام الوطن تقابلها عملية إنتهازية بإمتياز كأن هذه الطبقة أو الفئة تعمل لصالح الوطن وما نستعرضه قتل بحثا ولكن نحن نبث فى آثاره المدمرة فهناك مسألة الصناديق والتى تحوى مليارات وربما تعدت التريليون من الجنيهات المصرية وأن أموال هذه الصناديق هى فى الأصل أموال دافعى الضرائب المصريين ولكن بالإحتيال تم وضعها فى حسابات جرى قنونتها لصالح النظام التبعى فى بداية تكونه وعندما تم الكشف عن هذه الصناديق والتى كانت بجرة قلم من سلطة محترمة يتم تحويلهاإلى ميزانية الدولة ولكن الطغمة المالية الفاسدة قامت بفتح هذه الصناديق على مصراعيها وأطلقت منح هذه الأموال لفرص عمل يستفاد منها شباب هذا الشعب الثائر فالغرض يبدو نبيلا ولكن ما يخلفه نوعا من الإنتقام الشرس من الثورة فالثوار يطالبون بتحقيق العدالة الإجتماعية والدفع نحو التنمية بإقامة المشروع الذى ينتج ويستوعب عمالة منتجة وهذه هى فرص العمل التى يحتاجها الوطن حتى تدار عجلة إنتاجه ولكن أن تهدر أموال دافعى الضرائب من الشعب المصرى والتى تم تخصيصها فى العهد البائد لتكون إحتياطى نقدى لهذه االطغمة الحاكمة والخاضعة لهيمنة الرأسمالية العالمية فنجد أن هناك مئات الآلاف قد تم منحهم فرصا للعمل والغرض هو فى تقاضى الأجر دون القيام بالعمل وبهذا المعنى أصبحت هذه الصناديق يتم رشوة الشعب المصرى منها لإستهلاكها من ناحية وتعظيم دور الطغمة المالية لدى عامة الشعب الذى نال مالا دون تعب ودون عمل بعل ثورة شعبه وأن هذا الأمر أشد خطورة وفى مثل واحد نستطيع القول أن المكان الإدارى لدائرة حكومية قدرته الإستيعابية كمكان يستوعب وبالكاد 40 عاملا أصبح وبإتاحة هذه الفرص يعمل فيه أكثر من ثلاثمائة عامل وأن المكان المكون من غرفتين ويقوم بالعمل به 4عاملين أصبح يشغل بعدد40 عاملا وأصبحت هذه الزياة من العمالة تتقاضى مبالغ مالية من الصناديق وهى قابعة فى بيوتها وربما من يعمل من هذه العمالة لايتعدى ال5% وهذا للإنصاف لمن يريد العمل والأكثر إجراما أن معظم هذه العمالة لسيدات تقيم فى بيوتها ولا تعرف أين هو مكان هذا العمل الذين يتقاضون منه مالا عن طريق ذويهم أو وكلائهم وقد أنشأ هذا السوق من العمل سوقا آخر لسماسرة تشغيل العمالة .
إن الأكثر قسوة على الوطن نجد ومن داخل هذا الفساد الذى يهشم عظام الوطن أن يطل علينا رئيس الوزراء المصرى فى عهد الثورة الجنزورى ليطلق قرارا بتعيين هؤلاء الذين يعملون فى هذه الصناديق ليضافوا على الموازنة العامة للدولة ومعنى هذا أنه بعد إفلاس هذه الصناديق يتم إفلاس الموازنة العامة للدولة فى بند أجور عمالة لاتعرف أين مقار عملها ويبدوالأمر وكأن حكومة هذه الثورة تعمل لشعب الثورة .
هذه الحكومة الرشيدة الثورية التى أصدرت قانونا تحت رقم 4 فى اليوم 3من شهر يناير 2012 م يبيح للمستثمرين فى عهد النظام السابق والذين كانوا يستولون على أراضى الدولة بقنونة أوضاعهم وتمكنهم من شراء هذه الأراضى بأسعار وقت ضع يدهم عليها بمعنى أن كان سعر المتر من الأرض الآن يبلغ على سبيل المثال 10000 جنية وكان وقت وضع اليد قيمته فى الحكومة العميلة السابقة 6 جنيهات يتم التعاقد مع الحكومة الحالية بقيمة ال6 جنيهات الآن أليست هذه هى الحكومة التى بدأت بيع قطاع الدولة المنتج فى بداية التسعينيات من القرن الماضى ؟!!!!
إن ما أوردناه من أمثلة يوضح لنا قيمة الربط بين الهيمنة العالمية وطبقتها العميلة فى البلاد التابعة وكيف تعمل هذه الهيمنة بواسطة هؤلاء العملاء على القيام بالثورات المضادة ومن خارج المشهد كل ثورة طبقا لظروفها فهناك ثورات يتم التدخل العسكرى فيها من الطرف المهيمن وهناك ثورات تتم بالقوة الناعمة قوة التأثير على العواطف والغرائز وخاصة العواطف الدينية والإثنية لعلنا قد أفلحنا فى إيضاح العلاقة بين الهيمنة والفساد .



#محمود_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 8 - الحسم
- قراءة فى أحداث الثورة المصرية- 7
- قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 6
- قراءة فى أحداث الثورة المصرية والعربية -5 - حول الصدام الإخو ...
- قراءة فى أحداث الثورة المصرية والعربية -4 - ما بين المواطنة ...
- الثورة العرية الكبرى وظلم المرأة للمرأة
- قراءة فى أحداث الثورة المصرية 3 - الثورة العربية الكبرى
- قراءة فى أحداث الثورة المصرية2 - الثورة العربية الكبرى
- الثورة العربية الكبرى - قراءة فى أحداث الثورة المصرية وإلى أ ...
- الثورة العربية الكبرى - ثورة الشعب المصرى تصحح مسارها
- حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها فى ثورات الربيع ال ...
- السقوط المدوى
- الثورة العربية الكبرى فى المسألة الإثنية والطائفية
- الثورة العربية الكبرى فى مواجهة الفوضى الخلاقة والرأسمال الم ...
- الثورة العربية الكبرى فى مواجهة الهيمنة العالمية
- الثورة العربية الكبرى - ثورة الشعب المصرى بين الحداثة والأصو ...
- الثورة العربية الكبرى - ثورة الشعب المصرى بين الحقيقة والخدي ...
- الثورة العربية الكبرى فى مواجهة المكارثية
- ملف الثروة السمكية بمصر - حكاية بلد إسمه كفر الشيخ 4
- الثورة العربية الكبرى - فى مسألة القضاء


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود حافظ - قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 9 - الهيمنة والفساد