أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - اللاعُنف منذ الطفولة .














المزيد.....

اللاعُنف منذ الطفولة .


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 18:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    





إن السلوك اللاعنفي مُكتسب ويتشربه الطفل رويداً رويداً منذ نشأته ويترسخ فيه في مراهقته ويصبح عادة مستديمة حين بلوغه , وهو أثناء هذه المراحل كالإسفنج تعتصره الحياة فيفرغ محتوياته حول من حوله من أخوة وأصدقاء وزوجة وأبناء .
إن خُلق اللاعُنف قد يتسم به فلاح بسيط أو بائع متجول وهو لا يعتمد كلياً على المستوى الثقافي والعلمي بل يتأثر بهذا المستوى ولكنه ليس بالضرورة قطعياً , لقد إطلعت على قضايا عُنف حاد وحالات قتل لأساتذة أكادميين أو أطباء متخصصين لأن حالة العُنف الحاد وببساطة تتكون أساساً منذ الطفولة وتعتمد على طريقة التربية وتعامل الأبوين والصداقات المدرسية ونوعية مناطق السكن وهناك مناطق سكن مشهورة بالعنف حيث يتجمع الكثير من اللصوص والقتلة وممارسي العنف في هذه المناطق الفقيرة في كل أنحاء العالم , فنجد هذه المناطق في أمريكا أو في مصر أو في العراق وغيرها من الدول , وليس بالضرورة أن يكون كل سكان هذه المناطق من المجرمين ولكن العُنف يُكتسب من خلال المُعايشة في الشارع والمدرسة والبيت .
إن التربية الأُسرية السلمية والتي تقدم ما يكفي للأولاد من الحنان والعطف والتفهم والمرونة ينتج منها غالباً أولاد مسالمون ومحبون يبثون السلام أينما تواجدوا سواء في الشارع أو المدرسة ويقدمون للمجتمع ما تعلموه في البيت ولا يعتمد هذا فقط على سبل التعامل مع الأبوين بل على كل ما يقرأه أو يراه الطفل على شاشة التلفاز , لأن عدة ساعات من الجلوس أمام التلفاز أو ( Play Station ) ومراقبة أفلام الآكشن والعُف يجعل من الطفل ممتصاً ومتقمصاً تدريجياً لحالات الأطفال العُنفية وهو إن أعجبه سلوك البطل يُقلده في البيت والشارع ويلغي ما رآه كلما تعلمه من أبويه أو في المدرسة ويعتمد هذا على مدى قوة تأثير الأبوين أو المدرسين وعدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام أبطال الشاشة حتى يصبح أبطال الشاشة العُتفيين هم أبطال الحياة , ويتوقفون عن التصور من أن الأبوين أو المدرسين هم أبطاله في الحياة المُقتدى بهم , كما أن نوع الموسيقي إذا كانت صاخبة أو هادئة تؤثر وتحفز الدوافع وتجعل المراهق الذي يستمع دائماً للموسيقى الصاخبة حاد المزاج سريع ردود الأفعال , وتؤثر أيضاً نوع أفلام ( الكارتون ) التي تُرى منذ الطفولة ونوع القصص التي تُقرأ على مزاج الطفل وسلوكه العُنفي .
إن إحاطة الطفل بالمعلومات والثقافة السلمية اللاعُنفية منذ الطفوله تجعله يتشربها شيئا فشيئا وتصبح لديه أشبه بالقواعد في الحياة وأُسلوب لا يستطيع تغييره , لأن حياة اللاعُنف هي أسهل بكثير وأكثر إحساساً بالأمان والسعادة , فلا إحساس بالسعادة لدى مُمارسي العُنف بل تفريغ آني لشحنات غضب وقتية والتي هي مُجمع لتجارب كثيرة مُحزنة في الذاكرة , ويعمل عقل المُمارس للعُنف ككمبيوتر سريع لإستخراجها وتفجيرها وتأتي كصور متلاحقة كضرب الأبوين , بطل الشاشة المُنتقم , إستهزاء الزملاء وإحتقارهم له , المقارنة ما بين حالته الفقيرة المُعدمة , وحالة زميله الغني .
لو أخذنا حالتين الأُولى لولد تربى على العُنف والثانية لولد تربى على اللاعُنف , فهو لم يُضرب في طفولته ولم يُراقب أُمه تُضرب بقسوة ولم يختلط مع جيران أو أصدقاء ممارسين للعُنف ولم يتعود على متابعة الفن الهابط أو الموسيقى الصاخبة , نلاحظ أن هذا الولد يتصرف بشكل هاديء ويحل مشاكله المدرسية والبيتية باسلوب الحوار والنقاش الهاديء , أما الولد الأول فتكون ردود أفعاله سريعة وعدائية تجاه أفراد عائلته أو زملائه عند حدوث أي مشكلة حتى ولو كانت بسيطة .
إن الأسلوب العُنفي يستمر عادة في كل مراحل الحياة ويتطور حتى يصبح أُسلوب للحياة يُمارس في البيت والعمل ويصبح الفرد مُدمناً للعُنف ويدخل في دوامة لا يخرج منها حتى الموت ويكون هذا الفرد شقياً وغاضباً على الدوام على عائلته وعلى مجتمعه , وهو يرى نفسه مظلوماً دائماً لا ظالماً , ويضع الآخرين في نقطة الضوء وهو أيضاً غير قادر على إدانة نفسه لأنه يتوقع من الآخرين كل شيء وهو غير قادر على إعطاء أي شيء .
إن مُمارس العنف يجعل من الآخرين أعداءً له , فالآخرون هم من ظلمه برأيه والآخرون من يتوقع منهم السوء وهم من يراقبونه ويدينونه ظلماً , وهو دائماً لم ولن يأخذ موقعه الذي يستحقه في الحياة , ولذا يجب أن ينتقم وينتقم . ويكون مثل هذا الشخص عادة كسول ورغم مزاجه الحاد غير منتج في الغالب لأن الإحباط الذي لديه من الآخرين وأحياناً من نفسه يُقيده ويجعله في الفترات التي يُمارس فيها العُنف مختبأ في بيته ويشعر بالخوف وعدم الثقة بالآخرين , لذا فهو يُفوي نفسه بالغضب لكي يستطيع المواجهه دائماً .
قد يتمتع العُنفيون بذكاء حاد لكنهم في الغالب لا يستفيدون منه وإذا ما تقدموا دراسياً فهم في الغالب أشقياء لا يتمتعون بسعادة النجاح ويُمارسون مهنهم بدون قناعة .
إن مُمارسي العُنف لا يقتصرون على عنصر محدد بل هي للأسف ظاهرة منتشرة إنتشاراً كبيراً في العالم وهي بين أوساط المثقفين والأُميين وليس بالضرورة أن يلد المجرمون أطفالاً عنيفين بل يكتسبون هذه الصفة تدريجياً من خلال التعايش اليومي , فالآباء لا يُوَرّثون العًنف إلا المصابين بالأمراض العقلية والعصبية والتي قد يتوارثها الأولاد , أما الأبوين المصابين بالأمراض النفسية فكثيراً ما يتلذذون بالسلوك العُنفي مع أبنائهم وبعدها يكون الحصاد شباباً عنيفين وبدرجات مختلفة وكثيراً ما نقرأ عن أطفال يُحبسون في الظلام أو يُتركون بدون طعام أو تُطفأ أعقاب السكائر على جلودهم , وقد يصل أحياناً العُنف الأُسري الى حد القتل الفردي أو الجماعي للعائلة , وتقف القوانين الأُوربية ضد هذه المُمارسات وبشدة , لكن القوانين العربية تتساهل كثيراً في موضوع العُنف الأُسري ولا تضع لهذا حداً خاصة ضد الأطفال والنساء .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطلاق هل هو الحل .
- لا يسلمُ الشرفُ الرفيع من الأذى ... حتى ؟
- حينما يثور الطلاب .. لماذا !؟
- أطفال الشوارع ( المتسربين ) .
- نحن أُمة لا تقرأ .
- المُحاكاة ماذا بشأنها .
- أولاد سمك القرش .
- الحزن سمة أساسية في شخصية الفرد العربي .
- بمناسبة الثامن من آذار ... الخوف مرض أزلي لدى النساء في البل ...
- أخلاقية المرأة من يفرضها ؟
- متسولون .
- الذوق العام أم الذوق الخاص .
- هل المرأة العربية غبية !؟
- الإختلاط بين الجنسين في جميع المراحل التعليمية .
- التربية المدرسية أم التربية الأُسرية .
- إزدواجية الشخصية للفرد العربي
- بمناسبة 8 آذار عيد المرأة العالمي ... نساء في قلب الوطن
- تحول سايكولوجية الطفل العراقي .
- فلسفة الإنتحار قمة العقل أو قمة الجنون ؟
- التخلف القيَّمي الإجتماعي الشرق أوسطي


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - اللاعُنف منذ الطفولة .